|
حرب قصف العقول وكسب القلوب:الحلقة الخامسة
سعد سلوم
الحوار المتمدن-العدد: 1377 - 2005 / 11 / 13 - 11:17
المحور:
الصحافة والاعلام
موسم لمطر جديد في عيد الشرق الأوسط الكبير حين حل موسم الفضائيات العربية على صحراء الانغلاق والتحجر،مر لاول مرة في تاريخ العرب الحديث غيم جديد محمل "بالرأي والرأي الآخر"، وساق الغيم الذي تخلله رعد "الاتجاه المعاكس" ريح الاعتراف بأنّ هناك "أكثر من رأي" وحوار "بلا حدود". وطفت إلى سطح بحر الدكتاتورية الميت " الجزيرة" التي عدت نجاحا عربيا_وأخيرا نجح العقل العربي في أنتاج شيء ذي بال!-، صفق المصفقون وناح الباكون ونبح المنتقدون، ووصل الامر إلى حد دفع البعض للقول في وصف تأثيرها: (ان الجزيرة هي الدولة التي عاصمتها قطر) ،لكن الانتباه الى درجة التحول النوعي التي تمر بالمنطقة باتت تحت طائلة الحذر المرتعب بالنسبة للانظمة الحاكمة.ومطر الغيم الجديد سببت قطراته تساقط صبغة الأنظمة العصماء الكاذبة فتبين عريها وشيخوختها تدريجيا أمام مواطنيها. وقد أدركت الولايات المتحدة مدى التأثير الذي وصلته الجزيرة،وبات النقد يتشكل في خطاب ينصب على السيئات الكبيرة لخطابها الإعلامي وغياب الخط المعتدل والتركيز على الحالات المتطرفة وتغذية العداء لأمريكا وتأييد العنف المستشري والموجه ضد المصالح الامريكية. وغفل هذا النقد عن حجم الثورة التي أحدثها حدث الجزيرة في المشهد الإعلامي في المنطقةفقد اعتاد المتلقي في منطقتنا العربية ان تفكر عنه حكوماته وتهندس أفكاره وتقولب اراءه وتجر وسائل الإعلام، خلفها بحبل السيطرة الكاملة على العقول والأفكار ولكنه بات يرى القصر الرملي لسلطته يتفتت بماذا؟ بالكلمات! بنقاشات تسمي الأشياء باسماءها! وفي الجانب الاخر من الجزيرة انتعشت أعشاب نظرية المؤامرة على حافات هذا النجاح الهائل الى حد قيل بأنها صنيعة اسرائيلية ، بل انها توجه إحباطات الشارع العربي بعيداً عن الحكومات إلى صيغة تلفزيونية!وبالتالي فهي خير منفذ لامتصاص النقمة واعادة انتاجها على مستوى اخر يبعد عن الحكومات شبح التغيير؟!! وهذا النجاح العربي الوحيد على ساحة الانجاز الجرداء والذي قد يدفع بالعقول والقلوب في المنطقة للتشكل على نمط لا يرضي المصالح الامريكية ،دفع الولايات المتحدة لانشاء محطات منافسة قادرة على الارتقاء بمستواها لتوازي هذا النجاح وتتنافس على الساحة فجاء إنشاء قناة الحرة وقد ذهبت صحيفة "الحياة" اللندنية الى إن "الحرة" تعد أكبر مشروع إعلامي - سياسي غربي طموح موجه للعرب منذ إطلاق القسم العربي في هيئة الإذاعة البريطانية "بي بي سي" عام 1934، و"صوت أمريكا" بالعربية العام .1942.
