|
لنفهم كوريا ولندافع عنها
مشعل يسار
كاتب وباحث ومترجم وشاعر
(M.yammine)
الحوار المتمدن-العدد: 5067 - 2016 / 2 / 6 - 23:38
المحور:
ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية
مقابلة حصرية مع سفير جمهورية كوريا الديمقراطية الشعبية
ترجمة مشعل يسار
من المحرر والمترجم. نقدم للقراء مادة مثيرة للاهتمام، في رأينا. ذلك أن الدبلوماسيين من كوريا الشمالية ضنينون جدا في إعطاء المقابلات، باستثناء بعض الحالات الخاصة وبالتنسيق لزاما مع السلطات العليا، ولكن المادة هي فريدة من نوعها حقا. وعلى الرغم من ان عمر هذه المقابلة هو أكثر من عامين، فإن كل وارد فيها من تقديرات وتوقعات أكدته الأيام إلى حد بعيد. وهذا، بدوره، ينم عن جدية القيادة في هذه الدولة الشعبية الديمقراطية، وعن خبرة وأهلية لديها في السياسة الخارجية، فضلا عن ثقتها بأحقية قضيتها، قضية تعزيز أركان الدولة في الساحة الدولية. وكل هذا لصالح الشعب العامل في هذه الجمهورية. أمامنا مقابلة مستفيضة لكارلوس مارتينيز مع تاي يونغ هو، الموظف في سفارة جمهورية كوريا الديمقراطية الشعبية في لندن، أجريت في سفارة كوريا الديمقراطية في أكتوبر 2013. وتشمل الموضوعات التي تم تناولها برنامج كوريا الشمالية النووي، وطبيعة النظام السياسي في جمهورية كوريا الديمقراطية الشعبية، ومكان كوريا الديمقراطية في المشهد السياسي العالمي، والسياحة فيها وموضوعي سوريا وأمريكا اللاتينية.
وبالنظر إلى أن كوريا الشمالية تعتبرها البلدان الامبريالية بأنها "العدو رقم واحد"، فمن الضروري غاية الضرورة أن يجهد المقاتلون ضد الامبريالية، والأمميون في جميع أنحاء العالم، ونحن أيضا نعتبر أنفسنا منهم، لفهم وحماية هذا البلد. فهذا من الأهمية بمكان لكوريا الشمالية كأحد معاقل الاشتراكية الأخيرة في القرن الـ21، والتي تبقى في عداد الأقلية بعد هلاك الاتحاد السوفياتي وتدمير النظام الاشتراكي العالمي وفي وضع صعب للغاية إذ هي عرضة للتطويق الامبريالي المعادي.
ويمكننا أن نضيف أن كثيرين منا، وبينهم من يسمي نفسه شيوعياً، ينساق مع الفكر البرجوازي في مسألة الديمقراطية ليعتبر كوريا الديمقراطية بلد "الدكتاتورية" المبنية على "حكم العائلة" و"التوارث" وأن ليس فيها "تبادل للسلطة".... نحن عندنا "تبادل للسلطة" (من قبل أطراف الإقطاع السياسي) وعندنا "توارث" وملوك وأمراء وعندنا "ديمقراطية" و"حريات" ولكن من دون أن ينفع هذا شعوبنا في شيء: "ربيع عربي" ترعاه الولايات المتحدة وحلفاؤها ناهبو نفطنا وكل ثرواتنا، وحروب تبدأ ولا تنتهي فتؤتينا بدل الوحدة تشرذماً، وطوائف وقبائل متقاتلة، وإفرازات إرهابية تعيث فساداً في أرضنا، ودول تراوح مكانها أو تتقهقر في "معارج" التخلف، وفتاوى "علماء" تعنى بالسخيف والمبتذل والمتخلف والمتوحش وتسعى لتأبيده فيما علماء البلدان المتقدمة يبحثون في أسرار الكون والمادة وكيفية إخضاعها لحاجات الإنسان المتنامية والخروج به إلى الحرية الحقيقية.
- تدعي وسائل الإعلام الغربية أن البرنامج النووي لكوريا الديمقراطية يشكل تهديدا خطيرا للسلام العالمي. لماذا قررت كوريا الشمالية امتلاك أسلحة نووية؟ - عندما تعلق الصحافة الغربية على البرنامج النووي لكوريا الشمالية، فإنها لا تكشف عن الأسباب الرئيسية لهذا البرنامج. فهي مهتمة فقط في خلق الأعذار والذرائع للمضايقات التي يتعرض لها بلدنا من جانب الولايات المتحدة؛ انها تسعى بين الحين والآخر إلى ان يبقى الناس كالمكفوفين أمام المنطق الذي يرتكز عليه موقفنا. علماً أن سياستنا بسيطة وسهلة الفهم: نحن بحاجة إلى قوة الردع النووي. قبل معالجة هذه المسألة، أود أن أوضح أن سياسة كوريا الديمقراطية لا تزال تهدف إلى نزع السلاح النووي من شبه الجزيرة الكورية. وقد كانت سياستنا دائما ترمي إلى حماية بلدنا من خطر الحرب النووية. ولتحقيق هذا الهدف، لم يكن لدينا خيار سوى تطوير الطاقة النووية الخاصة بنا. بعد الحرب العالمية الثانية كانت الولايات المتحدة الدولة الوحيدة في العالم التي تمتلك أسلحة نووية. ومن أجل تمهيد الطريق لاستراتيجيتها الرامية إلى الهيمنة العالمية، قررت استخدام القنبلة الذرية ضد اليابان. وتشير الوقائع إلى أنه لم تكن هناك حاجة للولايات المتحدة في استخدام مثل هذه الأسلحة في تلك الحالة. ففي أوروبا، في مايو 1945، هزم هتلر، وانتهت الحرب. وفي منطقة المحيط الهادئ، تحول مسار الحرب تماما ضد الإمبريالية اليابانية. وكان واضحا أن الجيش السوفيتي سيشارك في الحرب ضد اليابان، وأن اليابان بدأت تخسر الحرب مع الولايات المتحدة. لقد كانت فقط مسألة وقت وتنهار آلة الحرب اليابانية. اليابان لا يمكنها أن تهزم القوات المشتركة للاتحاد السوفياتي وأوروبا والصين والولايات المتحدة، لذلك كان اليابانيون يبحثون عن مخرج. لم يكن هناك على الاطلاق أي حاجة للولايات المتحدة في استخدام الأسلحة النووية. كان هناك داخل المؤسسة الأميركية نقاش حاد حول ضرورة أو عدم ضرورة استخدام هذه الأسلحة. وشعوب العالم لم تكن تدرك حتى ذاك الحين ماهية القوة التدميرية للأسلحة النووية - كان القادة