عزيز بولطباق
الحوار المتمدن-العدد: 5066 - 2016 / 2 / 5 - 19:53
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
من المهم أن نطابق أوضاعا تاريخية بأخرى معاصرة كي نقوم باستشراف معين لوضع ما ،لكن حتى لو غمر الحدث المعاصر كثير من المتطابقات و المتشابهات مع الحدث التاريخي فليس من الضروري أن تكون المقارنة و الاستشراف بالنتائج أو الحلول دقيقا أو صحيحا، مثلا نرى المرحبين بالتجربة الأوروبية يهللون بها دون أن يتناقشوا أصول هذه التجربة، المعطيات متشابهة فعلا لحد كبير حيث أن سطوة الدين تؤثر على المفاهيم الجمعية و المدركات المشتركة للأفراد خاصة مع الفقر و الانسدادات الاقتصادية و قلة الحيلة أمام الرأسمالية الإقطاعية، لكن المعادلات الإنسانية تختلف تمام الاختلاف عن تلك الفيزيقية، كلنا يعلم أن حامضي زائد قاعدي يعطينا ملح و ماء، و من المستحيل أن السلطة الحامضة زائد الدين القاعدي يعطينا اقتصادا مليحا و بنية هيدروليكية مائية تكفينا الجفاف !!
تتشكل الصعوبة لدينا في ترتيب المعطيات وليس في حصرها، حيث أنه زمن التجربة الأوروبية كانت الكنيسة هي السلطة الأولى يليها أصحاب النفوذ و الحكم، ثم جاء فولتير و أمثاله من المفكرين ليزرعوا تلك المفاهيم النابعة من ثقافتهم الأصيلة بين الشعب كي يؤسسوا أرضية بداية التنوير ثم الحداثة ما يعني أنه كان مسارا طبيعيا للأحداث، أما عندنا فإن سلطة الدين متوافقة بشدة مع سلطة الحكومات وحين الضرورة تقوم السلطة الحكومية بخوزقة السلطة الدينية، من المستحيل أن تتآلف لنا الأسباب المؤدية لتأسيس أرضية ينطلق منها التنوير في غياب أهم جزئين وهما فولتير العرب و القاعدة المشتركة النابعة من ثقافة الشعب العربي الأصيلة وفقط، طبعا لا يوجد مانع أبدا في الاستفادة بالتجارب و استمداد الخبرة التاريخية لكن استيراد ثقافة أخرى و تطبيعها قسرا على ثقافة أخرى يعتبر ضربا من ضروب المستحيل وهو أشبه ما يكون شكل كروي على صندوق مكعب يساويه في الحجم !!
#عزيز_بولطباق (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