|
لماذا لا تثور غزة ضد حماس ؟؟!
عبدالله أبو شرخ
(Abdallah M Abusharekh)
الحوار المتمدن-العدد: 5072 - 2016 / 2 / 11 - 22:12
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
الأزمات العاصفة التي تخنق الناس في غزة، لن تدفعهم إلى الثورة ضد حماس، لأسباب سأوضحها في هذه العجالة. سأبدأ في سرد بعض تفاصيل أزمات غزة، وأهمها المعبر والكهرباء والبطالة والفقر والعلاج وزحف السرطان بصورة مفزعة ثم الغلاء الفاحش .. هل تكفي تلك أسباباً للثورة ؟؟! سأعلن من البداية أنها لا تكفي وإليكم التفاصيل: لا شك أن غزة تعيش أسوأ أوضاعها منذ احتلالها من قبل إسرائيل سنة 1967، إذ لم تعاني غزة من الأزمات العاصفة التي يعرفها الجميع من قبل، ولا حتى أيام الاحتلال المباشر .. نحن الآن تخت احتلال ( غير مباشر ) بل أجزم أن ثقافة العبيد التي تنتجها مدارسنا وجامعاتنا، قد سلبت إرادة الناس حيث استبد بهم القهر واليأس وفقدان الأمل. لنتأمل بعض التفاصيل.
أولاً: المعبر من يحتاج المعبر أصلاً ؟! إنهم مئات الطلاب ومئات المرضى وهؤلاء لا يشكلون قوة جماهيرية يمكنها النزول إلى الشوارع بحيث تفرض وجودها على أجهزة حماس المدججة بالسلاح.
ثانياً: الكهرباء هل تعلمون أن مئات المؤسسات الحكومية والخاصة والوزارات لا تقطع عنها الكهرباء 24 ساعة ؟؟! هل تعلمون أن جميع مؤسسات حماس بما فيها المساجد لا تدفع فلساً واحداً لشركة الكهرباء بل يتم تحميل الاستهلاك الفظيع لتلك المؤسسات والمقرات على الفاتورة العامة لكي يدفعها المواطنون العاديون ؟؟! هل تعلمون أن أكثر من 70 % من سكان غزة ملتزمون بدفع فاتورة الكهرباء الباهظة دون أن يحصلوا على كهرباء سوى لسويعات محدودة ؟؟! ورغم كل هذه الجرائم فإن الناس لا يثورون لأنهم ببساطة عبيد !
ثالثاً: البطالة وانتشار الفقر منذ أقحم الإخوان المسلمون أنفسهم على خط ممارسة السياسة والنضال لتحرير فلسطين، ورغم عشرات العمليات داخل فلسطين المحتلة، إلا أن اليهود لم يهربوا ولم يتركوا فلسطين. المهم أن دولة الاحتلال اضطرت لإغلاق حدودها أمام العمال ففقد أكثر من 130 ألف عامل مصادر رزقهم. ولم تقف الأمور عند الإغلاق الكارثي أمام الطبقة العاملة، بل تعداه إلى إغلاق مئات المصانع والورش الفنية التي كانت على وشك تحويل غزة لسنغافورة جديدة. مزارع الورد التي كانت تصدر لأوروبا بالعملة الصعبة أصبحت أثراً بعد عين. نسبة البطالة بين الشباب تجاوزت ال 80 % ومعدلات الفقر في زيادة وحالات الانتحار في تزايد، وحماس أذن من طين وأذن من عجين .. عصابات للجباية المنظمة واللاهثة بلا حدود ! طبعاً في ظل البطالة والفقر يصبح المناخ ملائماً لانتشار المخدرات بأنواعها وهو ما يحدث في غزة حماس !
رابعاً: الموت الزاحف في الشوارع ! استقليت قبل أيام سيارة أجرة، فكان سائقها يتحدث بمرارة شديدة. يقول " أنا أصلا كنت مزارع وأعلم جيداً ما يحدث .. زمان كنا نرش الأرض غاز لتطهيرها من الحشرات والديدان . كانت أنبوبة الغاز ب 700 شيكل .. الآن ثمنها 11 ألف شيكل .. من يستطيع شرائها ؟؟! فأصبح المزارعون يلجأون للبديل الأرخص وهو مبيد النيمكور السام .. مبيد النيمكور يستخدم أيضا في إسرائيل، ولكن للأشجار الكبيرة كالحمضيات واللوزيات وليس للخضار .. هذا المبيد له شبكة أمان تقدر ب 90 يوماً، أي بعد 90 يوماً ينتهي مفعوله السام .. لكن المشكلة الخطيرة هي أن المزارعين يستخدمونه للخضار مثل الكوسة والخيار والملوخية، وهذه تنضج ويمكن تلقطيها بعد 30 أو 35 يوم فقط، أي دون أن يتعدى النيمكور شبكة الأمان المخصصة له، وبالتالي فإن معظم خضار غزة مشبعة بالسم المسرطن، وهو ما جعل غزة من أكثر مناطق العالم انتشاراً للموت الزاحف في الأسواق وعلى بسطات الشوارع ! حماس تعلم جيداً هذه المشكلة وتعلم أن سببها المباشر هو الحصار وتعلم أن سبب الحصار هو وجودهم في السلطة ! يتم رصد 126 حالة سرطان جديدة شهرياً وبلغ إجمالي عدد مرضى السرطان 18 ألف حالة كلها تنتظر الموت !