الأميركيون هم الوحيدين الذين يعرفون ذلك. فأرادوا أن يضطر العالم بعد معرفة المزيد عن مدى جبروت سلاح الولايات المتحدة للسير في ركاب سياستها. ولتحقيق ذلك الهدف، لم تكن تقيم أي اعتبار لما سيزهق من أرواح. فبالنسبة للحكام الأميركيين، كانت حياة المواطن الياباني العادي لا أكثر من حياة كلاب وحيوانات. كانوا على استعداد لقتل أي عدد سوف يحتاجون إليه لتحقيق أهدافهم الجغراسياسية. وهكذا، أسقطت الولايات المتحدة قنبلتين ذريتين على هيروشيما وناغازاكي. ولكن في وقت لاحق، صنع الاتحاد السوفياتي سلاحاً نووياً. ومع مرور الوقت، لعبت الترسانة النووية السوفياتية دور الموازن للولايات المتحدة ولإمكانية استخدامها الأسلحة النووية. وهذا هو السبب الرئيسي في أن الولايات المتحدة لم يمكنها استخدام الأسلحة النووية في النصف الثاني من القرن الـ20. وفي وقت لاحق، توسع نادي مالكي الأسلحة النووية ليشمل أيضا الصين وبريطانيا وفرنسا. وكان هذا التوسع في النادي النووي في مصلحة السلام في العالم ككل وإن كان ينظر إليه حدسياً كشيء سلبي، ذلك أن الواقع هو أن حيازة الأسلحة النووية من قبل الصين والاتحاد السوفيتي ردع القدرة على استخدام الأسلحة النووية من قبل أي كان، ولأي غرض من الأغراض. أعتقد أن هذه حقيقة يجب علينا الاعتراف بها. في ما يتعلق بكوريا، تعلمون أن كوريا قريبة جدا من اليابان. والعديد من اليابانيين كانوا يعيشون في كوريا لأن كوريا كانت مستعمرة من قبل اليابان. وكان نظام وسائل الإعلام لدينا في ذلك الوقت تحت تصرف اليابانيين. حتى عندما حصلت هناك مأساة هيروشيما وناغازاكي، فإننا سرعان ما علمنا بذلك، وكنا على بينة بشكل جيد جدا من حجم هذه الكارثة. الشعب الكوري كان يدرك جيدا كم من الناس قتلوا في غضون دقائق. وهكذا، فإن الشعب الكوري كان لديه ما يكفي من التماس المباشر مع الحرب النووية منذ البداية. ثم بدأت الحرب الكورية في عام 1950. واعتقد الأمريكيون أن بإمكانهم بسهولة كسب هذه الحرب، لأنهم كان لديهم كل الأسلحة التقليدية الأكثر تقدما، وحشدوا 16 دولة تسير في فلكهم في تلك الحرب. في ذلك الوقت، كانت الصين قد تحررت لتوها إذ كان عمر جمهورية الصين الشعبية عاماً واحداً فقط. وفي الوقت نفسه، كان الاتحاد السوفياتي لم يتعاف بعد من الدمار الهائل الذي حل به في الحرب العالمية الثانية. وبالتالي، أعتقدت الولايات المتحدة أنها سيمكنها بسهولة الانتصار في الحرب الكورية. ومع ذلك، وجدوا ان خيلاءهم كانت في غير محلها. في الواقع، كانت الحرب الكورية هي الحرب الأولى التي اختبرت فيها على المحك طموحات الولايات المتحدة. لقد حارب جيش الشعب الكوري والمتطوعون الصينيين بقوة لا تصدق ضد الولايات المتحدة. ومن وجهة نظر الولايات المتحدة، كانت تلك حرباً تخاض ضد الشيوعية. لكن الشيوعيين كانوا يتمتعون بالدعم الكامل من قبل شعوب هذه البلدان. كوريا والصين كانتا دولتين زراعيتين استلهم فيهما الناس فكرة الحصول على الأرض. وقد وزع الحزب الشيوعي – وهو إياه حزب العمل الكوري - الأراضي بالتساوي بين جميع المزارعين. وهكذا لقي حزب العمل الكورى كل دعم من قبل الشعب، فشاركت الجماهير الشعبية في الحرب الكورية. وهم كانوا يعرفون ما حال أشقائهم وشقيقاتهم في كوريا الجنوبية حيث كانت السيطرة لأصحاب العقارات وللمصالح الأمريكية، وأدركوا أن خسارة كوريا الشمالية للحرب سوف تعني استعادة ملاك الأراضي للسلطة، والرجوع عن الإصلاح الزراعي. لهذا السبب دخل الكوريون العاديون الحرب. الشعب كله شارك في الحرب ولم يتردد في تقديم أي تضحية. وحين رأى ايزنهاور أن الحرب لا تسير وفقا للخطة، سأل مستشاريه: كيف يمكننا كسب هذه الحرب، يا ترى؟ فاقترح الجنرالات الاميركيون استخدام التهديد النووي. واعتقدت الولايات المتحدة أنها إذا ما حذرت الناس من أنها تنوي رمي قنبلة نووية، فالناس سوف تفر من الجبهة. لا سيما بعد أن شهد ملايين الأشخاص من كوريا الشمالية آثار الحرب النووية قبل خمس سنوات فقط من ذلك. ففر هؤلاء إلى الجنوب. ونتيجة لذلك لا يزال حتى الآن 10 ملايين من الأسر المشتتة. لذلك يمكنك أن ترى أن الشعب الكوري هو الضحية المباشرة للذعر النووي - أكثر من أي شعب آخر في العالم. القضية النووية ليست بالنسبة لنا شيئا مجردا؛ ونحن نأخذها على محمل الجد. بعد الحرب الكورية، لم تتوقف الولايات المتحدة عن سياستها العدائية تجاه بلادنا. اليوم يقولون أنهم لا يستطيعون تطبيع العلاقات مع كوريا الشمالية، لأن كوريا الشمالية لديها أسلحة نووية. ولكن في ستينيات وسبعينيات وثمانينيات القرن العشرين لم يكن لدينا أسلحة نووية، فما الذي منعهم يا ترى من تطبيع هذه العلاقات آنذاك؟ بدلا من ذلك، استمروا في محاولة السيطرة على شبه الجزيرة الكورية بالقوة العسكرية. فاستقدمت الولايات المتحدة أسلحة نووية إلى شبه الجزيرة الكورية في السبعينيات من أجل جس نبض الموقف السوفيتي، ونشرت أسلحة نووية في أوروبا، وكذلك في كوريا الجنوبية. الولايات المتحدة لم تكف يوماً عن تهديد كوريا الديمقراطية بهذا السلاح الذي كان قريبا جدا بالنسبة لنا، على الجانب الآخر من المنطقة المنزوعة السلاح. كوريا بلد صغير جدا وذو كثافة سكانية عالية. ومن الواضح أنه لو كانت الولايات المتحدة استخدمت الأسلحة النووية هناك، لكان حجم الكارثة الإنسانية لا يتصوره عقل. فكان على حكومة كوريا الديمقراطية إيجاد استراتيجية لمنع استخدام هذه الاسلحة الامريكية ضدنا. وفي سبعينيات القرن الماضي، كانت هناك مناقشات بين القوى الكبرى، كيف يمكن لها أن تمنع الحرب النووية. ثم اتفقت الدول الخمس الكبرى على منع انتشار الأسلحة النووية. وسمح لخمسة بلدان فقط امتلاك أسلحة نووية، أما الباقون فلا. وهكذا ولدت معاهدة الحد من انتشار الأسلحة النووية في عام 1970. وتنص معاهدة حظر الانتشار النووي بوضوح على أن القوى النووية ليس لها الحق في استخدام الأسلحة النووية من أجل تهديد الدول غير النووية. وهكذا، رأت كوريا الشمالية أننا إذا انضممنا إلى معاهدة عدم الانتشار، سيمكننا أن نتخلص من التهديد النووي من جانب الولايات المتحدة. لذلك انضممنا إليها. بيد أن الولايات المتحدة لم تتخل عن حقها في توجيه ضربة نووية وقائية. فهي كانت دائما تقول أن لها دائما الحق في استخدام أسلحتها النووية لأغراض وقائية بمجرد تهديد المصالح الأميركية. لذلك من الواضح جدا أن معاهدة حظر الانتشار النووي لا يمكنها ضمان أمننا وسلامتنا. وعلى هذا الأساس، قررنا الانسحاب من الاتفاقية وصياغة استراتيجية مختلفة لحماية أنفسنا. لقد تغير الوضع في العالم مرة أخرى بعد 11 سبتمبر 2001. فبعد ذلك، قال بوش انه اذا ارادت الولايات المتحدة حماية أمنها، فمن الضروري القضاء على البلدان التي تشكل "محور الشر" ومحوها من على وجه الأرض. والبلدان الثلاثة المذكورة من قبلها كأعضاء في "محور الشر" هي إيران والعراق وكوريا الشمالية. وقال بوش أيضا إن الولايات المتحدة لن تتردد من أجل القضاء على هذا "الشر" حتى في استخدام الأسلحة النووية. وقد أثبتت الأحداث منذ ذلك الحين أن هذا لم يكن مجرد تهديد خطابي - فهم وضعوا هذا التهديد موضع التنفيذ في أفغانستان والعراق. والآن دعونا نتحدث عن كوريا الشمالية. في العام 1994، وقعت كوريا الشمالية اتفاقا إطاريا مع إدارة كلينتون، ثم ألغته إدارة بوش قائلة أن أمريكا "لا يجب أن تتفاوض مع الشر". وقال المحافظون الجدد أن "الدول الشريرة" يجب القضاء عليها بالقوة. ولدى رؤيتنا ما حدث في أفغانستان والعراق، أصبحنا ندرك أننا لا يمكن أن نضع حداً للتهديد الآتي من الولايات المتحدة باستخدام الأسلحة التقليدية وحدها. وهكذا، أصبح من الواضح أننا بحاجة للأسلحة النووية الخاصة بنا بغية الدفاع عن كوريا الشمالية وشعبها. بالإضافة إلى التهديد النووي المباشر، أود أن أشير إلى أن هناك أيضا مسألة "المظلة النووية". الولايات المتحدة توسع رقعة "المظلة النووية" لحلفائها مثل اليابان وكوريا الجنوبية ودول حلف شمال الاطلسي. لكن ليست روسيا والصين على استعداد لفتح "مظلة نووية" فوق البلدان الأخرى لأنهما تخشيان رد فعل الولايات المتحدة. فأدركنا أنه لا يوجد بلد يحمينا من الأسلحة النووية التي لدى الولايات المتحدة، وبالتالي تأكد لدينا استنتاج مفاده أن علينا تطوير أسلحة نووية خاصة بنا. وقد بات يمكننا الآن القول إن اختيار قوات الردع النووي الخاصة بنا كان هو القرار الصحيح. ماذا حدث في ليبيا؟ عندما أراد القذافي تحسين علاقات ليبيا مع الولايات المتحدة وبريطانيا، قال الإمبرياليون إن عليه، من أجل جذب الاستثمارات الدولية، أن يتخلى عن برامج التسلح. حتى أن القذافي قال انه سيزور كوريا الشمالية لإقناعنا بالتخلي عن برنامجنا النووي. ولكن بمجرد تفكيك ليبيا برنامجها النووي، وهذا ما أكدته الاستخبارات الغربية، بدأ الغرب يغني على ليلى مختلفة تماما. فأدى ذلك إلى حالة فشل القذافي معها في حماية سيادة ليبيا. حتى انه لم يستطع حماية حياته الخاصة. هذا هو الدرس التاريخي المهم. كوريا الشمالية تريد حماية أمنها. ونحن نطلب من الولايات المتحدة التخلي عن سياستها العدائية. التخلي عن التهديد بالحرب. وتطبيع العلاقات مع كوريا الديمقراطية. لتحل محل معاهدة الهدنة معاهدة سلام. فقط عندما يختفي تهديد الجيش الامريكي لكوريا الديمقراطية، فقط عندما تشغل آليات ضمان السلام في شبه الجزيرة الكورية. عندها فقط سيمكننا أن نبدأ الحديث عن التخلي عن أسلحتنا النووية. بعبارة أخرى، يجب على الولايات المتحدة أخذ هذه المسألة على محمل الجد. ينبغي لها أن تتخذ موقفا إيجابيا من هذه المسألة. نحن فخورون حقيقة في أننا على الرغم من الوجود العسكري الضخم للولايات المتحدة في شبه الجزيرة الكورية وشمال شرق آسيا، استطعنا حتى الآن أن تمنع بشكل جيد للغاية وقوع حرب جديدة في شبه الجزيرة الكورية. الآلة العسكرية الأمريكية لا تتوقف أبدا. فيتنام فأفغانستان فالعراق فليبيا والآن سوريا - كل يوم يموت المئات من الأبرياء بسبب السياسات الامبريالية للدول والتي تقودها الولايات المتحدة. ولكن بعد انتهاء الحرب الكورية في عام 1953، استطاعت كوريا الشمالية الحفاظ على السلام في شبه الجزيرة الكورية، ونحن نعتقد أن هذا يعد إنجازا كبيرا.
