ما سر ازدواجية شخصية الحجاج ؟

طلعت رضوان

الحوار المتمدن-العدد: 5072 - 2016 / 2 / 11 - 13:50
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    

ما سر ازدواجية شخصية الحجاج؟
طلعت رضوان
كيف تجرّأ الحجاج على أسماء بنت أبى بكر؟
مامغزى أنْ يقول الحجاج : إنّ أكبرلذاتى سفك الدماء؟

تــُـثير شخصية الحجاج بن يوسف الثقفى الكثير من الأسئلة ، حيث كان فقيهـًـا مُـتخصصـًـا فى (علوم القرآن) وفى قواعد اللغة العربية. وأحلّ اللغة العربية محل غيرها فى الدواوين . وعهد إلى نصربن عاصم بضبط القرآن . وكان الحجاج فصيحــًـا خطيبًـا يستولى على أفئدة سامعيه. وشديد التعصب للعروبة. هذا هو الجانب الذى أعجب العروبيين وغلاة الأصوليين الإسلاميين فى شخصيته. ويتجاهلون أنه غيـّـر فى مصحف عثمان11حرفــًـا (السجستانى فى كتابه المصاحف - ص130) كما أنه حاصر عبد الله بن الزبير خمسة شهور. ولما دخل ابن ابن الزبير على أمه أسماء وشكا لها خذلان الناس وخروجهم إلى الحجاج ، قالت أمه للحجاج أما آن لهذا الراكب أنْ ينزل ؟ فقال لها الحجاج : هل رأيتِ كيف نصر الله الحق وأظهر أنّ ابنك ألحد فى هذا البيت . وقد قال الله : ومن يرد بإلحاد نذقه العذاب الأليم. وقد أذاقه الله ذلك العذاب الأليم . فقالت له أسماء : كذبتَ والله . ابنى لم يكن منافقــًـا ولكنه كان صوامًـا قوامًـا . فقال لها : انصرفى فإنكِ عجوز خرّفتِ . فقالت له : والله ما خرّفت . وقد سمعتُ رسول الله يقول يخرج من ثقيف كذاب وكان يقصدك . ولما بلغ عبد الملك ما قاله الحجاح لأسماء عاتبه. فأرسل الحجاج إلى أسماء أنْ تأتيه. فرفضتْ. فأرسل إليها رسولا وقال لها : إما أنْ تأتينى أو لأبعثنّ إليكِ من يسحبك من قرونك.
وذكر الحافظ بن كثير قــُـتل مع ابن الزبير مائتان وأربعون رجلا منهم من سال دمه فى جوف الكعبة. وكان من جملة من قــُـتل عبد الله بن صفوان . قتــُـل يوم قــُـتل ابن الزبير، وبعث الحجاج برأسه ورأس ابن الزبير إلى المدينة فنصبوهما وصاروا يلعبون بالرأسيْن . ثم أرسلوا الرأسيْن إلى عبد الملك بن مروان . وقال أمير الجيش الذى أرسله يزيد بن معاوية إلى عبدالله بن الزبير بمكة ((دخلتُ مسجد المدينة فجلستُ بجانب عبدالملك بن مروان . فقال لى : أأنتَ أميرهذا الجيش ؟ قلت نعم . قال ثكلتك أمك . أتدرى إلى من تسير؟ أنت تسير إلى أول مولود فى الإسلام . ابن حوارىْ رسول الله. وابن ذات النطاقيْن يعنى أسماء بنت أبى بكر. فلما صارتْ الخلافة إلى عبدالملك وجـّـهنا مع الحجاج حتى قتلنا ابن الزبير.