خامساً: العلاج مع الحصار ونقص الرواتب ونقص الأدوية أصبح العلاج في غزة متوفراً فقط في القطاع الخاص، بينما ويا للعجب، تصر حماس على جباية أموال التأمين الصحي !! العلاج من حق الفئة القليلة من الأغنياء !
يقول الكواكبي في كتابه المحظور في الدول العربية، " الاستبداد صفةٌ للحكومة المطلقة العنان، فعلا أو حكما، التي تتصرف في شؤون الرعية كما تشاء، بلا خشية حساب ولا عقاب، وهي تشمل حكومةَ الحاكم الفرد، المطلق، الذي تولى الحكم بالغلبة أو الوراثة " ويشمل تعريف الحكومة المستبدة أيضا:
" الحاكم المنتخب من الشعب، متى كان غير مسؤول"، وفي الحقيقة أن التعريف الأخير للاستبداد ينطبق تماماً على الحالة في غزة، فحماس قوة أتت بانتخاب حر ونزيه، ولكنها قطعاً غير مسؤولة عن الناس وموتهم وفقرهم ومعاناتهم !
الفكر الكبير عبد الرحمن الكواكبي مات مسموماً سنة 1902 ! أي أنه مر على وفاة هذا الرجل 118 عاماً، ومالت كتبه ممنوعة من النشر، وما زال الاستبداد يحكم ويتسلط وينفي ويهجّر ويقتل بشتى صنوف القتل، بصورة لا تقل وحشية أو همجية عن الاحتلال نفسه إن لم يكن أسوأ من الاحتلال بمراحل !
لا حل إلا بإعادة صياغة وعي العبيد لتحريرهم من عبودية الأشخاص وعبودية الأفكار إلى فضاء الحرية الرحب الذي يجعل من كل مواطن كائناً حياً من حقه العمل والسفر والعلاج ومن حقه مياه غير ملوثة وأغذية غير مسرطنة .. غزة تحتاج إلى ثورة عارمة ولكن منذ متى يثور العبيد ؟؟!
غزة ليست بخير
#عبدالله_أبو_شرخ (هاشتاغ)
Abdallah_M_Abusharekh#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الشذوذ العقلي بين المرض النفسي والإبداع !
-
بلاغ عاجل لمن يهمه أمر غزة !
-
فاطمة ناعوت وزهرة البيلسان !
-
نحو تفكيك أمبراطورية المال والفساد في فلسطين !
-
لا سلام مع العنصريات !
-
لماذا تجبى الضرائب ؟!
-
بين مارك زوكربيرغ والوليد بن طلال !
-
عندما تصبح ( الجعلصة ) ثقافة شعب !
-
طعن الجنود ليس عملاً إرهابياً، ولكن .. !
-
بعد فشل ذريع وآلام وكوارث: هل تتخلى حماس عن إدارة قطاع غزة ؟
...
-
وماذا مع الإرهاب الصهيوني ؟؟!
-
المثقف الشعبي الفلسطيني !!!
-
أزمة الأنروا لم تنتهي بعد !
-
غزة والموت بلا مقابل
-
الأنروا من مؤسسة دولية إلى مؤسسة عربية !
-
لماذا تبرئة إسرائيل وبريطانيا من المسؤولية ؟!
-
عن طلائع التحرير الفلسطينية واليهودية !
-
أضواء على مؤامرة وكالة الغوث !
-
حول تصفية ملف اللاجئين والقضية الفلسطينية
-
جمهور غوغائي وعنصري !
المزيد.....
-
السعودية تعدم مواطنا ويمنيين بسبب جرائم إرهابية
-
الكرملين: استخدام ستورم شادو تصعيد خطر
-
معلمة تعنف طفلة وتثير جدلا في مصر
-
طرائف وأسئلة محرجة وغناء في تعداد العراق السكاني
-
أوكرانيا تستخدم صواريخ غربية لضرب عمق روسيا، كيف سيغير ذلك ا
...
-
في مذكرات ميركل ـ ترامب -مفتون- بالقادة السلطويين
-
طائرة روسية خاصة تجلي مواطني روسيا وبيلاروس من بيروت إلى موس
...
-
السفير الروسي في لندن: بريطانيا أصبحت متورطة بشكل مباشر في ا
...
-
قصف على تدمر.. إسرائيل توسع بنك أهدافها
-
لتنشيط قطاع السياحة.. الجزائر تقيم النسخة السادسة من المهرجا
...
المزيد.....
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
المزيد.....
|