- هل كنتم تأملون أن يتحسن مع انتخاب باراك أوباما موقف الولايات المتحدة من كوريا؟ - لنقل إن سياسة أوباما تختلف عن سياسات بوش والمحافظين. فبدلا من معالجة هذه المشاكل مباشرة، انتقل إلى موقف "الإهمال الاستراتيجي". أوباما يريد إبقاء الوضع على ما هو عليه، ولكنه لا يتخذ خطوات ملموسة لتحسين الوضع. وتقول الإدارة الحالية إن هناك الكثير من القضايا التي لم تحل بالنسبة إلى الولايات المتحدة للقيام بذلك.
- كان هناك بعض الزيارات المثيرة للاهتمام لكوريا الشمالية في السنوات الأخيرة - على سبيل المثال، إريك شميدت، الرئيس التنفيذي لشركة جوجل، ودينيس رودمان، نجم كرة السلة، قاما بزيارة بلدكم. هل يعني هذا احتمالا – ولو ضئيلا جدا - أن يكون هناك بعض الأشخاص في الأوساط الحاكمة في الولايات المتحدة الذين يرغبون في تحسين العلاقات مع كوريا الديمقراطية؟ - من الصعب القول ما اذا كانت هذه الزيارات سوف يكون لها أثر إيجابي. ما تريده كوريا الشمالية هو أن يفهم الشعب الأمريكي أن كوريا الشمالية مستعدة دائما للنظر في المشاكل وحلها. ان كوريا الشمالية تريد تحسين علاقاتها مع الولايات المتحدة؛ وكوريا الشمالية لا تعتبر الولايات المتحدة عدوها الدائم. نأمل أن تساعد هذه الزيارات من قبل مواطنين أمريكيين بارزين على نقل هذا الموقف.
- وفي ما يتعلق بالقوى الامبريالية الأخرى - مثل المملكة المتحدة، فرنسا، أستراليا – هل يقف بعض منها موقفاً أكثر إيجابية تجاه كوريا الديمقراطية، أم أنها تتبع اتباعا أعمى نهج الولايات المتحدة؟ - هناك نهج مختلف قليلا. على سبيل المثال، لم تعترف حكومة الولايات المتحدة أبدا من الناحية الدبلوماسية بكوريا الديمقراطية دولة ذات سيادة، في حين أن حلفاء الولايات المتحدة، مثل بريطانيا وأستراليا، يقبلون واقع أننا موجودون. وهذان البلدان يقيمان علاقات مع جمهورية كوريا الديمقراطية الشعبية.
- هل تستمر الولايات المتحدة في إبقاء أسلحتها النووية في كوريا الجنوبية؟ - هذا أمر من الصعب حقا أن أقول فيه شيئا، لأن الأسلحة النووية الأمريكية هي الآن أكثر تعقيدا وتحديثا مقارنة مع كانت عليه في سبعينيات وثمانينيات القرن الماضي. فالآن لديهم المزيد من الغواصات النووية. لديهم أسلحة أصغر حجماً وكشفها أكثر صعوبة. لذلك من الصعب القول ما إذا كانت الأسلحة النووية تتمركز بشكل دائم في كوريا الجنوبية. ولكن من الواضح أن الأسلحة النووية الأمريكية تتواجد في كوريا الجنوبية بانتظام. وفي الآونة الأخيرة، شاركت حاملة الطائرات "جورج واشنطن" التي جاءت إلى مرفأ بوسان الكوري الجنوبي لمدة ثلاثة أيام في المناورات العسكرية المشتركة بين الولايات المتحدة الأمريكية واليابان وكوريا الجنوبية. أية طائرات كانت على متن "جورج واشنطن"؟ إنها المقاتلات وقاذفات القنابل التي يمكنها أن تحمل بسهولة على متنها أسلحة نووية إلى شبه الجزيرة الكورية. في مارس من هذا العام أرسلت الولايات المتحدة قاذفات القنابل B52 إلى شبه الجزيرة الكورية لإجراء تدريبات عسكرية تحاكي القصف النووي لكوريا الشمالية. سياسة الولايات المتحدة تكمن في ألا تنكر ولا توكد ما إذا كانت لديها أسلحة نووية في كوريا الجنوبية. ولكن الحقيقة هي أن بوسعهم أن يأتوا بهذه الأسلحة ويضربوا في أي وقت، ما يعني أن مسألة ما إذا كانت هناك بشكل دائم أسلحة أو لا ليست، في الواقع، بذي بال.
- لقد عشتَ هنا في لندن لبعض الوقت الآن، ويتوقع المرء أن يكون لديك فكرة عما يعتقده البريطانيون غالبا في شأن كوريا الشمالية. الصورة النمطية القائلة انها بلد "غير ديمقراطي"، بلد ليس لدى الناس فيه الحق في التعبير عن رأيهم؛ ليست لديهم أية حرية تعبير. ليس لديهم الحق في انتقاد الحكومة. ليس لديهم الحق في المشاركة في حكم البلاد. هل هذا تقييم عادل؟ - أعتقد أن الانطباع العام لدى البريطانيين تشكله وسائل الإعلام البرجوازية. من جهتي، أستطيع أن أقول أن الناس الذين أولوا دراسة الموضوع جدية أكثر، وخاصة أولئك الذين زاروا كوريا الديمقراطية ورأوا إنجازاتنا بأم العين، قد تكوّن لديهم انطباع مختلف تماما عن بلدي. عدد السياح البريطانيين إلى تزايد في السنوات الأخيرة - فقط هذا العام سيكون تقريبا 500. هناك تسع وكالات سفر بريطانية تنظم رحلات سياحية إلى جمهورية كوريا الديمقراطية الشعبية. منح التأشيرات للسياح لا يرفض أبدا. التقيت بعض السياح البريطانيين الذين عادوا لتوهم من كوريا الشمالية، وقد ذهلوا لمدى اختلاف انطباعاتهم عما تلقفوه من وسائل الإعلام. هم لم يكونوا يعرفون ان كوريا الشمالية هي دولة اشتراكية، حيث التعليم مجاني، وحيث الرعاية الطبية مجانية، وحيث يتم ضمان الصحة تماما، وحيث يوجد سكن مجاني. انهم لم يكونوا يعرفون ولو واحداً من كل هذه الجوانب الإيجابية لكوريا الشمالية. معظمهم قبل زيارته لبلادنا، كان يتصور أن شوارعنا مليئة بالناس شبه الجوعى، وأن ليست لدينا وسائل نقل لائقة، وأن مظهرنا جميعا يثير الحزن والشفقة، وأن ليست لدينا حياة ثقافية حقيقية، الخ. ولكن عندما زاروا كوريا، رأوا أن ليست هذه حالنا البتة. على سبيل المثال، وسائل النقل العام لدينا مجانية تقريبا - تدفع قليلا من المال، ولكن بالمقارنة مع ما تدفعه في المملكة المتحدة أو الولايات المتحدة، يمكن اعتباره مجانيا. لم يكن يمكنهم أن يصدقوا أن بيونغ يانغ مليئة بالمباني السكنية الكبيرة، التي بنيت لتقدم للناس مجانا. فوجئوا أيضا حين رأوا أن لدينا الكثير من المدارس، وقد تم تجهيزها أفضل بكثير من تجهيز المدارس الحكومية البريطانية. ووجدوا أن الأطفال الكوريين الشماليين هم عموما على مستوى تعليمي أعلى بكثير من مستوى نظرائهم البريطانيين. والغالبية العظمى من الأطفال في كوريا الشمالية تشارك في الأنشطة الحرة المجانية من خراج المنهج الدراسي، وهم يتعلمون العزف على البيانو والكمان وهلم جرا. اكتشفوا أن ليس لدينا متسولون في الشوارع، ولا توجد مشاكل مخدرات. ووجدوا أن بوسعهم الخروج من الفندق في أي وقت من الليل دون خوف على سلامتهم، حيث لا يوجد لا سرقة ولا عصابات. وهذا يعني أنها كانت صدمة بالنسبة إليهم، فسألوني: لماذا وسائل الاعلام البريطانية تكتب دائما بهذه السلبية عن كوريا الديمقراطية ولا تذكر أبدا الجوانب الإيجابية. قلت لهم إن وسائل الإعلام تريد تصوير كوريا الشمالية باعتبارها الشر الذي يجسده الشيطان الرجيم، لأنهم يريدون إقناع الرأي العام البريطاني بأنه لا يوجد بديل للرأسمالية والإمبريالية. انهم يريدون من الناس أن يعتقدوا أن هناك في العالم نظاماً اقتصادياً وسياسياً واحداً فقط؛ ولذلك ليس من مصلحتهم أن يقولوا أي شيء إيجابي في النظام الاشتراكي.
- إذن، إذا كان الناس يريدون زيارة كوريا الشمالية، فمن السهل القيام بذلك؟ - نعم. هناك العديد من الشركات المعروفة مثل Regent Holidays و Voyagers و Koryo Tours وغيرها التي تنظم رحلات لمجموعات سياحية. وبما أن وسائل الإعلام تصور كوريا الشمالية في مثل هذه الألوان السلبية البشعة، فإن عدد المهتمين بزيارتها يصبح في الواقع أكثر فأكثر.
- إذا ذهبت في رحلة كهذه، ربما كانت بيونغ يانغ هي المكان الوحيد الذي يمكنك أن تراه؟ - لا، يمكنك زيارة أي مكان تريد. وعدد الخيارات الجديدة يتزايد. على سبيل المثال، العديد من السياح يرغبون في زيارة بلدنا ليوم واحد، فيمكنهم القيام برحلة يوم واحد عبر الحدود مع الصين. وهناك نوع آخر من السفر – بالقطار، من الصين إلى كوريا. بالإضافة إلى ذلك، يمكنك أن تحلق الآن فوق المدينة على متن طائرات ركاب قديمة (كقاعدة عامة، هي صنعت في الاتحاد السوفياتي في سنوات 1950-1960)، وهي مألوفة ومرغوبة جدا لدى الكثير من السياح. وهناك الآن شركة أخرى من نيوزيلندا تنظم جولات بالدراجة النارية في جميع أنحاء شبه الجزيرة الكورية. يمكنك العثور على معلومات حول هذه الجولات على شبكة الإنترنت. لقد زاد عدد هذه الرحلات كثيرا في الـ3-4 سنوات الماضية، ولدينا الآن بنية تحتية للسياحة أفضل بكثير، والسياحة أصبحت أكثر انفتاحا وتنوعا. ونحن نعتقد أن هذا من شأنه أن يساعدنا على اقامة علاقات ثقافية قوية مع البلدان الأخرى.
