البحرين
من حيث المبدأ والعرف النقابي العالمي و قبل أن يكون مكسباً فإن العمل النقابي هو حق من حقوق الطبقة العاملة وحق مهني أيضاً لجميع القطاعات المهنية الخاصة منها والعامة.
لايعتبر أرثاً أو تركة أو عملاً ألفه بعض النقابيين أو السياسيين. فبالتالي لا يجوز لأحد أن يعمل في هذا الحقل إلا بعد أخذ الأذن أو الإستشارة من أصحابه وإلا سيكون القيام بهذا العمل غير جائر.
كما هو حاصل الآن يتصارع بعض من ينتمون إلى جمعيات سياسية وبعض الأفراد ممن يدعون أنهم نقابيون على أرضية: هذا إرثي أو تركتي وما ألفته من عمل سري أو علني.
ويعلم الجميع خاصة من السياسيين والنقابيين أن هناك مبدأ أساسياً وهاماً وعرفاً دولياً، هو عدم تسييس النقابات العمالية والمهنية فهو قائم على مبدأ أن كل العمال والمهنيين من حقهم أن ينتمون إلى النقابات العمالية والمهنية دون النظر إلى إنتماءاتهم السياسية والعرقية والقبلية والطائفية والفكرية واللون والجنس... الخ. لأن النقابات تمثل جميع الإتجاهات والأفكار.
والنقابي والسياسي العارف بالحق لأهله وأصحابه لا يهمه الإستحواذ والإنفراد والتفاخر بما قدم وأعطى، إنما يهمه في الأساس تثبيت وتأكيد وتأصيل الحقوق والمحافظة عليها مهما كلفت حتى آخر رمق في حياته دون النظر إلى المكافأة والجزاء والشكر والثناء.
وهذا لا يعني ألا يكون النقابي غير منتم إلى تنظيم سياسي بل له الحق في ذلك.
وأعتقد أن التنظيمات السياسية لها دور كبير من خلال أعضاء هذا التنظيم أو ذاك من منظرين سياسيين أو حقوقيين في التطوير وتشريع القوانين التي تنظم هذه الحقوق وتحافظ عليها من الإنتقاص في التشريع القانوني. وإذا إنتقصت هذه الحقوق تصبح القوانين المنظمة لهذه الحقوق قائمة على أسس غير شرعية. ونحن اليوم في البحرين في أمس الحاجة إلى الوحدة من خلال التعاون والتكاتف والتعاضد والتشاور بين جميع الأطراف وخاصة التعاون مع الإتحاد العام لعمال البحرين من أجل تثبيت وترسيخ وتأكيد الحق النقابي وتأصيله بين العمال لكي نحقق جميعاً هذا الحلم الذي أصبح حقيقة على أرض الواقع وعندما نتغنى بوحدة عمال العالم علينا أن ننطلق من وحدة حركتنا العمالية في البحرين، لا نبدأ بالصراع والتشتيت وشق الصفوف ومحاولة الإستحواذ والإنفراد وكأنه إرث لا يجوز لأحد أن يعمل في هذا الحقل إلا بإذن مسبق من أصحابه. فمنذ أن أعلن جلالة الملك عن تشريع قانون التنظيم النقابي بعد صراع دام أكثر من نصف قرن بالمطالبة بتشريع العمل النقابي في البلاد، نرى المحاولة تلو الأخرى لخلق أكثر من نقابة في المنشأة الواحدة وكأن بلدنا بها ملايين العمال والألاف من المصانع والمنشئات متذرعين بمواد قانون التنظيم النقابي وتفسيره حسب الأهواء والآراء السياسية والأمزجة متناسين ما تتطلبه المرحلة من تأكيد وترسيخ وتثبيت وتأصيل الحق النقابي بين صفوف العمال، والعمل على وحدة الحركة العمالية التي ناضل من أجلها الكثير من العمال والنقابيين وضحوا وعانوا الويلات في المعتقلات والسجون والمنفى.
وتأتي هذه الإشكالات حسب رأيي المتواضع في أن البعض ممن حمل راية العمل النقابي، كان منتمياً إلى حزب سياسي أو أفراد كأنما ورثوا هذا الحق النقابي جيل بعد جيلاً وتعاقبوا عليه وألفوه وبالتالي لا يجوز لأحد أن يأخذ زمام المبادرة في التأسيس إلا بعد الحصول على الصك الشرعي من قبلهم، ويحز في نفسه أن يؤخذ منه هذا الحق إنطلاقاً من أنه أول من سعى وبادر وضحى واعتقل ونفى لكي يثبت أنه السباق وصاحب الرأي المتنور والمتطور والمتقدم وله الفضل في ذلك، أي بمعنى أنه الطليعي وبالتالي على العمال وقياداتهم أن تسلمه الراية لكي يرفعها.
إذا صح هذا الرأي فأعتقد أن هؤلاء يسعون جميعاً متعاونين ومتكافئين على تفتيت العمال وحركته النقابية في البحرين، كذلك لا يجوز لهم رفع شعار" ياعمال العالم إتحدوا" قبل أن يتوحد عمالنا في البحرين. ولا يكتفون بذلك بل يرمون ممن حمل على عاتقه العمل النقابي ووحدته وواصل في غياب ممن يدعي الآن أنه نقابي، قلبه على العمال، حيث يصفونهم بالنقيصة وعدم الفهم ويلحقونهم بكل عيب ويعمدون إلى إبعادهم على إعتبار أن هؤلاء ولدوا من بطون إحدى التشكيلات العمالية غير الشرعية متناسين بذلك وقوفهم ونضالهم على الصعيد المحلي والخارجي من أجل تشريع العمل النقابي.
ومن المعروف أن كل عمل في بدايته يحتمل الصواب والخطأ وعلينا جميعاً أن نعالج ونصحح الخطأ ونتحمل بعضنا البعض ولا نثير الأخطاء والإشكالات التي بدورها تبعد وتشتت ولا نتقبل الآراء حتى لو كانت على صواب.
أنا هنا في هذه العجالة لست من المدافعين عن أحد، إنما أنطلق من وحدة عمالنا وحركتهم النقابية، كما أن الواجب النقابي حتم علي أن أقول رأيي المتواضع في ذلك، وهو قائم على إحترام كل عامل ونقابي ومخلص وقف وناضل وصمد في أحلك الظروف من أجل تثبيت الحق النقابي ووحدة العمال.
لنبدأ من حيث نتفق لا من حيث نختلف، ونشد على أيدي رئيس وأعضاء الاتحاد العام لعمال البحرين ونضع جهودنا يداً بيد من أجل وحدة العمال ووحدة نقابتهم وترسيخ وتثبيت وتأصيل وتأكيد هذا الحق النقابي.