|
لماذا العداء بين الفلسطينيين وبنى إسرائيل ؟
طلعت رضوان
الحوار المتمدن-العدد: 5053 - 2016 / 1 / 23 - 23:41
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
لماذا العداء بين الفلسطينيين وبنى إسرائيل؟ طلعت رضوان سألنى مُــتعلمون محسوبون على الثقافة المصرية السائدة (من شعراء وروائيين وباحثين وإعلاميين) : هل ورد اسم فلسطين أو اسم الفلسطينيين فى العهد القديم ؟ فطلبتُ منهم قراءة العهد القديم . وأعتقد أنّ ذلك السؤال يعنى أنّ هؤلاء المُــتعلمين لا يـُـحاولون بذل أدنى جهد فى قراءة كتب الديانة العبرية بشعبها الثلاث (اليهودية/ المسيحية/ الإسلام) لاستخلاص المعانى الواردة فى كتب تلك الديانة وخاصة عن الموقف من : 1- الصراع بين الفلسطينيين وبنى إسرائيل 2- انحياز الرب العبرى لبنى إسرائيل 3- ثم محاولة الإجابة عن سر هذا الانحياز. وعن الصراع بين الفلسطينيين وبنى إسرائبل فإنّ صموئيل وجـّـه كلامه إلى بنى إسرائيل قائلا ((وخرج إسرائيل للقاء الفلسطينيين للحرب.... واصطفّ الفلسطينيون للقاء إسرائيل.. واشتبكتْ الحرب فانكسر إسرائيل أمام الفلسطينيين.. وضربوا من الصف نحو أربعة آلاف رجل.... فقال شيوخ إسرائيل لماذا كسرنا الربُ أمام الفلسطينيين ؟ سنأخذ تابوت عهد الرب ليُـخلــّــصنا من يد أعدائنا.... فسمع الفلسطينيون صوت الهتاف فقالوا : ما هو صوت هذا الهتاف العظيم فى محلة العبرانيين ؟ وعلموا أنّ تابوت الرب جاء إلى المحلة.. فخاف الفلسطينيون لأنهم قالوا قد جاء الله إلى المحلة.. وقالوا ويلٌ لنا لأنه لم يكن مثل هذا منذ أمس ولا ما قبله. ويلٌ لنا من يُـنقذنا من يد هؤلاء الآلهة القادرين ؟ هؤلاء هم الآلهة الذين ضربوا مصر بجميع الضربات فى البرية. تشدّدوا وكونوا رجالا أيها الفلسطينيون لئلا تــُـستعبدوا للعبرانيين كما أستعبدوا هم لكم.. فكونوا رجالا وحاربوا.. فحارب الفلسطينيون وانكسر إسرائيل.. وهربوا كل واحد إلى خيمته. وكانت الضربة عظيمة جدًا.. وسقط من إسرائيل ثلاثون ألف رجل.. وأخذوا تابوت الله)) (صموئيل الأول – الإصحاح الرابع) فى هذا الإصحاح يتبيـّـن ما يلى : 1- وجود شعب اسمه الشعب الفلسطينى 2- وجود صراع وعداء بين الفلسطينيين وبنى إسرائيل 3- أنّ الفلسطينيين هزموا بنى إسرائيل أكثر من مرة وفق ما جاء فى النص (فانكسر إسرائيل أمام الفلسطينيين) 4- الفلسطينيون رغم انتصارهم مؤمنون بضرورة الاعتماد على الميتافيزيقا أو القوى الخارقة لتقف معهم وفق ما جاء فى النص ((فخاف الفلسطينيون لأنّ (الله) جاء إلى المحلة. وقالوا ويلٌ لنا.. إلخ)) 5- التذكير الدائم فى كل أسفار العهد القديم أنّ (الرب) ضرب مصر. وفى آخر الإصحاح الرابع التأكيد على الميتافيزيقا حيث ورد به ((زال المجد من إسرائيل لأنّ تابوت الله قد أخذ)) فكيف يكون ل (الله) تابوت ؟ أوليس التابوت صنع من أجل البشر؟ فهل (الله) مثل البشر مات ؟ ثم تزداد لغة الميتافيزيقا فنقرأ ((فأخذ الفلسطينيون تابوت الله وأتوا به من حجر المعونة إلى أشدود . وأخذ الفلسطينيون تابوت الله وأدخلوه إلى بيت داجون)) ورغم أنّ (الله) له تابوت (مما يعنى أنه مات) فإنّ الكاتب العبرى جعله يفعل العجائب فأضاف ((فثقلتْ يد الرب على الأشدوديين وأخرجهم وضربهم بالبواسير فى أشدود وتخومها.... وبعد أنْ نقلوا تابوت الرب.. فإنّ يد الرب كانت على المدينة باضطراب عظيم .. وضرب أهل المدينة من الصغير إلى الكبير. ونفرتْ لهم البواسير. يد الله كانت ثقيلة جدًا.. ضربوا بالبواسير فصعد صراخ المدينة إلى السماء)) (صموئيل الأول- الإصحاح الخامس) وهذا الإصحاح يطرح الأسئلة التالية : 1- كيف يكون للرب (تابوت) بمعنى أنه (مات) وفى نفس الوقت فإنّ يده ضربتْ الأشدوديين ودمـّـر مدينتهم ؟ 2- وما مغزى أنّ الفلسطينيين أخذوا تابوت الرب ؟ فهل هناك مغزى آخر غير أنّ الرب كان أسيرًا فى يد بنى إسرائيل ؟ 3- وأليس تمسك الفلسطينيين بتابوت الرب ، معناه الإيمان بالميتافيزيقا التى أصابتْ البشرية بالكوارث ؟ ويستمر الكاتب العبرى فى تخاريفه فكتب ((وكان تابوت الله فى بلاد الفلسطينيين سبعة أشهر. فدعا الفلسطينيون الكهنة والعرافين قائلين : ماذا نفعل بتابوت الرب ؟ أخبرونا بماذا نرسله إلى مكانه ؟ فقالوا إذا أرسلتم تابوت إله إسرائيل فلا ترسلوه فارغـًـا.. بل ردوا له قربان الإثم الذى نرده له. فقالوا ما هو قربان الإثم ؟ فقالوا حسب عدد أقطاب الفلسطينيين الخمسة : خمسة بواسير من ذهب وخمسة فيران من ذهب.. واصنعوا تماثيل بواسيركم وتماثيل فيراكم التى تفسد الأرض.. وأعطوا إله إسرائيل مجدًا لعلــّـه يُـخفــّـف يده عنكم وعن آلهتكم وعن أرضكم . ولماذا تغلظون قلوبكم كما أغلظ المصريون وفرعون قلوبهم ؟ )) (صموئيل الأول – الإصحاح السادس) فى هذا الإصحاح التأكيد على : 1- إيمان الفلسطينيين بإله إسرائيل وذلك بحرصهم على أخذ (تابوت الرب) أى أنهم على ذات الأرضية الميتافيزيقية العبرية 2- المُـطالبة بالذهب مثلهم مثل بنى إسرائيل 3- ومثل بنى إسرائيل – أيضـًـا - ردّدوا تخاريفهم عن (غلظة المصريين) ويزداد العجب عندما يصف الكاتب العبرى (ربه) بأنه (ينوح) ويبكى مثل البشر حيث كتب ((وناح كل بيت إسرائيل وراء الرب.. وكلــّـم صموئيل كل بيت إسرائيل قائلا إنْ كنتم بكل قلوبكم راجعين إلى الرب فانزعوا الآلهة الغريبة والعشتاروت من وسطكم وأعدوا قلوبكم للرب واعبدوه وحده فينقذكم من يد الفلسطينيين . فنزع بنو إسرائيل البعليم والعشتاروت وعبدوا الرب وحده.. وقال بنو إسرائيل لصموئيل لا تكف عن الصراخ من أجلنا إلى الرب إلهنا فيُـخلــّـصنا من يد الفلسطينيين . فأخذ صموئيل حملا رضيعًـا وأصعده محرقة للرب . وصرخ صموئيل إلى الرب من أجل إسرائيل فاستجاب له الرب . وبينما كان صموئيل يصعد المحرقة تقـدّم الفلسطينيون وأزعجهم فانكسروا أمام إسرائيل.. فذلّ الربُ الفلسطينيين)) (صموئيل الأول – الإصحاح السابع) فى هذا الإصحاح ما يلى : 1- الرب يبكى وينوح مثل البشر 2- الإصرار على (الوحدانية) التى هى القاسم المُـشترك فى شـُـعب الديانية العبرية الثلاث ، أى رفض التعددية الدينية 3- فإذا كان الأمر كذلك ، وكان الفلسطينيون وبنو إسرائيل مع (الوحدانية) فلماذا اختلفوا لدرجة الصراع الدموى المُـسلح ؟ 