- لكل بلد اشتراكي طريقته الخاصة في تنظيم الديمقراطية الشعبية وسلطة الشعب، مثل مجالس السوفيات في الاتحاد السوفياتي ولجان حماية الثورة في كوبا – وهي المؤسسات التي تسمح للناس بإدارة شؤونهم في أماكن عملهم وإقامتهم، ومن أجل حل مشاكلهم الأساسية وانتخاب ممثلين لهم في هيئات السلطة العليا على الصعيدين الإقليمي والوطني. فهل ثمة شيء من هذا القبيل في كوريا الشمالية؟ - بالطبع. تعمل ديمقراطيتنا على جميع مستويات الحزب والحكومة. وكما تعلمون، الحزب الحاكم الرئيسي هو حزب العمال الكوري. هذا الحزب هو حزب جماهيري، يضم في عضويته الملايين، ويتم تنظيم ذلك على أساس مبادئ المركزية الديمقراطية. اذا كان شخص ما في بنية (خلية) حزبية لا يعمل وفقا لخط الحزب الذي تمت مناقشته والاتفاق عليه، سيتم انتقاده من قبل الأعضاء الآخرين في الحزب، وإعطاؤه فرصة لتصحيح سلوكه. وفي كل مستوى من مستويات الحزب، نحن نستخدم نظام النقد، والنقد الذاتي والمحاسبة من أجل الحفاظ على الكفاءة والسلامة في العمل. لدينا مجلس الشعب الأعلى الذي يمكن اعتباره معادلاً للبرلمان البريطاني. هذه الجمعية الشعبية العليا لها هيئات محلية في المحافظات والمدن والأقضية. ويتم انتخاب جميع أعضائها، وهذه الهيئات غالبا ما تعقد الاجتماعات. وهي مسؤولة عن اتخاذ القرارات الهامة بالوسائل الديمقراطية العادية. على سبيل المثال، نظرا لمحدودية الميزانية، يمكنها أن تجري تصويتاً على ما إذا كان يمكن إنفاق الأموال على بناء روضة أطفال جديدة، أو تحسين مستشفى، وهلم جرا. وهكذا، فإن جماهير عريضة من الناس تشارك في عملية إدارة المجتمع. وإذا كانت الأجهزة لا تعمل بشكل صحيح ثمة آليات لدى الناس يمكنهم من خلالها انتقاد القرارات السيئة والطعن فيها. على سبيل المثال، إذا كان نظام معالجة المياه لتلبية احتياجات قرية معينة لا يعمل بشكل صحيح، يمكن أن يذهب السكان المحليون إلى الحكومة المحلية للاحتجاج. فإذا اتخذت الإجراءات بناء على احتجاجهم فإن كل شيء سيكون على ما يرام. وإن لم يكن كذلك يمكن أن يذهب الناس إلى من هم أعلى سلطة - في المدينة أو على مستوى المحافظة - لضمان مصالحهم بشكل صحيح.
- هل ان حزب العمل الكوري هو الحزب السياسي الوحيد في كوريا الشمالية؟ - لدينا الكثير من الأحزاب والمنظمات الجماهيرية، بالإضافة إلى حزب العمل الكوري مثل الحزب الكاثوليكي والحزب الاشتراكي الديمقراطي. نحن لا نعتبر أن لدينا حزبا "حاكماً" وأحزاباً "معارضة" - فالأحزاب عندما جميعا متصادقة ومتعاونة على تطوير مجتمعنا. وتشارك هذه الأحزاب الأخرى كلها في الاجتماعات الشعبية العامة - بشرط حصولها على ما يكفي من الاصوات. حتى أنها ممثلة في الجمعية الشعبية العليا. الناس في الغرب تعاني من تحامل وتحيز ضد بلدنا، وكأن القرارات عندنا تتخذ فقط على مستوى "القمة"، من قبل رجل واحد، ولكن كيف يكون ذلك ممكنا؟ فإدارة البلاد عملية معقدة تحتاج إلى الطاقة والإبداع من قبل الكثير من الناس.
- أحاول أن أفهم كيف تمكنت كوريا الشمالية من البقاء في العقدين الأخيرين، في مثل هذا الوضع السياسي العالمي المعقد. انهار الاتحاد السوفياتي - أكبر دولة اشتراكية. الديمقراطيات الشعبية في أوروبا الشرقية لم يعد لها وجود. كيف أمكن كوريا الشمالية أن تواصل قضية الاشتراكية في بيئة دولية معادية كهذه؟ - كان العقدان الماضيان الفترة الأكثر صعوبة بالنسبة لنا. فقدنا فجأة شركاء تجاريين رئيسيين، فجأة، دون سابق إنذار. وكان لهذا تأثير كبير على اقتصادنا. وبالإضافة إلى ذلك، باختفاء الاتحاد السوفياتي، انتقلت الولايات المتحدة إلى سياسة الضغط المتزايد، معتبرة أن أيامنا معدودة. الولايات المتحدة عملت على تكثيف الحصار الاقتصادي والتهديد العسكري. توقفت تقريبا جميع المعاملات المالية بين كوريا الديمقراطية وبقية العالم. الولايات المتحدة تسيطر على تدفق العملة الأجنبية: فإذا هددت بالعقوبات أي بنك يتعامل مع كوريا الشمالية، فمن الواضح أن البنك سوف يكون عليه أن يتراجع. الولايات المتحدة أصدرت انذارا كهذا لجميع الشركات: إذا كانت هذه تقوم بأعمال تجارية مع كوريا الشمالية، فإنها ستفرض عليها عقوبات من جانب الولايات المتحدة. وهذا لا يزال ساري المفعول. وتعتقد حكومة الولايات المتحدة أنها إذا حسرت العلاقات الاقتصادية بين كوريا الديمقراطية وبقية العالم، فسيكون علينا أن نقدم لها عصا الطاعة. السبب الوحيد الذي جعلنا قادرين على البقاء على قيد الوجود هو وحدة الصف وتراصّ شعبنا. الناس كلها وقفت بصلابة مع القيادة. نحن نعمل في ظروف صعبة للغاية ونحاول أن نحل مشاكلنا بأنفسنا. إذا فقدت المملكة المتحدة فجأة في يوم من الأيام أسواقها في الولايات المتحدة وأوروبا، فهل ستكون قادرة على البقاء على قيد الحياة؟ إذا تم إيقاف جميع المعاملات المالية للبلاد فكيف ستكون قادرة على البقاء؟ أما نحن فصمدنا وبقينا رغم كل شيء. - هل الوضع في العالم اليوم هو أكثر ملاءمة لكوريا الشمالية وغيرها من البلدان التي تنتهج سياسة مستقلة؟ - نعم. في العقدين الأخيرين، كان الوضع صعباً جدا: نحن لم يكن علينا فقط الصمود والبقاء اقتصاديا، ولكن كان علينا أيضا أن نعرقل نوايا الولايات المتحدة العسكرية. لذلك اضطررنا أن نستثمر بشكل كبير في مجال الدفاع وأن نركز على تعزيز جيشنا، وإنشاء الأسلحة وتطوير قدراتنا النووية. لدينا الآن سلاح نووي، وبات يمكننا أن تقلل من الإنفاق العسكري، لأنه حتى ترسانة نووية صغيرة يمكنها أن تلعب دورا رادعا. نحن في وضع يمكننا أن نجعل الولايات المتحدة تشكك وتتردد في ما إذا كان يسعها مهاجمتنا أو لا. لذلك أصبح الآن يمكننا التركيز على رفاهية الشعب.
