|
من وحي ذكرى الانقلاب الدموي – الفاشي في 8 شباط 1963 -القائد الوطني والشيوعي الكبير ،الشهيد الخالد يوسف سلمان يوسف (فهد)- (المتنبي السياسي)........(ج2).
محمد علي الحلاق
الحوار المتمدن-العدد: 5070 - 2016 / 2 / 9 - 21:35
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
انتهت الحرب العالمية الثانية ومع توقف اصوات ازير محركات الطائرات القاصفة ودوي القنابل والصواريخ وانجلاء غبار ساحات معارك الدبابات والمشاة ، ومع بزوغ شمس آيار الدافئة في عام 1945 ،تكشف للناس ان هناك عالما جديدا بدأ يتشكل وميزان قوى دولية يتبدل واستراتيجيات وتحالفات تتحول . فعلى الرغم من ان دول الاستعمار الكولنيالي القديم المتمثلة ببريطانيا وفرنسا على وجه الخصوص وهما الدولتان الاوربيتان اللتان وزعتا العالم القديم بينهما اثر انتصارهما على المانيا والامبراطورية النمساوية والدولة العثمانية في الحرب العالمية الاولى . نقول على الرغم من خروجهما من الحرب العالمية الثانية منتصرتان اسميا على دول المحور (المانيا وايطاليا واليابان ) ، غير انهما كانتا في حقيقة الامر ، قد خرجتا من تلك الحرب مدمرتين اقتصاديا ومنهكتين عسكريا . وفي المقابل كانت هناك دولة امبريالية اخرى وهي الدولة الوحيدة التي خرجت من الحرب العالمية الثانية اكثر قوة اقتصاديا وعسكريا لوجودها بعيدة عن ساحات المعارك (ماعدا قاعدة "اللؤلؤ" بيرل هاربر) في المحيط الهادي حيث لم تطلق على اراضيها ولاحتى طلقة واحدة ،لقد وقفت (الجغرافية) الى جانبها وكانت تلك الدولة الامبريالية هي (الولايات المتحدة الاميركية )،التي وللاسباب المذكورة آنفا صارت هي القائدة للمعسكر الرأسمالي العالمي وبدأت وحال انتهاء الحرب تعمل على (استثمار الفوز والنصر ) ومطالبة دول اوربا الرأسمالية بدفع فواتير دعمها واسنادها لها في تلك الحرب وما بعدها (مشروع مارشال) والذي توجته بفرض سياساتها الاقتصادية باتفاقية (بريتن وودز) التي حل فيها الدولار الاميركي محل الجنيه الاسترليني البريطاني باعتباره المعادل النقدي في العالم ،وعسكريا بانشاء (حلف الناتو) الذي يتولى قيادته باستمرار ضابط (جنرال) اميركي . ووفق تلك الاعتبارات اخذت تطالب وتعمل على ازاحة دول الاستعمار القديم والحلول محلها لفرض سيطرتها وبسط هيمنها على دول العالم التي كانت خاضعة لذلك الاستعمار ، كي تحل شركاتها الاحتكارية وبنوكَها الاستثمارية محل شركات وبنوك الدول الكولنيالية ،وان تتخذ منها قواعد لوجود قواتها الجوية والبحرية . ولم يكن قادة الولايات المتحدة ،سياسيون وعسكريون استراتيجيون واقتصاديون بغافلين عن اهمية (منطقة الشرق الاوسط بسبب وجود النفط والمياه الدافئة (الخليج العربي) الذي كان منذ اقدم الازمنة هدف الوصول اليه والسيطرة عليه يعتبر حلما وهدفا يدور في عقل رؤوس كل الاباطرة والقياصرة والاكاسرة لمعرفتهم ان هذه المنطقة تعتبر هي(قلب العالم) . واضافة لهذين السببين الهامين كان هناك سبب آخر يتشكل بعد الحرب الثانية وهو تبني الولايات المتحدة للحركة الصهيونية العالمية ومشروعها الاستعماري الاستيطاني باقامة دولة لليهود على ارض فلسطين وعلى حساب قتل وتشريد الشعب الفلسطيني منذ مؤتمر الحركة الصهيونية العالمية في (مدينة بلتيمور)الاميركية في عام 1939. دولة تكون لهم (الامبريالية الاميركية ) مستقبلا قاعدة عسكرية ثابتة ودائمية (وهو ذات المشروع البريطاني صاحب براءة اختراع فكرة الدولة اليهودية على ارض فلسطين منذ نهاية القرن السابع عشر ) وآمنة ،تعمل على استنزاف موارد الدول العربية البشرية والاقتصادية باستمرار لتمنعها من التقدم الاقتصادي والبناء الحضري والوحدة القومية وتكون مبررا للتدخل في المنطقة وذلك بخلق الازمات والحروب بشكل مستمر وهو ماتحقق بعد ذلك ، اي بعد نهاية الحرب الثانية بثلاث سنوات والذي اكده (ديفد بن غوريون ) اول رئيس وزراء للكيان الصهيوني حينما قال (يجب على الغرب ان لايمن علينا بمساعداته لاننا صرنا هنا وفي هذه المنطقة الحساسة من العالم قاعدة متقدمة له ندافع عن مصالحه بدماء ابنائنا ). ولان (العراق) هو واحد من اهم دول هذه المنطقة لامتلاكه ثروة النفط ووقوعه في قلب هذه المنطقة الحيوية وكونه اكبر الدول العربية واقواها المطلة على شمال الخليج العربي . فكان ان بدأت الولايات المتحدة بالتوجه بشكل جدي لايجاد موطئ قدم لها على ارض العراق وتتخذه كقاعدة انطلاق للحلول محل بريطانيا ،الدولة الكولنيالية –الامبريالية القديمة التي كانت تعتبر العراق من ممتلكات امبراطوريتها التي بدأت الشمس تغرب عن معظم اراضيها بعد الحرب الثانية فبدأت بارسال الاشخاص (صحفيين) ومن ثم الوفود لاستطلاع الاحوال السياسية والاقتصادية وكسب الاشخاص (تأجيرهم) للعمل لصالح تحقيق اهدافها وطموحاتها بالسيطرة والهيمنة . وصار القرار ان تبدأعملها من ارض كردستان العراق لتتخذه كموطئ قدم لها ، تنطلق منه الى باقي العراق . لم ينتبه اي من سياسيي العراق آنذاك لهذه التحركات الاميركية سوى قائد سياسي واحد لانه الابن البار والاصيل والحقيقي والوريث الشرعي لذلك العراقي السومري الذي عبر وبشكل رائع وجميل ومبهر عن الشخصية العراقية في اولى ملاحمه وهي كذلك اول الملاحم التي عرفها الانسان على وجه الارض حيث ورد في اللوح الاول الحقل الاول من ملحمة كلكامش مايأتي :"هو الذي راى كل شئ فغنى بذكره بلادي .... وهو الذي عرف جميع الاشياء وافاد من عبرها ... وهو الحكيم العارف بكل شئ ... لقد ابصر الاسرار وكشف عن الخفايا المكتومة " (ملحمة كلكامش ..طه باقر..الطبعة الخامسة 1986). هو الكلداني الذي فتح عينيه في بغداد المأمون والحلاج وتعمد بمياه دجلة الخير ثم كانت بصرة المعتزلة والزنج والقرامطة وشط العرب وكانت (الناصرية) في ارض سومر هي محطته الثالثة حيث العمق التأريخي والتراث العراقي الانساني وحيث كانت هناك (مغامرة العقل الاولى) وحيث (ذي قار) عنوان الاباء العربي ورفض الخنوع والخضوع ،وهناك امتزجت دماءه الكلدانية العراقية الاصيلة بنتاج (هواء وتربة مياه سومر) ،فغدا هو العراقي – العراقي الذي لم يهيم حبا سوى بالعراق ولم يعرف عشقا غير العراق ولم يعش لغير العراق ولم يمت الا من اجل العراق . ولد وعاش بين العمال والكسبة الفقراء الطيبين علمهم وتعلم منهم واستشهد كواحد من (المخلصًين ) تماما كسبارتيكوس والسيد المسيح والحسين بن علي ،اولئك الذين صلبوا ونحروا لرفضهم ظلم الطغاة وعبودية الانسان للانسان والجوع والذل والحرمان ومن اجل حياة حرة كريمة وسعيدة تليق بآدمية الانسان دون فضل او منة من احد . ذلك القائد و الانسان العراقي الاصيل هو باني (الحزب الشيوعي العراقي وقائده الشجاع صاحب القول المشهور ،وحبل مشنقة الجلادين العملاء تلتف حول رقبته "الشيوعية اقوى من الموت واعلى من اعواد المشانق " و "نموت ويحيا العراق " هو يوسف سلمان يوسف (فهد). نعم كان القائد الشهيد هو اول من نبه لمحاولات ومخطط الولايات المتحدة الاميركية للحصول على موطئ قدم لها في كردستان العراق ، مستغلة قضية الحقوق القومية المشروعة للشعب الكردي في العراق والوضع الشاذ الذي كان سائدا في كردستان العراق انذاك . جاء ذلك التنبيه في تقريره السياسي باعتباره السكرتير الاول للحزب الذي قدمه -للكونفرنس والمؤتمر الاول للحزب الشيوعي العراقي في عام (1945) الذي سمي ايضا بـ (مؤتمر التنظيم ) الذي عقد تحت شعار (قووا تنظيم حزبكم الشيوعي ،قووا تنظيم الحركة الوطنية) ،حيث قال (الرفيق فهد) وضمن تحليله للوضع العالمي والداخلي ، مانصه : (وامر آخر اود تنبيه حزبنا اليه هو التنافس الاستعماري في بلادنا بين الانكليز والاميركان ان التنافس الاستعماري الذي ظهر منذ اكثر من سنة بشكل