4- الإله العبرى لا يقبل إلاّ (قربان اللحم) حيث أنّ صموئيل قـدّم له (حملا رضيعـًـا) فى تأكيد على أنّ الرب العبرى مع (رعاة الغنم) ضد الزراع 5- ورغم أنّ الفلسطينيين على ذات الأرضية العبرية فإنّ الرب العبرى أذلــّـهم . شاخ صموئيل واقترب من الموت ، فجعل أولاده (قضاة إسرائيل) وجاء شيوخ إسرائيل وقالوا له : اجعل لنا ملكــًـا علينا.. وقال الرب لصموئيل اسمع لصوت الشعب فى كل ما يقولون لك.. لأنهم لم يرفضوك أنت بل إياى رفضوا.. وتركونى وعبدوا آلهة أخرى)) (صموئيل الأول- الإصحاح الثامن) ولم ينس أنْ يـُـذكــّـرهم بأنه أخرجهم من مصر، وما فعله من أجلهم. وتكرّر نفس الكلام فقال ((إنى أصعدتُ إسرائيل من مصر. وأنقذتكم من يد المصريين.... وأنتم اليوم قد رفضتم إلهكم الذى هو مخلصكم من جميع الذين يسيئون إليكم ويضايقونكم.. إلخ)) (صموئيل الأول- الإصحاح العاشر) فماذا حدث ؟ ((فصرخوا إلى الرب وقالوا أخطأنا لأننا تركنا الرب وعبدنا البعليم والعشتاروت.. فالآن أنقذنا من يد أعدائنا فنعبدك)) (صموئيل – الإصحاح الثانى عشر) فى هذا النص تكرار للمتوالية المُـملة عن (الصراع) بين بنى إسرائيل و(ربهم) العبرى ، يتمرّدون عليه ويعبدون آلهة غيره ثم يعفو عنهم.. ولكنهم – فى هذا الإصحاح – اشترطوا على (ربهم) أنْ يـُـنقذهم حتى يعبدونه. أى أنها عبادة (مشروطة) سمع الرب كلامهم فأرسل (يوناثان) فضرب نصب الفلسطينيين . وضرب شاؤل بالبوق فى جميع الأراضى قائلا ليسمع العبرانيون.. فسمع جميع إسرائيل قولا قد ضرب شاؤل الفلسطينيين.. فتجمّـع الفلسطينيون لمحاربة إسرائيل . اختبأ العبرانيون فى المخابىء . ولكن بعض العبرانيين عبروا إلى الأردن.. فقال شاؤل إنّ الشعب تخلى عنى.. ولم أتضرع إلى وجه الرب.. فقال صموئيل لشاؤل : قد انحمقت (من الحماقة) ولم تحفظ وصية الرب إلهك التى أمرك بها لأنه الآن كان الرب قد ثبـّـت مملكتك على إسرائيل . وأما الآن فمملكتك لا تقوم.. قد انتخب الرب لنفسه رجلا حسب قلبه وأمره الرب أنْ يترأس على شعبه (صموئيل الأول – الإصحاح الثالث عشر) وهذا النص يطرح السؤال التالى ؟ كيف (انتخب) الرب رجلا حسب قلبه ؟ وهل (الرب) مثله مثل البشر؟ وما مغزى قوله (حسب قلبـــه) ؟ وأليس هذا النص فيه تأكيد على تثبيت آلية (الحكم الفردى المُـطلق) ؟ ويستمر الرب العبرى فى انحيازه لبنى إسرائيل فنقرأ ((وأخذ شاؤل المُـلك على إسرائيل.. وحارب جميع أعدائه حواليه : موآب وبنى عمون وأدوم وملوك صوبة والفلسطينيين.. وأنقذ إسرائيل من يد ناهبيه.. وكانت حرب شديدة على الفلسطينيين كل أيام شاؤل.. الآن اذهب واضرب عماليق.. ولا تعف عنهم.. واقتل رجلا كان أو امرأة.. طفلا ورضيعـًـا.. بقرًا وغنمـًـا.. جملا وحمارًا)) (صموئيل الأول – الإصحاحان 14، 15) يبدو التناقض فى هذيْن الإصحاحيْن حيث ورد فيهما أنّ الرب (أنقذ إسرائيل من يد ناهبيه) فى حين أنّ بنى إسرائيل هم الذين نهبوا موارد غيرهم ، بل إنهم لم يكتفوا بذلك ، وإنما قتلوا وخرّبوا وحرقوا المدن والقـــرى ، وبدليل أنّ كاتب هذيْن الإصحاحيْن نصّ صراحة على أنّ أوامر (الرب) قتل الرجال والنساء والأطفال والحمير والبقر.. إلخ . فماذا حدث بعد هذا التحريض (الإلهى) على القتل والنهب ؟ نقرأ ((وجمع الفلسطينيون جيوشهم للحرب.. واجتمع شاؤل ورجال إسرائيل ونزلوا فى وادى البـُـطم واصطفوا للحرب ضد الفلسطينيين . وكان الفلسطينيون وقوفــًـا على جبل.. وإسرائيل وقوفــًـا على جبل مقابل.. والوادى بينهم..فخرج رجل مُـبارز من جيش الفلسطينيين اسمه جليات.. فوقف ونادى صفوف إسرائيل وقال لهم لماذا تخرجون للحرب ؟ أما أنا الفلسطينى وأنتم عبيد لشاؤل.. اختاروا لأنفسكم رجلا ولينزل إلىّ.. فإنْ قـَـدَرَ أنْ يُـحاربنى ويقتلنى نصير لكم عبيدًا.. وإنْ قـَـدَرْتُ أنا عليه وقتلته تصيرون أنتم لنا عبيدًا وتخدموننا.. ولما سمع شاؤل وجميع إسرائيل كلام الفلسطينى هذا ارتعبوا وخافوا جدًا)) (صموئيل الأول – الإصحاح السابع عشر) وهذا النص عندما قرأته أول مرة – منذ سنوات – تذكــّـرتُ (غزوة بدر) التى دارتْ بين جيش محمد وجيش قريش ، لأنّ المشهد الذى حكاه الكاتب العبرى ، هو ذاته الذى حدث (فى الواقع) فى غزوة بدر، حيث صيحة (هل من مُـبارز؟) كذلك فإنّ العقلية ونمط السلوك واحد : المُـنتصر تكون السيادة له ، والمهزوم يكون عبدًا للمنتصر. وهذا ما حدث بعد الانتصارات التى حققها محمد فى غزواته ، فتمكــّـن من السيطرة على كل القبائل العربية. ولكن السؤال هو: لماذا قال القائد الفلسطينى (جليات) أنه فى حالة هزيمته فى المُـبارزة ، فإنّ الفلسطينيين سيكونون عبيدًا لإسرائيل ؟ ما هذا الهوان ؟ وهل ما كتبه الكاتب العبرى حقيقة ؟ أم من تخاريف بنى إسرائيل ؟ وفجأة يظهر (داود) الذى قال : من يستطيع أنْ يقتل هذا الفلسطينى ويـُـزيل العار عن إسرائيل ؟ ومن هذا الفلسطينى (الأغلف) حتى (يـُـعيّـر) صفوف الله الحى ؟ وقال دواد لشاؤل : عبدك (دائمًـا التأكيد على العبودية) يذهب ويُـحارب هذا الفلسطينى.. قال شاؤل لداود : لا تستطيع أنْ تذهب إلى هذا الفلسطينى لتــُـحاربه لأنك غلام وهو رجل حرب منذ صباه (أى أنّ أول ظهور لداود كان وهو صبى صغير، ومع ذلك يُـحرّض على قتال الفلسطينيين ، ومع ذلك فإنّ الفلسطينيين – فى القرن العشرين – وبعد احتلال إسرائيل وطنهم ، مازالوا على إيمانهم بالديانة العبرية التى أخرجتْ شخصية النبى داود) وبعد تفاصيل مُـملة نقرأ أنّ الرجل الفلسطينى تقـدّم من داود.. ولما نظر الفلسطينى ورأى داود استحقره.. ولعن الفلسطينى داود بآلهته. فقال داود أنا آتى إليك باسم رب الجنود إله صفوف إسرائيل.. اليوم يحبسك الرب فى يدى فأقتلك وأقطع رأسك.. وأعطى جثث جيش الفلسطينيين لطيور السماء وحيوان الأرض (فهل هذا نبى؟) ولكنه قال ذلك ليؤكد على ((فتعلم كل الأرض أنه يوجد إله لإسرائيل)) وأنّ الحرب للرب وهو يدفعكم ليدنا.. وبعد تفاصيل مملة ، تمكــّـن داود من الفلسطينى وقتله. ولم يكن سيف بيد دواد.. وإنما نزع سيف الفلسطينى من غمده وقطع به رأسه (مثلما يحدث فى السينما الأمريكية والمصرية الهابطة) ثم قال داود : الرب هو الذى أنقذنى من يد هذا الفلسطينى (دائمًـا اللجوء إلى الرب ، أى اللجوء إلى الميتافيزيقا) ولكى تكتمل عناصر تلك المأساة العبثية فإنّ الفلسطينيين هربوا بعد أنْ رأوا ((جبارهم مقتولا منزوع الرأس)) أى التأكيد على دور (البطل الفرد) فلماذا لم يصمد الفلسطينيون لمحاربة بنى إسرائيل ، ولأنهم لم يصمدوا فقد انتهى هذا المشهد بأنّ بنى إسرائيل نهبوا مممتلكات الفلسطينيين.. وأخذ داواد رأس الفلسطينى (صموئيل الأول – الإصحاح السابع عشر) فلماذا أخذ داود رأس الفلسطينى ؟ وماذا سيفعل بالرأس ؟ وهل هذا المشهد (المُـفترض) يختلف عن المشهد (الواقعى) الذى حدث بعد قطع رأس الحسين بن على بن أبى طالب ، وتقديم الرأس إلى غريمه وخصمه يزيد بن معاوية ، فى مشهد جمع رأس الحسين ورؤوس سبعين ومن آله وصحبه والأسرى من الصبية فى الأغلال والسبايا من نساء بيت النبوة المحمدية ، مع لهجة التشفى من يزيد بن معاوية ، وكأنّ الكاتب العبرى وهو يكتب عن المعركة بين بنى إسرائيل والفلسطينيين ، تخيـّـل السيناريو الذى سيحدث فى كربلاء . والتراث العبرى/ العربى يمتلىء بمشاهد (الشماتة) فى القتلى أو فى المهزومين فنقرأ أنه حين رجع داود بعد أنْ قتل الفلسطينى فإنّ النساء (اليهوديات) خرجنَ من جميع مدن إسرائيل بالغناء والرقص للقاء شاؤل الملك بدفوف وبفرح.. وفجأة نجد أنّ شاؤل انقلب على داود.. والسبب أنّ ((شاؤل كان يخاف دواد لأنّ الرب كان معه)) وذلك رغم أنهما يؤمنان بذات الرب (الواحد / العبرى) ولكن هذا (الإيمان) لم ينزع سمة الغدر العبرانية ، فشرع شاؤل الرمح وقال : أضرب داود.. فتحول داود من أمامه مرتيْن.. ولكن داود كان مُـفلحـًـا فى جميع طرقه والرب معه. وكان جميع إسرائيل ويهوذا يحبون داود.. ثم يأتى التناقض الذى يختلف عما سبق ، وهو تناقض ليس له وصف غير أنه يدخل ضمن تخاريف التراث العبرى ، حيث أنه بعد العداء بين شاؤل وداود ، إذا بالأول يـُـقـدّم ابنته الكبيرة (ميرب) لداود كى تكون زوجته. فقال داود لشاؤل : من أنا وما هى حياتى وعشيرة أبى فى إسرائيل حتى أكون صهر الملك ؟ وكاتب هذا الإصحاح مثله مثل السيناريست الذى (يختلق) العناصر (المُـشوّقة) لقصته ، فكتب أنه فى الوقت الذى منح فيه شاؤل ابنته الكبيرة (ميرب) لداود ، فإنه سبق أنْ أعطاها ل (عدرئيل المحولى) أما البنت الصغرى (ميكال) فقد أحبـّـتْ داود.. فلما علم شاؤل بذلك استحسن الأمر، وقال : أعطيه إياها (أى البنت الصغرى) فتكون شـَـركــًـا (أى فخ) وتكون يد الفلسطينيين عليه. وبعد تفاصيل مُـملة قال دواد : هل أنا مُـستخفٌ فى أعينكم فأصاهر الملك ؟ وأنا رجل مسكين وحقير. فقال شاؤل : ليستْ مسرة الملك بالمهر، بل بمائة غـُـلفة من الفلسطينيين للانتقام من أعداء الملك.. وأنّ شاؤل كان يتمنى أنْ يوقع داود فى يد الفلسطينيين ( لماذا !!؟ ) وبلع داود الطـُـعم حيث أنه استحسن مصاهرة الملك.. بعد ذلك نقرأ العجب : قام دواد وذهب هو ورجاله وقتل من الفلسطينيين مائتىْ رجل.. وأتى داود بغـُـلفهم وقـدّمها لمصاهرة الملك (مع ملاحظة أنّ كلمة (غـُـلف) فى قواميس اللغة العربية معناها (( جلدة الذكر قبل الختان)) فأعطاه شاؤل ابنته الصغرى (ميكال) فعلم شاؤل أنّ الرب مع داود.. وبعد ذلك مُـباشرة نقرأ أنّ شاؤل ((عاد يخاف داود.. وصار شاؤل عدوًا لداود)) (صموئيل الأول – الإصحاح الثامن عشر) وفى الإصحاح التالى سوف يطلب الملك شاؤل من ابنه (يوناثان) أنْ يقتل داود ، والسؤال الذى يتغافل عنه المُــتعلمون المحسوبون على الثقافة السائدة (سواء فى الدول العربية – وخصوصـًـا الفلسطينيين – أو فى مصر) لماذا التمسك بالديانة العبرية التى تأسسّـتْ على غزو الشعوب واحتلال أراضيها ونهب مواردها ؟ ولماذا وكيف كان المؤمنون بالديانة العبرية ضد بعضهم البعض ، كما حدث مع الفلسطينين وبنى إسرائيل ؟ ***
#طلعت_رضوان (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
ماذا حدث بعد وفاة يشوع ؟
-
لماذا تعدّدتْ المصاحف واختلفتْ ؟
-
هل يمكن عودة برلمانات ما قبل يوليو52؟
-
زمن الأصولية الدينية
-
يشوع يتولى زعامة بنى إسرائيل
-
الأزهر والكهنوت الإسلامى
-
لماذا فضّل الإله العبرى بنى إسرائيل ؟
-
هل كان إسلام البحيرى ضد الإسلام ؟
-
السعودية وإيران وإزدواجية العرب
-
بورتريه للأديب سليمان فياض
-
بورتريه للعامل (ع . س . ح)
-
إغواء يوسف بين الواقع والخرافة
-
لماذا تشويه الحضارة المصرية ؟
-
لماذا تشويه الأنبياء العبريين ؟ (2)
-
لماذا شوّه اليهود أنبياءهم ؟
-
لماذا انحاز الرب العبرى للرعاة ؟
-
الخروج من جزيرة العرب إلى العالم الخارجى
-
كيف تكون الدعوة للدين بالسلاح ؟
-
توالى انتصارات جيش محمد (4)
-
تثبيت أركان الدعوة المحمدية (3)
المزيد.....
-
طلع الزين من الحمام… استقبل الآن تردد طيور الجنة اغاني أطفال
...
-
آموس هوكشتاين.. قبعة أميركية تُخفي قلنسوة يهودية
-
دراسة: السلوك المتقلب للمدير يقوض الروح المعنوية لدى موظفيه
...
-
في ظل تزايد التوتر المذهبي والديني ..هجوم يودي بحياة 14 شخصا
...
-
المقاومة الاسلامية بلبنان تستهدف قاعدة حيفا البحرية وتصيب اه
...
-
عشرات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى
-
مستعمرون ينشرون صورة تُحاكي إقامة الهيكل على أنقاض المسجد ال
...
-
الإعلام العبري: المهم أن نتذكر أن السيسي هو نفس الجنرال الذي
...
-
ثبتها فوراً لأطفالك.. تردد قناة طيور الجنة 2024 على نايل سات
...
-
الجنائية الدولية تسجن قياديا سابقا في أنصار الدين بمالي
المزيد.....
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
-
( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا
/ أحمد صبحى منصور
-
كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد
/ جدو دبريل
-
الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5
/ جدو جبريل
المزيد.....
|