- هل تعتقد أن التراجع الاقتصادي النسبي في الولايات المتحدة وأوروبا الغربية هو لصالح كوريا؟ - من يعش يرَ. صحيح أن نفوذ الولايات المتحدة يضعف، وإنما بسبب هذا تسعى الولايات المتحدة إلى تعزيز قدراتها السياسية والعسكرية. في الوقت الحالي ينعكس هذا في جهدها لـ"إعادة التوازن في آسيا"، الذي هو في الواقع يمس الصين. أهمية شبه الجزيرة الكورية تنمو إذاً بسبب قربها من الصين وروسيا. شبه الجزيرة الكورية هي نوع من نقطة ارتكاز، تعتقد الولايات المتحدة أنها ستكون قادرة انطلاقاً منها على ممارسة السيطرة على القوى الكبرى. الحرب في سوريا.
- لقد أصبحت الحرب في سوريا قضية رئيسية في السياسة العالمية على مدى السنوات الـ 2-3 الماضية. وها هي كوريا الشمالية تواصل دعمها وصداقتها لسوريا. فما هو أساس هذه العلاقة؟ - في الماضي، حافظ رئيسنا الراحل كيم ايل سونغ على علاقات رفاقية ودية جدا مع الرئيس حافظ الأسد. تشاطر الزعيمان الرأي القائل بأن عليهما أن يكافحا السياسة الامبريالية. لقد كانت سوريا دائما مؤيدا قويا لتقرير المصير الفلسطيني وعنصرا مهما في المعركة ضد سياسة الولايات المتحدة وإسرائيل في الشرق الأوسط. وفي الوقت نفسه، تشكل كوريا الشمالية عنصرا هاما ضد سياسة الولايات المتحدة في شبه الجزيرة الكورية. وهكذا، يشترك كلا البلدين في نفس السياسة - النضال ضد السياسة الامبريالية في جميع أنحاء العالم. وهذا هو الأساس للتضامن في ما بين البلدين. تاريخيا، لم تكن سوريا صديقنا الوحيد في الشرق الأوسط. فقد كنا قريبين جدا من مصر عبد الناصر ومن ياسر عرفات في منظمة التحرير الفلسطينية - هذان القائدان والبلدان كانا يشاطراننا نفس فلسفة الاعتماد على الذات والتنمية. وهذه الفلسفة العامة لا تزال قائمة بين سوريا وكوريا الشمالية. فبحجة تطبيق "حقوق الإنسان والديمقراطية" في الشرق الأوسط، خلقت الولايات المتحدة وشركاؤها الفوضى هناك. وما يسمى بسياسة "الربيع العربي" قد خلق وضعا جعل المئات من الأبرياء يهلكون كل يوم. الناس يتقاتل بعضها مع بعض في مصر وسوريا والعراق ولبنان، في كل مكان. وهذا يعكس سياسة الولايات المتحدة "فرق تسد". وإسرائيل – هذا الشريك الإقليمي الأكثر أهمية للولايات المتحدة - هي بلد صغير، في حين أن العالم العربي كبير جدا. لذا تخشى الولايات المتحدة وإسرائيل وحدة العالم العربي. فكيف يمكنهم كسر هذه الوحدة؟ انهم يحاولون خلق الكراهية بين مختلف التنظيمات السياسية، بين مختلف الجماعات الدينية، بما في ذلك بين البلدان المختلفة. وبعد أن يضعوا أسس هذه الكراهية، يروحون يشجعون الناس على أن يقاتل بعضهم بعضاً. هذه هي "الحرية" التي جاؤوا بها: حرية أن يقتل الناس بعضهم البعض. إنها استراتيجية ضمان أمن إسرائيل. من المهم جداً أن يدرك العرب معنى سياسة "فرق تسد". وقد استخدمت هذه السياسة منذ مئات السنين الإمبراطورية البريطانية والأمريكيون والقوى الامبريالية الأخرى. الناس بحاجة لأن يتوحدوا ويعملوا معاً لحماية أطفالهم.
