أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - عباس علي العلي - متى نفهم الله ؟.














المزيد.....

متى نفهم الله ؟.


عباس علي العلي
باحث في علم الأديان ومفكر يساري علماني

(Abbas Ali Al Ali)


الحوار المتمدن-العدد: 5067 - 2016 / 2 / 6 - 19:17
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


متى نفهم الله ؟.

عندما كان الإنسان في مرحلة الطوطمية يعيش حياته معتمدا على نظام أجتماعي وديني بسيط ولكنه شديد الارتباط بالمغيبات والقوى الخارقة وقلة المعرفة العلمية التي تفسر له وتبرر له الكثير من العلل والأحداث , كان مضطرا بحكم هذه العلاقة الغير متوازنة بين الواقع وبين القدرة العلمية والعقلية أن يكون أسير إرتهانات الأمر للغير , كان مستعدا لأن يفعل كل شيء ليؤمن وجوده ويؤمن مصادر إشباع حاجاته ويطمئن شعوره الذاتي بالخوف , كان المسئول المباشر عن ذلك الطوطم الإله الرب الذي يعبده بمقابل بالنذور والأضحية والقرابين ومختلف المهمات التي يؤديها فقط لجلب رضاه أو التوسط لتنفيذ حاجة ما , هذا الشعور لم يتغير عند الإنسان حتى بعد أن عرف الكثير وفك ألغاز وأسرار الوجود ونزول الديانات التي عرفته بما يدور أو كيف يدور .
قد يكون الفرد البشري معذورا في مثل حالات العصر الطوطمي وفي وقت أنتشار الوثنية القائمة على عبادة مشخصات قد تكون العبادة ليست لها بالتحديد وإنما بالتوسط , ولكن من غير المقبول أن نبقى في ذات الوهم وندور في فكرة الرب والوسيط والإله المرتشي الذي يقبل منا لأننا نقدم له فقط , هذا إذا كان فعلا يقبل بذلك فإنه ينحاز لمن يملك ولمن لا يملك لا يتلقى شيئا من عنايته , هذا التسليم يقدح بالعدالة الربانية كما يقدح بها حال من لا يعرف ربا ومن سيكون له واله الخالق هو المسئول عن الجميع ولا علاقة له بمن يعرفه أو لا يعرفه لأنه يعرف تماما ما خلق وما أوجد .
علاقة الله مع الإنسان علاقة ناصح ومنصوح بعيدا عن مسألة الجزاء والثواب وهذا واضح من خلال كم التعريفات التي قدم الله بها نفسه كمحب وككاره لأشياء محددة ساقها على سبيل الحصر(حبب لكم الإيمان ) و(كره لكم أن ...) , لهذا لم يصل نوع الإشكال بين الخالق والمخلوق إلى أزمة , الأزمة خلقها فهم الإنسان عندما ربط كل شيء بين الله والبشر على مفهوم الرشوة والمقابلة النفعية المحضة أو هكذا تهيأ له , تعبد الله تدخل الجنة , تصلي يرزقك الله تستغفر يبني لك قصرا في الجنة تموت من أجل الله يرفعك إلى عليين , ولدت الأزمة حين أستصغرنا عظمة الله وجعلناه يستجدي منا الإيمان أو يعرض نفسه علينا بصفة متسول أو محتاج لنا ليثبت فقط قوته المشروطة بالأغراء .
هذه التربية التي وعى الإنسان الطبيعي وجد معايير التعامل مع الخالق تجري وفق هذه الرؤية التي ترتكز على الخنوع منه مقابل استجابة من هو الأعلى ,أو بتقديم النذور أو بتقديم الأضاحي وغيرها من المفردات التي شكلت له ملامح طريق نفعي محض خال من تلقائية العلاقة بين الغني الذي لا يشعر بتقص أو بحاجة للغير كما نعرف عن الله ,بسط الإنسان هذه العلاقة وشكلها ليس في علاقته العامة مع الرب بل مع كل الأرباب ابتدأ من رب الأسرة وأنتهاء بالرب الكبير المجتمع وقيمه وقوانينه , فلا تلوموا الإنسان أذن حين يتعامل مع الكون والأخر بالنفعية المشروطة أو ما يسمى بالبرغماتية فهو يبحث عن شيء يسد له حاجة ملحة ليقدم مقابلها شيء لمن يملك أمر التسهيل كما ظن وكما علموه , فهو لا يعرف أن الحرية في الدين أن تعمل لأجل وجودك وأنت حر تبحث عن الكمال والإصلاح دون خوف من أن تحصل على مقابل موعود أو تخرج فقط بما هو إيجابي يمثل حقيقتك كإنسان ناجح .
لقد صنعوا من هذا الإنسان الطبيعي لاجئ داخل منظومة القيم الدينية التي من المفترض أن تشكل له خارطة طريق يعتمدها في وجوده أو يستفيد في جزء كبير منها لينظم ويتعرف ويسخر ما حوله كما في أصل النظرية ليصل لفهم قوانينها دون أن يربط مصير النتائج المرجوة بغيره ودون مبرر , النجار حينما يعمد لصنع كرسي من اخشب فهو متوفر على المنهج والفكرة والوسيلة ولا علاقة لغير ذلك بالقضية .
الفرد الإنساني عندما يسعى لمشروع ما ويقدم دراسته العلمية والعملية والاحترافية فإنه بالحقيقة ينجز ما هو المطلوب ولا يعلق ذلك على الغير , في هذه الحالة مثلا الكثير من الناس أبدعوا ونجحوا وأرتقوا سلم المعرفة ولم يرشوا ربهم ولم يقدموا نذورا له , في المقابل نجد ألاف بل الملايين من البشر الذين يفعلون كل ما قيل لهم وينفقون الجهد والمال وهم لم يتقدموا خطوة بأنتظار أن يقدم له الرب المرتشي ما يريدون وبالنتيجة نرى المجموعة الأولى تتنعم بالنعيم والمجموعة الثانية تحت خط الفقر وتحت خط الإنسانية , أذن من المسئول عن هذا التفاوت في العلاقة هل هو الله أم المؤسسة الكهنوتية التي لم تفهم الله كما هو وتريدنا أ نتبع خطاها بكل دقة .



#عباس_علي_العلي (هاشتاغ)       Abbas_Ali_Al_Ali#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مقدمة في التغيير السياسي في العراق
- المدنيون وقراءة فكر الإسلام السياسي
- تقنيات التسلط ووسائلها
- مستقبل العمل المدني وضمان الديمقراطية
- لماذا تأخر العراق وتقدم الأخرون
- صناعة العقل الجمعي ودورة كظاهرة أجتماعية 3
- صناعة العقل الجمعي ودورة كظاهرة أجتماعية ح2
- صناعة العقل الجمعي ودورة كظاهرة أجتماعية
- دعوى لاستخدام الحياة
- العراق والتنازع الإقليمي وأسبابه
- لوحة سوريالية ليوم البعث
- إشكالية العراق الاقتصادية , أسباب وحلول ح1
- أستئذاب الأنا وخطيئة الافتراس الإنساني
- نحن أبناء الله
- تعرية الإرهاب 4
- تعرية الإرهاب 1
- تعرية الإرهاب 2
- تعرية الإرهاب 3
- أفترض
- القروية والديمقراطية في السياسة العراقية ح1


المزيد.....




- طلع الزين من الحمام… استقبل الآن تردد طيور الجنة اغاني أطفال ...
- آموس هوكشتاين.. قبعة أميركية تُخفي قلنسوة يهودية
- دراسة: السلوك المتقلب للمدير يقوض الروح المعنوية لدى موظفيه ...
- في ظل تزايد التوتر المذهبي والديني ..هجوم يودي بحياة 14 شخصا ...
- المقاومة الاسلامية بلبنان تستهدف قاعدة حيفا البحرية وتصيب اه ...
- عشرات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى
- مستعمرون ينشرون صورة تُحاكي إقامة الهيكل على أنقاض المسجد ال ...
- الإعلام العبري: المهم أن نتذكر أن السيسي هو نفس الجنرال الذي ...
- ثبتها فوراً لأطفالك.. تردد قناة طيور الجنة 2024 على نايل سات ...
- الجنائية الدولية تسجن قياديا سابقا في أنصار الدين بمالي


المزيد.....

- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - عباس علي العلي - متى نفهم الله ؟.