أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - السياسة والعلاقات الدولية - كور متيوك انيار - جنوب السودان والسودان علاقات القوي والضعيف















المزيد.....



جنوب السودان والسودان علاقات القوي والضعيف


كور متيوك انيار

الحوار المتمدن-العدد: 5070 - 2016 / 2 / 9 - 17:56
المحور: السياسة والعلاقات الدولية
    




جنوب السودان والسودان علاقات القوي والضعيف



كور متيوك
[email protected]


المقدمة :
في التاسع من يوليو 2011م تم إسدال الستار على علاقات جنوب السودان والسودان وذلك بعد اكثر من نصف قرن من الحروب التي تقف حيناً ليستعد الاطراف لحرب جديدة تكون اسوء من سابقاتها وهكذا دواليك ، تلك الحرب الذي عانى منها شعب جنوب السودان معاناة لا توصف وفقد فيها ملايين الشهداء ، عانى شعب جنوب السودان من الحرب في كافة المناحي حيث لم يتيح الحرب لهم أن ينالوا حظهم من التنمية وخاصة البشرية ، فالهم الشاغل لكافة الشعب كانت كيفية هزيمة العدو في الشمال اما التعليم والتطوير فلقد كانت متروكة لوقت اخر يكون الاوضاع فيها افضل ، في 2005م لاحت في الافق تباشير نهاية الحرب وبداية عهد من السلام والاستقرار .
اما في شمال السودان فان نخبتها كان الحرب قد انهكهم كثيراً ، تلك الحرب الذي كانوا يعتقدون أنهم منتصرين فيها لا محالة ، لكن عقد وراء عقد كان يتضح أن احلامهم بعيدة التحقق و لا يوجد طريقة لانهاءها سوى بالاتفاق والتسوية السياسية ، ولقد توصلوا لذلك بعد وقت طويل ، وبينما كان المؤتمر الوطني والحكومة السودانية والحركة الشعبية والجيش الشعبي لتحرير السودان يجلسان على طاولة المفاوضات ، كان منبر السلام العادل قد قرر أن يقود ويوجه الراي العام السوداني للاستعداد لاستقلال جنوب السودان وفصلها حتى ينعم السودان الشمالي بالاستقرار والتنمية ، وبالنسبة لها فأن جنوب السودان قد اخرت السودان الشمالي كثيراً وبالتالي على الجنوب عن يترك الشمال في حال سبيلها هكذا كانت الوضع في اخر ايام السودان الكبير لتتفتت الى دولتين و ربما ستشهد انقسامات اخرى فكيف الوضع اليوم بالنسبة للدولتين بعد الانقسام ؟ .

السودان الجديد والمشروع الحضاري :
السودان الجديد :
في اخريات الحرب بين الشمال والجنوب والتي بدأت في يوم 16 مايو 1983م وهي فترة تكوين الحركة الشعبية والجيش الشعبي لتحرير السودان بقيادة العقيد د. جون قرنق دي مبيور ، والحركة الذي قام بتكوينها قرنق يختلف بشكل كامل عن اي حركة تحررية تكونت من قبل لان كافة الحركات التي حاربت الحكومات السودانية قبل تلك الفترة كانت تعاني من المراهقة الثورية وعدم نضج الروى التي قامت من اجلها وبالتالي كانت سحقها او الوصول معها الى تسوية امراً سهلاً جداً مثل الانيانيا 1 الذي قادها جوزيف لاقو وكان ضابطاً بالجيش وخريج الكلية الحربية السودانية .
رغم أنه كان يعرف معاناة الشعب الجنوبي من خلال معايشته للواقع غير أن لاقو خلال ما سرده في مذكراته لم يكن واعياً سياسياً بل كان متردداً بشكل كبير في الانخراط في صفوف الثوار ، وعندما تسلم قيادة الانيانيا كان مازال يفتقد لسعة الافق السياسي لذلك لم يكن غريباً الطريقة التي تمت بها مفاوضات اديس ابابا والتي انتهت بالتوقيع على اتفاقية اديس ابابا للسلام في 1972م ، فبعد التوقيع على الاتفاقية بشكل مباشر ، لم يتردد لاقو في أن يرافق الوفد السوداني في طريق عودته الى الخرطوم دون اي ترتيبات مسبقة ، وكان موقفاً محيراً وغريباً إضافة الى ذلك ان تنفيذ الاتفاقية لم تتم على يد لاقو بل قام الرئيس نميري بتعيين ابيل الير الذي كان يشغل منصب نائب الرئيس نميري وكان رئيس وفدها المفاوض الذي تفاوض مع لاقو ، فبينما يكتب ابيل عن نقض العهود والمواثيق فلقد كان هو اكبر ناقض للعهود والمواثيق .
اما لاقو فقد تم ترقيته الى رتبة لواء في الجيش السوداني ، بينما اصبح ابيل الير عدو لاقو رئيساً للمجلس التنفيذي العالي الذي كان يدير حكومة الحكم الذاتي في جنوب السودان ويفترض بتلك الحكومة ان تقوم بتنفيذ اتفاقية اديس ابابا للسلام ، لكن ما هي مصلحة ابيل الير في سلام لم يناضل من اجله او يقاتل لتحقيقها ؟ وظل لاقو بعيداً من قواته حتى بدأت عمليات التسريح والدمج دون الالتزام بنصوص اتفاقية اديس ابابا ، وفي ذلك الوقت بدأ دكتور جون قرنق دي مبيور يتحرك وسط قوات الانيانيا وكان ضابطاً صغيراً في الجيش ، وسبق و أن حذر لاقو من مغبة التوقيع على الاتفاقية دون ضمانات والتزامات دولية واضحة بالاضافة الى اعتراضه على الشق الخاص بالترتيبات الامنية .
وفي صفوف حركة تحرير جنوب السودان لم يكن هيناً بالنسبة للعقيد جوزيف لاقو ان يتحصل على موافقة جماعية من جانب كبار القادة العسكريين والقادة السياسيين المحيطين به ؛ عارض فكرة التفاوض مع حكومة السودان افراد عديدون من ابرزهم جوزيف ادوهو و غوردون مورتات ورئيس هيئة اركان حركة الانيانيا سابقاً اميليو تافينج ، وكان النقيب انذاك جون قرنق من بين العسكريين الذين عارضو الدخول في مفاوضات مباشرة مع الحكومة ويقول قرنق حول ذلك " عندما ان اوان التفاوض بين انيانيا وحكومة السودان استدعاني العقيد لاقو وطلب مني ان اشارك في الوفد الذي سيمثل الحركة ، تناقشنا وبدأ اننا لا نرى الاشياء بمنظار واحد . وعندها كان راي العقيد لاقو بانني سوف اتسبب في تعويق المفاوضات لذلك قرر ابعادي عن المشاركة " .
وبالفعل عندما اشتدت معارضة قرنق للاتفاقية بعد التوقيع عليها فيما بعد قام لاقو بإرسال قرنق في بعثة للدراسة في الخارج ويقول لاقو في مذكراته أنه لم يكن يريد أن يؤذيه لانه كان ضابطاً صغيراً وشاب ما زال امامه مستقبل . على انقاض العديد من التجارب السياسية الفاشلة قام قرنق ببناء امبراطوريته و مملكة السودان الجديد ، وفي حوار للدكتور عبد الماجد بوب مع قرنق في الرابع من يونيو 1988م ساله إن كانوا قد تأثروا بالحركات السياسية التي نشأت في جنوب السودان قبل الحركة الشعبية والجيش الشعبي لتحرير السودان وكان لهم مشاريعهم السياسية غير أن قرنق نفى نفياً قاطعاً ان يكون لهم أي دور في بلورة مشروع السودان الجديد .
وكان موقفاً سليماً ان ينكر قرنق أي ارتباط فكري له مع أي من الحركات السياسية والعسكرية التي نشأت في جنوب السودان فمشروعه كان يتعارض مع تلك التي كانت تدعوا لها تلك الحركات في مشاريعها السياسية وخاصة ان اغلب تلك الحركات كانت تحصر دورها في إطار جنوب السودان لكن الحركة وسعت من دورها لتشمل كافة بقاع السودان ، ومع ذلك كانت هنالك منظومات سياسية رغم محدودية دورهم التاريخي لكنها سبقت الحركة الشعبية في الطرح القومي وكانت افكارها متقاربة من فكرة السودان الجديد ومن تلك الحركات على سبيل المثال وليس الحصر الحزب الديمقراطي لجنوب السودان .
صدر برنامج الحزب الوطني الديمقراطي لجنوب السودان في عام 1966م وكان اغلب اعضاءها من الجنوبيين الذين كانوا منضوين في الحزب الشيوعي السوداني والتنظيمات النقابية المتحالفة معها وخلافاً لأغلب التنظيمات السياسية فان الحزب الديمقراطي بدلاً من تبني قضية جنوب السودان راى عكس ذلك وهي أن المشكلة التي تعاني منها الجنوب هي مشكلة السودان كلها ، وعملت الحزب الديمقراطي على اقامة محور معارض لحزبي سانو وجبهة الجنوب الداعين الى الانفصال ومنح الجنوبيين حق تقرير المصير . وبجانب الحزب الوطني الديمقراطي هنالك ايضاً يوجد حركة العمل الوطني المعروف بـــ( نام ) والتي تأرجحت مواقفها ما بين الدعوة الى الانفصال والوحدة لكنها تبنت الدعوة الى بناة دولة اشتراكية في الجنوب اولاً ومن ثم اتخاذها كقاعدة انطلاق في وقت لاحق للاستيلاء على السلطة في الشمال وتوحيد الشمال والجنوب .
موقف حركة نام اشبه بالمواقف التي تبنتها فيما بعد و اثناء التفاوض نخب سودانية وهي القول بان السودان سيتوحد بعد استقلال جنوب السودان وهذا ما لم او يمكن تخيله . استطاع قرنق من خلال مشروع السودان الجديد الذي وجد معارضة شديدة من قبل الشمال وخاصة المؤتمر الوطني الحاكم في السودان وفي الجنوب حيث ظل اغلب الذين يحيطون بقرنق من قادة عسكريين وسياسيين يعارضون فكرة السودان الجديد الذي بالنسبة لهم يستبعد استقلال جنوب السودان وهذا ما ادى الى انقسام الحركة الشعبية في العام 1991م بقيادة كل من رياك مشار ولام اكول ولقد برروا انشقاقهم ذلك بدعوة ان قرنق لا يريد استقلال جنوب السودان لكن في حقيقة الامر لم يكن هذا هو السبب الحقيقي لانشقاقهم في تلك الاوقات بل ان سبب انشقاق الدكتورين هي اسباب سلطوية وشخصية بحتة وهذا ما يمكننا ملاحظتها في كتاب لام اكول الثورة الشعبية لتحرير السودان وحاول لام في كتابه ذاك تضخيم ذاته اكثر من الدور الحقيقي الذي كان يقوم بها و لم يترك بيتر ادوك في كتابه سياسات التحرير في جنوب السودان شاردة وواردة لم يذكرها أن تلك الفترة .
فلقد اوضح الاخير ( بيتر ادوك ) بان انشقاقهم ( د. رياك ، د. لام ، د. ادوك ) لم يكن له علاقة بقضية جنوب السودان بل يرجع الامر الى غرور دكتور لام الذي كان يرى بانه احق بقيادة الحركة الشعبية ولقد استخدم د. رياك مشار فيما بعد بنصيحة من قبل بيتر ادوك ، لان رياك كان يتمتع بتأييد كبير وسط النوير ، ويقول ادوك في كتابه سياسة التحرير " إن الثامن والعشرين من اغسطس 1991م سيكتب في تاريخ جنوب السودان كأهم يوم مفرد عندما تلقت أمال الشعب في الحرية والعدالة صفعة قوية على ايدي ابناءها . إن اضعف لحظات الحركة تحولت الى دافع للصراع على السلطة من قبل اقدر ابناءها . كان صراعاً على السلطة مدفوعاً بتمنيات وتشجيع ممكن من العدو ... " ( بيتر ادوك ، سياسة التحرير في جنوب السودان – نظرة مطلع ، 2005م صــــ 154 – 155 ) .
وفي رسالة من لام الى بيتر ادوك يقول فيها " .. إن قرنق كان يستغل وطنية شعبنا من اجل غاياته الشخصية . لقد اتى الوقت لنقول له كفى يعني كفى . إن الدكاترة من صنفه يتعلمون بالطريقة الصعبة ... " ( ن.م صـــ 157 ) ، كان تأسيس الديمقراطية وحقوق الانسان المفقودة داخل الحركة الشعبية هي واحدة من ابرز ما دعت الاثنين للقيام بمحاولتهم تلك لكن الاحداث فيما بعد تثبت أن كل من لام اكول و رياك مشار فشلوا في ترسيخ تلك المبادئ في تجربتهم السياسية والعسكرية ، و أنهم استغلوا وطنية الشعب الجنوبي من اجل غاياتهم الشخصية؛ أن انشقاق الناصر كانت ضرورة حتمية بالنسبة للتناقضات التي كانت تجسدها الحركة الشعبية في هيكلتها ومنظومتها السياسية التي تضم اصحاب تصورات مختلفة مثل لام اكول فعندما انضم للحركة وفقاً لما سرده في كتابه فهو لم يكن مقتنعاً بفكرة مشروع السودان الجديد و وحدة السودان ، لكنه كان يريد ان يستغل الحركة الشعبية كقاعدة .
قلة فقط كانوا حول قرنق كانوا يؤمنون بمشروع السودان الجديد وهم من يسمون اليوم باولاد قرنق ، لكن قرنق استطاع أن يحشد حوله ليس فقط الجنوب بل السودان بكاملها ، وفي استقباله بعد التوقيع على اتفاقية السلام الشامل برهن قرنق بانه استطاع ان يجمع كامل الوطن حوله ، وان مشروعه السودان الجديد قد وجدت صدى ومكانة في قلوب السودانيين ، ويدعوا مشروع السودان الجديد بالاعتراف بالتنوع الذي يتمتع بها السودان ، والاعتراف بثقافات الشعوب السودانية المختلفة دون محاولة فرض ثقافة او هوية محددة لكامل السودان ، وذكر بانه لا يحارب العروبة و الاسلام لان العروبة و الاسلام من المكونات الاساسية للهوية السودانية ، استطاع قرنق ان يصل بالسودان الجديد الى ابعد مدى يمكن ان يصله مشروع سياسي و اصبح على لسان كل ثلاثة من كل خمسة مواطنين سودانيين و اصبحت مادة اساسية للكتاب والباحثين .
وحول مشروع السودان الجديد والطرح السياسي للحركة الشعبية يقول ضياء الدين بلال في كتابه ( جنوب السودان بين سلفا و قرنق ) " أن الحركة الشعبية لتحرير السودان التي انطلقت من جنوبي البلاد من منطقة بور في مايو 1983 تعتبر من اكثر الحركات السياسية والعسكرية السودانية المعاصرة تاثيراً من حيث سرعة انجازها لمجموعة متغيرات راديكالية على واقع الخطاب السياسي السوداني ، بما فرضته على هذا الخطاب من مفاهيم ومصطلحات ذات بريق جاذب ، مثلت الحامل الثوري لخطابها السياسي ، والذي استطاعت عبره أن تجتذب كثيراً من القوى الاجتماعية لتسير على نهجها في التعريف عن نفسها عبر حرب العصابات الخاطفة ، المصحوبة بدعاية سياسية سريعة التسويق وفاعلة العدوى ، وذلك على مستويات جماهيرية متعددة تفصلها الجغرافيا وتبعدها السياسة والتصورات الاف الاميال عن الخرطوم " ويضيف بلال " الغريب جداً أن كل المناطق التي حددتها الحركة الشعبية من اول يوم كمناطق لتمدد نفوذها ولِعونها في مواجهة الحكومة في الخرطوم ، قد استطاعت الحركة في اقل من خمسة عشر عاماً أن تدخلها في المعركة ضد الحكومات المركزية المتعاقبة التي وجدت نفسها مبعثرة الجهود ومقطعة الانفاس " ( ضياء الدين بلال - جنوب السودان بين سلفا وقرنق – الطبعة الاولى 2010 ، صـــ 19-20 )
لكن فيما بعد 2011م واستقلال جنوب السودان انزوت مشروع السودان الجديد من المشهد السياسي ولم يعد واحد من كل خمسة من المواطنين الجنوبيين يتحدث عنها ، وفي نفس الوقت دخلت البلاد في نفس الحروب التي قاتل قرنق ضدها و اصبحت القبلية والقبيلة هي السمة الاساسية للممارسة السياسية في جنوب السودان وبذلك يمكن القول بان مشروع السودان الجديد تراجعت وفشلت في جنوب السودان ويقول ضياء الدين بلال بأن الحركة الشعبية عندما كانت تحت قيادة زعيمها الراحل الدكتور جون قرنق استطاعت ان تقطع شوطاً مقدراً في سياق تنفيذ استراتيجياتها ، وحددت بصورة مباشرة من هي عدوها المباشر ومن هم اعداؤها المحتملون ، لكن الامور فيما بعد قرنق اختلف وتخبط الحركة الشعبية حتى لم يعد لها أي برامج تذكر او رؤى واضحة المعالم .
استطاع السودان بعد الازمة التي واجهت الحركة أن تعزل السودان الجديد عن بقية السودان بعد استقلال جنوب السودان رغم أن الحركة الشعبية قطاع الشمال ما زالت تقاتل الحكومة السودانية لكن ليس من المعروف ان كانت ما زالت ملتزمة بالسودان الجديد كمشروع وطني فأحداث الحرب الاهلية في جنوب السودان اساءت بشدة للمشروع و اصبح كل ما دعت الحركة لها اكذوبة و اخدوعة ( خدعة ) وبذلك ربما اصبح يفكر قطاع الشمال بصورة جدية في فصل نفسها من السودان الجديد وكل ما له علاقة بجنوب السودان لتكسب الشارع السوداني الذي ربما يخشى حرباً مماثلة ستقع لو وصلت قطاع الشمال الى السلطة في الشمال . لم ينجح المؤتمر الوطني فقط في عزل الحركة الشعبية عن الشمال والسودان كدولة بل نجحت ايضاً من عزلها عن جنوب السودان و اصبح الحركة الشعبية وحش بالنسبة للمواطنين الجنوبيين و ليسوا مستعدين لسماع شيء عنها ولقد برهنت العديد من الفعاليات التي نظمتها الحركة الشعبية بان المواطن لم يعد يحفل بالحركة فلقد سبقت ونظمت الحركة الشعبية قبل التوقيع على اتفاقية السلام الحالي مسيرة سمتها بالمسيرة المليونية ضد السلام لكن حضور المسيرة كانوا بالمئات فقط .

المشروع الحضاري :
منذ وصول المؤتمر الوطني الى الحكم عبر انقلاب عسكري في العام 1989م بدأت تضع ملامح اساسية لشكل الدولة السودانية التي تريدها ولم يبدأ ذلك فقط بوصولها الى السلطة بل بدأت قبل ذلك بوقت طويل ، وتبنت الحركة الاسلامية السودانية كافة الاساليب الوحشية التي انتهجتها الانظمة السودانية التي سبقتها في محاربة الجنوب المسيحي الافريقي ، فبالنسبة لهم فان وجود الجنوبيين في السودان شوهت صورة السودان العربية ويقول احد قادة المؤتمر الوطني بان الاثيوبيين المسلمين اقرب لهم من الجنوبيين الذين كانوا يشاطرونهم الوطن ، لم يوضح ذلك المسئول ما يقصده بقرب الاثيوبيين لكن الاقرب الى فهمه ربما يقصد القرب والبعد اللوني ، و وضعوا ( الحركة الاسلامية السودانية ) المناهج الدراسية على اساس ان تكون العربية هي لغة التعليم ولغة الدولة وبالتالي لغة لا بد للجنوبي ان يتعلمه لو كان يريد ان يتلقى قدراً من التعليم .
ولقد راى الجنوبيين بانها محاولة شمالية لطمس الثقافات الجنوبية ودفعهم لاعتناق الدين الاسلامي وبالفعل كانت مشاريع الاسلمة تتم بكافة السبل الممكنة ومنها القهر النفسي او عن طريق الاغراء بالمال وغيرها من الوسائل ، وتلك السياسات جعلت بعض الجنوبيين يعتبرون لغاتهم ولونهم الاسود بانها مصدراً للعار لهم وفي ظل تلك الاجواء ازدهرت تجارة الادوية فاتحة للون خاصة من قبل الفتيات الجنوبيات و تم منع زواج الجنوبيين من الشماليات بينما كان نظراءهم الشماليين يتزوجون من الجنوبيات دون عوائق ، فقط أن تعتنق الفتاة الجنوبية الاسلام ، وفي حربها ضد الجنوب استعان الحكومات السودانية وخاصة المؤتمر الوطني بالدول الاسلامية والعربية لمساعدتها في حربها ضد الجنوب الافريقي فهبت العديد من الدول العربية و الاسلامية لنجدتها مثل العراق في عهد صدام حسين و ايران ومصر وسوريا والسعودية وغيرها من الدول الاسلامية .
وفي نفس الوقت وجد الجنوبيين الدعم من الدول الافريقية وفي احد الزيارات التي قام بها جون قرنق لأحد البلدان الافريقية بكى رئيس ذاك الدولة بحرقة لان قرنق بالنسبة له كان يقاتل ويدافع من اجل افريقيا ضد العرب والمسلمين ولكن لو استطاع أن يعرف ما في نفس قرنق او قرأ المشروع السياسي للحركة الشعبية لعرف ان قرنق لا يتفق معه وانه لا يحارب العروبة و الاسلام ، و لم يتوانى من زيارة القاهرة و اهراماتها وعندما سئل عن شعوره قال بأنه يشعر بحال افضل وبحيوية ، لانه يقف امام واحد من اعرق الحضارات الافريقية والتي عرفتها الانسانية ، فمن مصر ارسل قرنق رسالتين الاولى هي أنه لا يحارب العروبة ، فكيف له ان يحارب العروبة بينما هو في مصر قلب الامة العربية و الاسلامية والرسالة الثانية هي أنه مع احترام التنوع التاريخي والمعاصر للدولة السودانية ، وتاريخ مصر الفرعوني لها ارتباط وثيق مع تاريخ الدولة السودانية ودولة كوش التي تمثل جوهر مشروع قرنق ، ولقد اشار الشيخ انتا ديوب كثيراً للتاريخ المشترك بين مصر والسودان في كتابيه ( الاصول الزنجية للحضارة المصرية ) و ( الامم الزنجية والثقافة ) .
و قرنق كان يدرك جيداً بأنه لا سبيل له للانتصار في حربه ضد الحركة الاسلامية السودانية التي تسعى لاستئصال الماضي السوداني وتاريخه الزاخر بإدعاء عروبة و اسلامية الدولة السودانية إن لم يقابل اداوت المؤتمر الوطني بمقابل لها وهكذا هي حروب الصدع كما جاء في كتاب صموئيل هنتغتون في كتابه الشهير ( صراع الحضارات ) ، حيث تهب كل حضارة لنجدة نسيبتها ضد الاخرى مثل حرب جنوب السودان الذي وقف فيها الدول الغربية بجانب جنوب السودان لانها قطر مسيحي بينما وقفت كافة الدول العربية و الاسلامية بجانب السودان في حربها ضد الجنوب الافريقي المسيحي . ويقول هنتغتون حول حروب الصدع " إن النزاعات الطائفية وحروب خط الصدع هي قوام التاريخ ، وذكرت احدى الاحصاءات أن بضعة إثنين وثلاثين نزاعاً حدثت في اثناء الحرب الباردة ، بضمنها حروب خط صدع وقعت بين العرب و الاسرائيليين وبين الهنود والباكستانيين وبين السودانيين المسلمين والسودانيين المسيحيين ... " ( صموئيل هنتغتون ، صراع الحضارات و اعادة بناء النظام الدولي ، صــ 366 )
ويضيف " في افريقيا ساعدت السودان بانتظام الثوار الاريتريين المسلمين الذين يحاربون اثيوبيا ، و رداً على هذه المساعدة كانت اثيوبيا تقدم الدعم السوقي والملاذ الى المسيحيين الثائرين الذين يحاربون السودان . واستلم هؤلاء الثائرين المسيحيين كذلك عوناً مشابهاً لذلك جاءهم من اوغندا الامر الذي يعكس في جانب كبير منه روابطها الدينية والعنصرية والعرقية القوية مع الثائرين السودانيين ، ومن الناحية الاخرى حصلت الحكومة السودانية على 300 مليون دولار دفعت ثمناً لاسلحة صينية جاءتها من ايران ولقاء تدريب جرى على ايدي مرشدين عسكريين ايرانيين ، الامر الذي مكن الحكومة السودانية من شن هجوم كبير ضد الثوار في سنة 1992م ، فقامت مجموعة متنوعة من المنظمات المسيحية الغربية وقدمت المواد الغذائية والطبية ومؤن وحسبما قالته الحكومة السودانية ، فانها قدمت حتى الاسلحة للثوار المسيحيين " ( ن.م صـــ 397 ) .
وما ذهب اليه هنتغتون حول دعم الغرب للجنوبيين في حربهم ضد المسلمين هو ما ذهب اليه صبري الشفيع طلحة في كتابه ( من هو الدكتور منصور خالد ومن هو الدكتور جون قرنق ) ويقول " .. بحسب منفستو الحركة اراد قرنق إقامة دولة اشتراكية و اراد وقف تفكك السودان .. وبعدها اصبح قرنق امريكي الهوى " ويضيف " .. منظور قرنق لسودان الـــ 31% وهم العرب المسلمون من سكانه ، انهم موحدون بالاسلام ، في مواجهة الاغلبية الافريقية ، نرد على هذا المنظور لقرنق انه يريد قلب المعادلة بتوحيد الجنوبيين بعاطفة المسيحية في مواجهة الشمال العربي الاسلامي ، فالدين حاضر في طرح قرنق ، و هو اساس اسطورته عن السودان الجديد و إن انكر ، استخدم قرنق الانجيل مخاطباً الغربيين المسيحيين ( عرابي اتفاقية نيفاشا ) والحاضرين عند التوقيع على الاتفاقية ، واستخدم المسيحية و الزنوجة في مخاطبة شعبه الجنوبي مستثيراً لعواطفه وفق رؤية خاصة اسطورة تجعل من الجنوب عنصراً فاعلاً في حضارة السودان النوبية . والعبارات التي استخدمها قرنق في خطابه عند التوقيع على اتفاقية نيفاشا تحمل طابع صدام الحضارة العلمانية المسيحية الغربية الزنجية ممثلة في الجنوب ، مع الحضارة العربية الاسلامية ممثلة في الشمال ، او على وجه التحديد من يصفهم بالعرب " ( صبري الشفيع طلحة ، من هو الدكتور منصور خالد ومن هو الدكتور جون قرنق – الغوص الى الاعماق ؟ ، 2013 ، صــــ 136 )
ندرك من خلال السرد السابق بأن الحكومات السودانية المتعاقبة ونخبتها لم يكن يحاربوا فقط متمردين في جنوب السودان بل كانوا يحاربون المسيحية ويحاربون افريقيا من خلال محاربتهم للجنوبيين ، و في احد التصريحات الصحفية عقب حرب هجليج قال الرئيس سلفاكير بأن الدول الافريقية يعتقدون بانهم ( جنوب السودان ) يحاربون فقط الحكومة السودانية دفاعاً عن سلامة اراضيه وسيادتها لكنهم يدافعون عن افريقيا وعن المسيحية و هذا يعني انهم يقاتلون من اجل افريقيا ومن اجل المسيحية ، و اثناء اشتداد الحرب بين الجنوب والسودان في حرب فانطاو في العام 2012م لجأ الحكومة السودانية الى جامعة الدول العربية لتصدر بياناً ضد ما سمتها بانتهاك جيش جنوب السودان لأراضيها وبالفعل فعلت جامعة الدول العربية وسارعت الحكومة بطرد مندوب الجامعة العربية من جنوب السودان ، لجأت السودان الى جامعة الدول العربية وليس الى الاتحاد الافريقي ، اما جون قرنق والحركة الشعبية رغم أنها ضمت في معيتها عدد كبير من الشماليين لكن لا يمكن القول أن قرنق لم يكن يدرك طبيعة الحرب الحضارية الذي يقودها ، لكنه اراد التكيف مع ادوات الصراع .
و يمكن القول بان نظام المؤتمر الوطني باستقلال جنوب السودان قد استطاع ان يحرز نجاحاً كبيراً في طريق تنفيذ مشروعها الحضاري الذي يعمل لإعادة تشكيل الدولة السودانية حيث يكون للثقافة الاسلاموعروبية الاولوية في الدولة وعلى بقية المكونات في دارفور والنيل الازرق وجبال النوبة الانزواء والانصهار في دولة المشروع الحضاري وكانت الحركة الشعبية بمشروعها السودان الجديد اكبر عائق امام تنفيذ هذا المشروع ولم يتوقف المؤتمر الوطني فقط على التصورات بل بدأت في التنفيذ على المناهج من مرحلتي الاساس والثانوي والتعليم العالي و وفقاً لتقارير صحفية يعتقد أن الحكومة السودانية سعت لتوطين لاجئين فلسطينيين في دارفور في عمليات احلال و ابدال .
إن اردنا اجراء مقارنة بين المشروعين السودان الجديد والمشروع الحضاري فأن السودان الجديد لم يعد لها اثر وبقيت افكاراً فقط يحملها قلة فقط في جنوب السودان و في السودان ولقد تم محاربة مشروع السودان الجديد ليس فقط من قبل الشماليين والحركة الاسلامية السودانية بل من قبل النخب الجنوبية بمختلف فئاتها وكانت ترى فيها خطراً يتهددهم ، وفي جنوب السودان نجد ان الحرب الاهلية دمرت البلاد واستشرت الفساد والجريمة وغياب مؤسسات حقيقية للدولة والقبلية حيث يوجد نخب قبيلة معينة يجدون انفسهم كقبيلة افضل من بقية مكونات الدولة في وضع اشبه بالوضع السابق في السودان حيث كان يجد السودانيين المنحدرين من اصول عربية انهم افضل من بقية مكونات السودان والبقية عبيد وهذا يعني أنه تم استنساخ نفس المشروع في جنوب السودان . من الغريب أن فكرة افضلية قبيلة على بقية مكونات الدولة يتم ترسيخها وتعزيزها على نطاق واسع في البلاد .
اما بالنسبة للمشروع الحضاري فنجدها قد حققت نجاحاً وللمؤتمر الوطني اجهزة حزبية راسخة يمكنها من متابعة تنفيذ المشروع ومن خلال وجودها في الدولة و تخلخلها في كافة مناحي الدولة ووسط الفئات والشرائح المختلفة في الدولة وفي نفس الوقت استطاع الحركة الاسلامية السودانية استئصال الجنوب الذي كانت عقبة امامها و امام تنفيذ المشروع العروبي الاسلامي و اصبح الجماعات التي تواجه تلك التوجهات في السودان اليوم مجموعات مازالت ضعيفة حتى الان لتواجه المؤتمر الوطني ومازال امامها مشروع طويل وبالتالي يبدوا أن المشروع الحضاري تتحقق بوجود واستمرار المؤتمر الوطني في الحكم لكن ليس هنالك ضمانات في استمرار تنفيذها في حال خرجت من السلطة لكن رغم وجود الحركة الشعبية على راس السلطة في الجنوب فانك لا تكاد ترى اثراً للسودان الجديد سوى كان في الحياة اليومية او في الممارسة السياسية او في صفحات الصحف بل أن كافة ما حاربت ضدها الحركة الشعبية موجودة اليوم في جنوب السودان .

حرب جنوب السودان وحرب السودان :

حرب السودان :
تحارب الحكومة السودانية جماعات مسلحة عديدة في السودان مثل الحركات الدارفورية ولكن استطاع المؤتمر الوطني والحكومة السودانية من شق صفوفها بتوقيع اتفاقيات لا تجد حظها من التنفيذ و اغراء قادتها بالمال او بالسلطة ، بجانب مقاتلتها للحركة الشعبية والجيش الشعبي قطاع الشمال والتي كانت جزء من الجيش الذي كان يقاتل بها الجيش الشعبي لتحرير السودان والتي اصبحت القوات المسلحة لجنوب السودان بعد استقلالها ، ووفقاً لمسئولين في حكومة جنوب السودان فانهم قد قاموا بفك ارتباطهم مع تلك القوات عقب الاستقلال لكن الحكومة السودانية في العديد من المرات طالبت بأهمية ان يقوم جنوب السودان بفك ارتباطها بقوات قطاع الشمال وفي اكثر من معركة مع تلك القوات في مناطق متفرقة في كردفان اتهمت جنوب السودان بدعم تلك القوات لتهاجم القوات السودانية و مدنها .
وفي احد التصريحات الصحفية هدد مدير جهاز الامن الوطني والمخابرات بانهم سيلاحقون المتمردين الى داخل حدود جنوب السودان في حال استمرت دعم جنوب السودان لتلك القوات ويقول الجيش وقوات الدعم السريع التابعة لجهاز الامن والمساندة للجيش في الحرب ضد التمرد ستلاحق المتمردين داخل اراضي جنوب السودان و اضاف ان الخرطوم صبرت كثيراً على دولة الجنوب وهي تأوي الحركات المسلحة للانطلاق منها لزعزعة استقرار الاراضي السودانية وذلك احتراماً للجوار واتفاق التعاون المبرم بين البلدين في العام 2012م وتابع حان الوقت لملاحقة المتمردين الذين يعتدون على بلادنا من داخل اراضي جنوب السودان .
بالنظر الى تطور الاوضاع فيما بعد فيمكن القول بان السودان قد احرزت نجاحاً منقطع النظير في تحييد جوبا في صراعها مع جماعاتها المسلحة خوفاً من إغضاب السودان ، ويبدوا أنها استطاعت أن توصل رسالة الى جوبا مفادها لا تلعبوا بالنار وجوبا لا تريد اللعب بالنار بكل تاكيد ، وقدمت جوبا تنازلاً تلو الاخرى لكن الخرطوم لا تفعل المثل بل تطالب دائماً بالمزيد ومع ذلك ايضاً لقد استطاع الخرطوم أن تحصر القتال في مناطق بعيدة من قلب الخرطوم وهي مدركة جيداً لمخاطر نقل الحرب الى قلب العاصمة السودانية كما فعلها من قبل حركة العدل والمساواة في العام 2008م وكما تمكنت من ابعاد أي دور خارجي في الازمة السودانية وصراعها المسلح مع قطاع الشمال او الجبهة الثورية ولم يعد حديث المجتمع الدولي داوياً كما كانت في السابق .


حرب الجنوب :
في جنوب السودان وبعد عامين فقط من استقلالها دخلت في حرب اهلية شرسة نجمت عن صراع السلطة وسط قادة الحركة الشعبية وانتقلت بدلاً من ان تظل صراعاً سياسياً اصبحت صراعاً عسكرياً ومن ثم الى حرب قبلية ، وتلك الحرب لا يمكن ابعاد الايادي السودانية منها والتي ظلت تعمل منذ اتفاقية السلام 2005م على اضعاف الحركة الشعبية فقد لعبت الحكومة السودانية والمؤتمر الوطني دوراً كبيراً في صراعات الحركة الشعبية بعد اتفاقية السلام و اثناء الفترة الانتقالية مثل الصراع الذي انتهى بالعديد من القادة الكبار للحركة ان يقرروا ترك العمل السياسي و لو مؤقتاً ويتخذوا من الخارج ملجأ لهم مثل خروج ياسر عرمان و نيال دينق نيال وبرروا خروجهم ذلك بانها للدراسة ولكن انتهى ذلك فيما بعد ، حيث تمكنت الحركة من معالجة خلافاتها الداخلية .
وتم فصل كل من اليو ايانج و تيلارا رينق من الحزب ولام اكول تم اقالته من منصبه كوزير للخارجية لكن الحركة الشعبية لم تكن مرتاحة من الدور الذي لعبه لام اكول وكان مقرب اكثر من اللازم من المؤتمر الوطني حتى ان المؤتمر الوطني ماطل كثيراً في اتخاذ القرار حتى انسحاب وزراء الحركة من حكومة الوحدة الوطنية وتم تدارك الامر باقالة لام وتم تعيين دينق الور في مكانه وزيراً للخارجية لكن لام نفسه لا ينكر ذلك حتى انه في واحد من الزيارات الذي قام بها النائب الاول للرئيس وقتها سلفاكير ميارديت الى الولايات المتحدة فشل لام في ان يتحصل على تاشيرة دخول رغم انه وزير للخارجية ويبدوا ان الحركة لم تكن تريد أن يرافق لام رئيس الحركة الشعبية سلفاكير ولقد اغضب ذلك حزب المؤتمر الوطني والرئيس البشير ، ولم يكن ذلك هي المرة الاولى بل هي المرة الثانية له مع الحركة الشعبية .
و اثناء الانقسام الاخير للحركة الشعبية لم ينكر الحكومة السودانية سعادتها بابعاد من يسمونهم باولاد قرنق من السلطة مثل باقان اموم ودينق الور واعتبرت ان ذلك سيساهم في تطوير العلاقات وعند اندلاع الحرب في الخامس عشر من ديسمبر 2013م سارعت السودان في اليوم التالي و اصدرت بياناً يدين فيها ما اعتبرتها بالانقلاب على حكومة شرعية و اكدت وقوفها مع الحكومة لكن فيما بعد عندما اتضح لها أن الذي يقود التمرد ليس باقان او غيره بل رياك مشار وتعبان دينق قامت بتغيير خطابها ودعمت التمرد وظل حكومة جنوب السودان تتهمها بدعم التمرد وقبل تمرد رياك كانت الخرطوم تقدم دعماً لحركات متمردة على السلطة في جوبا وظلت قضية دعم الحركات المسلحة لدى الجانبين واحد من اعقد القضايا بالنسبة للدولتين .
وفي 14 نوفمبر 2014م اتهم جيش جنوب السودان الحكومة السودانية بقصف مناطق في مقاطعة المابان في ولاية اعالي النيل و اصيب على اثرها 7 اشخاص بينهم طفل وكان ذلك هي القصف الثاني خلال اسبوعين تقوم بها طائرات سودانية في اراضي جنوب و اكد المتحدث باسم جيش جنوب السودان العقيد فيليب اقوير بان هنالك تدابير تتخذ لإسقاط أي طائرة تقوم بانتهاك اجواء جنوب السودان ونفى العقيد الصوارمي المتحدث الرسمي باسم الجيش السوداني تلك الاتهامات وظلت السودان تنكر دوماً هذه الاتهامات وقال اقوير أن طائرات سودانية قامت بقصف اراضينا في اعالي النيل وغرب بحر الغزال وذلك اثناء زيارة الرئيس سلفاكير للخرطوم .
الخرطوم تحارب متمرديها وتفاوضهم في حرب السودان اما في جنوب السودان في حرب استمرت لمدة عامين انتهك فيها طرفي الصراع حقوق الانسان وتم تدمير البنية التحتية الضعيفة وتوقفت بعض الابار المنتجة للنفط في ولاية الوحدة وتراجعت الانتاج في حقول اعالي النيل ، فبينما يزداد الزخم الدولي والدبلوماسي في الحالة السودانية الذي يشارك السودان في التحالف العربي الذي كونتها السعودية ضد الحوثيين ، في اليمن تتراجع الدعم المقدم لجنوب السودان سواء كان اقتصادياً او دبلوماسياً وسياسياً والحكومة تواجه عزلة دولية خاصة بعد التوقيع على اتفاقية للسلام يواجه عقبات عديدة في التنفيذ ، بعد أن اصدر الرئيس كير قرارات بانشاء ولايات جديدة وتعيين حكام لثمانية عشرون ولاية عكس ما تنص عليها اتفاقية السلام التي نصت على عشرة ولايات فقط . الخرطوم لم تعد تواجه ضغوطات دولية تذكر اما جنوب السودان فان الضغوطات تاتي اليه من كل صوب ومؤخراً اعلنت لجنة خبراء تابعة للامم المتحدة تقرير اتهمت فيها مسئولين كبار في الحكومة بالمسئولية عن انتهاكات وجرائم وقعت اثناء الحرب التي جرت في البلاد .


محاولة مصارعة الكبار :
بدأت الولايات المتحدة توقف دعمها رويداً عن جنوب السودان وتسحب دعمها من الحركة الشعبية لتحرير السودان وذلك بعد ان دخلت الحكومة في العديد من الحروب الداخلية خاصة الحرب في جونقلي الذي كانت تقودها الحكومة ضد متمردي ديفيد ياو ياو . وكان مسئولين بالكونغرس طالبوا الحكومة بوضع حد لتلك الحرب وحذروا من خطورة الانتهاكات التي ترتكب ضد حقوق الانسان في تلك المناطق ، وبعدها بدأت صراعات الحركة الشعبية تطل برأسها وما ساهمت في سوء العلاقة بين البلدين هو أن المجموعة التي اصبحت في حالة صراع مع المجموعة التي في السلطة وهم من يسمون باولاد قرنق ( باقان اموم ، دينق الور ) وكان نيال دينق يعتبر من هؤلاء من قبل لكنه اثناء هذا الصراع اوضح بانه ليس جزءاً منهم وابعد أي شبهات عنه وانخرط في دعم سياسات الحكومة حتى اصبح كبير مفاوضيها ومع ذلك يبدوا أنه ليس محل ثقة وما زال ينظر اليه باعتباره جزءاً من المجموعة و نيال يتعامل بحذر معهم منتظراً أن ينال الثقة الكاملة .
بعد تحول صراع الحركة الشعبية الى المواجهة العلنية والعسكرية و اصبح مجموعة اولاد قرنق ضد السلطة في جوبا وامتدت رقعة الحرب الى كافة ارجاع البلاد ، رغم أنهم رفضوا اتخاذ السلاح كوسيلة لهم ، غير انهم استطاعوا استخدام علاقاتهم الدولية المتشابكة على المستوى الدولي في اوروبا والولايات المتحدة وفي افريقيا في تقييد تحركات الحكومة الدولية وقامت بتعريتها على المستوى الدولي ولما لا ؟ فلقد كان باقان اموم اميناً عاماً للحركة الشعبية ، ووزيراً للسلام ومن ثم مستشار للرئيس كير للعلاقات الخارجية ومسئولاً من ملف التفاوض مع السودان .
اما دينق الور فلقد كان مسئول مكتب اتصال الحركة الشعبية في اديس ابابا لوقت طويل ، ووزير شئون مجلس الوزراء في حكومة الوحدة الوطنية ووزير الخارجية ومن ثم وزير التعاون الدولي ووزير خارجية مكلف ، كما أن وجود ماما ربيكا نياندينق حرم دكتور جون قرنق بالقرب منهم ودعمها لمواقفهم بما تتمتع بها من احترام على مستوى القارة الافريقية باعتبارها زوجة واحد من ابطال التحرير في افريقيا فلقد استطاعوا من نسج شبكة من العلاقات مع المجتمع الدولي و الاقليمي وعزل الحكومة ، أن عدم وجود هؤلاء في السلطة مكنت الولايات المتحدة من اتخاذ سياستها المصادمة ضد الحكومة في جوبا ووقفت خلف الولايات المتحدة الدول الاوروبية والمنظمات الدولية مثل الاتحاد الافريقي و الامم المتحدة ومجلس امنها .
وفي إطار السياسة التصادمية لامريكا ضد الحكومة في جوبا فانها قامت بتقييد تحركات الحكومة للاستدانة من البنوك الدولية والدول و اخرها كانت القرض الذي يبلغ ثمنها 500 مليون دولار من البنك القطري وفشلت الحكومة في الحصول على تلك الغرض و لا بد أن امريكا تقف خلف ذلك ، وكانت الحكومة قد ذكرت اكثر من مرة على لسان اكثر من مسئول أنهم ليسوا في حاجة لدعم المجتمع الدولي ويقصد بها امريكا لانها تربط المساعدات بتنفيذ اجندة سياسية يجعلهم يتدخلون في سياسات جنوب السودان الداخلية ، مبرهنين على انهم سيعتمدون على عائدات النفط .
ووقتها كان سعر برميل النفط يبلغ ما يقارب المائة وخمسين دولار للبرميل ، وفي تلك الاثناء كانت الحكومة قد بدأت تلمح بابتعادها عن الولايات المتحدة وتقاربها مع روسيا باعتبارها العدو التاريخي لامريكا وفي نفس الحين كانت الخلافات تشتد بين امريكا و روسيا حول التدخل الروسي في الازمة الاوكرانية وسيطرتها بواسطة القوة العسكرية على منطقة القرم فقامت بفرض عقوبات اقتصادية على روسيا وهي ما ادت فيما بعد الى ازمة الروبل وتدهورها و ادت الى ازمة اقتصادية واستطاع موسكو تداركها .
ان ازمة اسعار النفط في السوق العالمي بدأت تظهر منذ أن بدأت المواجهة الامريكية الروسية في اوكرانيا و في اطار العقوبات الاقتصادية على روسيا ركزت الولايات المتحدة على الصناعة النفطية التي تعتمد عليها بشكل كبير الاقتصاد الروسي وبمعاونة بعض الدول في الشرق الاوسط مثل السعودية وبعدها بدأت اسعار النفط تتهاوى ، و اهتزت بشدة الصناعة التي طالما كانت تعتمد عليها حكومة جنوب السودان لاستمرار حربها ضد المتمردين ومقاومة الضغوطات الامريكية ، لكن يبدوا انها بدأت تدرك بان ذلك امراً صعباً وقد وصلت سعر البرميل الى ما دون الثلاثون دولاراً بينما السودان يأخذ 24.5 دولار على كل برميل بينما انتاج جنوب السودان من النفط هي قرابة 166 الف برميل يومي وفقاً للإحصاءات التي تقدمها الحكومة ، رغم أن الحكومة توصلت لاتفاق جديد حول رسوم عبور النفط لكن ستظل اسيرة سياسات الخرطوم طالما أن علاقاتها سيئة مع امريكا .

