|
عودة حق المشاركة السياسية إلى المغاربة المقيمين بالخارج
مصطفى عنترة
الحوار المتمدن-العدد: 1377 - 2005 / 11 / 13 - 11:19
المحور:
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي
ما هي طبيعة العوامل التي تحكمت في قرارات الملك محمد السادس بخصوص مسألة المشاركة السياسية؟ وما هي الأسباب التي كانت وراء تعثر التجربة البرلمانية السابقة (84ـ 92)؟ وكيف استقبل المجتمع المدني بالمهجر القرار الملكي؟ هذه الأسئلة وغيرها تشكل محاور هذه الورقة.
بعد انتظار دام أزيد من خمس سنوات، فتح الملك محمد السادس ورش التمثيلية السياسية للمغاربة المقيمين بالخارج بوصفه أحد الأوراش الهامة في مسلسل الدمقرطة ببلادنا على اعتبار أن المواطنة بالنسبة لأبناء المغرب المقيمين بالمهجر تبقى غير كاملة بسبب حرمانهم من حق المشاركة السياسية.
* الحــــدث: شكل خطاب الملك محمد السادس بمناسبة ذكرى المسيرة الخضراء الحدث البارز وذلك لأهمية القرارات التي اتخذها في الشق المتعلق بمسألة التمثيلية السياسية، والتي لا يمكن لأي متتبع لقضايا الهجرة إلا أن يرتاح لمضمونها الإيجابي في انتظار إعمال الحكومة على ترجمتها على أرض الواقع. ولعل البيانات التي صدرت من قبل بعض المكونات المدنية بأوروبا عقب هذه المبادرة مؤشر على التجاوب النوعي مع محتوياتها. فدور الجالية المغربية في التنمية الاقتصادية غير خاف على أحد وتؤكده بالملموس طبيعة الأرقام التي تجنيها خزينة المملكة من التحويلات الهامة لأفرادها من العملة الصعبة في مختلف بقاع الكرة الأرضية، أكثر من ذلك أن بعض القطاعات كالبناء عرفت في السنوات الأخيرة انتعاشا ملحوظا من قبل أفراد هذه الجالية بفعل استثماراتها فيه، مما يفيد أن لها دور حيوي في تحريك عملية الاقتصاد الوطني، في حين يبقى دورها السياسي شبه منعدم بفضل حرمانها من المشاركة السياسية لأسباب غير منطقية... وجدير بالإشارة في هذا الباب إلى أن جزءا هاما من المغاربة المقيمين بالخارج منظم في إطار تنظيمات مدنية وأخرى سياسية، ويمتلك من الأهلية والكفاءة والخبرة التي تساعده على المساهمة في مسلسل التنمية خاصة وأن المغاربة هناك يتقاسمون مع إخوانهم هنا قضايا متعددة كالـدمقرطة، التنمية المستديمة، حقوق الإنسان.. ومن هذا المنطلق نعتقد أن قرار الملك محمد السادس بإعادة حق المشاركة السياسية لأبناء المغاربة في المهجر، قرار صائب وذو بعد استراتيجي لكونه: أولا : يعيد الثقة السياسية إلى المغاربة المقيمين بالخارج ويدفعهم بالتالي إلى الخروج عن دور المتفرج، وذلك من خلال فتح باب المشاركة السياسية أمامهم. ثانيا: يكسر "الطـابو" المتعلق بالمشاركة السياسية للمهاجرين خاصة وأن بعض الجهات كانت تستبعد هذه المشاركة تحت مبررات أمنية، كالخوف مثلا من التيارات الإسلامية التي تغزو العديد من الفضاءات بالخارج. ثالثا: يساهم في خلق التواصل مع المغاربة هناك بشكل قانوني ومؤسساتي، خاصة إذا تمت مراعاة الشفافية والنزاهة والديمقراطية في هذه التمثيلية. رابعا: يرسم مفهوما جديدا للسلطة في علاقتها بقضايا المهاجرين، غير ذلك المفهوم الذي كان قائما على شعار "عمالنا في الخارج"، حيث كان ينظر إلى المغاربة في الخارج وكأنهم مجرد بقــرة حلوب، يتم الاحتفال بدخولهم إلى أرض الوطن في بداية كل موسم الصيف ضمن إطار فلكلوري يؤطر رجال السلطة وبعض المنتخبين ومسؤولي الوداديات ..
* التحـــول: مما لاشك أن التطورات الأخيرة التي عرفها ملف الهجرة السرية على وجه الخصوص وموقف بعض الجمعيات المدنية بأوروبا خاصة تلك التي ينشط داخل هياكلها مواطنون مغاربة، والتي لم تكتف بالتنديد والاستنكار في البيانات والبلاغات الصحفية، بل قامت بتنظيم وقفة احتجاجية أمام إحدى القنصليات بفرنسا، فضلا عند تداعيات "انتفاضة" الشباب الفرنسي المنحدر من أصول إفريقية وعربية، وقبل ذلك انعكاسات مقتل المخرج السينمائي الهولندي على يد أحد المغاربة على صورة المغرب.. فهذه العوامل وغيرها قد يكون لها دورا في الإسراع في فتح ورش التمثيلية السياسية للمغاربة بالخارج، لكن الأكيد أن الانتظارات السياسية للمجتمع المدني بالخارج غير وليدة اليوم، فقد سبق للبعض منها أن نظم ندوات وموائد مستديرة وعقد لقاءات مع مسؤولي الأحزاب السياسية ومنظمات المجتمع المدني ووسائل الإعلام حول انشغالات المغاربة في المهجر وتصوراتهم لمعالجة المشاكل التي تتخبط فيها البلاد. وفي هذا السياق كان المؤتمر العالمي للمغاربة المقيمين بالخارج على سبيل المثال لا الحصر قد سطر برنامجا طيلة السنوات الثلاث الأخيرة حول مسألة التمثيلية السياسية، جزء من محاور هذا البرنامج رأى النور بالمغرب وبلجيكا وفرنسا.. والبعض الآخر ما زال ينتظر توفر شروط نجاحه كما هو الحال بالنسبة للندوة الوطنية التي كان مقررا تنظيمها بشراكة مع مجلس المستشارين حول موضوع المجلس الأعلى للهجرة. عرف المغرب إبان التجربة البرلمانية للفترة الممتدة ما بين 84 و1992 مشاركة المغاربة في الخارج، حيث تضم رسم تقطيع انتخابي يتمثل في خمس دوائر، وقد أسفرت الانتخابات التشريعية على تمثيلية كل من عقا الغازي باسم الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية مع دعم قوي للكونفدرالية العامة الشغل بمنطقة جنوب فرنسا، إبراهيم برباش بمنطقة عيون ودعم حزب الوسط الاجتماعي، مرزوك أحيدار باسم الاتحاد الدستوري بمنطقة بروكسيل، ورشيد لحلو مدعم من طرف حزب الاستقلال عن منطقة مدريد بإسبانيا..إلخ. وقد عرفت البلاد في ظل هذه التجربة مكاسب كإحداث بنك العمل، ومؤسسة الحسن الثاني للمغاربة المقيمين بالخارج..إلخ لكن نتائجها السياسية طلت محدودة، وتعود أسباب تعثر هذه التجربة إلى عدة عوامل نسوق منها ما يلي: ـ أن التقطيع لم يراع التنوع الذي يميز الجالية المغربية والحقائق المحلية ـ تغيير بعض النواب لألوانهم الانتخابية كما هي عادة العديد من نوابنا الرحل!! ـ عدم الحضور الفاعل والفعال لممثلي الجالية المغربية داخل مجلس النواب، إذ أصبح هؤلاء مجرد ممثلين لأنفسهم داخل غرفة تكمن وظيفتها في تسجيل القرارات. وقد عرفت هذه التجربة إحداث وزارة تعنى بشؤون الهجرة وضع على رأسها رفيق الحداوي، ثم في محطة ثانية أسندت مسؤوليتها إلى الوردي، قبل أن يتولى شؤونها لحسن كابون المحسوب عن الحزب الوطني الديمقراطي كنائب لكتابة الدولة في وقت اشتد تنافس الهيئات السياسية على المنشأة إلى نفوذها. أكثر من ذلك أن قضايا المغاربة بالخارج أصبحت تتداخل بين قطاعات حكومية متعددة قبل أن يتم فصلها وجعلها محسوبة على مؤسسة الحسن الثاني للمغاربة المقيمين بالخارج.. وكان المتتبعون والمراقبون للشأن العام بالمغرب ينتظرون من حكومة "التناوب التوافقي" أن تعيد إحياء هذه الوزارة خاصة وأن وزيرها الأول عبد الرحمان اليوسفي يعرف جيدا هذا الملف لكونه قضى مدة لا بأس بها في المهجر( فرنسا)، لكن ذلك لم يتحقق، في حين ظلت قضايا المهاجرين تتداخل فيها عدة قطاعات حكومية، وستبعث هذه الوزارة من جديد مع حكومة التقنوقراطي إدريس جـطو، حيث تم إسناد شؤونها إلى الاتحادية نزهة الشقروني تحت وصاية وزارة الخارجية. ومعلوم أن الجالية المغربية المنتمية إلى بعض البلدان كالجزائر وتونس يتمتع أفرادها بحق المشاركة السياسية، نفس الأمر بالنسبة لغالبية البلدان الأوربية لكون الحق في المشاركة يعد جوهر المواطنة. من المؤكد أن القرار الملكي المذكور ذو بعد استراتيجي، لكن نعتقد أن الدوائر المسؤولة مدعوة إلى الانكباب على مقاربة عقلانية لهذه المشاركة السياسية بدءا من التقطيع الانتخابي في ما يتعلق بتمثيلية المغاربة في الخارج وانتهاء بانتقاء وجوه وكفــأة وذات مصداقية ونزاهة ومعروفة باشتغالها بملف الهجرة والدفاع عن قضايا المغاربة في الضفة الأخرى في ما يخص التمثيلية داخل المجلس الأعلى للهجرة الذي سيترأسه الملك. ونعتقد أن الوقوف عند الأخطاء التي عرفتها التجربة السابقة يعد بمثابة أحد المدخل السليمة لتمثيلية سياسية حقيقية وهادفة عوض تمثيلية شكلية الغرض منها تلميع صورة المغرب في الخارج.
#مصطفى_عنترة (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
تباين الطروحات السياسية والمدنية حول حاجة وكيفية الإصلاح الد
...
-
تأملات حول موقف عباس الفاسي الأمين العام لحزب الاستقلال من م
...
-
ماذا أضاف وزير يساري إلى قطاع العدل بالمغرب ؟
-
إدريس البصري، وزير الداخلية الأسبق وخبير في شؤون المنطقة الم
...
-
سعيد شرشيرة، رئيس الكونغريس العالمي للمغاربة القاطنين بالخار
...
-
رسائل عبد الكريم مطيع الموجهة إلى النظام السياسي المغربي
-
في انتظار الملك محمد السادس الملك عبد الله بن عبد العزيز يلغ
...
-
أحمد رضى بنشمسي، مدير أسبوعية -تيل كيل-، يتحدث عن سياق وخلفي
...
-
حراس الأمن الديني بالمغرب
-
تأسيس الحزب الأمازيغي بالمغرب: حاجة مجتمعية أم مغامرة سياسية
...
-
الدلالات السياسية والرمزية لتعيين حسن أوريد على رأس ولاية جه
...
-
إعلاميون، انفصاليون، إسلاميون.. يساهمون في إفراز -نـداء المو
...
-
المقدس في الصحافة المستقلة بين تجربة حكومتي عبد الرحمان اليو
...
-
أحمد الـدغرني، يشرح أسباب تأسيس الحزب الديمقراطي الأمازيغي
-
إدريس البصري، وزير الدولة والداخلية الأسبق، يتحدث عن أحداث ا
...
-
الأمـــازيغية والمقاربــات الثـــلاث
-
تنامي الأصوات السياسية والمدنية المطالبة بالإصلاحات الدستوري
...
-
الباحث أحمد عصيد، يعرض تصوره حول مسألة ترسيم الأمازيغية في ا
...
-
محمد حنداين، نائب رئيس الكونغرس العالمي الأمازيغي، يشرح أسبا
...
-
نص رسالة الشبكة الأمازيغية من أجل المواطنة إلى عميد المعهد ا
...
المزيد.....
-
المدافن الجماعية في سوريا ودور -حفار القبور-.. آخر التطورات
...
-
أكبر خطر يهدد سوريا بعد سقوط نظام الأسد ووصول الفصائل للحكم.
...
-
كوريا الجنوبية.. الرئيس يون يرفض حضور التحقيق في قضية -الأحك
...
-
الدفاع المدني بغزة: مقتل شخص وإصابة 5 بقصف إسرائيلي على منطق
...
-
فلسطينيون يقاضون بلينكن والخارجية الأمريكية لدعمهم الجيش الإ
...
-
نصائح طبية لعلاج فطريات الأظافر بطرق منزلية بسيطة
-
عاش قبل عصر الديناصورات.. العثور على حفرية لأقدم كائن ثديي ع
...
-
كيف تميز بين الأسباب المختلفة لالتهاب الحلق؟
-
آبل تطور حواسب وهواتف قابلة للطي
-
العلماء الروس يطورون نظاما لمراقبة النفايات الفضائية الدقيقة
...
المزيد.....
-
عن الجامعة والعنف الطلابي وأسبابه الحقيقية
/ مصطفى بن صالح
-
بناء الأداة الثورية مهمة لا محيد عنها
/ وديع السرغيني
-
غلاء الأسعار: البرجوازيون ينهبون الشعب
/ المناضل-ة
-
دروس مصر2013 و تونس2021 : حول بعض القضايا السياسية
/ احمد المغربي
-
الكتاب الأول - دراسات في الاقتصاد والمجتمع وحالة حقوق الإنسا
...
/ كاظم حبيب
-
ردّا على انتقادات: -حيثما تكون الحريّة أكون-(1)
/ حمه الهمامي
-
برنامجنا : مضمون النضال النقابي الفلاحي بالمغرب
/ النقابة الوطنية للفلاحين الصغار والمهنيين الغابويين
-
المستعمرة المنسية: الصحراء الغربية المحتلة
/ سعاد الولي
-
حول النموذج “التنموي” المزعوم في المغرب
/ عبدالله الحريف
-
قراءة في الوضع السياسي الراهن في تونس
/ حمة الهمامي
المزيد.....
|