- على مدى السنوات الـ 10-15 الماضية كانت هناك بعض التغييرات الهامة في أمريكا الجنوبية والوسطى، وهي المنطقة التي كانت تعتبر تاريخيا في الولايات المتحدة مثابة "الفناء الخلفي الأمريكي". حاليا، الحكومات التقدمية قائمة ليس فقط في كوبا ولكن في فنزويلا ونيكاراغوا وبوليفيا والإكوادور والبرازيل والأرجنتين وأوروغواي. هل تعتقد أن هذا هو تطور واعد؟ - أعتقد ذلك. فشعوب الأمريكتين اليوم اكثر وعيا منها في أي وقت مضى. أمريكا اللاتينية كانت في وقت سابق تهيمن عليها الإمبريالية الأمريكية، ومعظم الحكومات - وكثير منها كان ديكتاتورية عسكرية وحشية – كانت تدعمها الولايات المتحدة مباشرة. لكن هذه الدول ما كان يمكنها أن تحسن حياة الناس العاديين. وها هي الآن الناس قد بدأت تدرك أنها بحاجة إلى كسر علاقة التبعية للولايات المتحدة. قرروا أخذ مصيرهم بأيديهم. مجرد إلقاء نظرة على فنزويلا: كانت فنزويلا بلداً غنياً بالنفط فترة طويلة، ولكن فقط عندما جاء تشافيز إلى السلطة، بدأت الثروة النفطية توزع بمثل هذه الطريقة التي يمكن أن يستفيد منها الناس العاديون. كوريا الديمقراطية مع الحفاظ على علاقات إيجابية مع دول أمريكا اللاتينية. افتتحنا مؤخرا سفارتنا في البرازيل. ولدينا علاقات جيدة مع نيكاراغوا وبوليفيا وفنزويلا، وبطبيعة الحال، مع كوبا. تشافيز كان يريد زيارة كوريا الشمالية، ولكن في النهاية لم تسمح له حالته الصحية بذلك. لكنه كان يروج دائما لعلاقات جيدة بين فنزويلا وكوريا الشمالية. بالطبع، نحن كلنا افتقدناه.
المصادر: -;- http://www.invent-the-future.org/2013/11/understanding-north-korea/
-;- http://www.rotfront.su/%D0%BF%D0%BE%D0%BD%D1%8F%D1%82%D1%8C-%D0%B8-%D0%B7%D0%B0%D1%89%D0%B8%D1%82%D0%B8%D1%82%D1%8C-%D0%BA%D0%BE%D1%80%D0%B5%D1%8E/
-;- http://rkrp-rpk.ru/content/view/13859/1/
#مشعل_يسار (هاشتاغ)
M.yammine#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
بيان - حول التفجير التجريبي للقنبلة الهيدروجينية في جمهورية
...
-
طلقة تحذيرية
-
التقدم العلمي والتقني واهتراء المجتمع في ظل الرأسمالية ومهام
...
-
الإرهاب سلاح الامبريالية
-
لنحافظ على الروح الثورية للماركسية!
-
مفاجأة السلطات الروسية- حول مسألة التدخل الروسي في الحرب في
...
-
اغتيال الحريري و«ثورة الأرز» وطرد الجيش السوري: حلقات مترابط
...
-
ما الذي يجعل زوغانوف يساعد بوتين؟
-
تفكك «سيريزا» والمحاولة الجديدة لخداع الجماهير في اليونان
-
-الأله كوزيا- كمرآة للسوق الروسية
-
سيل جديد من أكاذيب قديمة
-
-سيريزا رقم 2» محاولة جديدة لخداع الشعب
-
انتفاضة لبنان: اليأس أم الإصرار؟
-
مشروع الرئيس بوتين تعزيز دكتاتورية الطبقة البرجوازية
-
ميرتنز ليس مارتنز - من حزب شيوعي ذي تاريخ مجيد إلى حزب تحريف
...
-
حقائق تفضح الكذب
-
محاربة الستالينية جزء أساسي من حملة مكافحة الشيوعية
-
دفاعاً عن النظرة التاريخية
-
نضال النساء التركيات تحت راية الحزب الشيوعي
-
الفاشية وليدة شرعية ل-الديمقراطية الغربية- في عصر الأزمة
المزيد.....
-
النسخة الإليكترونية من جريدة النهج الديمقراطي العدد 583
-
تشيليك: إسرائيل كانت تستثمر في حزب العمال الكردستاني وتعوّل
...
-
في الذكرى الرابعة عشرة لاندلاع الثورة التونسية: ما أشبه اليو
...
-
التصريح الصحفي للجبهة المغربية ضد قانوني الإضراب والتقاعد خل
...
-
السلطات المحلية بأكادير تواصل تضييقها وحصارها على النهج الدي
...
-
الصين.. تنفيذ حكم الإعدام بحق مسؤول رفيع سابق في الحزب الشيو
...
-
بابا نويل الفقراء: مبادرة إنسانية في ضواحي بوينس آيرس
-
محاولة لفرض التطبيع.. الأحزاب الشيوعية العربية تدين العدوان
...
-
المحرر السياسي لطريق الشعب: توجهات مثيرة للقلق
-
القتل الجماعي من أجل -حماية البيئة-: ما هي الفاشية البيئية؟
...
المزيد.....
-
الاقتصاد السوفياتي: كيف عمل، ولماذا فشل
/ آدم بوث
-
الإسهام الرئيسي للمادية التاريخية في علم الاجتماع باعتبارها
...
/ غازي الصوراني
-
الرؤية الشيوعية الثورية لحل القضية الفلسطينية: أي طريق للحل؟
/ محمد حسام
-
طرد المرتدّ غوباد غاندي من الحزب الشيوعي الهندي ( الماوي ) و
...
/ شادي الشماوي
-
النمو الاقتصادي السوفيتي التاريخي وكيف استفاد الشعب من ذلك ا
...
/ حسام عامر
-
الحراك الشعبي بفجيج ينير طريق المقاومة من أجل حق السكان في ا
...
/ أزيكي عمر
-
الثورة الماوية فى الهند و الحزب الشيوعي الهندي ( الماوي )
/ شادي الشماوي
-
هل كان الاتحاد السوفييتي "رأسمالية دولة" و"إمبريالية اشتراكي
...
/ ثاناسيس سبانيديس
-
حركة المثليين: التحرر والثورة
/ أليسيو ماركوني
-
إستراتيجيا - العوالم الثلاثة - : إعتذار للإستسلام الفصل الخا
...
/ شادي الشماوي
المزيد.....
|