جاءت الحرة(إضافة للحرة –عراق لاحقا") في وقت بلغ فيه العداء للولايات المتحدة أشده لا سيما بعد احتلال العراق لتغطي مفاصل المشهد الملتهب للمنطقة وتقديم صورة مغايرة أو اقل تطرفا وبما يعكس توجهاتها الليبرالية لا سيما وان أطلاقها جاء متزامنا مع حلول موسم العيد الكبير الموسوم "بالشرق الأوسط الكبير" الذي يحتم على الحكومات العربية الرشيدة إجراء إصلاحات سياسية قبل ان ينطلق الطوفان ويغرق انجازاتها العظيمة! وفي هذا السياق جاء حوار الرئيس الامريكي جورج دبليوبوش في القناة تعبيرا عن الاهتمام والتعويل على هذه القناة حيث خص الرئيس دبليو القناة بحوار يبث مقتطفات منه السبت 14-4-2004 على أن يذاع كاملا الأحد 15-2-2004، وتحدث فيه بوش عن مشروع "نشر الديمقراطية في العالم العربي"، ومواضيع أخرى تتعلق بالسياسة الأمريكية حيال كل من سوريا وإيران والمملكة العربية السعودية.وكان الرئيس بوش قد أعلن في يناير 2004 أن أمريكا والعالم الغربي "ارتكبا خطأ كبيرا على مدى 60 عاما مضت عندما غضت النظر عن غياب الديمقراطية في الشرق الأوسط بهدف المحافظة على مصالح آنية". لقد تذكرنا الرجل الاميركي أخيرا ،شكرا للسيد دبليو بوش،! وقد ترك الحوار الذي خص به الرئيس بوش القناة انطباعا بعدم استقلالية وحيادية قناة الحرة الفضائية لا سيما وان مدير عام المحطة موفق حرب قد بدأ المقابلة بإعطاء الملاحظة للرئيس الامريكي: أن الحرة وتمشيا مع التقليد الأمريكي الصحفي العريق ستسأله أسئلة صعبة ولن تتردد في إثارة المواضيع الحساسية ولكن ما جرى في اللقاء جاء عكس ذلك..فمثلا قال حرب للرئيس ضمن سؤال عن الحرب الامريكية ضد العراق (عندما دخلنا العراق) وكأن السائل والمجيب طرف واحد. وهو الدرس الأول في صناعة الاعلام لاي اعلامي مستقل كي يتجنب الوقوع فيه فمبدأ الاستقلالية وحرية الاعلام مبني على المسافة بين السائل والمجيب وان السائل ليس طرفا بل هو باحث عن الحقيقة.(صباح ياسين،احتكار الأعلام في السياسة الأمريكية:الحرة إلا في الحقيقة،مجلة المستقبل العربي، العدد303لسنة2004).
قراءة في خريطة النجاح
وفي رأي الكثيرين فقد نجحت الحرة في رسالتها بما يتفق وفهم طبيعة المتلقي العربي وأخذت بنظر الاعتبار رجل الشارع والمثقف في آن واحد، حيث تفاعلت مع الشريحة الكبرى من المشاهدين، بما يرضي جميع الاذواق من خلال برامج المنوعات ومبارايات كرة القدم ، وتقديم الاخبار على نحو حرفي متطور، وهو ما يشكل عامل جذب للمواطن العادي والبسيط ، في نفس الوقت الذي ركزت على هموم وقضايا المثقفين الذين هم بأمس الحاجة لمن يلتفت أليهم ويوفر منبرا لأفكارهم ولطموحاتهم لا سيما قطاع من المثقفين الذي يحلم بالنموذج الأمريكي و الذي شكل بالتالي الرصيد الطبيعي لهذه القناة. ومن هنا كان نجاحها ينبع من إدراكها لبعض الحقائق التي تتحكم في قطاع الأعلام العربي بل إن هناك بعض الإحصائيات فاجأت الأمريكيين أنفسهم: راديو سوا يجلب 15 مليون مستمع, و قناة الحرة نجحت إلى حد كبير في جلب اهتمام المشاهد العربي, حيث أكدت نتائج المسوحات التي أجريت ستة اشهر فقط من بدا بثها أنها تحضا لا فقط بمتابعة شعبية كبرى و إنما بمصداقية أيضا كما يذهب الكثير من المدافعين عن الحرة انها تحقق خرقا مهما في العالمين العربي والإسلامي عبر إضافاتها إلي تعددية المشاهد المقدمة للعرب، ولا سيما المشاهد التي تقدمها فضائية الجزيرة القطرية، التي تعتبرها واشنطن منحازة، وفضائية العربية الممولة سعوديا.