نبيل هلال هلال
الحوار المتمدن-العدد: 5056 - 2016 / 1 / 26 - 19:41
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
و"النياندرتال" هم "البشر": الجنس الأدنى مرتبة من الإنسان المعاصر , وجسدُ الإنسان ودماغُه جهاز بيولوجي شديد التعقيد وكان قادرا منذ البداية على صنع حضارة , فما الداعي إلى تأخره في صنع هذه الحضارة حتى الخمسة آلاف سنة الماضية فقط , ذلك إذا أخذنا ما ذهب إليه مَن يرى أن هذه الحضارة هي أول حضارة يصنعها الإنسان . إن الشواهد الأثرية والحفريات وبعض ما وصل إلينا من برديات مكتشَفة في وادي النيل مكتوبة بالخط الهيروغليفي , أو ألواح طينية مكتوبة بالخط المسماري في أرض الرافدين بالعراق , أو وثائق قديمة مدونة باللغة السنسكريتية في الهند, وبعد كشف غموض تلك اللغات القديمة مؤخرا, أمكن اكتشاف حقائق صادمة ومذهلة قلبت موازين معتقداتنا التقليدية , مما يوجب علينا إعادة النظر في علوم التاريخ والآثار وعلم الإنسان , فأرضنا وساكنوها بلا ذاكرة حقيقية , إننا لا نعلم سوى القليل عن ماضينا , الأمر الذي لا يمكّننا من القطع بحكم مؤكد عليه , ولا سيما بعد محو ذاكرة التاريخ الإنساني. إن التاريخ بحاجة إلى أن يُكتب من جديد, فالتاريخ الحقيقي مفقود بسبب دمار التراث الإنساني بفعل الكوارث الكونية التي حاقت بالأرض , وبفعل التدمير المتعمّد للمكتبات الحافظة لبقايا ذلك التراث وأصبح ماضينا أبكم بعد تدمير التراث الإنساني خلال سلسلة من المذابح العلمية التي طمست سجلات الأولين بتدمير كتبهم ووثائقهم وبردياتهم ومخطوطاتهم التي كانت تحفَظ علوم السابقين وإنجازاتهم , ومنها : مكتبة الإسكندرية الكبرى التي دمر "يوليوس قيصر" فيها 700000 بردية "سبعمئة ألف"- كما دمر نفسُ القيصر في فرنسا كل كتب الفلسفة والطب والفلك وغيرها من العلوم ولم ينج منها كتاب واحد , ومكتبة الإسكندرية الصغرى بمعبد السرابيوم , وبرديات مكتبة "بتاح" في ممفيس , (لاحظ كم من المكتبات المصرية تم تدميرها), ومكتبة قرطاج وبها نصف مليون مجلد, أضرم فيها الرومان النار مدة 17 يوما في سنة 146 ق.م, ومكتبة برجاموس في آسيا الصغرى حيث دُمر 200000 مجلد , وفي القرن الثامن حرق "ليو إزوراس" 300000 كتاب في القسطنطينية ,وفي الصين حرق الامبراطور "تام شي وانج- تي" في سنة 213 ق.م عددا لا يحصى من الكتب عملا بنصيحة مستشاره الذي أشار بحرق كل كتب المكتبات العامة والخاصة في أرجاء الإمبراطورية بزعم حماية المجتمع من الأفكار الضارة , والأدهى كان حرق 470 كاتبا في احتفال شعبي مهيب على قرع الطبول وتهليل العامة! كما كان يتم تدمير الكثير من الأدبيات الكلاسيكية بمعرفة محاكم التفتيش البابوية. كما بحث الغزاة الأسبان عن كل أدبيات "المايا" ودمروها (عدا أربع وثائق تُعرض الآن في متاحف أوروبا , وكان علماء المايا يصرخون في ألم وهم يرون وثائقهم تحرق بالنار ومنهم من انتحر تحسرا. كما أمر مجلس "الليما" بحرق الأحبال المعقودة التي سجل بها "الإنكا" تاريخ أجدادهم .ويكفي أن نعلم أن ما ننعم به من تراث اليونان وروما , لا يمثل سوى أقل من واحد بالمئة من تراثهم " . يتبع- بتصرف من كتابنا (القرآن بين المعقول واللامعقول)- نبيل هلال هلال
#نبيل_هلال_هلال (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