|
شُبهُ إنسان
امين يونس
الحوار المتمدن-العدد: 5056 - 2016 / 1 / 26 - 00:37
المحور:
المجتمع المدني
صّدقوني .. أنني أعشقُ الحياة مثل أي شخصٍ سَوِي ، أتذّوق الجمال أينما يَكُن وحيثما يكمُن ، أتمنى الإستقرار والشعور بالأمان ، وأستطيعُ التصالُح مع نفسي ومع الطبيعة . لايَهّمني الدِين في شئ ، ولا أشتري الطائفية بِعُقب سيجارة ، ولستُ من دُعاة القوميةِ ولا أعترفُ بالقبلِيةِ والعشائرية . أُحّبِذُ الكتابة عن الحُب ، عن الفَرَح ، عن الغَد الأجمَل ، عن السُعادة . لكن ... هل حَقاً أمتلكُ ذاك التَرَف ؟ وعلى مقربةٍ منّي ... شمالاً .. تحّولَتْ المُدن الى ساحات حرب ، ويتساقط القتلى والجرحى يومياً ، برصاص ومدافِع جيش وشرطة أردوغان . وسطَ تواطؤٍ غربي وصمتٍ عالمي مُخزٍ . وعلى مقربةٍ منّي ... غَرباً .. أصبحتْ المُدن والقُرى ، أنقاضاً وخرائِب ، جراء عُنف دكتاتورية بشار الأسد ، وهمجية الفاشية الداعشية ، وحرب المصالح الدَولية . وعلى مقربةٍ منّي ... شرقاً .. تُعّلَقُ المشانِق يومياً ويُعدَمُ أنبلُ الناسِ ، بِتُهمٍ سخيفةٍ ، وبأحكام رجعية صادرة من نظام الملالي في إيران . وعلى مقربةٍ منّي ... جنوباً .. يستمِرُ النزف ، من بعشيقةَ وبحزاني المُحتلَتَين إلى البصرة المغدورة ، مروراً بسنجار الذبيحة والموصل المُنتَهَكة . على مقربةٍ منّي جنوباً .. حيثٌ لم يتوقف سَيلان الدَم ، في الشرقاط وسبايكر وبهرز وكنعان والرمادي والفلوجة ومثلث الموت شمال الحّلة ، وبغداد التي صارتْ مَرتعاً للعصابات والمافيات وساحةً للخطف والذبح ، والبصرة التي كانتْ جميلةً زاهية ، غَدَتْ مَلعَباً لعُتاة مُجرمي الإسلام السياسي . وهُنا ... في القَلب .. تحولتْ أحلامنا البريئة إلى كوابيس . خُدِعنا وصارَ العَيشُ صعباً ، وإستلام الراتب مُناسبةً ، وتوفير الدواءِ خيالاً ، والتخطيطُ لمُستقبلِ الأطفالِ مُحالاً . هُنا ... في القلب ، لم يَعُد القلبُ يُغّذي شراييننا بدماءٍ كافية للعَيش ... ثلاثين ألف من الشباب ، هاجروا خلال السنة الماضية ، بِطُرقٍ غير قانونية ، ثلاثمئة منهم على الأقل ، غرقوا في بحر إيجة ، وعشرات في شاحنات الموت ... ثلاثين ألف من الشباب ، المحظوظين الذين إستطاعوا الإفلات من قساوة " القلب " .. وهنالك عشرات الآلاف غيرهم ، يتمنون المُغادَرة ، رغم كُل مخاطِر الطريق ، ورغم ضبابية مستقبلهم في بلدان المهجَر . ................... صّدقوني ... [ كُنتُ ] شخصاً سَوِياً عاشقاً للحياة مُتذوقاً للجمال طامحاً للأمان مُحِباً مُسالِماً . لكن ما يجري في الإتجاهات الأربعة وفي القلب ... حّولَني إلى شُبه إنسان ! .
#امين_يونس (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
مِشط الخِبرة
-
أي شبابٍ وأي مُستقبَل ؟
-
إرهابُ دَولة
-
العملُ والمَناخ
-
فَسادُ قَومٍ .. عندَ قَومٍ إستثماراتٌ
-
الدائِرة الجهنمِية
-
رَحيل
-
بْجاه العّباس أبو فاضِل
-
إرفَع رأسَكَ وأنْظُر إلى الأمام
-
مَنْ مازالَ يُصّفِقُ للأحزاب الحاكمة ؟
-
كُردستان تُركيا ... تشتعل
-
الأكلُ يحترِق .. الوطنُ يحترِق
-
مُعاهَدة لافروف / كيري
-
حِوارٌ عراقي
-
ما هُو إسمُ حَماكِ ؟
-
تدريب
-
إيسِف / مُحاولات قصصية 7
-
( دينو ) يحلُ مَشاكِل الأقليم
-
المعركة مُستَمِرة
-
إستقبالٌ - جماهيري -
المزيد.....
-
الرئيس الإسرائيلي: إصدار الجنائية الدولية مذكرتي اعتقال بحق
...
-
فلسطين تعلق على إصدار المحكمة الجنائية الدولية أوامر اعتقال
...
-
أول تعليق من جالانت على قرار المحكمة الجنائية الدولية بإصدار
...
-
فلسطين ترحب بقرار المحكمة الجنائية الدولية إصدار أوامر اعتقا
...
-
الرئيس الكولومبي: قرار الجنائية الدولية باعتقال نتنياهو منطق
...
-
الأمم المتحدة تعلق على مذكرة الاعتقال التي أصدرتها المحكمة ا
...
-
نشرة خاصة.. أوامر اعتقال بحق نتنياهو وغالانت من الجنائية الد
...
-
ماذا يعني أمر اعتقال نتنياهو وجالانت ومن المخاطبون بالتنفيذ
...
-
أول تعليق من أمريكا على إصدار مذكرتي اعتقال بحق نتنياهو وغال
...
-
الحكومة العراقية: إصدار المحكمة الجنائية الدولية مذكرات اعتق
...
المزيد.....
-
أية رسالة للتنشيط السوسيوثقافي في تكوين شخصية المرء -الأطفال
...
/ موافق محمد
-
بيداغوجيا البُرْهانِ فِي فَضاءِ الثَوْرَةِ الرَقْمِيَّةِ
/ علي أسعد وطفة
-
مأزق الحريات الأكاديمية في الجامعات العربية: مقاربة نقدية
/ علي أسعد وطفة
-
العدوانية الإنسانية في سيكولوجيا فرويد
/ علي أسعد وطفة
-
الاتصالات الخاصة بالراديو البحري باللغتين العربية والانكليزي
...
/ محمد عبد الكريم يوسف
-
التونسيات واستفتاء 25 جويلية :2022 إلى المقاطعة لا مصلحة للن
...
/ حمه الهمامي
-
تحليل الاستغلال بين العمل الشاق والتطفل الضار
/ زهير الخويلدي
-
منظمات المجتمع المدني في سوريا بعد العام 2011 .. سياسة اللاس
...
/ رامي نصرالله
-
من أجل السلام الدائم، عمونيال كانط
/ زهير الخويلدي
-
فراعنة فى الدنمارك
/ محيى الدين غريب
المزيد.....
|