|
الهوية الضائعة 6: نماذج الهمجية
سندس القيسي
الحوار المتمدن-العدد: 5052 - 2016 / 1 / 22 - 08:17
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
الهوية الضائعة 6: نماذج الهمجية سأتحدث هنا عن ثلاث نناذج أساسية عن العربي الأوروبي، وهمجية العربي على حد سواء، وربما أمثلة أخرى تتداخل بينها. وسأستدل على الأمثلة الحية برموز الأبجدية العربية: أ،ب، ت،... إلى ما ذلك، للحفاظ على سرية هوية هؤلاء. أولا: النموذج الأوروبي: (أ) شابة عربية، من شمال إفريقيا، خرجت عن طوع أبيها الميليونير، وجاءت إلى أوروبا، لتكمل دراستها، صادفتها صعوبلت مادية وعملية، لجأت إلى أحد مدرسيها الأوروبيين، الذي آواها إلى حين. حصلت على شهادة الدكتوراة. وأصبحت تحاضر في أوروبا، وعلى مستوى دولي. (أ) تعتبر نفسها ملحدة، وأن كل القوانين التي سنها رسول الإسلام ضد المرأة، على حد قولها، ردة فعل على زواجه من السيدة خديجة، المرأة المستقلة والقوية وذات النفوذ. واجهت عنصرية، إذ كان زملاء العمل الأوروبيون يضحكون عليها، ويسألونها بكل استهزاء: "أين ركنتي جملك في المرآب؟ "، إلا أنها لم تكترث ودفنت نفسها في عملها الذي ضاعفته ثلاثة وحتى أربعة أضعاف عمل الأوروبي لكي تثبت ذاتها وتنجح. (أ) لا تختلط بالعرب بشكل شبه نهائي لأنها لا تريد ذلك. (ب) رجل مسيحي من الشرق الأوسط، متزوج من إمرأة أوروبية، متحرر نوعا ما. كان يتمنى لو أن بناته الثلاثة يتزوجن من بلده، لكنهن اخترن المعايشة وإنجاب الأطفال دون زواج، الأمر الذي تقبله على مضض. عمل طول حياته، موازنا بين ثقافته المسيحية وثقافة البلد الأوروبي الذي يعيش فيه. يختلط مع بعض العرب المتحررين والمسيحيين، لكنه متأقلم أيضا مع حياته الأوروبية، ويتابع نشاطه الديني في كنيسة زوجته الغربية كحل وسط. أما بناته، فلا يعتبرن أنفسهن عربيات لأنهن لم يعشن في البلاد العربية ولا تستهويهن حياة العرب، لأنهم بعيدات فكريا وثقافيا عنها. النوع الثاني: الشباب (ت) حلاقا من الشرق الأوسط، وهو شيعي، متأزم من طبيعة علاقته مع زملائه، وأصدقائه، وغالبيتهم من الشيعة أيضا رغم وجود بعض السنة، وذلك بسبب مضايقتهم له، فهو كلما صادق فتاة أوروبية، قام أصدقائه بجرها مضاجعتها جميعا، أحيانا مرة واحدا تلو الأخر أو على انفراد. وبما أنهم جميعا شبابا في مقتبل العمر، فأكثر ما يفكرون فيه هو غزواتهم الجنسية مع الفتيات الأوروبيات.، (ت) يقول إنه مستاء من أصدقائه، ويعتبرهم أعداء، لكنه لا يظهر لهم هذا لأنه يتحين الفرص للإنتقام، وهو لا يغفر لهم مضاجعتهم جميعا لحبيبته الأوروبية الأمر الذي أبعده عنها. وكان يلوم حبيبته التي سمحت لهم بذلك، لكن كان يعتقد أن اصدقاءه هم من جروها إلى ذلك. غير أن أصدقاءه يخالفونه الرأي ويصرون على أن المعاشرة الجماعية لحبيبة صديقهم تمت بمباركة من صديقهم وتشجيع من الفتاة، ويتهمون (ت) بالتظلم لغاية في نفس يعقوب. ثم صادق (ت) إمرأة مطلقة، لديها ثلاثة أطفال وتكبره بسنوات، وعلى حد قول