وقال نورمان باتيز، رئيس مجلس محافظي لجنة الشرق الأوسط التي تشرف علي الحرة ليونايتد برس انترناشونال: لقد نجحنا بكل المقاييس. إننا في موقع أكثر تقدما من الذي توقعنا أن نكون فيه في هذا الوقت .وهناك اراء عربية تلاحظ قصة هذا النجاح حيث قال العربي شويخة، المحاضر في معهد الصحافة والدراسات الإعلامية في تونس، أن تلفزيون الحرة يساهم في تعزيز التعددية الإعلامية ويساهم في تعددية الرأي .وتزعم احدى الدراسات بأن الحرة حققت خرقا في مصر والأردن والكويت ولبنان والمغرب والسعودية والإمارات العربية المتحدة. وأفاد 71% من الذين شملهم الاستطلاع أن تغطية الحرة الإخبارية هي إما موثوق بها جدا أو موثوق بها نسبيا . ان اسباب النجاح اذا ما صدقنا هذه الارقام ترجع الى انه قد توفر لهذه القناة ما لم يتوفر لغيرها من مدخلات النجاح من توفر مصادر المعلومات والانفراد في العمل الصحفي، بسبب الدعم السياسي الكبير من الإدارة الأمريكية، إذ يتحول مراسل قناة الحرة من صحفي إلى قناة للحوار المباشر بين المسئولين من الدول العربية ومختلف دول العالم مع المسئولين في الإدارة الأمريكية.وعلى الرغم من النجاح الذي كتب للحرة والمسلح بالامكانيات المالية الهائلة التي وفرها الكونغرس الاميركي لها مع توفر إمكانيات فنية وخبرات صحفية هائلة للعاملين في القناة.إلا أن مستوى التحديات ما زال ماثلا لا سيما وإن الرأي العام في المنطقة حساس للخطاب الدعائي والتسويقي والترويجي وهو الخطاب الذي يمتلك الرأي العام العربي خبرة في تلقيه بمقدار التاريخ الطويل لأنظمته الحاكمة. كما لاحظنا بشكل ميداني وعبر أستطلاع اراء الكثير من المثقفين العراقيين ان القناة تحظى باهتمام بالغ ومتابعة جيدة لا سيما وانها وفرت-الحرة عراق- منبرا ينشط من خلاله المثقفون العراقيون ويتبادلون الحوار بشكل لاتشنج فيه على نحو تميز بشكل واضح عن القنوات الأخرى الناشطة داخل العراق،وعلى نحو موضوعي غير متحيز لجهة سياسية أو لتوجه ايديولوجي ضيق. وعلى الرغم من تأكيد استقلالية القناة وحياديتها ومهنيتها العالية الا انها واجهت ردود الافعال الجاهزة والمقولبة في صيغة العداء تجاه كل ما هو أمريكي فقد نقلت صحيفة "الحياة" اللندنية عن موفق حرب مدير عام القناة تأكيده على استقلالية القناة حيث ذهب حرب الى : "إن الحرة لن تكون امتدادا للسياسة الأمريكية في المنطقة، ولن تخضع لوزارة الخارجية أو الإدارة الأمريكية. كما أوضح أن مجلس أمناء البث "سيعمل بمثابة جدار واقٍ لحماية استقلال الإعلاميين العاملين في القناة من الضغوط التي قد يتعرضون لها من أي طرف.. وعلى نحو أكثر تفصيلا وبما يعكس الرغبة العارمة في تغيير القناعة بكون القناة محض بوق يفصح أو يعبر عن القناعات الأمريكية فحسب أضاف حرب: "الجميع يدرك أن النظام في أمريكا ليس أحاديا؛ إذ إن وجود الحزبين في المجلس سيعطينا هامش الحرية المطلوب للمحافظة على المصداقية وضمان عدم تحول القناة بوقا إعلاميا لأي أجندة سياسية"، على حد قوله.وأضاف: "البعض يعتقد أن تمويل الكونجرس سيكون عائقا في وجه تحقيق أهدافنا أو عالة علينا، وهذا ليس صحيحا، بل بخلاف ذلك سنستخدم العلاقة مع الحكومة للدفاع عن حرية الصحافيين العاملين في القناة واستقلالهم في تنفيذ مهماتهم على أكمل وجه. ولكن الى أي مدى كان لكلام حرب تأثير مقنع ازاء جدار القناعات الصلب.
قراءة في خريطة ردود الأفعال المعادية:
ولو قدمنا قراءة في خريطة ردود الأفعال النمطية تجاه هذا المشروع الأمريكي الذي يمثل حلقة قوية في حرب العقول والقلوب لتبين مقدار العداء السافر تجاه الولايات المتحدة وصورتها في الإدراك العربي : 1-العربية السعودية: هذه الدولة التي هي قبلة العالم الاسلامي ومن دول المركز فيه والتي تجمعها بالولايات المتحدة علاقات عميقة تضررت بفعل انهيار البرجين التؤامين في نيويورك لم تخل من ردود فعل متطرفة فقد نقلت صحيفة الحياة الدولية ان قاضيا سعوديا أفتى بتحريم مشاهدة قناة الحرة الفضائية الأمريكية والأعلان والعمل فيها!.ونقلت عن الشيخ ابراهيم بن ناصر الخضيري الذي ذكرت أنه قاض في المحكمة الكبرى بالعاصمة السعودية الرياض قوله "هذه القناة تعرض الفساد والعاملون فيها عملاء لأمريكا.وأضاف الخضيري أن هدف الحرة "هو تسهيل الهيمنة الأمريكية على النواحي الدينية والسياسية والاجتماعية في العالم... انها قناة موجهة الى العرب بهدف اضعافهم والسيطرة عليهم."وتابع أن "الحكومة الامريكية لن تقبل أن يُقال على هذه الشاشة إلا ما تريد وما ترغب فيه... الحرب الدائرة حاليا فكرية يرجى من ورائها طمس الهوية العربية ومعالم الدين الاسلامي." ووصف الحرة بأنها "امتداد للاذاعات المعادية للاسلام الداعية الى الكفر بالله. والغريب في ما ذكرته صحيفة الحياة ان الخضيري قال وهو يشير الى أن شعار القناة هو "خيل ضائعة" ان "هناك رموزا دينية تخفى على غير المتخصصين لا يفهمها الا متخصص في الدين؟!!!.ويشير الخضيري الى أن القناة ربما أرادت الاشارة الى استهدافها ضياع الاسلام باعتبار أن الخيل كانت وسيلة غزواته وفتوحاته. حسنا: ربما نذهب كثيرا في الخيال مع هذا الشيخ الجليل للقول بان الخيل الضائعة مجرد شيفرة بين جمعية سرية تهدف السيطرة على العالم؟! عن طريق قناة تلفزيونية اسمها الحرة! وهدفها استعباد العالم! لا شك في ان هذا الخطاب الذي يشكك بمصداقية النية الامريكية يبالغ في تضخيم الدور الذي يمكن ان تلعبه قناة تلفزيزنية على عقائد مترسخة في لاوعي الشعوب العربية ويفضح طبيعة العقلية المؤامراتية التي تقسم العالم ضمن ثنوية قيمية لكنه من جهة أخرى لا يغفل بان ميدان الصراع بات يدور حول العقول والقلوب ضمن حرب الافكار وبالتالي لا بد من تشويه صورة الاخر وتقبيحه. 2- الاردن:ونقلا عن رويترز بخبر نشر بتاريخ 5-3-2004 فقد دعت النقابات المهنية الاردنية المثقفين والاعلاميين وصناع القرار الى مقاطعة قناة الحرة وكذلك إذاعة سوا مشددة على ضرورة تجنب الادلاء بتصريحات لها أو المشاركة في برامجها. وقالت ما تسمى ( لجنة حماية الوطن ومقاومة التطبيع) في بيان تلقت رويترز نسخة منه ان القناة هي "من أساليب الاستعمار الجديدة؟!!". وهذه اللجنة تابعة للنقابات المهنية الأردنية الأربع عشرة تضم في عضويتها حوالي (140) ألف عضو- ولا يخفى تأثيرها بعدم المشاركة ببرامج هاتين القناتين من النواحي "الإخبارية والسياسية والثقافية والامتناع عن إجراء أي مقابلات أو تقديم التحليلات السياسية أو الاقتصادية معهما".