|
سوريا منصة الرحمان والشيطان
محمود عباس
الحوار المتمدن-العدد: 5072 - 2016 / 2 / 11 - 18:25
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
سوريا منصة النحر البشري، وقبلة المجرمين، سلطة بشار الأسد خادمهم في محراب الرجم، والدول الإقليمية على رأس قائمة عاهرات المعبد، الدكتاتوريات التي لا تزال تعبث بشعوبها، وتسود الأوطان بدساتير تشوه وجه الإنسانية والتطور الحضاري، يستخدمون سفهاء مجموعات العنف الإسلامي، العروبيون والإسلاميون التكفيريون، للتمثيل بالضحية، وهو الطفل السوري. وعلى تخوم الصراع بين الشعب وسلطة بشار الأسد تنفس العديد منهم الصعداء، طاب لهم بما جرى لرواد الثورة، سجلوها مكرمة لمجرم سوريا كإنقاذ لأنظمتهم. أعتبرها العديد من المحللين السلطة المخلصة التي استطاعت بتكتيكاتها أيقاف الثورات الجارية في الشرق، وفرزوا إلى جانبها قسم من المعارضة، التي تمكنت من تحريفها وطمرها في جغرافيات معينة، الطرفان شاركا بشكل أو آخر، بأساليبهم الخبيثة، من إنقاذ الدكتاتوريات في الشرق، والحفاظ على ديمومتها إلى زمن قادم، دون اعتبار يذكر لانزلاقهم إلى مخاطر الصراعات المذهبية والطائفية والقومية. الصراع في سوريا نقلت وبمهنية عالية إلى المرحلة الرابعة، بعد أن شوهت وجه الثورة، وحرفت عن مساراتها، وبمراحلها متتالية. تظل الرؤية ضليله، فالمفاهيم العصرية ومطالب الشعوب أضخم من أن تتمكن السلطات الاستبدادية إعدامها، فهي مسيرة تتبع الجدلية التاريخية، تبنى على ثقافة تنتشر اليوم عبر وسائل العصر التكنلوجية، تدخل بيسر كل بيت ودماغ كل فرد، فالتغيرات تحصل بطريقة أو أخرى، والتأثيرات لا تقف عند حدود معينة، إن لم تطرق أبواب السلطات بالطريقة السورية أو التونسية، فهي ستطرق بالأساليب العصرية، وستسيل من تحت الأبواب كسيلان المياه الفائضة، ومن فوق الحدود الجغرافية كالطيور المهاجرة. لم تخرج الأطراف المتصارعة من هيمنة الثقافة المترسخة منذ عقود بل وقرون، والتي تفرض على شعوبها الجمود الفكري، وترسخ ثقافة التمييز العنصري، للتفاقم في العقود الأخيرة، حيث طغيان الفكر التكفيري الإرهابي، وسيطرة المقاتلين من الجهاديين، وليس الجهاديون الإسلاميون، على مجريات الصراعات الجارية، وهم المتمكنون من إيصال شرارات شرورهم، إلى خارج جغرافية الشرق، لتظهر ردات الفعل الغربي، ويخططوا باستراتيجية عامة، لنقل الصراع بين الشعوب والسلطات، والحروب الطائفية، إلى صراع بين العالم والتكفيريين من المسلمين الجهاديين، وفروع العنف في الإسلام، وحشد لها أكثر من 60 دولة، وأرضخوا العديد من سلطات الدول الإسلامية ذاتها الداعمة للإرهاب نفسه، وعليه يتحرك دبلوماسيو الدول الكبرى، لإحلال نوع من السلام الترقيعي في سوريا، وإيقاف المعارك، لفرض حروبهم، علماً، الواقع تبين أن خطط القضاء على المنظمات الإسلامية الإرهابية غير مدرجة على طاولات التنفيذ حالياً، معظمها لا تزال تخدم أجندات السلطات الإقليمية والدول الكبرى. تتوضح الاستراتيجية، المتسترة من قبل الإدارة الأمريكية، بإضافة 7,5 مليار