ووقع من الوليد بن يزيد بن عبد الملك الأمور الفظيعة ، بسبب ولاية الحجاج على الجيش . وأنه قال لعبد الملك بن مروان ((رأيتُ فى منامى أنى أخذتُ عبد الله بن الزبير فسلخته ، فولنى قتاله)) فأرسله فى جيش كثيف من أهل الشام . فحضر ابن الزبير، ورمى الكعبة بالمنجنيق . فصاح الحجاج هذه صواعق تهامة وأنا ابنها . ثم قام ورمى المنجنيق بنفسه. فقــُـتل12رجلا. فخاف الموجودون ، ولكن الحجاج حرّضم على رمى المنجنيق . ولم تزل الكعبة تــُـرمى بالمنجنيق حتى هـُـدمتْ وحرّقتْ أستارها فصارت كالفحم . وذكر الرواة أنّ الذى وقع من جيش يزيد كان بتحريض من الحجاج . ولما قــُـتل عبد الله بن الزبير ضجـّـتْ مكة بالبكاء. فجمع الحجاج الناس وخطب فيهم قائلا ((إنّ ابن الزبير كان من أخيارهذه الأمة. إلاّ أنه نازع الحق أهله. إنّ الله خلق آدم بيده ونفخ فيه من روحه وأسكنه جنته ، فلما أخطأ أخرجه من الجنة بخطيئته. وآدم أكرم على الله من ابن الزبير. والجنة أعظم حـُـرمة من الكعبة. اذكروا الله يذكركم)) وهكذا استخدم اللغة الدينية ليـُـبرّر قتل ابن الزبير.
وكتب المؤرخون أنّ الحجاج بعد مقتل ابن الزبير ذهب إلى المدينة وعلى وجهه لثام ، فرأى شيخـًـا وسأله عن أحوال أهل المدينة. فقال الرجل : شر حال . قـُـتل ابن حوارىْ الرسول . والذى قتله الفاجر اللعين الحجاج عليه لعنات الله ورسوله. كشف الحجاج اللثام عن وجهه وكاد يقتل الشيخ الذى قال له : أنا فلان وعندى صرع من جنون . فقال الحجاج : اذهب لا شفاك الله من جنونك. ويرى المؤرخون أنّ العفو عن الشيخ من (عجائب) سيرة الحجاج ، خاصة وأنه كان يقول عن نفسه ((إنّ أكبر لذاتى سفك الدماء) وأنه عندما أتوا إليه بامرأة من الخوارج جعل يكلمها وهى لا تنظر إليه. ولا ترد على كلامه. ولكنها قالت : إنى أستحى أنْ أنظر إلى من لا ينظر الله إليه. فأمر الحجاج بقتلها. وبلغ الذين قـُـتلوا بين يديه مائة وعشرون ألفــًـا. وأنّ عبدالله بن عمر كان من ضحاياه لأنه سبّ الحجاج وقال له : أنت سفيه.
وسأل الحجاج رجلا : ماذا تقول فى عبد الملك بن مروان ؟ فقال الرجل : أنت سيئة من سيئاته. وقد أطلق سليمان بن عبدالملك (عندما تولى الخلافة) من سجن الحجاج سبعين ألفــًـا حبسهم تمهيدًا لقتلهم . وليس على أحدهم ذنب يستوجب الحبس فضلا عن القتل . وأنه كان يحبس الرجال مع النساء. ولم يكن فى سجنه أماكن لقضاء الحاجة. فكان الرجل يبول بجانب المرأة والمرأة تبول بجانب الرجل. فتبدو العورات. وكان كل عشرة فى سلسلة. وطعامهم خبز مخلوط بالملح والرماد. وآخر من قتله الحجاج سعيد بن جبير. وأشاد عمر بن عبد العزيز بالحجاج ، وقال ((لو جاءتْ كل أمة بحاكمها الطاغى وجئناهم بالحجاج لغلبناهم)) وقال سليمان بن عبدالملك لرجل كان الحجاج قد أمر (بخصيه) وسأله رأيه فى الحجاج . فقال الرجل ((يا أمير المؤمنين يجيىء الحجاج يوم القيامة بين أبيك عبدالملك وبين أخيك هشام بن عبدالملك ، فضعه من النار حيث شئت)) (السيرة الحلبية - من ص175- 181) أليس الحجاج شخصية درامية للعلاقة بين التقوى الدينية وسفك الدماء ؟
***

#طلعت_رضوان (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات