قراءة من سفر التطور – 7 – عذرا ً توقيعك غير معروف لدينا!

نضال الربضي

الحوار المتمدن-العدد: 5062 - 2016 / 2 / 1 - 15:06
المحور: الطب , والعلوم
    

قراءة من سفر التطور – 7 – عذرا ً توقيعك غير معروف لدينا!

"وقعت زينة في حُب ِّ عفريت المصباح، طار بها فرحا ً، و بنى لها قصرا ً ليس له في العوالم نظير ٌ و لا مثيل، حمل َ لها المهر فوق ظهور التنانين صناديق َ مُصندقة من الجواهِر و الياقوت و الماس و الذهب. كان العُرس ُ أسطورياً حضره ملوك ُ العفاريت ِ و الجان و الإنس ِ و الوحوش التي تسكن ُ شواهق َ الجبال و غياهب َ البحار، لا تنفع ُ الكلمات ُ لوصفه و تعجز ُ حتى الأحلام ُ عن استحضار ِ حقيقته. ذابت زينة في العشق و هام َ بها العفريت، و أثمر َ حُبَّهما فتى ً و فتاة، لم ترى العوالم مثلهما في الشجاعة ِ و الإقدام، و الفروسية ِ و الحكمة ِ و الفضيلة ِ و الجمال، إلى أن أتاهم هادم ُ اللذات و مُفرِّق ُ الجماعات"

في عوالم ِ السحر ِ و الخيال، يتزوج ُ ابن السلطان ِ من التنينة ِ الجميلة، و ينجب ُ عفريت ُ المصباح من ابنة ِ الفلَّاح ِ المتواضع، و تُبنى القصور ُ في ثوان ٍ و تحمل ُ كائنات ُ القوى الخفية البشر َ من مكان ٍ إلى مكان، و يُتمتم ُ الساحر ُ بكلمات ٍ على بحيرة ٍ فتنفتح ُ الأرض ُ لتبلع الماء ِ و ينكشف َ عن أرضها مدخل ٌ إلى مغارة ٍ رصدتها القوى للمتبحِّرين في علوم السحر و التنجيم ِ و المعرفة ِ الخفيَّة،،،

،،، أما في عالم ِ الواقع، حيث للوجود ِ شروطُه ُ الطبيعية، فلا يوجد ُ سوى القوانين العلمية التي تخبرنا عما حقيقة و عمَّا هو خرافات و أوهام.

في عالم ِ الواقع نتعلَّم ُ أن أنواع َ الكائنات ِ الحيَّة َ نشأت من أسلاف ٍ مشتركة، تفرَّعت إلى أسلاف ٍ بدورها، نشأ عنها أسلاف ٌ عبر عشرات ملاين السنين حتى أصبح كل ُّ نوع ٌ على ما هو عليه الآن.

يصح ُّ أن تُسمَّى الرحلة ُ من السلف الأول حتى ظهور النوع ِ بالمسار التطوري، و بهذا يكون ُ لكل ِّ نوع ٍ مساره التَّطوُّري الخاص به و الذي لا يتطابقُ مع المسار التطوري لأي ِّ نوع ٍ آخر مع أنه بنفس ِ الوقت ِ يلتقي مع كل المسارات الأخرى قاطبة ً في محطَّات ٍ معينة على طول ِ المسار، فكل ُّ الأنواع بدأت من خليَّة ٍ واحدة.

المسار ُ التطوُّري لكل ِّ نوع ٍ وضع َ في جندريه ِ آلية ً: تحفظ ُ خواص َّ النوع، فتضمن ُ الإخصاب َ أو تمنعُه، فلا يدخل ُ عليه ما ليس منه ليأتي َ ما لا يُمكن ُ تحديدُ استتباعاته، و تتكون ُ من شقَّين:

- الشق الأول: يحمل الحيوان ُ المنوي (الحيمن) في داخل الحمض النووي توقيعا ً خاصَّـا ً بهذا النوع، فذكور النوع ِ جميعها تحمل ُ ذات التوقيع.
- الشق الثاني: تحمل البويضة ُ في الأنثى آلية َ التعرُّف ِ على توقيع ِ ذكر ِ النوع.

عند التقاء البويضة ِ بالحيمن تقبلُه إن كان من ذات نوعها، أو ترفضُه إن كان من نوع ٍ آخر، لأن التوقيع غير معروف ٍ لديها.

