كتاب ( الخضوع السني والاحباط الشيعي ): نقد العقل الدائري

وليد يوسف عطو

الحوار المتمدن-العدد: 5059 - 2016 / 1 / 29 - 10:48
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    

هذا الكتاب من تاليف الباحث العراقي د .فالح مهدي-ط 1 – 2015- الناشر :بيت الياسمين – القاهرة .والدكتور فالح مهدي حاصل على درجة دكتوراه دولة في القانون بدرجة امتياز من جامعة باريس , وهو باحث في الانثروبولوجيا . ساهم مع عدد من الباحثين الاجانب والفرنسيين في كتب مشتركة عن انثروبولوجيا القانون .

ان فكرة ( نقد العقل الدائري ) هو نقد للايديولوجيا الاسلامية وليس للاسلام بحد ذاته .اما عبارة ( الخضوع السني والاحباط الشيعي ) هي عبارة مستفزة للكثيرين .
ان عنوان الكتاب وضعه الباحث فالح مهدي من ناحية نفسية . فكلمة (احباط )التي رافقت المسيرة ( الشيعية تتضمن خيبة امل ومرارة ,فهو اخطر مرض في الجسد الشيعي .ففشل التجربة عند النشاة والتكوين , حيث تعرض الشيعة وزعماؤهم الى الجنوح وتمجيد الذات المنهكة ).

ان الباحث خزعل مهدي يبحث في نتائج مرض مزمن يمتد الى حوالي 1500 سنة.لقد اصبح المسلمين من كلا المذ هبين يرددون نفس المقولات ويعتبرانها حقائق مسلم بها ومن البديهيات وهي بحسب معتقداتهم حقائق خارجة من رحم التاريخ وليست خارجة عن التاريخ .

يكتب فالح مهدي في مقدمة كتابه مايلي :
(حيث نجد البعض يتكلم عن تلك الصراعات وكانها حقائق مطلقة دون ان يدرك انها خارجة عن التاريخ ,وكل امر خارج عن التاريخ يدخل في عالم الاسطورة ).

ان المسلمين في غالبيتهم لايحبون النقد الذاتي والمراجعات , ويخلطون بين النقد وبين التهجم والاساءة ( وكل ثقافة على المستوى الشخصي والجماعي, لاتقبل النقد , تحكم على نفسها بالموت ).ان سيطرة الايديولوجيا على العقل الجمعي الاسلامي قد ادى الى ارتكاب اكثر الجرائم بربرية عندما يقوم المسلم بتفجير نفسه بحزام ناسف وسط سوق شعبي وهو يظن انه سيتناول طعام الغداء مع النبي ويستمتع بحور العين , ولا علاقة له بالقراءة الارامية – السريانية للقران بحسب العالم الالماني كريستوف لكسنبرغ .

يبحث د. فالح مهدي في الاسطورة لمصر الفرعونية والاساطير في بلاد الرافدين , اي العراق القديم بشقيه السومري والاكدي .لانهما يقدمان لنا فكرة اكثر دقة عن آلية عمل الفكر العقائدي الاسلامي ودراسة هذا التراث المصري والرافديني القديمين ليس من الناحية الاسطورية فحسب بل ومن الناحية القانونية والسياسية والاقتصادية والانثروبولوجية , والطراز المعماري للمعابد والقصور والمدن . يركز فالح مهدي على طراز المعمار والموروث الرافديني وليس المصري القديم , وذلك راجع الى قناعته بتاخر بناء المدن في مصر القديمة كثيرا .كما يستند فالح مهدي في ابحاثه الى كتاب العهد القديم , والذي يطلق عليه اسلاميا ( التوراة ). علما ان التوراة هي جزء من العهد القديم وتمثل اسفار ( كتب ) موسى الخمسة فقط .

ان العهد القديم يمثل التراث الثقافي الواسع الذي صنع الشرق القديم بصفته وعاء يضم الاعراف والتقاليد وقوانين واساطير وتاريخ بداية التوحيد (في الحقيقة التراث الديني العبراني اليهودي يمثل الاحادية ولم يتجه الى التوحيد الا بوقت متاخر – وليد ).نجد في التوراة المصريين القدماء والكنعانيين والفينيقيين والعراقيين القدماء والايرانيين القدماء .

ان الباحث في مجال الاشوريات الفرنسي ( جون بوتيرو) يركز على العلاقة بين الادب البابلي والادب العبراني , من خلال تواجد اليهود في بابل . اذ باستطاعتنا قراءة ذلك التاثر في مسالة الخلق والوجود والعلاقة بين الخير والشروالمسؤولية الشخصية امام الله .

يعتقد كاتب المقال ( وليد يوسف عطو )ان الباحث الفرنسي يجعل الاصول مشتركة بين التراث الرافديني القديم والتراث العبري . ان التراث العبري هو استمرار للتراث السومري – الاكدي بشقيه الاشوري والبابلي .مثلما يعتبر العالم كريستوف لكسنبرغ ان القران يمثل نتاج ثقافة مسيحية – اسلامية مشتركة .

ان القيم والاخلاق والسلوك العبري والاسلامي قد تاثر بشكل كبير بنظيره البابلي الاكدي .
يقدم الباحث فالح مهدي في الفصل الاول من كتابه مقدمات نظرية لفهم الحيز المكاني الذي ولد فيه الاسلام .
ان التراث البابلي القديم بمعناه الواسع والمصري القديم والذي يمتد الى اكثر من خمسة الاف عام سيقودنا لفهم القيم الاسلامية . ان التراث الرافديني القديم لايزال يتحكم بالحياة اليومية في البلاد الاسلامية .

تناول فالح مهدي بحث (الحيز الفردي ) و ( الحيز الجماعي ) . لقد ولد الاسلام في حيز شبه صحراوي , بيد انه كان محاطا بعالم قامت فيه مدن عظيمة تنتمي الى حضارات عظيمة . ان قراءة البيئة التي ولد فيها الاسلام ستساعدنا على محاولة فهم اسباب قيام الاسلام كحضارة وعقيدة وايديولوجيا وسبب انحطاطه فيما بعد .

ان المختارات من التراث الرافديني في الفصل الاول سنجد له اثرا في الاسلام مثل : الحلال والحرام , الطاهر والنجس , تقسيم المكان والزمان , تدجين المراة ودور الدم في معادلة النظافة .

يشير فالح مهدي الى مصطلحين هما بدوي ومصطلح شبه بدوي والمقصود فيهما دراسة المصطلحين من الناحية السوسيولوجية والانثروبولوجية وليس القصد مهما الحط من قيمة الانسان .
اما القسم الثاني من الكتاب( الخضوع السني )والقسم الثالث ( الاحباط الشيعي) يمثلان نقدا للعقل الايديولوجي الاسلامي . ان نقد الايديولوجيا عند فالح مهدي هي نفسها عند وليد يوسف عطو , اساس كل نقد .

يختلف الباحث فالح مهدي مع ارسطو باعتبار الانسان حيوانا سياسيا , ولكن فالح مهدي يعتبر الانسان وقبل كل شيء حيوانا دينيا .
يقول فالح مهدي في نهاية مقدمة كتابه :

( هنالك علاقة ديالكتيكية بين الانسان والدين ,تؤدي في النهاية ليس الى ان الدين , بل الايديولوجيا الدينية هي التي تقوم بصناعة الانسان . وفي اللحظة التي تقوم بذلك العمل الجبار , والذي قد يستغرق انجازه عدة قرون ,تكون الاسوار قد بنيت وذلك باغتيال العقل والخروج من التاريخ , ورفض الحوار واللجوء الى العنف كاهم وسيلة للدفاع عن (دين الله )...).

#وليد_يوسف_عطو (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات