|
خالد مشعل والنفخ في خيلاء العمالقة
نزار حسن
الحوار المتمدن-العدد: 1377 - 2005 / 11 / 13 - 10:59
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
بعد تلك الصورة المخزية الشهيرة التي اظهرت الامين العام لحزب الله الشيخ حسن نصر الله وهو يقدّم بندقية اسرائيلية هدية الى العميد رستم غزالي رئيس الاستخبارات السورية في لبنان واحد مصاصي دم الشعبين السوري واللبناني، ها هو عضو المكتب السياسي لحركة حماس يقدم فروض الطاعة إلى دكتاتور دمشق بشار الاسد ويقول له بالحرف الواحد: "حسبك ان اميركا غاضبة عليك، فهذا دليل الصدق"، ثم يستعين ببيت الشعر الشهير: "واذا اتتك مذمتي من ناقص فهي الدلالة لي على اني كامل" حسبما نقل مراسل صحيفة النهار اللبنانية في دمشق شعبان عبود (ملاحظة عابرة: السيد مشعل كسر الوزن في بيت ابي الطيب المتنبي، والصحيح هو: واذا اتتك مذمتي من ناقص، فهي الشهادة لي بأني كامل). كذلك سارع خالد مشعل الى اسلوب آخر في التقرّب من دكتاتور سوريا ومنافقته حين دعاه الى "عدم الخوف والقلق" من الاخطار التي تتهدد سوريا، لأن اميركا "لن تستطيع تكرار تجربة العراق وهم غارقون (الاميركيون)، في مستنقعه". ثم نفخ مشعل خيلاء الاسد، التي لا تحتاج اصلاً إلى المزيد من النفخ، حين خاطبه كما يلي: "العمالقة في العالم، اميركا وبريطانيا وفرنسا، هم اقزام امام الحق في سوريا". وطبعاً ليس جديداً ان يتحالف بعض رجال الدين مع الطغاة، خصوصاً حين يلجأ بعض المشايخ الى تزييف الدين بهدف تخدير الشعوب وصرف انظارها وعقولها عن قضاياها الاخرى المصيرية. ونحن نعرف مواقف شيخ الازهر مثلاً، او مواقف مفتي سوريا السابق المرحوم الشيخ احمد كفتارو، او هذه الايام مواقف الشيخ محمد حبش عضو مجلس الشعب السوري. ما يفاجئنا، ويحزننا كل الحزن، ان يلجأ الى محاباة السلطان الجائر اشخاص مثل حسن نصر الله وخالد مشعل يعلنون التمسك بحبائل الدين الحنيف، الذي ينص اولاً على العدل والحكم الصالح ورفع المظالم عن العباد. وما يزيد الطين بلة أن هؤلاء يقفون على رأس حركات تقاوم الاحتلال الاسرائيلي في كثير او قليل، وانهم قدموا تضحيات شخصية في سبيل مبادئهم، مثل الشيخ نصر الله الذي قدم ابنه شهيداً للمقاومة اللبنانية، ومشعل الذي كاد ان يموت بسمّ المخابرات الاسرائيلية. لماذا هذا التناقض؟ كيف يفوت أمثال نصر الله ومشعل ان التزلف الى حاكم جائر هو اثم لا يحاسب عليه الله فقط، بل ايضاً تحاسب عليه الشعوب التي تعاني من جور ذلك الحاكم؟ وكيف غاب عن الشيخ نصر الله ان تقديم بندقية اسرائيلية (هي في الاصل غنيمة المقاومة اللبنانية) الى رستم غزالي، هو اعتراف بطهارة ضابط امن عُرفت عنه كلّ صفات الشر الظلم والنهب والفساد؟ كيف تجاهل، لأنه من غير المعقول ان يجهل وهو العارف، ان في هذه الخطوة اهانة شديدة لدماء المقاومين الشهداء، واولهم ابنه الشهيد، واهانة لكل مقاوم مناضل؟ وكيف سمح مشعل لنفسه ان تجنح الى تلك البلاغة الجوفاء الكاذبة التي جعلت من القوى العظمى، التي نبغضها اكثر منه ونناضل ضد مخططاتها مثله، هي اقزام امام عملاق اسمه بشار الاسد؟ ألا يدرك مشعل انه بهذا يدفع الاسد إلى المزيد من الطيش والحماقة والمغامرة، وبالتالي يعرّض سوريا الى المزيد من المخاطر؟ وهل بالفعل يصدّق مشعل ان النظام في سورية قاوم في الماضي او يقاوم في الحاضر او سيقاوم في المستقبل القوى الكبرى ويرفض النزول امام شروطها؟ نحن ندرك ان التكتيك السياسي قد يفرض على اي حركة سياسية ان تقدم بعض التنازلات بين حين وآخر، او حتى ان تتخلى مؤقتاً عن واحد من ثوابتها في سبيل تحقيق هدف عاجل. ولكننا لا نفهم ابداً، ولا يمكن ان نغفر لحزب الله أو حماس، اغماض العيون وادارة الظهور بشكل كامل وفاضح لقضايا الشعب السوري وقواه المناضلة من اجل التغيير الديمقراطي. في هذا اهانة بالغة للشعب السوري، خصوصاً ان هذا الشعب قدم الكثير من الدعم والمساندة والتضحيات للمقاومة الاسلامية في لبنان وفي فلسطين. وكان يكفي ان يمتنع الشيخ نصر الله عن تقديم تلك البندقية الى ضابط استخبارات سوري، وان يقول مشعل خمس كلمات لا اكثر في حث ذلك (العملاق) بشار الاسد على انصاف الشعب السوري واتخاذ المزيد من اجراءات الانفتاح والاصلاح ورد الكرامة. ولكن العكس هو الذي جاءنا من عضو المكتب السياسي لحركة حماس، لأنه لم يسكت عن حقوق الشعب السوري فقط، وانما هاجم المعارضة السورية تحت ذريعة عدم الاستقواء بالخارج، فقال: "أقول لكل المعارضة التي تستقوي بالأعداء انهم سيكونون على هامش التاريخ وسيذكرهم في موقع الخونة... سوريا لكل شعبها فلا تقفوا مع الاميركيين ضد شعبكم وعلى الجميع ان يستيقظوا، فلا تطمئنوا الى ابتسامات بوش ورايس". كلمة حق يراد بها باطل الاباطيل! فأي معارضة سورية تستقوي بالخارج؟ هل رياض الترك؟ رياض سيف؟ الاحزاب والقوى والشخصيات الموقعة على "إعلان دمشق"؟ وإذا سمح مشعل لنفسه ان ينصح "المعارضة" السورية التي تستقوي بالخارج، وهو يعرف انها ليست بالمعارضة اصلاً وليست لها جذور في الداخل، فكيف نسي او تناسى ان يقول كلمة حق واحدة في المعارضة التي ترفض الاستقواء بالخارج؟ وحين نطالب بتلك الكلمة اليتيمة، التي يمكن ان تجنب الشيخ نصر الله وخالد مشعل صفة الساكت عن الحق، فهل نطالبهما بالكثير الذي لا طاقة لهما عليه؟
#نزار_حسن (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
فرسان الكلام واللعبة القذرة
-
اعتذار من بسام جعارة
-
عبد الحليم خدام يغادر السفينة الغارقة
-
صحيفة -الحياة- والليبرالية الزائفة
-
عزمي بشارة وخريف البطريرك
-
يوسف عبد لكي: مرحباً... وحذار
-
ربيع دمشق والكراسي الموسيقية
-
طنبور الجزيرة بين الشعيبي والدراجي
-
حوار -نيويورك تايمز- مع المناضل السوري البارز رياض الترك
-
الجزيرة والمتعوس وخايب الرجا
المزيد.....
-
تفجير جسم مشبوه بالقرب من السفارة الأمريكية في لندن.. ماذا ي
...
-
الرئيس الصيني يزور المغرب: خطوة جديدة لتعميق العلاقات الثنائ
...
-
بين الالتزام والرفض والتردد.. كيف تفاعلت أوروبا مع مذكرة توق
...
-
مأساة في لاوس: وفاة 6 سياح بعد تناول مشروبات ملوثة بالميثانو
...
-
ألمانيا: ندرس قرار -الجنائية الدولية- ولا تغير في موقف تسليم
...
-
إعلام إسرائيلي: دوي انفجارات في حيفا ونهاريا وانطلاق صفارات
...
-
هل تنهي مذكرة توقيف الجنائية الدولية مسيرة نتنياهو السياسية
...
-
مواجهة متصاعدة ومفتوحة بين إسرائيل وحزب الله.. ما مصير مفاوض
...
-
ألمانيا ضد إيطاليا وفرنسا تواجه كرواتيا... مواجهات من العيار
...
-
العنف ضد المرأة: -ابتزها رقميا فحاولت الانتحار-
المزيد.....
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
المزيد.....
|