جندرا بعض الأنواع ِ القريبة ِ من بعضها كالفرس (أنثى الحصان) و الحمار الذكر يمكن ُ أن تُنتج َ كائنا ً من تزاوجها. في مثالنا هذا يكون ُ اسم طفليهما: البغل، لكنــّــه ُ- في حالتنا هذه و في أي حالة ٍ لأنواع ٍ أخرى - يكون ُ عقيما ً غير قادر ٍ على الإنجابِ بدوره، فتطوُّره ُ الجنيني كان َ مُعابا ً منذ البداية، حتى و إن كانت أشرطة ُ الجينات (الكروموسومات) في الذكر و الأنثى قد التقت. هذا الالتقاء احتيال ٌ ممكن ُ بقوَّة ِ البيولوجيا،،،

،،، هل قلت: احتيال ممكن؟ آسف، قصدت ُ أن أقول: هو احتمال ٌ مُمكن بقوة ِ البيولوجيا، لكنه احتمال ٌ عابر ٌ بين الأنواع، اكتشفته ُ آلية ُ تصديق التوقيع عند الأنثى لكنها لم تستطع أن تمنع ثماره لانسجامه بشكل ٍ شبه كامل مع الطبيعة البيولوجية فأتى الجنين.

أتى الجنين قد قلت، و قبلها قد قلت ُ أنه قد أتى عقيما ً، و بينهما قلت ُ أن الطبيعة َ البيولوجية سمحت به، فتكون ُ النتيجة ُ أنَّها سمحت بُمعاب، لأن َّ هذا الذي جاء غاب عنه ُ مُستلزم ٌ دافع ٌ لاستيفاء ِ كماله هو: تصديق ُ توقيع ُ الحمض النووي في الحيمن من قبل الأنثى، ففشل َ توقيع ُالأب في دفعِ تطوُّر ِ الجنين في النوع الآخر كما يدفعه عادة ً بنجاج ٍ و فاعلية ٍ في نوعِه هو.

- قالت له الأنثى بوضوح: عذرا ً توقيعك َ غير معروف ٍ لدينا، لا يمكن ُ أن نأتمنك َ على تطور الجنين!
- أجاب: لكنه جنيني، نصف كروموسوماته مني.
- قالت: لكنك حضرت َ مُختلفا ً عنك، و احتلت َ بفن ِّ الممكن على قانون ِ الواجب ِ، فكسبت َ معركة َ الممكن و خسرت َ معركة َ الواجب، فلا تلوُمن َّ سوى اختلاف َ نوعك و خطأ َ سعيك!

الطبيعة ُ ذات ُ أنماط، فمن خرج َ عن أنماطها أخرجته ُ بدرجات، و من عدَّل عليها عدَّلت عليه بأشواط، و هي إما أن تُفني هويته بتحويل ِ وجودِه ِ إلى مادَّة ٍ أخرى، و إمَّا أن تجيئ َ به مسخا ً، أو تتحنَّن عليه لكن تمنع ُ عنه عزيزا ً ،كتذكارٍ أن لا أحد يخدعها!

تُعلَّمنا الطبيعة في آلية التوقيع و تصديق التوقيع:

- أن ذكور النوع ِ و إناثَه ُ تتميّز ُ باشتراكها في ذات الطبيعة، و التي يعبِّر ُ عنها توقيع واحد لكل ذكور النوع تشترك ُ فيه، و تصديق واحد لكل ِّ إناث ِ النوع،
- و السابق ُ وصف ٌ علمي لو شئنا أن ننقله إلى المستوى الإنساني الأخلاقي نقول ُ أنه اعتراف ٌ من الطبيعة بتساوي الجندرين في القيمة الإنسانية و الكرامة البشرية،
- و بتساوي أفراد الجندر الواحد في نفس القيمة التي تعطيهم جزءا ً من هويتهم الإنسانية و لا تميز أيَّا ً منهم بمُتفرِّدٍ خاص من جهة ِ اجتماعه الجنسي بالجندر الآخر.

-------------------------
الحقائق العلمية في هذا المقال مُستقاة من المقال التالي المنشور في دورية ٍ علمية تُشرف عليها مطبوعات ُ أيون، و التي تُعنى بالأخبار العلمية ِ الموثوقة التي تتم ُّ مُراجعتها و قبولها بحسب الآلية ِ العلمية ِ المُعترف بها عالميا ً و المعروفة بـ "استعراض ِ النُّظراء" Peer Review

http://www.science20.com/news_articles/dna_signature_found_human_sperm


مقالات هذه السلسلة
-----------------------

قراءة من سفر التطور – 6 – من ال 1 إلى ال 3.
http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=481056


قراءة من سفر التطور – 5 – من ال 24 إلى ال 23
http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=461092


قراءة من سفر التطور – 4 – من ال SIV إلى ال HIV
http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=460832


قراءة من سفر التطور – 3 – بين الجين و البيئة و السلوك بحسب الوعي
http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=415144

قراءة من سفر التطور – كرة القدم شاهدا ً.
http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=408743


قراءة من سفر التطور – من الكرومانيون حتى اليوم.
http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=389100


مقالات التطور قبل السلسلة
--------------------------------
وجبة سريعة من سفر التطور - إنتصاب القامة و الذكر الأضعف
http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=387709


قراءة في سفر التطور – عندما عوى الذئب
http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=387084


أضواء على التطور – القرد الذي لم يصبح إنسانا ً
http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=385873

#نضال_الربضي (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات