أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - سامي فريدي - من الانكشارية البكتاشية الى الوهابية السعودية















المزيد.....



من الانكشارية البكتاشية الى الوهابية السعودية


سامي فريدي

الحوار المتمدن-العدد: 5052 - 2016 / 1 / 22 - 20:13
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


سامي فريدي
من الانكشارية البكتاشية الى الوهابية السعودية
عبر تاريخها الطويل، عرفت الامبراطورية البيزنطية، موجات بشرية قبلية كثيرة وجدت لها مكانا في أراضي بيزنطة. ولقاء الحماية والرعاية الامبراطورية كانت بيزنطة تستفيد من الجيوش القبلية والأثنية في أوقات الحروب. و من بين تلك الجماعات القبلية والأثنية التي استوطنت المناطق الجبلية في جنوب الأناضول قبائل تركية صينية. ساهمت القبائل التركية بقطعاتها العسكرية باستمرار في عمليات الجيش البيزنطي عبر تاريخها، بما فيها حروبها ضد الفرس والمسلمين من بعدهم. ولأمد غير قليل كان الحرس الامبراطوري يتم اختياره من جبال الاناضول.
وقد اعتنق سكان الاناضول عقيدة بيزنطة المسيحية الأرثوذكسية الاغريقية التي ساعدتهم في دخول القصر الامبراطوري وتسنم مراكز عليا في الدولة. وفي وقت لاحق كانوا وراء انتشار عقيدة المونوفيزية وانشقاق الحرس الامبراطوري إلى فريقي الخضر والزرق. وقد ساهموا بمداد بيزنطة بعدة سلالات حاكمة، نجحوا في عقد صداقات شخصية مع خلفاء بني العباس والسلاجقة، وهي الفترة التي توثقت خلالها عرى التبادل والتلاقح الثقافي والزيارات الملكية المتبادلة التي كانت تصل إلى ستة أشهر يطلع خلالها الوفد الملكي على حضارة جاره.
ويبدو أن ظروف الخصب والاستقرار وتمكن الاناضوليين من ناصية الحكم والجيش، شكل حافزا لوصول موجات متعاقبة من قبائل الترك من أواسط آسيا، وتوسع رقعة انتشارهم في شبه جزيرة آسيا الصغرى. وبشكل نبه بيزنطة للمخاطر المترتبة على ذلك. وعندما تردت أمور بيزنطة واضطردت الصراعات حول السلطة، زادت شوكة أمراء الترك العثمانيين وتوسيع حدودهم على مدى قرنين من الزمان، حتى سقوط القسطنطينية بيد السلطان محمد الفاتح. وقد تبنى بنو عثمان الكثير من أصول الحكم والادارة البيزنطية وطرق تنظيم الجيوش واعدادها من الجماعات الأثنية القاطنة تحت نفوذهم.
ولم يخف الترك خلال معايشتهم الطويلة للحكم البينزطي اعجابهم بالعقلية الأوربية وقوتهم الجسمانية وفنونهم القتالية، فاعتمدوا بشكل أساس على العنصر الأغربقي في بناء مؤسسات الدولة المدنية والعسكرية، ناهيك عن طواقم الخدمة والتربية في بلاط الحكم.
وقد دأب الحكم العثماني على مواصلة نهج الحروب المستمرة لاستعادة البلدان والاقاليم التي استقلت عن النفوذ البيزنطي من قبل. وقد اعتمد الترك لهذا الغرض نوعا من التجنيد الالزامي (دويتشرمه) يلزم كل عائلة من خسمة أفراد بتقديم أحد شبابها للدفاع ضمن الجيش النظامي.
وإلى جانب قطعات الجيش النظامي، عمدت الدولة لتشكيل قطعات عسكرية ذات تدريب وتربية خاصة يتم اختيار أفراده من بين أطفال الأغارقة فقط. وهو التنظيم الذي سيعرف لاحقا بالانكشارية أو الجيش الجديد (يني جاري). يؤخذ أطفال الأغارية في سن مبكرة وتقطع صلتهم بذويهم، حيث يتم تأهيلهم عسكريا وعقائديا لخدمة السلطان التركي الذي يعتبر بمثابة الأب الروحي لهم، ويتم منحهم أسماء جديدة، وبعد اختبارات يتم تصنيفهم في ثلاثة مجالات: [غلمان ومماليك وجنود]؛ الغلمان للخدمة الخاصة، والمماليك للعمل في ادارة الدولة، والجنود للحرس السلطاني الخاص. ولم يكن يسمح لهم بالزواج، وغلمان الخدمة يجري اخصاءهم.
ويتم تربية ناشئة الاغارقة على ثلاثة مبادئ أساسية تميزهم عن سواهم، وهي: [ الاخلاص للسلطان،الولاء التام للعثيدة البكتاشية، اللياقة البدنية والمهارة القتالية]. وإلى جانب تعليم المهارة البدنية والفنون العسكرية والقتالية، يتعلمون اللغة والقرآن وأصول العقيدة وفق مبادء الصوفية البكتاشية تحت أشرالف الشيخ بكتاش ولي. ويعود ظهور الانكشارية إلى أيام أورخان بن عثمان، واستمرت حتى توقف عمليات التوسع وانتفاء الخاجة العسكرية اليهم والتخلص منهم على يد السطان محمود الثاني، مما يسجل لهم دورا في حياة الامبراطورية العثمانية قرابة خمسة قرون [1324- 1826م].
*
عقب فشل الحصار العثماني على فيننا، زاد الاقتناع في أوساط البلاد والانتلجنسيا العثمانية بأهمية الانفتاح على فنون الحضارة والمدنية الأوربية، ووصلت عدة ارساليات إلى عواصم الغرب لاستطلاع الحياة والفكر الأوربي. ولكن التقارب مع (الكفار) كان لما يزل يجد معارضة من الرأي العام والتقليد الديني، مما أخر عقد اتفاقية ثقافية مشتركة مع الغرب إلى عهد السلطان أحمد الثالث [1703- 1730م]، وفي عهده وصل بعض المهندسين الفرنسية لتحديث مظاهر العمران والحياة في العاصمة، سامحا بتبني طرز الحداثة الغربية، وفي عام (1727م) انشئت أول مطبعة في استامبول. ومع استمرار سلاطين عثمان في الانفتاح على المدنية والثقافة الأوربية- الفرنسية تحديدا، كان الرأي العام المحلي يزداد انشقاقا بين مؤيدين ومعارضين. فما كان من التيار الديني المعارض للغرب غير استخدام بقايا جماعات الانكشارية لقيادة التمرد ضد البلاط، ولم تنفع محاولات التهدئة والتوعية، مما حدا بالسلطان محمود الثاني للدعوة إلى اجتماع كبير لرجال الدين عام (1816م) لاقرار جملة توصيات، لم تمنع الانكشارية من مواصلة تمردهم مما انتهى بهم إلى مجزرة عام (1826م) التي قضت على آلاف منهم. لتنتصر ارادة الحياة والانفتاح على المدنية والحضارة التي انعكست بعض آثارها الاصلاحية والعمرانية في بعض البلاد العربية بين القرنين الثامن عشر والتاسع عشر.
*
السياسة الانجليزية في الشرق الأوسط..
واقع الحال، ان تلك التفاعلات المحلية لم تكن بريئة تماما، ولم يكن التيار الديني، المعارض الوحيد لسياسات الانفتاح السلطاني، فقد كان الرأي العام يتغير تدريجيا وينقلب من الرفض واحتقار الفرنجة إلى الاعجاب بهم. وانما كان ثمة- كالعادة- العذول الماكر – بحسب وصف جمال الدين الأفغاني/ الشخص الثالث- الذي يراقب وينتهز فرصته لخدمة مصالحه الخاصة. فالميل العثماني والتقارب من الفرنسيين، كان يثير غيظ الانجليز- الاعداء التاريخيين لفرنسا-. وقد خشي الانجليز ان يقود التقارب العثماني الفرنسي إلى زيادة نفوذ الفرنسيين في الشرق الأوسط.
كانت شبه جزيرة الهند تحت رحمة بريطانيا منذ القرن السادس عشر، وهي تحرص على استمرار طريقها البحري إلى الهند عبر الملاحة في نهر دجلة وخليج عمان. وقد عقدت لذلك اتفاقيات خاصة مع الحكومة العثمانية، كما أقامت علاقات وثيقة مع جماعات أثينية وقبلية في المناطق المحاذية لخطوطها التجارية. وبحسب المؤرخ حنا بطاطو، كان اهتمام الانكليز الأول يتجه للجماعات الدينية وتوظيفها لجماية مصالحها. فكان شركاؤها التجاريون في شركة الملاحة النهرية عبر دجلة من اليهود تحديدا، إضافة لصلاتها مع حماعات قبلية لنفس الغرض، مشكلة منها مراكز حماية لخطوط تجارتها في منطقة الخليج العربي.
*
الوهابية ارتداد أو تجديد..
في أيام حكم السلطان أحمد الثالث [1703- 1730م] كانت ولادة الشيخ محمد بن عبد الوهاب التميمي [1703- 1991م]. بل في العام الأول لحكم ألسلطان التنويري. فما هي المصادفة التي تجمع بين ولادة قطب الرجعية المعاصرة ورائد التنوير الاسلامي في عام واحد. ليس هذا كلّ شيء، فثمة مصادفة أخرى تفوق احتمال التاريخ. وهي ترادف تاريخ ولادة ووفاة الشيخ محمد عبد الوهاب مع تاريخ ولادة ووفاة الشيخ جون وسلي [1703- 1791م] رائد حركة التصحيح الاسلوبية في الكنيسة الانجليزية. فما هي المفارقة والمطابقة التارخية زمنيا وفكريا بين شخصين يدعوان للعودة الى الأصول وتخليص الدين من القشور والتقاليد. والشخصان من بلدين مختلفين وديانتين متخالفتين- المسيحية والاسلام. هذا ما يجيب عنه بروكلمان والجاسوس البريطاني مستر همفر!.
البريطاني مستر همفر الذي التقى محمد عبد الوهاب في مدينة البصرة في بدايات القرن الثامن عشر، يصفه بالمجدد الديني. والواقع ان مصطلح (التجديد) غير مستساغ في الاسلام حتى اليوم، فكيف به في القرن الثامن عشر؟!.. التجديد مصطلح علماني غربي، ظهر في أثر الدراسات الدينية والفلسفية في الكتاب المقدس، وتبلور كضرورة للاصلاح جراء تراكم مساوئ رجال الدين واستغلاله لأغراض شخصية. ويختلف مصطلح الاصلاح [Reformation] عن مصطلح التجديد [Renew] الاقرب لمصطلح العصرنة [Modernism]. وربما يعود اللفظ لاجتهاد المترجم في غير محله. ولما كان منطوق فكرة الشيخ عبد الوهاب تتمثل في العودة إلى أصل الدين وتخليسصه من القشور، وهو جوهر حركة البروتستانتي الانجليزي جون وسلي الداعي لاعتماد الانجيل كمصدر وحيد للمسيحية ونبذ الممارسات الاجتماعية والطقوس الكنسية التي لحقت بالمسيحية عبر الزمن.
ولكن محمد عبد الوهاب لم يكن (قرآنيا) في زمانه، نظير الانجيليين في الطرف الآخر. لو كان الأمر كذلك، لكان لدينا اليوم اسلام مختلف، ولحقّ لأتباعه بعض الفضل في دعاواهم. ولما ظهرت بالمقابل، دعوات السلفية سيئة الصيت ومخرجاتها الارهابية بعبئها الثقيل على الاسلام والمسلمين.
الوصف المناسب لفكرة عبد الوهاب، كما أراده همفر، انما هو فكرة (البعث) المقابلة للمصطلح الأوربي [Renausance] العائد للقرن السادس عشر، والذي قامت عليه النهضة الأوربية في الفنون والعلوم والاداب وصولا لحركات مارتن لوثر وجون كالفن ووسلي على التوالي.
مصطلح (البعث) استخدمه التنويريون السوريون في وقت مبكر في الدعوة لنهضة عربية قومية كما تمثلها الفكر الايديولوجي لحزب البعث العربي الاشتراكي لاحقا، وقد شكلت أساسا لفكرة العروبة وكتابة التاريخ العربي المشرق في النصف الأول من القرن العشرين.
محمد عبد الوهاب نفسه لم يستخدم مفردات التجديد ولا البعث ولا حتى السلفية، وانما ركز على مصطلح (التوحيد) التي سبق للاسلام الأولي اعتمادها مبررا لظهوره. ورغم الاشكاليات العديدة المتعلقة بمصطلح التوحيد لغويا ودينيا، فلم يفطن لعبد الوهاب التوقف عند تلك الاشكاليات، وانما واصل استنزاف نفس المصطلح وصداه السياسي، مع تحوير غايته للتركيز على الزعامة المشتركة لسعود وعبد الوهاب، بدلا من منطوق الشهادة الاسلامية المزدوج لله ومحمد.
الواقع انه لا يمكن اعتبار عبد الوهاب باحثا أو دارسا على غرار علماء الاسلام ومفسريه القدماء والمحدثين. وما ينسب له من تآليف، إذا صحت فهي جهود متواضعة. أين محمد عبد الوهاب من علماء مصر والشام والعراق؟.. أينه من التراث الاسلامي والفكري والاخباري من مكتبات البصرة والكوفة وبغداد والقاهرة واستنبول، بل أينه من دراسات المستشرقين وأطاريح الغربيين عبر الزمن؟..
هل يكفي انكاره واستنكاره لغير الحنابلة مبررا للاستبداد بجهله وحصر العقل السعودي بين دفتي تعاليمه وفهمه المحدود؟.. ان هذا السؤال يعني السعوديين قبل سواهم، فهم ضحايا قرون الجمود الفكري والزيغ الديني المفروض عليهم بالقهر والسيف. كما انه يعني أتباع الوهابية خارج السعودية من المخلصين والمضللين، لمراجعة الفكر والسلوك الوهابي عبر تاريخه، والتوقف لدى تجلياته الاجرامية في تنظيمات الاخوان المسلمين والجماعات السلفية المختلفة العناوين والتعليم ألأزهري وصولا للقاعدة وداعش وما يتبعها!.
هؤلاء لم يستطيعوا تجاوز آراء ابن التيمية أو الاضافة إليه، بقدر ترديدهم الببغاوي واستنساخهم لأحكامه ولغته. وإذا كان ابن التيمية مسؤولا لدى المؤرحين عن جمود الفكر الاسلامي وانحطاطه في الألف سنة السالفة، فما هي إضافة عبد الوهاب واتباعه غير مزيد من الجمود والانحطاط والدوران حول نقطة البداوة.
لقد كان دأب الغزالي وابن التيمية الحد من نمو تيار الاجتهاد الشيعي ومنع رواجه، بتشديد الأوامر والنواهي والعنف الجسدي، فما كان غير انقسام الاسلام إلى: [صوفي وصفوي] على حساب الاسلام البدوي، الذي كان على وشك الاصمحلال لولا الحلف الوهابي السعودي ضد العثمانيين. ولم يكن حظ بعث أفكار ابن التيمية البدوية في العصر الحديث أفضل حظا من قبل، فالوهابية لم تنجح داخل المجتمع السعودي نفسه، فيما عانت وتعاني هزائم اجتماعية ودينية في مصر وسوريا، ناهيك عن صيت الارهاب الدولي والمجازر ضد الانسانية. بل أن السلفية والاسلام السياسي الأخير هيأ أرضية مناسبة للنفور من الاسلام والعقلية البدوية عموما، للتحرر من معتقلات الفكر.
*
سيرة رسمية..
الشيخ محمد عبد الوهاب التميمي من مواليد قرية العُيَيْنة الواقعة في وادي حنيفة من منطقة العارض بوسط نجد على مسافة خمسة وثلاثين كم من مدينة الرياض- العاصمة السعودية اليوم. وكان جد آل معمر التميمي قد اشتراها من آل يزيد بني حنيفة في (856هـ). جدّه: سليمان بن علي آل مشرف التميمي عالم دين، ووالده عبد الوهاب بن سليمان التميمي قاضٍ وفقيه حنبلي في العيينة، وكذلك عمه ابراهيم بن سليمان التميمي. نشأ محمد عبد الوهاب ودرس وتفقه على والده أصول المذهب الحنبلي. ثم قصد مكة والمدينة والبصرة والاحساء وبغداد للاستزادة من العلوم الدينية وتتلمذ على شيوخها يومئذ.
ورغم ما يرد عن تنقله طلبا للعلم الديني والتعمق في المعرفة، فلم يتجاوز في فكره دائرة أحمد بن حنبل وابن التيميه وابن قيم الجوزية. وكان ينكر من الدين كل ما لا يتفق مع فهمه لهؤلاء الثلاثة. كما أنه ضاق من ممارسات بعض المسلمين من التعبد للأضرحة وتعظيم القبور والقباب وما يتصل بها من اجتماعات وطقوس.
وعندما عودته من الدراسة كان والده قد انتقل إلى بلدة حريملاء جراء عدم قبوله من قبل أمير العيينة الجديد عثمان بن حمد بن معمر التميمي. ورغم أن أمير العيينة الجديد طرد القاضي عبد الوهاب سليمان، فأنه سيقبل ابنه محمد عبد الوهاب في محله في عام 1727م – أي: عام دخول المطبعة إلى استامبول-. ثمة ها هنا ثغرة تاريخية غير قابلة للردم!. فإذا كان الأمير قد طرد الوالد، فليس من المعقول أن يقبل ابنه الشاب الغرير في محله. أم أن الابن الطموح كان وراء طرد والده بسبب الزعامة أو نشوب الخلاف بينهما لعدم قبول الوالد بتطرف ولده ونزعته التخريبية. ان بيانات السيرة لا تؤيد قبول القاضي عبد الوهاب سليمان وعائلته بنزعة الابن المتمردة. ولذلك لا يرد في سيرة محمد عبد الوهاب أن له أخوة وأقارب، وكأنه وحيد العائلة. وإذا يكون والده وعمه فقهاء وقضاة حنابلة فلا يذكر موقفهم من نزعة محمد عبد الوهاب، ولو أنهم وافقوه لذكر ذلك بكل تأكيد. مما يعني أنه: إما أن يكون مرفوضا منبوذا من عائلته وذويه حيث سيتم طرده لاحقا من كل العيينة؛ أو أنه شخصية اسطورية مختلقة، لا وجود لها على أرض الواقع؛ أو أنه شخصية صنيعة دوائر المخابرات بحسب مذكرات مستر همفر البريطاني التي رتبت ايلاجه في نسب بني تميم من أهل العيينة التي سيتم محوها تاريخيا وجغرافيا من الخريطة عام (1750م)!.
الواقع أنه لا إشارة لموقف العلماء وشيوخ الاسلام المعاصرين من فكرته في التخريب، سيما من تتلمذ على أيديهم. وهو مجهول كذلك من معاصري ذلك الزمن حتى القرن العشرين.
في عام (1727م) بدأ محمد عبد الوهاب ينشر أفكاره بموافقة ودعم من الأمير عثمان بن حمد آل معمر التميمي، وقام محمد عبد الوهاب بنفسه بهدم قبة ضريح الصحابي زيد بن الخطاب بيده، مع جملة القبور والأضرحة القريبة من العيينة.
ومع انتشار أخبار تصرفاته اجتمع علماء مكة والمدينة والبصرة والاحساء ورفعوا شكواهم الى حاكم الاحساء الذي طلب من أمير العيينة أن يقتل الداعية الجديد، وإلا فأنه يقطع عنه المؤونة. فتم طرد محمد عبد الوهاب من العيينة الى منطقة الدرعية نزيلا لدى أحد معارفه من بني سويلم، الذي توسط له لدى أمير الدرعية محمد بن سعود لقبوله وحمايته. وكان ذلك في العام التالي لتسنم ابن سعود الامارة. وقد نجح محمد عبد الوهاب في اقناع ابن سعود بتبني أفكاره والعمل المشترك بينهما لفرضها على المناطق المحيطة بهما. وعقدا لهذا الغرض عهدا يتكفل كل منهما بعدم خذلان صاحبه مهما كانت النتيجة. ويبدو ان الأمير الشاب كان اكثر ترددا وتوجسا من شخصية عبد الوهاب، فعاد وأكد عليه: أن لا يرجع عن عهده إن كتب لهم الفوز والسيطرة، من جهة؛ ومن جهة أخرى: لا يعارض الأمير في الخراج الذي فرضه على أهل الدرعية وقت الثمار. فكان ردّ عبد الوهاب عليه: الدم بالدم والهدم بالهدم؛ وأما الثاني فلعلّ الله يفتح عليك الفتوحات، وتنال من الغنائم ما يغنيك عن الخراج!.
سيرة عبد الوهاب المنشورة في مصادرها الرسمية، أقرب لفيلم سينما أو سيناريو قصصي، من كونها سيرة حياة واقعية لشخصية حقيقية، خرجت من بين فيافي نجد لتقنع أمراء أقوياء وتجعلهم يخضعون لهرطقاته. بينما يقف شيوخ الاسلام وعلماؤه يومئذ- متفرجين!. فهل كانت الامبراطورية العثمانية غائبة لهذا الحد، وهي السدة السنية المسؤولة عن صيانة الاسلام ونشره في شرق أوربا، أم أن الشرق الأوسط كان خاليا من الحكام وذوي النفوذ والحجى، بله القبائل القوية المعروفة البأس. هل كان أمراء ومشايخ مكة والمدينة والاحساء والبصرة ضعفاء ودعاء متساهلين في عقيدتهم، عن التحرك المشترك ووضع حد لشخص يتحدى تاريخهم وتراثهم الديني، فيعجزون عن التصدي لسلوكه ويتفرجون على أتباعه وهم يهدمون القباب والاضرحة العائدة لبيت النبوة وصحابته، هل كانت غيرتهم شفاهية عندما طلبوا من حاكم الاحساء الضغط على أمير العيينة للتخلص منه، ولماذا لم يواصلوا الضغط على أمير الدرعية؟.. بل لماذا لم يقم حاكم الاحساء بنفسه بايفاد من يقتل صاحب البدعة بدل الطلب من أمير العيينة، ولماذا سكت عنه عندما لم يقتله وتركه يسيح في البلاد؟.. لابد من إجابات منطقية مقنعة لهذه الأسئلة، وما وراء مجازفة ابن سعود في مطاوعة البدعة؟..
واضح ان أبن سعود، شأن غيره من شيوخ القبائل لا هم له غير المال والنفوذ، وكان محدثا في إمارة الدرعية عند لقائه بالشيخ محمد عبد الوهاب، فهل هيأه التاريخ في مصادفة مسرحية لهذا الأمر؟.. أم ثمة ما وراء ذلك. يتنفس المؤلف الصعداء عند التقاء المحمدين، وبعدها يترك الأمور تجري طبيعية. وبقدرة مسرحية سوف يتمكن جيش ابن سعود، - ومن غير تداخل خارجي- في سحق سكان شبه الجزيرة وأمرائها وجيوشها ويصبح الملك الأوحد وحامي الحرمين بحسب توصية رؤساء الحاج عبد الله فيلبي.
فالانجليز الذين كانوا وعدوا أمير مكة بجعله ملكا على العرب لقاء تمرده على العثمانيين، وعدوا ابن سعود بجعله ملكا على شبه الجزيرة من الخليج حتى البحر الأحمر. ويعرف الانجليز فضلا عن سواهم مقدار الفارق والأهمية بين مكة وبين صحراء نجد؛ وما كان ابن سعود بحاجة لشيخ دين مبتدع يدر له المال ويلوي له أعناق الرجال.
وفي حساب البيانات الرقمية نجد ان بدء الشيخ عبد الوهاب خدمته عام (1727م)، يعني انه كان في الرابعة والعشرين من عمره، ما يقابل عامين بعد استحصال البكالوريوس في هذه الأيام. وهي سن حداثة لا تؤهل صاحبها لقيادة مركز أو حركة دينية خطيرة، تتحدى كبار علماء الدين وأكابر القوم.
الأمر الأكثر غرابة، ان هذه السن، غير كافية للانتهاء من الدراسة الدينية والالمام بجوانب العلم والفقه والتاريخ والاخباريات وموارد العلماء والفقهاء على مدى عشرة قرون من تاريخ الاسلامت قارن ذلك بمدة الدراسة في النجف وقم مثلا!. ومحمد عبد الوهاب لم يدرس دراسة نظامية، ولم يتنقل بين المدارس والمعاهد المتاحة في البلاد المتمدنة والمعروفة يومذاك كالشام وبغداد واسطتنبول والقاهرة، ولم يحصل على إجازة في العلوم من الشيوخ الكبار. فقد قطع تعليمه لضيقه بما يجد، وربما لعجزه عن ادراك العلوم واستيعاب مغازيها. فلم يكن له شأن في تلك البلدان، ولا سمح له بالتعليم، فعاد محبطا مدحورا لبطن الصحراء، عاقدا عزمه على محاربة بدع الشيعة في تعظيم القبور والموتى، والتي فحواها: (الهدم الهدم الدم الدم)!. وماذا يلزم الهدم غير معول، أو يلزم الدم غير سيف أعمى بلا عقل ولا حس. ان عدم اكمال عبد الوهاب مقتضيات الاجازة في العلم الديني يطعن في استحقاقه صفة التعليم والقضاء، بله الشيخية التي ينبغي أن يحتج عليها طلبة الدين وشيوخ الاسلام وعلماؤه المخرسون. بل أن أتباع الوهابية من أبناء قرن الفضائيات والميديا الالكترونية.. أولى بالتوقف ومراجعة أصول وأطراف عقيدتهم ودعاواهم السلفية والارتداع عما يهدم بناء الله ويسيء للانسانية والقيم السامية. ان شرطَي: السنّ وقصور الدراسة الدينية، يضعف الاحتمالية التاريخية لمصداقية هذه الشخصية.
أما الأمر الآخر، فأن الأفكار العظيمة لابد أن تكون عميقة وجريئة وتقدح في العواصم والمنابر العالية، وليس في الأودية الميتة وظلمات الصحراء التي انتهى اليها محمد عبد الوهاب. لقد بدأت المدارس الفقهية المعروفة في بغداد العباسيين وحاضرة البصرة ومكة والمدينة. ومن عواصم العلوم والفقه انتشرت تلك الأفكار وجرت مجرى الرياح دون حاجة للسيف والجيوش والقهر والاضطهاد والغنائم التي هي دأ ب اللصوص والعصابات الهمجية.
وعبد الوهاب الذي تورد سيرته مروره ببغداد والبصرة ومكة والمدينة على عجالة ودون ذكر مدة بقائه ومنازل أساتذته، لم يكن غير تلميذ فاشل أو متمرد، ولم يتسن له النمو في المعرفة والعرفان الديني ما يؤهله للتعليم وطرح أفكاره في بغداد أو البصرة، فيكون له مؤيدون ومعارضون، كما هو شأن الشيوخ والعلماء. فالاحباط والنبذ اللذين عاناهما دفعه للتمرد والعنف ونزعة الانتقام من أهل الدين وعلماء زمانه، فحرض جماعات البدو على مهاجمة حواضر الاحساء والحجاز والعراق، انتقاما شخصيا أعمى، أسبغ عليه عباءة الدين وصون العقيدة، وكأن أهل زمانه وأصحاب الحواضر والمدارس الدينية العريقة لم يزيدوه غيرة وعلما.
كل هذه الأمور وغيرها من المراجعات التحليلية النقدية، السياسية والدينية يدعم الدعاوى البريطانية والغربية حول حقيقة شخصية المدعو محمد عبد الوهاب ودوره التخريبي على كل الأصعدة.
هذا يعني ان محمد عبد الوهاب إما أن يكون شخصية وهمية (مخابراتية)، أو أنه شخص محبط مطرود من حلقات الدرس الديني ومنبوذ من علماء زمانه كما من والده وذويه!.
*
دور بني سعود في نشر الوهابية..
ان الأمير ابن سعود، هو صاحب الدور الرئيس في اعلان ونشر الوهابية وديمومتها كحركة دينية سياسية ماثلة حتى اليوم، وبدعم مباشر من الدوائر الغربية. ولبيان هذا الأمر ينبغي تبيان صلة سعود بالامارة وكيفية تمكنه من أمر الدرعية.
الدرعية قرية قرب وادي حنيفة، أسسها مانع بن ربيعة المريدي عقب نزوحه من قرية (الدروع) القريبة من القطيف. وقد نمت وكبرت مع الوقت، وخلفه عليها ابنه ربيعة بن مانع بن ربيعة الذي وسعها بالاستيلاء على أراضي آل يزيد بني حنيفة من قريتي النعمية والوصيل المجاورتين لها.
وفيما يلي سجل بأسمائ امرائ الدرعية منذ تأسيسها حتى استيلاء بني سعود عليها:
1- مانع بن ربيعة المريدي/ مؤسس الامارة
2- ربيعة بن مانع بن ربيعة/ وسع حدودها نحو اراضي آل يزيد
3- موسى بن ربيعة بن مخانع/ ضم اليها قريتي النعمية والوصيل
4- ابراهيم بن موسى بن ربيعة
5- مرخان بن ابراهيم بن موسى
6- بدء الصراع على الحكم واقتسام حكمها بين:وطبان بن ربيعة بن مرخان، ومرخان بن مقرن بن مرخان
7- ناصر بن محمد بن وطبان
8- ابيراهيم بن وطبان
9- موسى بن ربيعة بن مرخان
10- سعود الاول بن محمد بن مقرن بن مرخان/ حكم بين [1720- 1725م].
11- زيد بن مرخان بن وطبان: اغتيل بعد عتم كم حكمه (1726م).
12- محمد بن سعود/ حليف الشيخ محمد بن عبد الوهاب ومؤسس الدولة السعودية الاولى [1744- 1818م].
نلحظ مما سبق:
1- ان آل سعود استولوا على الامارة بطريقة غير شرعية وقاتلوا بني عمهم وأهل السلطة الشرعية.
2- ان آل سعود لم يكونوا مرغوبين بين سكان الجزيرة وأمرائها وكان لهم أعداء كثيرون.
3- أطماعهم في السلطة تزامنت مع بدايات القرن الثامن عشر الميلادي وبواكير عهد السلطان أحمد الثالث، والمؤرخة مع مواليد محمد عبد الوهاب حسب بيانات سيرته الرسمية.
ان حكم محمد بن سعود كان سينتهي كالعادة بعودة الامارة لحكامها الشرعيين من بني ربيعة، لولا دخول عوامل خارجية لتدعيم سلطته وتصنيع مستقبله ومستقبل ذريته من بعده. بعبارة أخرى، ان ابن سعود كان بحاجة ماسة لأي حلف خارجي وبأي ثمن للاستفراد والاستبداد بالسلطة. هنا يأتي دور القدر ليدفع بمحمد بن عبد الوهاب إلى يديه.
ولكن ما قيمة عبد الوهاب كشخص مفرد، طريد ومنبوذ مثله. ليس زعيم عشيرة ولا قائدا عسكريا ولا شيخ طريقة يلحقه أتباعه. هنا يظهر الاستفهام ومكمن اللغز، إذا كان محمد عبد الوهاب فردا عاديا أم له أتباع!. والضرورة تستدعي أن يكون هؤلاء الاتباع غير عاديين، ليس مجرد بضعة أنفار من الجهال والشذاذ. هذه النتيجة أيضا تميل لصالح الرواية البريطانية ومخزون الدعم الانجليزي. من يستنكر هذه النتيجة ويعتبرها مبالغة، يمكنه العودة لسيرة الحاج عبدالله جون فيلبي [1815- 1960م] ضابط المخابرات الانجليزي الذي أسلم وتزوج بدوية، وكان يؤم البدو في الصلاة ويعظ في الحرم المكي!.
ان حلف عبد الوهاب/ سعود هو أول حلف أسود غير مقدس، والتحالف المعاصر الوحيد بين العمامة والسلطة، وبشكل لم يسطع أي منهما الفكاك من الآخر. ليس من باب الفخر والفضيلة، ولكن ما نتج عن هذا الحلف الجهنمي من الدم والعار تحول إلى نير ثقيل لا يطيق أيهما احتمال مسؤوليته وتبعاته عبر قرون عدة. فعائلة آل سعود الحاكمة ينيف عدد أفرادها الخمسة آلاف، فيما يبلغ أتباع محمد عبد الوهاب أضعاف ذلك، وهم قوات عسكرية دينية تأتمر لقيادة دينية وهابية لها تنظلماتها المتوزعة في كل انحاء المملكة.
السؤال هنا هو لماذا رفض آل معمر التميمي وغيرهم من أمراء الخليج وشبه الجزيرة أفكار محمد عبد الوهاب واجتمعوا على نبذه ونفيه من بينهم، واحتواه ابن سعود. واقع الحال أن الآمراء وشيوخ القبائل يحتفظون بمعاهدات تقليدية فيما بينهم، ولا يجازف أحدهم باستفزاز الاخرين من غير رجعة. فإذا كان الزعيم القبلي يحسب ألف حساب، لمخالفة أحد زملائه، ويحتاط لذلك بتحالفات مسبقة واعتبارات وساطة وصلح، فكيف جازف ابن سعود بالخروج على كل الأمراء وشيوخ القبائل، وفي أمر سبق لهم رفضه قطعيا؟!..
هل تكفي كفالة رجل دين غير معروف أن تحميه من غضب العرب، أم أن بقية الامراء عدموا شيوخ الدين والعلماء المعروفين والأوسع علما ومكنة في أمور الدين والدنيا؟!.
هذا الحلف الجهنمي الذي شكل عدوانا سافرا على الاسلام والانسان والحضارة، ما كان له ان يرى النور ويستمر بغير انخراطه في السياسات الغربية المنطقة، وهذا هو الاستفهام الذي فصل منطقة الجزيرة عن المحيط العربي والاسلامي من جهة، ومهّد لمشروع الاستعمار الوهابي للمشرق العربي والشرق الأوسط بدعم السياسات الغربية كما هو جارٍ الآن.
وما على الدولة السعودية – بعد قرارها الجريء تجاه تنظيمات القاعدة والاخوان المسلمين- غير التقدم بقرار حازم للتخلص من الوهابية الانكشارية وأفكارها التي كانت وراء رعايتها عقودا طويلة، وانقاذ المتبقي من حياة وعقول ومستقبل الشباب والناشئة، ودفعهم للانفتاح والتنوع والتعددية وقبول الآخر، وبذلك تتوفر على مكاسب استراتيجية نادرة، في مقدمتها حل خلافاتها الاقليمية والطائفية مع جيرانها والخروج من عزلتها العربية والدولية – سيما مع سقوط ورقة النفط-، وتنظيف سجلاتها في حقوق الانسان والارهاب الدولي.
*
الحرب الباردة..
لكنني مع ذلك اعتبر ان ثمة مبالغة في التواريخ ومتطابقاتها التاريخية، وقدرا كبيرا من التوليف والتفخيم في الاحداث والأوصاف المتعلقة ببدايات الوهابية السعودية. وليس من المنطق أن تنتظر الدولة العثمانية أكثر من نصف قرن، قبل اتخاذ قرار التحرك العسكري لسحق المؤامرة السعودية الوهابية عام (1818م). ان الرواية التاريخية الرسمية للوهابية والدولة السعودية الأولى ضعيفة المصداقية، سيما وهي مجرد رواية حكواتية من غير بيانات ودلائل تاريخية. وبالتالي، فأن تلك الروايات هي مجرد خرافة سحرية لمنح دولة آل سعود قدما تاريخيا يسبق دولة محمد علي في مصر، وبالتالي، يجعل لها سندا تاريخيا ودينيا للفوز بقيادة العرب من جهة القدم والزعامة الدينية بدلا من مصر العلمانية والقومية. سيما وأن رواية المستر همفر البريطانية ظهرت متأخرة في القرن العشرين ضمن وسائل تحطيم الزعامة الناصرية. وعلى المعنيين بالمدونة السياسية والاسلامية استقصاء أخبار القرن الثامن عشر والاشارات لابني سعود وعبد الوهاب في أدبيات المعاصرين لهما. أما فكرة السلف الصالح وتهذيب الدين ونبذ القشور فواردة في تعليم الآلوسي الكبير صاحب التفسير والمصنفات الرصينة ومدرسته القائمة لليوم.
في عام (1926م) قامت جماعات سعودية باسم الوهابية بمحاولة فاشلة للهجوم على مدن النجف وكربلاء في غرب العراق لهدم القباب والأضرحة فيها، يومها كان العراق يتوفر على دولة وجيش أعرق وأكبر من السعودية. ولكن في النصف الأول من القرن الثامن عشر كان العراق يفتقد الأمن والادارة والحماية الوطنية، وكان عبد الوهاب قد عاد محبطا لتوه من بغداد إلى نجد، مغتاظا من بعض ممارسات أهل العراق، وبالتأكيد كان بمقدور قوة قبلية مسعورة الاجهاز على المزارات الدينية الشيعية في العراق بسهولة. ولكن الوهابية لم تكن ظهرت للوجود عندها، حسب المزاعم التاريخية لكل من المدونات السعودية والرواية البريطانية سواء.
ففي رواية مستر همفر المفبركة كثير من البهلوانيات المقصود بها خدش الجناحين السني والشيعي، في العراق واصفهان ونجد سواء، ناهيك للاساءات المشينة لليهود والمسيحيين في الشرق الأوسط وتصويرهم عبيدا بغير كرامة بيد السوبرمان الانجليزي.
هذا لا ينفي أن الوهابية بأفكارها وممارساتها ونتائجها المستمرة هي فكرة جهنمية تخريبية عادت بالدمار والتخلف على العرب والمسلمين وحالت بينهم وبين الافادة من الحضارة المعاصرة أسوة بالامم. وان العرب والمسلمين اليوم هم العنزة السوداء المرقطة بين الشعوب بأثر تلك الفكرة الجهنمية!.
كما أنه لا يلغي دور المخابرات البريطانية وراء البدع والتيارات الدينية والطائفية في المنطقة، أسوة بدورها في رسم الكيانات السياسية واختيار عوائل واتجاهات الحكم في الشرق، وبشكل منع الاتفاق والتآخي بين بلدين جارين تجمعهما اللغة والثقافة والأصول الاجتماعية الواحدة، إضافة للمصلحة والمصير المشترك.
*
القطيف واليمامة.. جغرافيا وتاريخ..
لابد من الاشارة للتوطن الجغرافي لكل من بني سعود آل مقرن/ الدرعية، ومحمد عبد الوهاب التميمي/ العيينة، وكلاهما في مدار وادي حنيفة والقطيف المعروفة تاريخيا باقليم اليمامة وأثرها في التاريخ العربي والاسلامي.
فالقطيف والاحساء هما المنطقة الشرقية من شبه جزيرة العرب، والمعروفة بسكانها الشيعة الذي يشلون حزاما يحيط بالمملكة من جهتي الشرق والشمال، ويفصل الحزام بين السعودية من جهة، والعراق والأردن من جهة أخرى.
كما يعزل اقليم الاحساء بين المملكة السعودية ومنطقة العربي عموما. الاحساء من الناحية الطبيعية امتداد للصحراء الرملية التي تغطي وسط شبه الجزيرة وتستمر شمالا حتى جنوبي حوض الفرات. وفي اقليم الاحساء تتركز أغني حقول النفط التي استكشفتها شركات تنقيب أمريكية. فاقليم الاحساء الشيعي هو مركز الثقل الاقتصادي للدولة السعودية في العصر الحديث. ورغم ثرواته النفطية الغنية بقي اقليم الاحساء يعاني الاهمال حتى عقد التسعينيات الماضي. على الصعيد الاجتماعي يمثل سكان الاحساء إلى جانب سكان الحجاز – غربي نجد الاكثر تحضرا وتمدنا وتطورا اجتماعيا وثقافيا، نسبة إلى مناطق نجد وجنوبها.
يمكن القول ان السبب السياسي، كان وراء ابتعاد آل سعود عن اقليم الحجاز الخاضع لأمير مكة والمعترف به من قبل الباب العالي في الاستانة، وقد حافظ اقليم الحجاز على استقلاليته حتى سقوط الدولة العثمانية، وقيام تركيا الحديثة عام (1924م) ليقوم الجيش السعودي الوهابي باجتياحها العام التالي.
كما أن محمد عبد الوهاب تفاداها في منطلق دعوته، بسبب إرثها الثقافي والديني العريق، وحجم الطبقة الدينية وعلومها المكية، وثمة، صعوبة أن يجد فيها حاضنة فكرة تنافس وتناوئ اتجاهها الفكري والمذهبي. فلا أمل له في الحصول على حاضنة اجتماعية أو دينية أو سياسية، مما دفعها إلى الجهة الأخرى.
أما تفادي بني سعود وعبد الوهاب المنطقة الجنوبية من نجد فذلك لانقطاعها عن العالم، واستغراقها في التخلف والصراعات البدائية. وفي نفس الوقت، نجد أن الدور البريطاني تركز في المناطق القريبة من الخليج -الطريق المائي الدولي للملاحة البريطانية قبل فتح قناة السويس.
التوطن الجغرافي لبني سعود وعبد الوهاب يجعلهما أحد أثنين:
- من أصول شيعية بالأصل أو المصاهرة؛
- متأثرين بالثقافة والعادات الشيعية لمنطقة القطيف.
وكان يفترض منطقيا أن يكون الحاكم السياسي والديني قريبين أو منسجمين مع الأصول الاجتماعية والملامح الثقافية لمنطقة القطيف والاحساء. لكن معطيات الواقع السياسية والدينية والاجتماعية تأتي معاكسة ومناقضة للواقعية التاريخية والجغرافية. وهذا يعني للباحث والمحلل، انهما ليسا من أصول المنطقة اجتماعيا ودينيا، وأن التاريخ والنسبة الاجتماعية خضعت للفبركة.
لقد عادت سياسات المملكة السعودية سكان المنطقة الشرقية، وجعلت منها المركز الأول والأكبر لممارساتها القمعية والوحشية. وبالمقابل، يرفض سكان القطيف وما حواليها آل سعود وعبد الوهاب رفضا قطعيا، اجتماعيا ودينيا وثقافيا ووطنيا. وهو أمر لا بد له جذوره التاريخية الاجتماعية العريقة، الأكثر قدما من ظهور الدولة والوهابية.
الملاحظة المهمة في هذا السياق، تتعلق بالجيش السعودي، - والمقصود به الجيش والامن الداخلي-، والخاضع خضوعا تاما للتربية العقائدية والاشراف المباشر لوكلاء الوهابية. فقد تم التعويل منذ البدء، على أبناء المنطقة الجنوبية، الأبعد عن الحضارة والتواصل المدني، والأشد بداوة وفظاظة في الطبع والسلوك والتعامل، ناهيك عن الولاء التام لشيوخهم، ويتم معاملتهم وتدجينهم بنفس الطرق والمناهج الانكشارية العثمانية. فالملك هو الأب الروحي لهؤلاء، والشيخ الوهابي هو القائد المباشر والسيد الأعلى لهم.
لقد توطن الحلف الوهابي السعودي على مشارف المنطقة الشرقية لهدم مزاراتهم وقبور أهليهم، والنكاية بهم ومنعهم من ممارسة شعائرهم وطقوسهم الدينية المتوارثة.
لكن العمق التاريخي للمنطقة الشرقية- موطن الشيعة اليوم-، يعود إلى وادي الحنفية وأرض اليمامة التاريخية ذات الأثر الكبير في حياة شبه الجزيرة العربية قبل ظهور حركة محمد، والذي كان هو نفسه تابعا لها وجزء منها، قبل أن تجري أحداث غامضة تؤدي للانشقاق. ومن ثم العمل على فرز ملامح مغايرة ومناوئة للدين الأصلي، دون أن يفلح الانشقاقيون ايجاد تسمية جديدة لجماعتهم فاستمرت صفة – مسلمين- نسبة لنبي اليمامة، كما استمرت كثير من تعاليمه وصلواته – ما يعرف بالاسلام المكي- وأقحمت عليها تعاليم بدوية ذات طابع سياسي عنفي، تم تسميتها بالمدنية، بينما هي بدوية قبائلية منافية للحضارة والتمدن، ولا صلة لها بتقاليد واجتماعيات يثرب المدنية العريقة..
ان سيناريو [سعود/ عبد الوهاب] هو تقليد مطابق لعقلية الغزو والهدم ولغة الدم والمحو التي اتبعتها جيوش ابي بكر وخالد بن الوليد، ممن يصفهم الوهابيون بالسلف والاسلام الصحيح. أي الشق الأخير البدوي الدموي القبائلي عقب الانشقاق والتمرد على الحركة الأصلية وتعاليم مسلم بن حبيب الحنفي، الذي قاتله أبو بكر في ما دعي بحروب الردة وراح ضحيتها الآلاف، وتم جراءها تهجير عشرات القبائل خارج صحراء الجزيرة. والسؤال الذي ينبغي كشف غباره هو ردة مَن عن مَن؟.. ارتداد أبي بكر عن اتباع مسلم الحنفي، أم ارتداد الأخير عن اتباع ابي بكر، والذي سيتم قتله قبل مقتل الحنفي نفسه؛ وهو سؤال أورده التوحيدي بين سطور لياليه!.
ان تاريخ الوهابية وبدايات بني سعود يكتنفه كثير من الأسئلة والغموض والفبركة، أسوة بتاريخ صدر (الاسلام) الذي تتم الاجابة عليها بحركة السيوف وضرب الأعناق والأيدي عبر الزمن، فهل كفت الشكوك، أم أجيبت الأسئلة، أو هدأت النفوس واهتدت العقول للحق الحقيقي!،
الاجابة الأخرى التي تقدمها الوهابية أسوة بأسلافهم، هي [الهدم الهدم الدم الدم!]. والمقصود منها هدم الآثار ومحو الأصول والبينات والأدلة وحرق الكتب التي تشير للأمم والحضارات والعقائد القديمة والأصيلة. مسح القبور وجعلها – دارسة- مجرد ذريعة، لمقصود أكبر وأعمق تتصل بالقباب، والأضرحة الدينية والتاريخية، ومنها النصب والمسلات والمعالم العمرانية التي تؤرخ للحضارة والمدنية، كما فعلت داعش في آثار ومعابد نينوى وتدمر. ان الحضارة ومعالم المدنية ومكتبات العلوم تستفز الجماعات الهمجية وتثير فيها شهوة الانتقام والهدم والحرق، هكذا فعل هولاكو وتيمورلنك، وهكذا فعل ويفعل الوهابيون والداعشيون القدماء والمعاصرون بالمجتمعات المتمدنة وآثار العمران والعلوم ومحارق مكتبات الاسكندرية التي القاها عمرو بن العاص في المياه.
هدف السياسي هو المال، دينار أبي بكر وخراج سعود وموارد الحج وغنائم الحروب وجواريها وغلمانها اضافة للخمس والجزية والزكاة والصدقة. أما دور الشيخ البدوي هو خدمة الجهل وحجر العقل وغسل أذهان العبيد عن رؤية النور والحضارة الانسانيةة!.
*
ما بعد الوهابية..
حرص الحنابلة القدماء والمتأخرون على انتقاء رموز (السلف الصالح) من صدر الدعوة من العرب والأعراب، لقطع الطريق على ظهور البدع واختلاط الاسلام بالعقائد والتقاليد الأصلية لدى المسلمين الجدد خارج جزيرة العرب. انهم دالة الحرج الاسلامي أمام تاريخه وأدبياته، والتوجس من كل ما تستخدمه المذاهب غير الحنبلية ركيزة لها من القرآن أو السيرة والأحاديث وبقية الاخباريات. لكن الفكر الحنبلي على مدى قرونه الطويلة وتشدده المعروف لم يقدم جهدا فكريا لاعادة غربلة الارث الديني لرؤيته الحنبلية الوهابية للاسلام العربي البدوي. وهو سؤال مفتوح على كل الاتجاهات. لماذا عني الفرس والترك بجمع وتأليف الاسلاميات منذ القرن الثامن الميلادي، استنادا للرواة والتابعين، وقصر عن المهمة عرب الحجاز ونجد؟؟!..
مع كل محاولة لغربلة الدين وأدبياته يتم وضع تصانيف جديدة شرغية (قانونية) ويحظر على الاتباع تداول ما سواها. وقد شمل ذلك التفاسير والأحاديث والسنة والاخباريات والرواة. فصار لكل فريق علماؤه وشيوخه ومصادره، مع ما لهذا من أثر في بلبلة ذهن المسلم واضطرابه النفسي. بل نفر المسلم من الدراسة والاطلاع على مكنونات تلك الكتب. ومع انتشار القراءة ووسائل التعليم ومواقع النت والفضائيات التعليمية والتنويرية، وحاجة المسلم لمواجهة الثقافات الغربية، عاد إلى تراثه مجددا، ليجد نفسه أكثر حيرة واضطرابا. فهل يستطيع المسلم العادي حل معضلة، عجز الأوائل عن البت فيها والانتهاء منها؟. ان الخلاف يكتنف كل المصادر والاخباريات، بما فيها الاحاديث والسيرة وصولا لنصوص القرآن. وما الفرق بين السنة والعترة، والموقف الواضح من عائشة بوصفها (نص الدين)؟.. ذلك ما حد بمؤسسة الأزهر للتحفظ حول بعض أحاديث البخاري، ومحاولة تعديل (أسماء الله الحسنى) من الصفات المشينة، ولكن ذلك لا ينهي الخلاف ولا يضع حدا لمحنة الأزهر ومراجع المسلمين، مما لزم ظهور مواقف أكثر ثورية وتطرفا، بين مزيد من الجمود الحنبلي والعنف السلفي، أو التخفف من مكتبة الاسلام وبعض مصادره على النسق الوسلي البروتستانتي للاقتصار على القرآن فحسب.
فهل تنحل المعضلة بعدما ظهرت دعوات وجماعات جديدة من (قرآنيين) ومن دعاة (قران مكة) دون اليتربيات، من (ايمانيين موحدين) و (عرفانيين) وسواهم؟. بينما يتغول بالمقابل دعاة السلفية الحنبلية الوهابية الجهادية الارهابية فلا يملكون غير شحذ السيوف وتقطيع الرقاب وتكميم الافواه واستجداء نصوص عقابية جديدة تعتبر كل نقد أو شك أو تساؤل في الدين أو السيرة ازدراء بالدين أو أساءة للنبي. بعيارة أخرى، وهذا ما يعجز عن التصريح به الحنابلة الجدد.. انهم لا يعترفون بغير قرآن يثرب. وقرآن يثرب هو الاسلام البدوي الجامد، وهو المعيار الوحيد لاستمرار سلطان بدو الجزيرة على الناس واستمرار تجارة الكعبة باسم الدين.
وهذا هو فحو ى قرآن يثرب العثماني القائم على نشر العبودية والقصاص ودفع الخراج والجزية. وما أشبه مطالب ابن سعود الخراجية بشعار ابي بكر ضدّ شعب اليمامة: من منعني دينارا كان يؤديه لمحمد، ضربت عنقه! وفي قوله هذا تلخيص للاسلام السياسي واختصار للانسان القن. وكان أولى باتباع عبد الوهاب تلخيص دعواهم وحاجتهم بجملة ابي بكر من غير لف ودوران واستهلاك للدين وتجارة التوحيد التي كبر عليها أبناء القرن الحادي والعشرين!.
المشكلة اليوم هي مشكلة آل سعود وآلافهم الخمسة والنيف. أما ذرية عبد الوهاب فلم يبق منهم أحد، ومن نجا منهم فلا قرابة له بزعامة جده.
لقد ثار الصليبيون على سلطان الامبراطور حتى سحقوا روما والقسطنطينية. وانقلب الانكشاريون على سلاطين عثمان المصلحين، كما تعاون المسلمون مع الانجليز ضد العثمانيين، ولن يكون مصير الحكم السعودي مختلفا حين ينقض عليه عتاة الوهابية التي نشأت واستمرت برعايته وفي أحضانه. وإذا كان مشروع داعش يتهدد حكومات سوريا والعراق، فأن وطنه الأم، في عاصمة البداوة والاسلام أقرب من غيره بكثير.
ان جماعات الاخوان المسلمين والسلفية والقاعدة وطالبان وداعش وشباب وبوكو حرام كلهم من انتاج ورعاية حركة محمد عبد الوهاب وحاضنتها السعودية في العصر الحديث. والموقف الذي اتخذته المملكة السعودية من الاخوان والقاعدة وداعش حري بها تعميمه على كل الحركات السلفية الوهابية الأصل، اينما كان موضعها من العالم، والعمل على منعها وكف شرورها عن البلدان والبشر وليس الاكتفاء بمنعها داخل المملكة فقد، كما تفعل الولايات المتحدة في منع الارهاب داخل أراضها، بينما تدعمهم في البلدان الأخرى وتستخدمهم ضد الحكومات المناوئة لسياساتها. ولا أعتقد أن صمت التاريخ، أو تهاون المجتمع السعودي مع الارهاب الاسلامي وتهديده للامن العالمي ودور المملكة السعودية وراء ذلك سوف يطول أكثر، مع تراجع النفط كقوة سياسية.
وبحسب القول: إذا لم يقض السعوديون على الوهابية، فأن هزيمة السعودية ستكون على أيدي الوهابية!.
*
ـــــــــــــــــــــ
مذكرات مستر همفر- الجاسوس البريطاني في البلاد الاسلامية/ نقله إلى العربية: الدكتور ج. خ.- د. ت- ص85- السعر 10 ليرات لبنانية.



#سامي_فريدي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- نمر النمر.. الحكم السعودي ينتحر!
- Organon
- أفلاطون ابن الإله..!
- سقراط نبيا!.
- التصوف
- المنفى هو الجسد..
- المنفى.. Exile
- من سرق الفردوس؟..
- ثلاثة في واحد
- المذكر والمؤنث
- التفرد والتعدد/ الروحي أو الجسدي
- ماهية اللغة..!
- واحد + واحد= ثلاثة
- أنا أشكّ، إذاً أنا انسان!..
- بلا عقل.. أفضل!..
- قطيعي أو مقطوعي..!
- القناعة صدأ النفوس!..
- فردوس أم جحيم..
- الغاية المستحيلة..
- رياضيات هندسية Geometric Mathamatic


المزيد.....




- قائد الثورة الاسلامية يستقبل حشدا من التعبويين اليوم الاثنين ...
- 144 مستعمرا يقتحمون المسجد الأقصى
- المجلس الفرنسي للديانة الإسلامية: مذكرة اعتقال نتنياهو بارقة ...
- ثبتها الآن.. تردد قناة طيور الجنة الجديد 2025 علي كافة الأقم ...
- عبد الإله بنكيران: الحركة الإسلامية تطلب مُلْكَ أبيها!
- المقاومة الإسلامية العراقية تهاجم هدفا حيويا في جنوب الأراضي ...
- المقاومة الإسلامية العراقية تهاجم هدفا حيويا في جنوب الاراضي ...
- المقاومة الاسلامية العراقية تهاجم هدفا حيويا في جنوب الاراضي ...
- ماذا نعرف عن الحاخام اليهودي الذي عُثر على جثته في الإمارات ...
- الاتحاد المسيحي الديمقراطي: لن نؤيد القرار حول تقديم صواريخ ...


المزيد.....

- شهداء الحرف والكلمة في الإسلام / المستنير الحازمي
- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - سامي فريدي - من الانكشارية البكتاشية الى الوهابية السعودية