أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - فاطمة ناعوت - وأنتم اللاحقون!














المزيد.....

وأنتم اللاحقون!


فاطمة ناعوت

الحوار المتمدن-العدد: 5062 - 2016 / 2 / 1 - 12:33
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


لستُ في معرض التعليق على أحكام القضاء الذي أحترمه، مثلما احترمه أحدُ آبائي الأجلّاء، الفيلسوفُ الإغريقي سقراط، فقبِل حكم الإعدام الذي أقرّه عليه كهنةُ أثينا وقضاتُها حين رموا أبا الفلاسفة بالزندقة والهرطقة والكفر، فآثر المتهمُ العظيم أن يتجرّع كأسَ السُّمّ بيده أمام تلامذته، رافضًا الهرب من بلده، ليُنهي حياته وسط دموع مريديه، وهو يقول لهم: “عليّ احترام القضاء لأنني أحترم أثينا، واحملوا أنتم مشاعل التنوير التي أضأناها لكم”. وما كان سقراطُ زنديقًا إنما مفكرٌ تنويريّ أراد لتلامذته أن يُعملوا عقولهم لا أن يستعيروا عقول سواهم من الكهّان الكذبة ذوي الغرض. كان ذاك في القرن الرابع قبل الميلاد، أي قبل خمسة وعشرين قرنًا من اليوم. كذلك أنا، إن تأكد الحكمُ عليّ بعد الاستئناف، لا سمح الله، بأي عدد من سنوات أقضيها في عتمة السجن، سأنفذها راضيةً مرضية لعدة أسباب: أولا لأنني أحترم الدولة المصرية ومن ثم أحترم قضاءها. وثانيًا لأن من يختر دربَ التنوير عليه أن يقبل دفع فاتورة حرية رأيه مهما تعاظمت. وثالثًا لأن ألف حكم قضائي ضدي لن يجعلني أشك لحظة في نصاعة ثوبي وعمار قلبي بحب بالله وحب الناس وحب بلادي.
في برنامجه التليفزيوني: "لازم نفهم"، قال لي الإعلامي الزميل "مجدي الجلاد" مازحًا: "أقول لك: كفّارة؟" فأجبته جادّةً: “بل أنا أقول لكم: “نحن السابقون وأنتم اللاحقون.” فطالما ظلّ المثقفون في شتاتهم وتصدّع جبهتهم، سيظلون عُرضةً للقنص بنبال التكفيريين صائدي العصافير الذين يستمدون قوتهم من شتاتنا وتفرّقنا وإخفاقنا في تكوين جبهة تنويرية صلبة لا ثغرات فيها تتلقّف سهامهم نحو نحورنا العارية لتقصف أقلامنا التي لا نملك سواها. هم يحملون سيوفًا بتّارة لكن أقلامنا النحيلة فيما يبدو أقوى من سيوفهم لهذا لا يتحمّلون آراءنا فيقدمون فينا البلاغات القضائية بدلا من مقارعة الحُجّة بالحُجة والرأي بالرأي المضاد. ما أفلسهم! ما أفقرهم!
مقاضاةُ إنسان لرأي هو أفلسُ ألوان الفقر الفكري وقمة الضعف وأتعس التهافت. لأن القوي فكرًا يحاججُ الرأي بالرأي ويقارع الفكرة بفكرة مقابلة. إنما الفارغ المفلس يقابل رأيك برصاصة أو بدعوى قضائية أو بخنجر. وإذن علامَ يستند أولئك المتهافتون وبم يستقوون علينا ولماذا ينجحون في طعننا بخنجر (نجيب محفوظ) أو قتلنا برصاصة (فرج فودة) أو حرق كتبنا (ابن رشد) أو ضربنا على رؤوسنا بكتبنا (ابن المقفع ) أو تقطيع أيادينا وأرجلنا (السهروردي) أو صلبنا (الحلاج) أو سجننا (إسلام بحيري وكاتبة السطور)؟ الشاهدُ أنهم في كل عصر يستندون دائمًا إلى ضعف الدولة التي لا تُكرّم مفكريها ولا تُحجّم متطرفيها، الذين يستمدون قوّتهم، هم الضعافُ أصلا، من شتاتنا وتمزق جبهتنا نحن الجماعة الثقافية وزمرة المبدعين والكتّاب. وبمَ يستقوون علينا؟ بسوء استخدام حقّ التقاضي وبمادة تعسة غير دستورية في قانون العقوبات هي المادة 98(و)، المعروفة بقانون ازدراء الأديان. الطريف في الأمر أن هذا القانون صُكَّ مع بداية الثمانينيات الماضية لحماية أقباط مصر المسيحيين من تغوّل غُلاة التكفيريين الذين كانوا يرسمون على أبواب دور أشقائنا المسيحيين في صعيد مصر علامات مهينة وكلمات بذيئة تزدري عقيدتهم المسيحية. نشأ القانون إذن حماية لمواطن مسيحي من تكفيري إسلامي يزدري المسيحية. فهل نضحك أم نبكي حين تأتي لحظة يُتهم فيه مسلمٌ بازدراء دينه هو: الإسلام؟! هل يزدري إنسانٌ نفسَه؟! كيف بحق السماء؟! الأملُ اليوم معقودٌ على البرلمان المصري لإلغاء هذا القانون الذي لم يعد له محلّ من الإعراب، وإلا: أنتم اللاحقون.



#فاطمة_ناعوت (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عن النقاب سألوني
- قضية ازدراء جديدة | مَن الذي روى الرواية؟
- ميري كريسماس رغم -غلاستهم
- لا تخرج قبل أن تقول: سلاما
- أنتم تحاكمون الخيال 2/2
- اعتذارٌ رسميّ لأقباط مصر
- شحاذ العمّ نجيب
- مذبحة 2016
- أنتم تحاكمون الخيال!! 2/1
- شجرةٌ صنوبر وشيءٌ من الفرح
- دبي الجميلة.... سلامتك!
- أسوأ صورة في 2015
- قُبلةُ حبيبي
- الموءودة
- كيف قرأ الغيطاني الخديوي إسماعيل
- مثل الزهور سرعان ما يذبل
- شهاداتُ الفارس محمد أيمن
- داعش أمام المحكمة الأوزورية
- الغيطاني ونوبل
- حينما الفقرُ والبطالة طريقُك للبرلمان


المزيد.....




- كاتدرائية نوتردام في باريس.. الأجراس ستقرع من جديد
- “التحديث الاخير”.. تردد قناة طيور الجنة 2024 Toyor Aljanah T ...
- المقاومة الاسلامية في لبنان تستهدف بالصواريخ تجمعا للاحتلال ...
- المقاومة الاسلامية في لبنان تعلن قصف صفد المحتلة بالصواريخ
- المقاومة الاسلامية في لبنان تقصف مستوطنة راموت نفتالي بصلية ...
- بيان المسيرات: ندعو الشعوب الاسلامية للتحرك للجهاد نصرة لغزة ...
- المقاومة الاسلامية في لبنان تقصف بالصواريخ مقر حبوشيت بالجول ...
- 40 ألفًا يؤدُّون صلاة الجمعة في المسجد الأقصى
- المقاومة الاسلامية في لبنان تواصل إشتباكاتها مع جنود الاحتلا ...
- المقاومة الاسلامية في لبنان تستهدف تجمعا للاحتلال في مستوطنة ...


المزيد.....

- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - فاطمة ناعوت - وأنتم اللاحقون!