واعتبرت اللجنة في بيان نشر في الجزيرة نت على أن التعامل مع قناة الحرة وإذاعة سوا يعتبر "إقرارا ودعما للعدو الأمريكي ودولة الاغتصاب الصهيوني" في الوقت الذي تقوم فيه أميركا والكيان الصهيوني "بالعدوان على الأمة العربية ودينها وتاريخها وثقافتها".وقال البيان إن قناة الحرة وإذاعة سوا ما هما إلا "أدوات استعمارية جديدة تستهدف تلميع" صورة أميركا أمام الرأي العام العربي والإسلامي وإقناع العرب والمسلمين بالسياسة الأميركية المتبعة في المنطقة المناهضة لمصالح الأمة. ولا نعرف الرد الرسمي للحكومة الاردنية على مثل هكذا بيان لا سيما في ضوء العلاقات الجيدة التي تقيمها مع الولايات المتحدة. الا انه يجدر ذكر قيام السلطات الأردنية العام الماضي بمنع النقابات المهنية من عقد مهرجان شعبي داخل مجمع النقابات لإطلاق حملة علنية لمقاطعة البضائع الاميركية. 3-سوريا:في شهر شباط 2005 اعلن اتحاد الكتاب السوريين مقاطعة قناة "الحرة" الأمريكية وفصل أي عضو في الاتحاد يظهر على شاشتها .وكان اتحاد الكتاب السوريين قد وافق في مؤتمره السنوي على مقاطعة قناة "الحرة" الأمريكية، من مبدأ أن القناة لا تبث في أوربا وبقية دول العالم لتكون هناك إمكانية في تعزيز الحوار وتبادله, وإنما هي تبث فقط للعرب, ومن أجل تبيض وجه أمريكا فقط, وقد جاءت بعد الحرب على العراق فورا, ويلاحظ فيها عدم تقديمها لأية صورة شهيد عربي سواء في العراق أو فلسطين في حين أن العكس مكرر دائما على شاشتها.وجاءت موافقة الاتحاد على هذا بعد التصويت على مشروع القرار بالأغلبية, الأمر الذي دفع رئيس الاتحاد-انذاك- علي عقلة عرسان, بالتوجيه للكتاب والمثقفين السوريين بضرورة وقف أي تعاطي أو تعاون مع هذه القناة. كما دفعت القناة في شهر نيسان لالغاء برنامج حول الوضع في سوريا ويتضمن هذا البرنامج سلسلة حلقات تبث مباشرة حول الوضع في سوريا اثر ضغوط تعرض لها فريق عملها في دمشق. وكانت محطة "الحرة" بثت مباشرة من دمشق نقاشا حول الصحافة في سوريا التي تسيطر عليها الدولة وطرحت لاول مرة علنا مشكلة الاعلام. وبث هذا النقاش في اطار سلسلة حلقات حول الاصلاحات السياسية في سوريا كانت "الحرة" تعتزم بثها. وكان يفترض ان تستضيف الحلقة الجديدة الناشط في مجال حقوق الانسان والمعتقل السابق كمال لبواني، والمعارض اكرم البني الكاتب والمعتقل السابق، والكاتب علي عبدالله. وقالت "الحرة" انه "بسبب الضغوط التي مورست على فريق عمل (الحرة) حول اختيار ضيوفها الذين سيشاركون في النقاشات وفي غياب التعاون (من قبل السلطات السورية) قررت القناة (الغاء) بث برنامجها...هذا فضلا عن الانتقادات اللاذعة التي وجهها السوريون لطريقة العمل الاميركية الجديدة حيث نصح السفير السوري في سلطنة عمان الدكتور رياض نعسان آغا في مقال له الولايات المتحدة الأمريكية إذا كانت تريد تحسين صورتها في العالم العربي والإسلامي بإغلاق قناة الحرة !!وأن تنفق ميزانيتها على بناء منازل للفلسطينيين الذين هدمت إسرائيل بيوتهم وباتوا يعيشون في العراء. ويقول إن عملا من هذا النوع يحقق مصداقية لا تحققها البرامج التلفزيونية مهما كان المتحدثون فيها بارعين. 4- حرب استقطاب الكوادر مع الفضائيات العربية: لاشك ان بدء ظهور هذه القناة كان يحتم حاجتها للكفاءات الإعلامية العربية منذ الوهلة الأولى. وتناولت معظم اهتمامات القناة الأمريكية بعض القنوات الإخبارية العربية مثل "الجزيرة" و"العربية"واستطاعت "الحرة" أن تتعاقد مع مذيعي قنوات فضائية تدخل معها في ميدان المنافسة كما انها كما استقطبت مراسلين اخرين ودخلت في مفاوضات مع البعض الاخر ممن يتبعون قنوات اخرى وهذه الحرب حول الكوادر المحترفة مع قنوات الجزيرة والعربية والمستقبل والنيل دفع أحد خبراء الإعلام في مصر لاتهام محاولات الحرة الاستقطابية هذه " بأنها تريد أن يكون لها مكانة بين القنوات دون إعداد كوادر خاصة بها ورأت أن خطف المذيعين المعروفين أفضل وأسرع لها لتتبوأ مكاناً بين القنوات العربية وتشد انتباه المشاهد العربي لشاشتها عن طريق المذيعين المخطوفين في محاولة لتحسين صورتها في عيون المشاهد العربي واعتبر الخبير الإعلامي هذه المحاولة من القناة لتفريغ القنوات العربية من كوادرها." 5-أراء الصحف والصحفيين العرب:معظم الصحف العربية كانت تشدد حول موضوعة تحيز القناة فهي تركز على العراق ولا تركز على فلسطين وطريقة تقديم الأخبار فيها اقل من حيث المستوى التقني والمهني من تلك التي نشاهدها في القنوات الإخبارية الغربية وانها تصب في اتجاه "تكريس الهيمنة الاميركية" على المنطقة مشككين في قدرة هذه المحطة على تلميع صورة السياسة الاميركية في الشرق الأوسط -كتب جورج حداد في صحيفة "الدستور" المستقلة ان "اطلاق فضائية "الحرة" يجيء في اطار مشروع الشرق الاوسط الكبير وهو مشروع اميركي استعماري صهيوني غايته تكريس الهيمنة الاميركية و"تشييخ" اسرائيل على المنطقة -وذهب ابرهيم العبسي في الاتجاه نفسه بقوله "مع بدء بث الحرة الفضائية الاميركية (التي احتلت ترددات الفضائية العراقية الوطنية)، يكون الغزو الاعلامي الاميركي الصهيوني قد بدأ بصورة فعلية ولكنه غزو ساذج وغبي ومغرق في سطحيته وضحالته"واضاف كاتب المقالة في صحيفة "الدستور" متسائلا "كيف يمكن ان توقع هذه(الحرة) جدا المشاهدين العرب في حب اميركا واسرائيل وهم الذين يكتوون بنار السياسات الاميركية على مدار الوقت والساعة سواء كان ذلك في العراق او في فلسطين او في معاداة القضايا العربية العادلة". وخلص الى القول "لن تستطيع هذه القناة اصلاح ما افسدته اميركا واسرائيل على مر العقود لا سيما وان العدوان الاميركي الصهيوني ما زال قائما (...) فالمشاهدون العرب هم اذكى من ان توقعهم "الحرة" في حبائلها الهشة والمكشوفة". -وفي السعودية قالت صحيفة "الرياض" ان قناة "الحرة" تواجه مهمة شاقة اذ ان تغيير صورة الولايات المتحدة السلبية لدى المشاهد العربي "صعب وعسير -وفي الامارات نددت صحيفة "الخليج" الصادرة في الشارقة في افتتاحية بعنوان "تبييض وجه اميركا" بما اعتبرته "هجوما اعلاميا اذاعيا وتلفزيونيا لا يخرج في مضمونه عن الغزو العسكري او السياسي او الاقتصادي والترهيبي