دولار إلى ميزانيتها الحربية لعام 2016 لمحاربة داعش، وليس للقضاء عليها، فبين المحاربة والقضاء مسافات زمنية. وكان المتوقع أن يدعموا بهذه الأموال القوات التي تحارب المنظمة بشكل مباشر، وهي بمجملها قوات كردية في الإقليم الكردستاني وغربي كردستان، لكن وبسبب الضغوطات الدبلوماسية واللوبي التركي-العربي، في واشنطن، اضطرت أمريكا عرض البديل، وتقليص الميزانية المخصصة للقوات الكردية، وأعلن إعلاميا، بعض رفض معظم الدول الأوروبية وروسيا التدخل التركي في سوريا، البديل، المخطط السني، وهو دخول قوات من السعودية والإمارات على الخط، لتحارب في سوريا، وعلى الأغلب، ستبوء بالفشل مثل الخطة التي هدفت لتشكيل قوات من المعارضة السورية المعتدلة، والتي أدت إلى خسارة نصف مليار دولا على 60 شخصا انضموا في الأيام الأولى إلى أكثر المنظمات المرفوضة من قبل أمريكا وهي النصرة، أي القاعدة. لأن الخطة، في حال ولوجها إلى الواقع العملي، ستواجه عدة إشكاليات: 1- القوات السعودية والإمارات سوف لن تدخل الأراضي سوريا بمفردها، لأنها ستعتبر استعمار خارجي وستواجه مقاومة حتى ولو بعد حين من جميع الأطراف، كما وأنهم لوحدهم لن يتمكنوا من محاربة داعش، والتي ترفض المعارضة المسلحة بمعظم فصائلها ترك الصراع مع سلطة بشار الأسد ومحاربة داعش، أي عمليا سيدخلون في صراع غير مباشر مع المعارضة السورية. 2- سوف لن يشتركوا مع القوات الكردية في غربي كردستان، أو مع قوات سوريا الديمقراطية، فهي(السعودية) مرفوضة نهجا وإيديولوجية واستراتيجية، كما وأنها خطة ملغية سلفا من قبل تركيا، لأنها تقوية مباشرة للقوات الكردية في حال قبل بهم أل ي ب ك جدلاً، ربما تحت الضغط الأمريكي. 3- سوف لن تتمكن من الانضمام إلى منظمات المعارضة السورية المسلحة والتي تعتبرهم روسيا بشكل واسع منظمات إرهابية، وتقصفهم بدون تحديد، وعليه ستقصف روسيا مع السلطة السورية القوات السعودية مثلما تقصف المعارضة. 4- إقحام السعودية والإمارات كقوى سنية لمحاربة داعش، لإزالة البعد السني عنها، ستؤدي إلى نقل الصراع الطائفي الشيعي السني، إلى صراع سني -سني، التكفيري مع التيار الليبرالي. 5- وفي البعد العام ستكون مشاركة السعودية بقواتها نزيف مميت لاقتصادها المتراجع أصلا على خلفية حربها في اليمن، وتراجع أسعار النفط، وبالتالي ستكون عواقبها وخيمة على السلطة، وهيمنتها على الشعب، وقد تؤدي إلى انتفاضات وربما شبه ثورة من الشعب المعاني. إقحام أمريكا كل هذه القوى ضمن سوريا، وبوجود روسيا، الجالبة في الفترة الأخيرة قوة عسكرية من جمهورية الشيشان الفيدرالية، الإسلامية، لمساعدة بشار الأسد، تبين أنهم يستخدمون الأرض السورية، كساحات معارك لإتمام مخططاتهم، لا علاقة للشعب بها، ولا تهمهم نوعية السلطة القادمة، وهنا تسكت المعارضة السورية الخارجية السياسية عن الجاري، لأن أغلبيتهم لا يستندون على خلفيات فكرية تعكس الثورة السورية، فمعظمهم من البعثيين السنة أو العروبيون والإسلاميون الذين لا يؤمنون بنظام الدولة الحضارية الديمقراطية، وتفرض