الابتزاز السوداني :

اثناء المفاوضات المارسونية بين جنوب السودان والسودان في اديس ابابا حول القضايا العالقة بين الدولتين وخاصة حول قضايا الحدود والجنسية ومنطقة ابيي والعملة وتصدير النفط وغيرها من القضايا استغلت الحكومة السودانية الخلافات التي كانت تموج بها الحركة الشعبية الحاكمة في جنوب السودان على مستواها القيادي ، مارست الحكومة السودانية ضغوطات على جنوب السودان لتقدم تنازلات في اغلب القضايا بينما تمسكت هي بمواقفها ، وظلت تقوم بضربات جوية بواسطة طيرانها الحربي على جنوب السودان وتتدخل في مناطق حدودية تابعة لجنوب السودان ورفضت اقامة استفتاء في منطقة ابيي رغم المحاولات الافريقية و الالية الافريقية رفيعة المستوى ، وقد انتهت ذلك الى حرب عندما اوقفت جنوب السودان انتاجها النفطي لاتهامها السودان بسرقة النفط الذي يمر عبر اراضيها و لم ينكر الحكومة السودانية قيامها بذلك وبررتها بأن جنوب السودان لها عدة شهور لم تدفع مستحقاتها من رسوم العبور واستخدام المنشات النفطية في الشمال .
وبعد أن كثرت التحركات السودانية ومهاجمتها لمدن حدودية في جنوب السودان وفي هجوم للجيش السوداني ضد الجيش الشعبي قامت الاخيرة برد الهجوم ودخلت منطقة فانطاو التي تحتلها الحكومة السودانية و قامت بطرد القوات السودانية منها ، و نتيجة للضغوطات الدولية على جنوب السودان من قبل امريكا والاتحاد الافريقي قام جنوب السودان بسحب جيشها من المنطقة وفي سبتمبر من العام 2012م اي بعد 5 اشهر تقريباً من حرب فانطاو توصلت الدولتين الى اتفاق سميت باتفاقية التعاون المشترك وكان ابرز القضايا التي تم التوصل الى اتفاق حولها هي قضية النفط حيث وافق جنوب السودان على دفع ما مجملها 24.5 دولار مقابل كل برميل وما يقارب الاربعة مليار دولار للسودان كمساعدات اقتصادية ، و وفقاً لمصادر كانت مشاركة في تلك المفاوضات فأن اغلب الوفد المفاوض الذي كان يقودهم باقان اموم الامين العام للحركة الشعبية لم يكن راضياً بالاتفاق وبذلك تم اسدال الستار على ملف قضية النفط بين البلدين لكن تم فتحها من جديد .
رغم تلك الاتفاقية غير العادلة التي تمت الموافقة عليها فأن السودان ظلت تتخذ مواقف متشددة في القضايا محل الخلاف بين البلدين ، ولقد قام العديد من المسئولين الحكوميين بزيارات متعددة الى الخرطوم لكن ظلت موقف الخرطوم الثابت هي عدم تقديم اي تنازل الى جوبا مهما كانت و امرت قواتها باغلاق الحدود وعدم السماح بتهريب السلع الى داخل جنوب السودان وكانت الغرض من تلك السياسة هي خلق دولة فاشلة في الجنوب ولقد امر نائب الرئيس السوداني السابق علي عثمان محمد طه بإطلاق النار الحي بغرض القتل لكل من يهرب السلع الى جنوب السودان .
وفي اكثر من مرة حاولت الحكومة السودانية ان تبرهن بانها من تملك مفاتيح الجنوب فتحها و اغلاقها كما فعلت الامم المتحدة من قبل مع العراق واستخدمت سياسة النفط مقابل الغذاء ، فلقد كان النفط يصدر لكن العائد كانت في شكل مواد غذائية وليس نقداً ، وفي اكثر من مرة اعلن الرئيس البشير عن جاهزيتهم لإرسال مواد غذائية و ذرة الى جنوب السودان و اعلن اكثر من مرة عن معاملة اللاجئين الجنوبيين في السودان كسودانيين وليس كأجانب ، وقبل عدة ايام بعد محاولات عديدة من قبل جنوب السودان بإقناع السودان بإعادة فتح ملف النفط للتفاوض خاصة حول الرسوم التي يتحصل عليها من كل برميل ، وفي تصريحات صحفية اعلن الرئيس البشير جاهزيتهم لإعادة التفاوض حول الرسوم ، وبعدها بعدة ايام اعلن الرئيس كير عن سحب قوات الجيش الشعبي في الحدود مع السودان ، والرئيس البشير من جانبه اعلن عن اعادة فتح الحدود بعد اكثر من خمسة سنوات من اغلاقها .
من الواضح ان السودان ليس جاداً في تطبيع العلاقات مع جنوب السودان لانها تدرك بان الاخيرة ستقدم التنازلات تلو الاخرى ، ولن يتنازل السودان كثيراً في ما يتعلق بالرسوم التي تتحصل عليها من تصدير النفط عبر اراضيها كما انها ليست مستعدة لفتح ملف منطقة ابيي ، وليست مستعدة لفتح اي ملف لا توافق عليها ، لكن جوبا تفعل كل ما تطلبها منها الخرطوم في ظل الاوضاع السياسية والاقتصادية الصعبة التي تعيشها و لا تقول اي شيء سوى نعم عندما يطلب منها قول نعم مقابل اي مطالب سودانية ، رغم أن المؤشرات تؤكد بان سعر النفط لن يرجع الى عهدها السابق قريباً ، لكنها تريد الفتات التي تقدمها الخرطوم اما الخرطوم فهي تقدم الفتات لجوبا وتحصل على النفط .

الخلاصة :
من خلال الموضوع تحدثنا عن مقارنات بين الحركة الشعبية الحاكمة في جنوب السودان والمؤتمر الوطني الحاكمة في السودان ، خاصة في مشروع السودان الجديد والمشروع الحضاري وما احرزته كل طرف من نجاح وتقدم ، وفي قضايا الحرب في الجنوب والتي بدأت منذ العام 2013م ، والحرب في السودان في مناطق جبال النوبة والنيل الازرق و دارفور والابتزاز السوداني مستقلة الضعف السياسي والاقتصادي والمؤسساتي لجنوب السودان .
ندرك من خلال السرد بأن الحركة الشعبية تراجعت تراجع كبير في تنفيذ مشروع السودان الجديد او لم يعد تتحدث عنها بالمرة وفي السودان مازال المؤتمر الوطني تمضي قدماً في تنفيذ المشروع الحضاري رغم ما طالت المنطقة العربية مؤخراً من ربيع عربي و الاطاحة بحكم الاخوان المسلمين في مصر والتي كانت تمثل اكبر دعم بالنسبة للمؤتمر الوطني ومع ذلك لا يمكن اغفال أن البلدين يواجهان تحديات مستقبلية كبيرة خاصة في السودان . فالسودان مهددة بالتفكك والانقسام من جديد في دارفور والنيل الازرق وجنوب كردفان ولقد بدأت بعض الحركات تتحدث بصورة علنية عن حق تقرير المصير كما حدث في الجنوب ، وفي جنوب السودان في حال لم يستطيع القادة فيها من الجلوس ووضع الهم الوطني كاولوية فأن جنوب السودان مهددة بالتفكك و الانقسام و أن تتحول الى دولة فاشلة وتعم فيها الفوضى وستكون الوضع فيها اسوء من الوضع في الصومال .
في الجزئية المتعلقة بإعادة العلاقات بين البلدين وفتح الحدود و اعادة التفاوض حول رسوم النفط ، فأننا لا نجد اي مصلحة لجنوب السودان في ذلك سوى ان المستفيد هي السودان و الحكومة السودانية ليست جادة في أن تخلق علاقات حسن جوار وتبادل مشترك للمصالح بين الشعبين لكن ليس امام الحكومة في جوبا بد سوى تقديم تنازلات تلو الاخرى حتى تتغير الوضع السياسي داخلياً و تنصلح وضعها الاقتصادي دون ذلك ستظل تعتمد على الفتات التي تقدمها السودان والسودان ستظل تستفيد من النفط التي تقدمها جوبا .
في كتاب صموئيل هنتغتون ( صراع الحضارات ) نجد أن حرب شمال السودان وجنوب وجدت مكانها الكبير في صدر الكتاب ولقد استند صموئيل كثيراً لاطروحات الحركة الاسلاموعروبية حول اسلمة السودان و الحكم وشكل الدولة السودانية بالاضافة الى اطروحات الحركة الشعبية ومواطني جنوب السودان ذات الاصول الافريقية والمسيحيين وتصادم الحضارات هي جوهر مشروع كتاب هنتغتون ؛ في السودان رغم أن الشيخ حسن الترابي اصبح خارج السلطة غير أنه ما زال يحظى بالاحترام والتقدير من قبل قادة المؤتمر الوطني والحركة الاسلامية السودانية ، وهو راضي بما تم انجازه وما سيتم انجازه وهذا مصدر فخر له ؛ اما في جنوب السودان فأن قرنق خارج السلطة وهو غير راضي بما تم انجازه وليس له امل بأن الوضع سيكون افضل غداً او بعده ، اضافة الى ذلك فهو لا يحظى بالتقدير لما قام بها من جهد فكري وسياسي بل ينظر له باعتباره مصدر تهديد وخطر من قبل قادة الحركة الشعبية .

تمت



#كور_متيوك_انيار (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الحكومة الانتقالية و مصالح دول جوار جنوب السودان
- كيفية الخروج من عنق ال 28 ولاية ؟
- واني إيقا جنرال في معركة السلام
- اردوغان يلعب بالنار
- ماما ربيكا ام الشعب و بطلة افريقيا
- كيف اتخذ الرئيس قراره ؟
- علاقات جنوب السودان و امريكا في عهدي بوش و اوباما ( 31 – 31 ...
- علاقات جنوب السودان و امريكا في عهدي بوش و اوباما ( 30 – 31 ...
- علاقات جنوب السودان و امريكا في عهدي بوش و اوباما ( 29 – 31 ...
- علاقات جنوب السودان و امريكا في عهدي بوش و اوباما ( 28 – 31 ...
- علاقات جنوب السودان و امريكا في عهدي بوش و اوباما ( 27 - 31
- علاقات جنوب السودان و امريكا في عهدي بوش و اوباما ( 26 – 31 ...
- علاقات جنوب السودان و امريكا في عهدي بوش و اوباما ( 25 – 31 ...
- علاقات جنوب السودان وامريكا في عهدي بوش و اوباما ( 24 - 31 )
- علاقات جنوب السودان و امريكا في عهدي بوش و اوباما ( 23 – 31 ...
- علاقات جنوب السودان و امريكا في عهدي بوش و اوباما ( 22 – 31 ...
- علاقات جنوب السودان و امريكا في عهدي بوش و اوباما ( 21 – 31 ...
- علاقات جنوب السودان و امريكا في عهدي بوش و اوباما ( 20 – 31 ...
- الرابحون والخاسرون من الاتفاق النووي الايراني
- علاقات جنوب السودان و امريكا في عهدي بوش و اوباما ( 19 – 31 ...


المزيد.....




- إيطاليا: اجتماع لمجموعة السبع يخيم عليه الصراع بالشرق الأوسط ...
- إيران ترد على ادعاءات ضلوعها بمقتل الحاخام الإسرائيلي في الإ ...
- بغداد.. إحباط بيع طفلة من قبل والدتها مقابل 80 ألف دولار
- حريق ضخم يلتهم مجمعاً سكنياً في مانيلا ويشرد أكثر من 2000 عا ...
- جروح حواف الورق أكثر ألمًا من السكين.. والسبب؟
- الجيش الإسرائيلي: -حزب الله- أطلق 250 صاروخا على إسرائيل يوم ...
- اللحظات الأولى بعد تحطم طائرة شحن تابعة لشركة DHL قرب مطار ا ...
- الشرطة الجورجية تغلق الشوارع المؤدية إلى البرلمان في تبليسي ...
- مسؤول طبي شمال غزة: مستشفى -كمال عدوان- محاصر منذ 40 يوم ونن ...
- إسرائيل تستولي على 52 ألف دونم بالضفة منذ بدء حرب غزة


المزيد.....

- افتتاحية مؤتمر المشترك الثقافي بين مصر والعراق: الذات الحضار ... / حاتم الجوهرى
- الجغرافيا السياسية لإدارة بايدن / مرزوق الحلالي
- أزمة الطاقة العالمية والحرب الأوكرانية.. دراسة في سياق الصرا ... / مجدى عبد الهادى
- الاداة الاقتصادية للولايات الامتحدة تجاه افريقيا في القرن ال ... / ياسر سعد السلوم
- التّعاون وضبط النفس  من أجلِ سياسةٍ أمنيّة ألمانيّة أوروبيّة ... / حامد فضل الله
- إثيوبيا انطلاقة جديدة: سيناريوات التنمية والمصالح الأجنبية / حامد فضل الله
- دور الاتحاد الأوروبي في تحقيق التعاون الدولي والإقليمي في ظل ... / بشار سلوت
- أثر العولمة على الاقتصاد في دول العالم الثالث / الاء ناصر باكير
- اطروحة جدلية التدخل والسيادة في عصر الامن المعولم / علاء هادي الحطاب
- اطروحة التقاطع والالتقاء بين الواقعية البنيوية والهجومية الد ... / علاء هادي الحطاب


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - السياسة والعلاقات الدولية - كور متيوك انيار - جنوب السودان والسودان علاقات القوي والضعيف