|
ديموقراطية الذات القدسية وحرية التعبير عن الرأي!!
حسام محمد
الحوار المتمدن-العدد: 5062 - 2016 / 2 / 1 - 02:03
المحور:
حملات سياسية , حملات للدفاع عن حقوق الانسان والحرية لمعتقلي الرأي والضمير
لا يَخفى على السادة الباحثين والمثقفين أن كلمة الديموقراطية هي كلمة من شقين وهي (Demos ) وتعني الشعب أو عامة الناس و (kratia ) بمعنى الحكم وحين نقوم بجمع الكلمتين في قالب واحد يخرج لنا ناتج نُطلق عليه لفظة ديموقراطية أي حكم عامة الناس أو حكم الشعب بنفسه بعبارة أوضح أن الديموقراطية بمعناها الذي وجِد لها هو هذا المعنى الذي قد يُختلف بمصاديقه ولكن يُتفق على معنى كلمته لغة وقد يُتفق عليه إصطلاحا أيضا ومفاهيم الديموقراطية كثيرة لاحصر لها وكل مجموعة من البشر تفهمها بفهم خاص قد يختلف مع مجموعة أخرى من البشر أو لنقل من المجتمع المواطن على الأرض التي تجمع كلى الطرفين والقول بأن الديموقراطية لها فهم واحد يتفق عليه الجميع مفارق للصواب حيث لايمكن لدولة أو حكومة أو قانون مدني أو مدرسة فلسفية أو مذهب سياسي أن يحتوي على كل معاني الديموقراطية فهنالك ديموقراطية تصرح بوجوب حكم الأكثرية والالتزام به في حكم الدولة وهنالك ديموقراطية أخرى تعارض هذا الفهم بل تذهب الى وجوب رعاية وحماية حقوق الأقليات لا ألأكثريات إن صح التعبير كالديموقراطية الليبرالية.التي تنص على حماية حقوق الفرد المنصوص عليها في القانون عموما. هنا لست بمعرض شرح الديموقراطية ومدارسها ومذاهبها بل ما أريده هنا من لفظة ديموقراطية هي الكلمة بالمعنى العامي العرفي الذي اعتدنا عليه في اوساطنا الشعبية واعني بها الحرية في الاعتقاد والفعل والقول لا المعنى الاصطلاحي الفلسفي التعمقي او السياسي ولست بمعرض التكلم عن الديموقراطية السياسية والتي تعني الحكم وممارسة الحكم وقوانينها في بلدان العالم . بل ما أريده من لفظة ديموقراطية هنا هي بمعنى حرية التعبير عن الرأي دون كتم للأفواه أو تقييد للألسن أو طمس للحناجر بحكم القوة والقهر والسلطة فنحن نعلم أن ما يمارس اليوم من بعض الحكومات العالمية والعربية وفق قوانينها التي تجرم كل متكلم او ناقد لها ولسياساتها هي بعيدة عن الديموقراطية التي نفهمها بفهم حرية التعبير عن الرأي او حرية الإعتقاد وممارسة النقد والتقويم وتقييم الأداء . الله عز وجل هو أول ديموقراطي مارس إعطاء حرية التعبير عن الرأي وحرية التصر فوالبوح بالمعتقد إذا ما فهمنا أن الديموقراطية تعني بشكل من الأشكال حرية البوح بما يعتقده القائل أو يكتبه أو يصرح به بوسيلة أخرى . ولو سأل السائل وهذا من حقه ماذا تعني بأن الله ديموقراطي ؟ والجواب على هذا التساؤل يتلخص بموضع واحد في القران وهي المساجلة التي حصلت بين الذات القدسية وبين ابليس في قصة السجود لآدم وعدم إطاعة إبليس للأمر والقصة كما يعرضا القران (( إِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلائِكَةِ إِنِّي خَالِقٌ بَشَرًا مِن طِينٍ ... فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِن رُّوحِي فَقَعُوا لَهُ سَاجِدِينَ .. فَسَجَدَ الْمَلائِكَةُ كُلُّهُمْ أَجْمَعُونَ .. إِلاَّ إِبْلِيسَ اسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنْ الْكَافِرِينَ .. قَالَ يَا إِبْلِيسُ مَا مَنَعَكَ أَن تَسْجُدَ لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ أَسْتَكْبَرْتَ أَمْ كُنتَ مِنَ الْعَالِينَ ..قَالَ أَنَا خَيْرٌ مِّنْهُ خَلَقْتَنِي مِن نَّارٍ وَخَلَقْتَهُ مِن طِينٍ .. قَالَ فَاخْرُجْ مِنْهَا فَإِنَّكَ رَجِيمٌ ... وَإِنَّ عَلَيْكَ لَعْنَتِي إِلَى يَوْمِ الدِّينِ .. قَالَ رَبِّ فَأَنظِرْنِي إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ .. قَالَ فَإِنَّكَ مِنَ الْمُنظَرِينَ .. إِلَى يَوْمِ الْوَقْتِ الْمَعْلُومِ ... قَالَ فَبِعِزَّتِكَ لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ .. إِلاَّ عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ .. قَالَ فَالْحَقُّ وَالْحَقَّ أَقُولُ ..لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنكَ وَمِمَّن تَبِعَكَ مِنْهُمْ أَجْمَعِينَ )) حوارية كاملة من ذات تتمتع بقوة هائلة تستطيع من خلالها أن تمحوا كل ( ما ومن ) في الوجود بحكم قوتها القهَّارية مع خصم أعلن التمرد والمعارضة جهارا وبصوت عال دون تردد أمام مرأى ومسمع الجميع فأي ديموقراطية أرفع مستوى من هذه الديموقراطية المتسمة بحرية التعبير عن الرأي والبوح بما يجول في الخاطر فإبليس لم يسجد وعارض فكرة السجود بقوله أنا خير منه فماذا كان رد الذات الالهية فاخرج منها إنك رجيم لاحظ قال فاخرج أي لم يخرجه بالقوة والدليل على ذلك هو استمرارية المحادثة فيما بعد حين قال له ابليس (رب انظرني الى يوم يبعثون ) اي اخرني ليوم القيامة على فهم ظاهر الاية أي لا تهلكني الآن فماذا كان جواب الذات القدسية ...قال فإنك من المنظرين أي المؤجلين الى يوم الوقت المعلوم اي انك مؤجل لفترة محدودة غير قابلة للتمديد ولكن الأعجب من ذلك رد إبليس حين يخاطب الله بعزته ليغوي البشر كلهم أجمعين وهذا تهديد علني من إبليس لخلق الله فماذا كان رد الذات القدسية ((قال الحق والحق أقول )) انظر لكلمة قال لم يفعل بل فقط قال أي أن الذات القدسية استخدمت لغة الحوار ولم تستخدم لغة القوة مع الخصم مع مالها من مقدرة على إنهاء الآخر بلمحة بصر أو دون ذلك ولكن نرى حرية التعبير عن الرأي منحت لإبليس وكأنه في مصاف المناقشة لا في مصاف المعارضة والخصومة فلهذا السبب اطلقت لفظ الديموقراطية بهذا المعنى على الذات القدسية المعظمة... فهل ياترى أن جميع من يؤمن بالله يستطيع أن يتعلم هذه الخصلة الربانية ؟!! كلا بل الجميع بحاجة إلى تعلم هذا النوع من الحوار مع الخصم خاصة إذا كان احد الخصوم يتمتع بقوة تمكنه من إنهاء الآخر ولذلك فإن الجماعات المتطرفة والمتشددة لم ولن تتحلى بروح النقاش والحوار الذي مارسته الذات القدسية فلو تمتعت تلك الجماعات بروح رياضية حوارية تقبل الاخر لما حصل ما حصل من إرهاب وتكفير ونسف للآخر على الهوية وانهاء لحياة الكثيريين من الناس الابرياء هذا من جانب الإرهاب والتطرف الديني في المجتمعات التي يكثر بها المصحف القراني الحاث على لغة الحوار والمجادلة بالتي هي احسن أما بخصوص الإنظمة التي تدعي الديومقراطية بلحاظ حرية التعبير عن الرأي والجهر بالرأي فحدث ولا حرج فنجد الكثير من الكتاب والمدونيين يقبعون بالسجنون وبعضهم اعدم الحياة وبعضهم يعذب اشد التعذيب من أجل كلمة أو عبارة أو قناعة أو فكر معين أو ميول يعتقد بها وتعتبر من حريته الشخصية التي ليس من حق أي أحد إنتزاعها منه وإن كانت مخالفة للآخر ولأخلاقياته . ومن ثَمَّ لابد الالتفات الى فقرة مهمة جدا وهي أن منع حرية التعبير عن الرأي ليس فقط في الدول العربية وإن كانت هي الابرز ولكن نجد في دولة اوروبية متقدمة لازالت تضع قوانين صارمة وحدود لا يمكن تجاوزها لحرية التعبير عن الرأي ووضعت قوانين تجرم بعض الحريات ففي بولندا : لحد هذا اليوم تعتبر الإساءة إلى الكنيسة الكاثوليكية ورئيس الدولة جريمة يعاقب عليها القانون الوضعي للدولة حيث تم الحكم بالسجن لمدة 6 أشهر على الفنان البولندي دوروتا نيزنالسكا Dorota Nieznalska في 18 يوليو 2003 لرسمه صورة العضو الذكري على الصليب واعتبر هذا العمل جريمة استحق عليها الفنان عقوبة كما وتم تغريم الصحفي جيرزي أوروبان مبلغ 5000 يورو في 5 يناير 2005 لإساءته لشخص يوحنا بولس الثاني . أما في بلجيكا فقد منعت السلطات المحلية لمدينة Middelkerke في 6 فبراير 2006 الفنان ديفد سيرني David Cerny من عرض تمثال للرئيس العراقي المخلوعصدام حسين في أحد المعارض الفنية. ويظهر التمثال صدام حسين على هيئة سمكة قرش ويده مكبلةٌ بالأغلال من الخلف في حوض من الفورمالين. واعتبرت السلطات هذا العمل الفني مثيرا للجدل وقد يسبب احتجاجات من الأطراف المؤيدة للرئيس العراقي السابق.. تقييد وتقنيين وحدود على الكلمة والموقف وكل شيئ يخص الفرد في وطنه أي لايوجد حرية مطلقة فكل بلد يضع حدود لحرية الرأي ويعاقب عل مخالفتها أما في بلداننا العربية فالمفارقات حدث ولا حرج فالشخص في بعض البلدان العربية يحكم عليه بالإعدام لكلمة مناهضة للحكومة وتوصف بالارهاب والتطرف بينما يتمتع القاتل الذي مارس القتل معترفا ومقرا بجريمته بكامل الحقوق ويتمتع بحصانة قد تصل الى الدبلوماسية . فحين أطلق لفظة الديموقراطية بهذا المعنى على الذات القدسية فإني أعني ما أقول ولست بصدد الخوض في معاني الديموقراطية التي تنطبق على الذوات المقدسة أو لا فالبحث فيما تقدم ليس بحثا اسلاميا أو دينيا أو عقائديا بل هو بحث عام يشمل الجميع في محله . فنحن كأدباء أو مثقفين أو فنانين أو صحافة أو إعلام والخ نتطلع الى مراعاة لحرية التعبير عن الرأي لنستطيع قول كلمتنا بحرية دون رقابة أو تسلط وكتم للأنفاس .وان ما تقوم به مؤسسة الحوار المتمدن بجمعها تواقيع تطالب بالافراج عن معتقلي الرأي لهي خطوة قوية وجريئة وتستحق الثناء لما لها من وقع ايجابي لدى نفسية الكاتب الذي يشعر بأن وراءه من يطالب بحقه ويقف الى جانبه اذا ما تعرض لمثل مايتعرض له زملائه وانا اطالب مع زلائي الكتاب جميع المنظمات الانسانية ومنظمات المجتمع المدني بوضع حد للانتهاكات التي يتعرض لها الكتاب وان يمنح الكاتب حصانة يستطيع من خلالها توجيه النقد للسلطةلتقويم عملها وأدائها دون الخوف من كتم الانفاس الى الابد الا ما توافق عليه القانون والعرف والعقل بأنه مسيئ وقبيح وغير مقبول كالتحريض على القتل واذكاء نار الفتنة . المصادر* 1- القران الكريم 2- (ويكبيديا الموسوعة الحرة)
#حسام_محمد (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
مسؤول عسكري بريطاني: جاهزون لقتال روسيا -الليلة- في هذه الحا
...
-
مسؤول إماراتي ينفي لـCNN أنباء عن إمكانية -تمويل مشروع تجريب
...
-
الدفاع الروسية تعلن نجاح اختبار صاروخ -أوريشنيك- وتدميره مصن
...
-
بوريسوف: الرحلات المأهولة إلى المريخ قد تبدأ خلال الـ50 عاما
...
-
على خطى ترامب.. فضائح تلاحق بعض المرشحين لعضوية الإدارة الأم
...
-
فوضى في برلمان بوليفيا: رفاق الحزب الواحد يشتبكون بالأيدي
-
بعد الهجوم الصاروخي على دنيبرو.. الكرملين يؤكد: واشنطن -فهمت
...
-
المجر تتحدى -الجنائية الدولية- والمحكمة تواجه عاصفة غضب أمري
...
-
سيارتو يتهم الولايات المتحدة بمحاولة تعريض إمدادات الطاقة في
...
-
خبراء مصريون يقرأون -رسائل صاروخ أوريشنيك-
المزيد.....
-
حملة دولية للنشر والتعميم :أوقفوا التسوية الجزئية لقضية الاي
...
/ أحمد سليمان
-
ائتلاف السلم والحرية : يستعد لمحاججة النظام الليبي عبر وثيقة
...
/ أحمد سليمان
المزيد.....
|