|
حوار.. حول أسعار النفط والأزمة المالية
فهمي الكتوت
الحوار المتمدن-العدد: 5061 - 2016 / 1 / 31 - 22:09
المحور:
الادارة و الاقتصاد
أثار مقال الأسبوع الماضي ردود أفعال متباينة عبر التواصل الاجتماعي، ومن خلال الاتصال والرسائل الخاصة، عنوان المقال كان "انهيار أسعار النفط يُهدد بإشعال أزمة مالية جديدة".. أشكر الذين تفاعلوا مع المقال وأبدوا ملاحظاتهم بشكل عام. وسأتوقف عند رسالتين متعارضتين إلى حد ما، من صديقين أكن لهما كل الاحترام والتقدير والاعتراف بسعة اطلاعهما وقدراتهما التحليلية.
الرسالة الأولى تقول: "أعتقد أنّ الوضع أسوأ بكثير.. وفقا لتحليلات الاقتصاديين الفرنسيين ما يجري امتداد لأزمة 2008 إما في العمق انتهاء صلاحية نمط التنمية الاقتصادية الرأسمالية المعروف والمطبق منذ عقود، والمفكرون الاقتصاديون في الغرب لم يعثروا بعد على نمط تنمية جديد، لذلك أصبحت برامج أحزاب اليمين واليسار في معظم دول أوروبا الغربية متشابهة".
الإشارة إلى وجود مُعطيات تُهدد بانفجار أزمة مالية جديدة، لا يعني أنّ اقتصادات المراكز الرأسمالية قد تعافت من أزمتها التي انفجرت في سبتمبر 2008، فهي لم تدخل مرحلة الانتعاش؛فالرأسمالية تتعرض لأزمات دورية ومتعاقبة. وأن النتائج تصبح بدورها أسبابًا، ومراحل العملية المتعاقبة هذه تجدد باستمرار شروطها الخاصة وتأخذ شكلاً دوريًا، فإنّ سياسة التقشف التي اتبعتها مجموعة اليورو لتخفيض عجز الموازنة أصبحت أحد أسباب التباطؤ أو الانكماش في هذه البلدان، وأن الاقتصاد الرأسمالي ما زال في مرحلة ما قبل الانتعاش فهو يتراوح بين الركود والتباطؤ.وأن مراحل الأزمة(الركود والكساد، الانتعاش، النهوض) وقد عبر ستانلي فيشر الرئيس السابق "لمجلس الاحتياطي الفيدرالي" الأمريكي عن خيبة أمله لترنح الاقتصاد العالمي على الرغم من مرور ستة أعوام على الأزمة المالية والاقتصادية، معربًا عن أسفه لفشل معظم التوقعات المتفائلة التي صدرت في الأعوام الماضية، معترفا أنّه فشل في تفسير الأسباب الحقيقية لتباطؤ الاقتصادات الكبرى متسائلاً إن كانت أزمات دورية..؟ أم بنيوية تتعلق بتغيير "أنماط الإنتاج الذي يتطلب بنى اقتصادية" تختلف عن تلك المتوفرة حالياً بفضل المتغيرات التي أحدثتها تكنولوجيا المعلومات.
الجديد في الأزمة الحالية أنها جاءت في مرحلة انهيار التقسيم الاستعماري للعمل "دول منتجة ومصدرة للسلع ودول مستهلكة ومصدرة للخامات" وأصبحت الدول النامية المستهلكة لديها اقتصادات عملاقة مثل الصين والهند والبرازيل والأرجنتين وغيرها تنافس المراكز الرأسمالية الثلاثة في عقر دارها، ولم تعد الدول الاستعمارية قادرة على نهب ثروات الدول النامية كما كانت سابقاً لامتصاص الأزمات، وانتقلت رؤوس الأموال للاستثمار في البلدان النامية مستفيدة من انخفاض تكلفة العمالة، ومعدلات النمو المرتفعة في هذه البلدان، الأمر الذي أسهم في تعميق الأزمة وبطء الخروج منها في المراكز الرأسمالية.
كما أنّ الإجراءات الاستثنائية التي اتخذتها المراكز الرأسمالية لإخراج اقتصاداتها من الأزمة، بضخ مليارات الدولارات الممولة بالقروض للقطاعات الاقتصادية المتعثرة أسهمت في إنقاذ بعض الشركات العملاقة من الانهيار، لكنها لم تفلح في إخراج اقتصادات هذه البلدان من أزماتها، بسبب العجوزات المالية الضخمة في موازناتها، فاتجهت نحو الإجراءات التقشفية الانكماشية، بتقليص الخدمات الاجتماعية وزيادة الضرائب وتخفيض الأجور أحيانًا. بتحميل العمال والفقراء والمهمشين والشرائح الوسطى في المجتمع عبء الأزمة، وتراجع قدرتهم الشرائية.
أما الرسالة الثانية فتقول: "المقال جميل ولو أنّه حمل شيئاً من التشاؤم، المخططات الأمريكية قد لا تفلح والسبب أنّ روسيا وإيران ودول بركس تمتلك 50% من النفط والسكان، ستكون قادرة على التكيف كما تكيفت إيران مع أقسى العقوبات، والروس عاقدون العزم على امتصاص الأزمة بالتعاون مع إيران".
أوضحت النتائج الأولية للاقتصاد الروسي بانكماشه بنسبة 3.7% في العام الماضي 2015. وأعدت الحكومة الروسية موازنتها لعام 2016 بناء على فرضية سعر برميل النفط الروسي 50 دولارًا للبرميل، ومتوسط سعر صرف الروبل الروسي 63.3 روبل للدولار الواحد، ومع انخفاض سعر برميل نفط برنت إلى نحو 30 دولارا، وتراجع سعر الروبل إلى 80 روبل للدولار، اتجهت الحكومة الروسية نحو تقليص نفقاتها بنسبة 10% خلال شهر ديسمبر الماضي، وقد تضطر لمزيد من التخفيض إذا استمر النفط في الهبوط.
وروسيا تعتمد في إيراداتها على 50 بالمئة من النفط، ومن المتوقع أن يواصل النفط تراجعه، بسبب إصرار السعودية على عدم ضبط حصص الصادرات النفطية، وخاصة مع دخول إيران سوق النفط، وفي ظل سياسة "عض الأصابع" وتباطؤ النمو الاقتصادي العالمي، وسياسة المقاطعة التي تنفذها أمريكا وأوروبا ضد روسيا، إضافة إلى السياسات الروسية الجديدة القائمة على زيادة الإنفاق العسكري لتحديث شبكات الدفاع الصاروخي. لا شك أنّ مجمل هذه العوامل تعرض الاقتصاد الروسي إلى مزيد من الضغوطات. إنّ تراجع أوبك وضبط حصص التصدير يعتبر إحدى قنوات الانفراج بالنسبة للاقتصاد الروسي، وقد عبرت روسيا عن استعدادها للمشاركة في اجتماع لمنظمة "أوبك" استجابة لمحاولات بعض الدول لعقد اجتماع بمشاركة الدول غير الأعضاء في أوبك لبحث ضبط الصادرات النفطية. وقد توجهت الحكومة الروسية نحو تحفيز الاقتصاد الحقيقي برصد الأموال لدعم صناعات السيارات، والآلات، والإسكان، والصناعات الخفيفة، وهي خطوات إيجابية لتخفيض الاعتماد على النفط لكنها تحتاج إلى بعض الوقت للحصول على نتائج.
#فهمي_الكتوت (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
انهيار أسعار النفط يهدد بإشعال ازمة مالية جديدة
-
أزمة الوطن العربي.. هل من مخرج؟
-
موازنة السعودية تعكس حالة الاضطراب السياسي
-
في وداع القائد الشيوعي فايز بجالي
-
عام الرأسمالية المتوحشة
-
لماذا دفعت الشعوب العربية أثمانا باهظة؟
-
انحراف البوصلة السياسية عن الصراع الرئيسي
-
تداعيات السياسات العدوانيَّة
-
تداعيات الأزمة الروسية التركية على العلاقات الاقتصادية
-
أزمات اقتصادية.. وعجوزات مالية
-
نحو مقاطعة شاملة للكيان الصهيوني
-
قطاع غزة.. سفينة نوح الفلسطينية
-
الوطن العربي إلى أين؟
-
تداعيات الأزمات السياسية والاقتصادية على البلدان العربية
-
النفط والحرب.. والاحتكارات الرأسمالية
-
السياسة العدوانية وراء مأساة اللاجئين
-
قبة الصخرة والبتراء للترويج السياحي الصهيوني
-
فقاعة الأسهم والاقتصاد الصيني
-
دور الدولة في التنمية الاقتصادية
-
شعوب مقهورة ونظم فاسدة
المزيد.....
-
أسعار النفط عند أعلى مستوى في نحو 10 أيام
-
قطر تطلق مشروعا سياحيا بـ3 مليارات دولار
-
السودان يعقد أول مؤتمر اقتصادي لزيادة الإيرادات في زمن الحرب
...
-
نائبة رئيس وزراء بلجيكا تدعو الاتحاد الأوروبي إلى فرض عقوبات
...
-
اقتصادي: التعداد سيؤدي لزيادة حصة بعض المحافظات من تنمية الأ
...
-
تركيا تضخ ملايين إضافية في الاقتصاد المصري
-
للمرة الثانية في يوم واحد.. -البيتكوين- تواصل صعودها وتسجل م
...
-
مصر تخسر 70% من إيرادات قناة السويس بسبب توترات البحر الأحمر
...
-
البنك الأوروبي: التوترات التجارية تهدد الاستقرار المالي لمنط
...
-
مصر.. الكشف عن خطط لمشروع ضخم لإنتاج الطاقة الهجينة
المزيد.....
-
الاقتصاد المصري في نصف قرن.. منذ ثورة يوليو حتى نهاية الألفي
...
/ مجدى عبد الهادى
-
الاقتصاد الإفريقي في سياق التنافس الدولي.. الواقع والآفاق
/ مجدى عبد الهادى
-
الإشكالات التكوينية في برامج صندوق النقد المصرية.. قراءة اقت
...
/ مجدى عبد الهادى
-
ثمن الاستبداد.. في الاقتصاد السياسي لانهيار الجنيه المصري
/ مجدى عبد الهادى
-
تنمية الوعى الاقتصادى لطلاب مدارس التعليم الثانوى الفنى بمصر
...
/ محمد امين حسن عثمان
-
إشكالات الضريبة العقارية في مصر.. بين حاجات التمويل والتنمية
...
/ مجدى عبد الهادى
-
التنمية العربية الممنوعة_علي القادري، ترجمة مجدي عبد الهادي
/ مجدى عبد الهادى
-
نظرية القيمة في عصر الرأسمالية الاحتكارية_سمير أمين، ترجمة م
...
/ مجدى عبد الهادى
-
دور ادارة الموارد البشرية في تعزيز اسس المواطنة التنظيمية في
...
/ سمية سعيد صديق جبارة
-
الطبقات الهيكلية للتضخم في اقتصاد ريعي تابع.. إيران أنموذجًا
/ مجدى عبد الهادى
المزيد.....
|