محمود القبطان
الحوار المتمدن-العدد: 5067 - 2016 / 2 / 6 - 15:04
المحور:
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
من الذاكرة العراقية
التصقت ذاكرتي بشهيد عملت معه فترة غير قليلة من الزمن حزبيا, كان ذو مزاج جميل لكنه في بعض الأحيان حاد لاسيما في بعض المسائل الحزبية لكنه لا يحمل حقدا على أحد في النهاية.ذهب الى العراق بقرار حزبي في 1979 في قمة الهجمة على الشيوعيين والقوى الوطنية التقدمية,رحل بوداع بسيط لزوجته الرائعة دون أن يخبرها الى أين هو ذاهب ودون أن يسمح لها بتوديعه في المطار.لقد ودعه رفاقه هناك في مطار بودابست في طريقه الى مهمته في العراق حيث احلامه وآماله المستقبلية وحبه اللامحدود لوطنه وحزبه.ترك ابنه في عمر ال9 أشهر لكنه اعتقل من قبل المخابرات العراقية بعد اقل من نصف سنة من نفس العام.
ذهبت المنظمة الى زوجته حيث أخبروها انهم يريدون تناول الفطور عندها,تقول زوجته المخلصة حيث أحسّت كزوجة وأم بأن شيأ قد حدث,جاء الرفاق وأخبروها بما حدث.ومن ذلك الوقت أختفت أخباره ولم يعثروا على جثته حتى في المقابر الجماعية,تضيف زوجته.لقد وقف معظم الرفاق مع عائلة الشهيد موقفا مشرفا داعما خلال كل الفترة التي امضتها في المجر ولحين انتقالها الى انكلتر لقد كان إبن الشهيد محل اهتمام خاص معظم العراقيين المتواجدين في بودابست .وحسب ما علمت من زوجة الشهيد انها حصلت على راتب مع بساطته بعد سقوط النظام الصدامي الفاشي حيث اعتبر زوجها شهيدا لفترة الى انقطع عنها الراتب بسبب من مُسبب حاقد لئيم وبالرغم من محاولات السيدة المنكوبة بزوجها الشهيد في استجاع الراتب لكنها لم تثمر عن نتيجة لحد الآن.
اليوم وأنا أرى الفلم الذي أخرجه المخرج السينمائي العراقي قتيبة الجنابي حيث تكلمت زوجة الشهيد يوسف الخطيب أم بسيم خالدة مصطفى عن مسيرة حياة الشهيد وعلاقتها به وتلبيته لقرار الحزب بالسفر للوطن في قمة الهجمة الفاشية على الحزب في العراق من قبل النظام الفاشي الصدامي ودموعها تنهمر بين فقرة وفقرة نرى بسيم الطفل الذي كنا نداعبه في بودابست الان رجلا كبيرا وقويا تزوج وقد وُلِدَ له ابنا وقد وضع صورة ابيه الشهيد ,برسم التاتو,على ساعده الأيمن وكتب تحت الصورة يوسف بالعربي مع إن لهجة بسيم ضعيفة بعض الشيئ لكنها مفهومة جدا قال حتى اتذكر ابي دوما وان لم أراه.اية زوجة رائعة هذه أم بسيم حيث تربي ابنها على حب أبيه من دون أن يراه؟أية تضحية قامت بها هذه الزوجة والتي مازالت تتكلم باللهجة الموصلية ولم تغّيرها بالرغم من إن معظم اصدقاءها من بوادابست الى انكلترا من الوسط والجنوب.تتمتع بحسن المعشر ومُنكِتَة بإمتياز.مع دموعها المنهمرة في لحظات تذكرها زوجها الشهيد تنزلق دموعي بهدوء لا إرادي ايضا...فهل هناك من يستطيع ايقاف دموعه عندما يتذكر صديقا ورفيقا استشهد من اجل وطنه وشعبه وحزبه؟
د.محمود القبطان
20160206
#محمود_القبطان (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