السلطات الإقليمية عليهم ليكونوا ضد لامركزية الدولة السورية القادمة، وضد النظام الفيدرالي، والتي من ضمنها تكمن حق الشعب الكردي في إدارة منطقته، وليقفوا بشكل أو آخر ضد الحقوق القومية للكرد أكثر مما هم ضد نوعية السلطة القادمة، أو الشراكة مع سلطة بشار الأسد أو السلطة الانتقالية. والغريب، رغم كل المراحل المتتالية والمتسارعة المارة على الشعب السوري، لم يتمكن أصدقاءه، من رفع الشرعية عن سلطة بشار الأسد، وظلوا يتعاملون معها بالرسميات الدولية، ومعظمهم لا يزالون يستقبلون سفرائها في عواصمهم، لذلك تتمسك روسيا وإيران بالشرعية الدولية وبشكل علني عند مساعدة بشار الأسد، ويرفضون بالمقابل أي تدخل خارجي لصالح المعارضة المسلحة ويعتبرونها انتهاكا لسيادة الدولة، وهي من الأمور التي لوحتها روسيا في وجه تركيا مراراً، عندما حاولت إقامة المنطقة العازلة، وتلوحها منذ إعلان أمريكا عن خطة أرسال القوات السعودية والإماراتية إلى سوريا، على أنها غير شرعية، وانتهاك لسيادة الدولة، علما أنها معلنة كخطة لمحاربة داعش. وبمجمله أنه صراع بين الأبالسة على أرض الرحمان وعلى جثة الشعب السوري، وتدمير لبنيانه، دون أن تكون هناك خطة واضحة لتكوين بديل للكيان السياسي الحالي.
د. محمود عباس الولايات المتحدة الأمريكية [email protected] 9/2/2016
#محمود_عباس (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
تحريف التحريف
-
مذكراتي
-
أحزاب غربي كردستان
-
ماذا فعل المربع الأمني بغربي كردستان - الجزء السادس عشر
-
من صنع أردوغان - 2/2
-
من صنع أردوغان - 1/2
-
بوتين يتناسى الاقتصاد
-
مكانة الكرد ضمن الصراعات الإقليمية
-
غايات طمس التاريخ الكردي- 2/2
-
غايات طمس التاريخ الكردي- 1/2
-
هل الإسلام دينٌ للعرب - الجزء الأخير
-
هل الإسلام دينٌ للعرب - الجزء الثالث
-
هل الإسلام دينٌ للعرب - الجزء الثاني
-
الإسلام دين العرب - 1/2
-
سوريا والأربعين حرامي - 2/2
-
الحركة الكردستانية والإرادة المغتصبة - 3/3
-
سوريا والأربعين حرامي - 1/2
-
الحركة الكردستانية والإرادة المغتصبة - 2/3
-
الحركة الكردستانية والإرادة المغتصبة - الجزء الأول
-
ظاهرة السطو الثقافي بين الكرد
المزيد.....
-
هل يعارض ماسك الدستور بسبب حملة ميزانية الحكومة التي يقودها
...
-
-بينها قاعدة تبعد 150 كلم وأخرى تستهدف للمرة الأولى-..-حزب
...
-
حافلة تسقط من ارتفاع 12 مترا في حادث مروع ومميت في فلاديفو
...
-
بوتين يتوعد.. سنضرب داعمي أوكرانيا بالسلاح
-
الكشف عن التاكسي الطائر الكهربائي في معرض أبوظبي للطيران
-
مسيرات روسية اختبارية تدمر مركبات مدرعة أوكرانية في اتجاه كو
...
-
مات غيتز يتخلى عن ترشحه لمنصب وزير العدل في إدارة ترامب المق
...
-
أوكامبو: على العرب الضغط على واشنطن لعدم تعطيل عمل الجنائية
...
-
حاكم تكساس يوجه وكالات الولاية لسحب الاستثمارات من الصين
-
تونس.. عبير موسي تواجه تهما تصل عقوبتها للإعدام
المزيد.....
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
المزيد.....
|