والابتزازي المعتمد من قبل الادارة الاميركية الحالية التي لا تخفي عداءها للعرب خصوصا والمسلمين عموما". واضافت انه "لو كانت السياسة الاميركية تجاه المنطقة العربية سليمة ومقنعة لما اضطرت الى اللجوء لأساليب المساحيق التجميلية التي تحاول اظهارها وكأنهاحريصة على العرب والتواصل معهم 6-اراء الكتاب والجامعيين:ذهب المحاضر في جامعة القاهرة فاروق أحمد أن العديد من زملائه لا يشاهدون الحرة لاقتناعهم أنها مجرد جهاز دعاية أمريكي، موضحا أن الناس يشعرون بغضب عميق من السياسات الأمريكية في العراق وفلسطين، ولذلك يفضلون متابعة القنوات التي تعبر عن مكنوناتهم، وهو ما لا تقوم به الحرة.ولكنه اعتبر أن الحرة يمكن أن تكسب بعض المشاهدين إذا استمرت في تقديم النقد الموضوعي للسياسات العربية بأسلوب لا تستطيع القنوات العربية اعتماده نظرا للرقابة المفروضة عليها. وقدصدر كتاب يتناول قناة الحرة بالنقد وهوكتاب(قناة الحرة وأمركة العقل العربي) لمؤلفه عبد العزيز بن زيد آل داود وهو كتاب من إصدار دار غيناء للنشر الرياض ، السعودية 2004م.حيث رأى المؤلف بإن"الحرة مشروع آيل إلى الإخفاق، والانكفاء على نفسه، ومن ثم فهو جهد ضائع، وإن سانده دعم مالي، لكن رصيده من الحقيقة مغلوط وناقص...ورغم أن الحرة ولدت ميتة، فإنها أيضا رسالة متناقضة، وغير واقعية ، وتحمل كل أرزاء فشلها على كاهل مصدرها، الذي ينشد الحرية والديمقراطية، ويحبذ انتشارها، ثم هو أول المتبرمين منها والمناوئين لها "
من سيلقي الحجر هذه المرة؟
وفي الختام ينبغي التأكيد على دور وسائل الإعلام في ألقاء حجر ضخم في بركة الديمقراطية الراكدة . وتعمل النقاشات على تربية الناس على الرأي والرأي الاخر وتنمي الخبرة في استخلاص العبر واستدراك النتائج وترجمة الافكار البسيطة المبعثرة الى أفكار مركبة متماسكة ينجم عنها فعل للتغيير المنشود وهذا ما يدفع الناس اليوم الى تطلب ما هو واجب من حكوماتها ،بات الاعلام اليوم يشكل الحلقة القوية في قضية الديمقراطية،وبالتالي فان الحكم على المشروع الامريكي ينبغي ان لا يستمد من ردود الافعال الجاهزة بمقدار ما يأخذ بالاعتبار ما يمكن ان يحدثه في عقل المشاهد العربي من تطور ايجابي وان الحدود الضيقة لقصة النجاح المبالغ بها سرعان ما تغلق عند الوصول الى نقطة حدود خريطة ردود الافعال المعادية وقد دلت الاخيرة من حيث تنوع فئاتها وتوحدها من حيث الجوهر الى ان هناك شكا سيظل مستمرا في هذا المشروع الأمريكي في تقديم رسالة إعلامية صادقة وان هذه االحلقة القوية في حرب العقول والقلوب تبين ان العداء السافر تجاه الولايات المتحدة وصورتها في الإدراك العربي لا يمكن مواجهتها بمشروع إعلامي مهما كان طموحا دون أحداث تغيير حقيقي في السياسات الامريكية الفعلية في المنطقة(القوة الخشنة او الصلبة) وان الرسالة الاعلامية الطموحة(القوة الناعمة) تحدث اثرا فاعلا بمطابقتها لحقيقة ما هي عليه الامور وما ينبغي ان تكون عليه. *ملاحظة: استقينا الكثير من ردود الأفعال بالاعتماد على المعلومات الواردة بشكل رئيس على شبكة المعلومات الدولية.
#سعد_سلوم (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
حرب قصف العقول وكسب القلوب:الحلقة الرابعة
-
حرب قصف العقول وكسب القلوب: الحلقة الثالثة
-
حرب قصف العقول وكسب القلوب:الحلقة الثانية
-
حرب قصف العقول وكسب القلوب:الحلقة الاولى
-
المحافظون الجدد في بابل:الحلقة الخامسة
-
المحافظون الجدد على ارض بابل:الحلقة الرابعة
-
المحافظون الجدد على ارض بابل:الحلقة الثالثة
-
المحافظون الجدد في بابل الحلقة الثانية
-
المحافظون الجدد في بابل الحلقة الاولى
-
محاكمة العقل السياسي الأمريكي
-
حين تموت أحلام الفيلسوف على ارض بابل
-
استراتيجية الساعة الخامسة والعشرين
-
من دستور 1925 إلى دستور الاستفتاء الشعبي2005
-
ديمقراطية الموجة الرابعة بين حلم الإصلاح العربي ومنطق الطموح
...
-
كبش الفداء العراقي
-
عصر صناعة المستقبل استراتيجية للانعتاق من فوضى القرن الحادي
...
-
البرج العاجي للأمانة العامة للامم المتحدة ،مهام الأمين العام
...
-
خارطة طريق لإصلاح الأمم المتحدة بعد ستين عاما على تأسيس المن
...
-
برلمان العالم وإصلاح الأمم المتحدة،الجمعية العامة للأمم المت
...
المزيد.....
-
العراق يعلن توقف إمدادات الغاز الإيراني بالكامل وفقدان 5500
...
-
ما هي قوائم الإرهاب في مصر وكيف يتم إدراج الأشخاص عليها؟
-
حزب الله يمطر بتاح تكفا الإسرائيلية ب 160 صاروخا ردّاً على ق
...
-
نتنياهو يندد بعنف مستوطنين ضد الجيش الإسرائيلي بالضفة الغربي
...
-
اشتباكات عنيفة بين القوات الروسية وقوات كييف في مقاطعة خاركو
...
-
مولدوفا تؤكد استمرار علاقاتها مع الإمارات بعد مقتل حاخام إسر
...
-
بيدرسون: من الضروري منع جر سوريا للصراع
-
لندن.. رفض لإنكار الحكومة الإبادة في غزة
-
الرياض.. معرض بنان للحرف اليدوية
-
تل أبيب تتعرض لضربة صاروخية جديدة الآن.. مدن إسرائيلية تحت ن
...
المزيد.....
-
السوق المريضة: الصحافة في العصر الرقمي
/ كرم نعمة
-
سلاح غير مرخص: دونالد ترامب قوة إعلامية بلا مسؤولية
/ كرم نعمة
-
مجلة سماء الأمير
/ أسماء محمد مصطفى
-
إنتخابات الكنيست 25
/ محمد السهلي
-
المسؤولية الاجتماعية لوسائل الإعلام التقليدية في المجتمع.
/ غادة محمود عبد الحميد
-
داخل الكليبتوقراطية العراقية
/ يونس الخشاب
-
تقنيات وطرق حديثة في سرد القصص الصحفية
/ حسني رفعت حسني
-
فنّ السخريّة السياسيّة في الوطن العربي: الوظيفة التصحيحيّة ل
...
/ عصام بن الشيخ
-
/ زياد بوزيان
-
الإعلام و الوساطة : أدوار و معايير و فخ تمثيل الجماهير
/ مريم الحسن
المزيد.....
|