اقتصادي للاستحواذ على مصادر نفطية في بلاد العرب ،ثم الدفاع عن القضية الصهيونية يظهر الان بشكل جديد فالاميركان يريدون ان يوجد لهم قاعدة اجتماعية في العراق يريدون ان يستغلوا وضع الاكراد ويجعلوا منهم قاعدة اجتماعية لهم . لقد جاء العراق مؤخرا المستر هارولد الصحافي الاميركي واخذ هذا يتصل بالشخصيات الكردية وبدأت المساومات بينهم وبينه وبدأت تعطي الوعود الاستعمارية للاكراد بتوحيد المناطق الكردية وما اشبه . اننا ننبه اخواننا الاكراد الى ان قضيتهم الوطنية مرتبطة بقضية العراق التحررية وان حرية الاكراد في العراق لا تأتيهم عن طريق الوعود الاستعمارية من هذا المستر او ذاك بل بالنضال المشترك مع العرب من اجل استكمال استقلال العراق . ان حزبنا يدعو الى الصداقة العربية الكردية ، الى النضال المشترك من اجل قضية العرب والاكراد على السواء ) انتهى النص . (من وثائق الحزب الشيوعي العراقي – مؤلفات الرفيق فهد – مطبعة دار الرواد – عام 1974). تعالوا معي لنعيد قراءة تأريخ الاحداث السياسية التي حصلت ولما تزل تحصل لحد اليوم وربما للغد المنظور ايضا ،في عراقنا الجريح والمستباح كله وبالخصوص في كردستان العراق العزيزة بعد حوالي نصف قرن على تقديم (الرفيق الخالد فهد) تقريره المشار اليه ، الا يتطابق ما حصل ويحصل مع ماجاء في تنبيهه وتحذيره للحزب وللشعب الكردي في العراق ؟ والا يتفق ذلك كله مع راهنية الاحداث التي يشهدها كل من الوطن وكردستان بشكل خاص ، وكأن التقريركتب يوم امس وليس قبل اكثر من سبعين عاما . وبعد كل ما عرضناه ، الا يعتبر ذلك التقرير (نبوءة سياسية ) استطاع من خلالها القائد الوطني والشيوعي الكبير الشهيد الخالد يوسف سلمان يوسف (فهد) ان يستشرف المستقبل ويقرأ الغيب كما يقول المناضل والشاعر الرائع مظفر النواب في قصيدته (اني اقرأ الغيب) . نعم فالمناضل الشيوعي العراقي الذي اختزن وحمل كل صفات وارث العراقيين الطيبة والنبيلة والجميلة والمتميزة بالذكاء والفطنه الفطرية (الحس السليم )واذا ما اضفنا الى كل ذلك خلاصة نتاج (العمل والفكر الانساني ) المتمثل بالماركسية – اللينينية . ووظف كل ذلك من اجل حرية وكرامة وخيروسعادة العراقيين ،كل العراقيين ،فكيف يكون الامر اذا كان ذلك المناضل هو قائد حزبهم الشيوعي العراقي وبانيه .
محمد علي الحلاق كاتب وباحث وطني عراقي
#محمد_علي_الحلاق (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
من وحي ذكرى الانقلاب الدموي – الفاشي في 8 شباط 1963 -القائد
...
-
الكويت وإسرائيل ... الوظيفة والأهداف وأبو الأسود الدؤلي الحل
...
-
الكويت وإسرائيل ... الوظيفة والأهداف وأبو الأسود الدؤلي الحل
...
-
يوسف سلمان ( فهد ) حزين وغاضب يوم التاسع من نيسان الحلقة الث
...
-
كلمات بينة للناس - ((ايها العراقيون... اية حكومة تنتظرون...
...
-
كلمات بينة للناس (الشيوعيون العراقيون بين النظال الوطني والع
...
-
كلمات بينة للناس
المزيد.....
-
أشرف عبدالباقي وابنته زينة من العرض الخاص لفيلمها -مين يصدق-
...
-
لبنان.. ما هو القرار 1701 ودوره بوقف إطلاق النار بين الجيش ا
...
-
ملابسات انتحار أسطول والملجأ الأخير إلى أكبر قاعدة بحرية عرب
...
-
شي: سنواصل العمل مع المجتمع الدولي لوقف القتال في غزة
-
لبنان.. بدء إزالة آثار القصف الإسرائيلي وعودة الأهالي إلى أم
...
-
السعودية تحذر مواطنيها من -أمطار وسيول- وتدعو للبقاء في -أما
...
-
الحكومة الألمانية توافق على مبيعات أسلحة لإسرائيل بـ131 مليو
...
-
بعد التهديدات الإسرائيلية.. مقتدى الصدر يصدر 4 أوامر لـ-سراي
...
-
ماسك يعلق على طلب بايدن تخصيص أموال إضافية لكييف
-
لافروف: التصعيد المستمر في الشرق الأوسط ناجم عن نهج إسرائيل
...
المزيد.....
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
المزيد.....
|