أصدقائه، فإنها أدخلته في تجارة المخدرات. وعندما لم يجد أحد من أصدقائه ليقف معه، صادق (ت) شخصا يعرفه من بعيد وصار يبكي ويشكي له بأنه إذا لم يجد مبلغا من المال، فإنه سيقتل. وقد وافق الرجل على مضض وبسبب تشبث (ث) الذي كان يعد بأنه سيتغير فورا حال الإنتهاء من الأزمة. ومن مبدا فعل الخير، وقام الرجل بتسليف مبلغ يقارب من 2500 يورو ل (ث) الذي لم يصدق نفسه، واختفى من وقتها عن الأنظار ولم يعد ولم ير الرجل المسكين لا قرشا أبيض ولا أحمر بعد ذلك، رغم أن الرجل سلف (ث) على اساس ان يسترد المبلغ اسبوعيا من أجرة عمل (ث)، وحين ظهر (ث) تنكر وتنصل، وفلت بالسرقة والنصب. (ث ) مراهق من شمال إفريقيا، مسكته الشرطة بعد أن قبضت عليه متلبسا بسرقة مواد غذائية من سوبرماركت. ولأنه قاصر (16 عاما) وبغرض إعطائه فرصة جديدة وإبعاده عن وكر الجريمة والتشرد، حولته الشرطة إلى مراكز الخدمة الإجتماعية.، وأجرت معه مقابلات طويلة في محاولة لمساعدته، وفهم الأمور المبهمة. (ث) يقول إنه كان هاربا من منزل أبيه في بلاده مدة سنتين، حيث لم يكن له مقر سكن. قبل أن يتم تهريبه إلى أوروبا. سلطات إحدى الدول الأوروبية كانت تعتقد بوجود شباب من بلد هذا الفتى وراءه، يحرضونه على السرقة، ولم تكن تصدق أن هذا المراهق الفتي والذي عظمه طريا، يعمل لوحده وأنه لا بد من شخص أو أشخاص خلفه. (ث) لم يكن يملك أوراقا أو إقامة. وعلى ما يبدو فإن السلطات كانت تريد مساعدته لصغر سنه، خاصة وأنه يبدو صغيرا في السن، كما كانت تريد أن تعرف من وراءه. وفي إحدى مقابلاته مع الهيئات الإجتماعية، عبر المراهق عن ولعه بلعبة كرة القدم وشغفه بالرياضة. وأبدى رغبته الشديدة في أن يصبح لاعب كرة قدم مشهور، مما أفرح السلطات التي وعدت بمساعدته. (ج) إمرأة شابة سنية من الشرق الأوسط، تعيش مع عائلتها في بلد أوروبي. تتمتع بقدر من الجمال، ومتحررة بعض الشيء. كان شباب بلدها يتحدثون بسوء عتها وعن أخلاقها، فلم تهتم لهم. وفي البداية ابتعدت عنهم لكرهها لهم ولثقافتهم ضيقة الأفق. واتجهت نحو فتيات وفتيان شمال إفريقيا، الذين وجدتهم أكثر انفتاحا من أبناء جلدتها،. بل حتى أنها اتقنت لهجات بلاد شمال إفريقيا إلى درجة كبيرة. وظلت هذه الفتاة الشرق أوسطية تمجد الأشخاص الذين تخالطهم وتضعهم في مرتبة فوق مرتبة أبناء بلدها، إلى أن جاء اليوم وتأتي فيه شابة شرق أوسطية ثانية إلى هذه البلاد الجديدة، والتي حاولت أن تختلط فيها مع الجميع في محاولة لتكوين صداقات. والتقت الفتاتان وتحدثتا كثيرة. لكن (ج) لم تتمكن من إقناع الشابة حديثة العهد بالمدينة من الإبتعاد عن مصادقة شباب بلدها. وبعد فترة، حين غابت الفتاة الجديدة، عادت (ج) لمصادقة الشباب من أبناء جلدتها، بل والسهر معهم في بيوتهم حتى ساعات الصباح، ولم تعد تقلق منهم ولا من كلامهم، بل أنها أصبحت تعمل معهم في أعمالهم الحرة. ويبدو أن الفتاة الشرق أوسطية الجديدة فتحت سكة كانت مغلقة بين (ج) وشباب بلدها. (ح) إمرأة مسلمة من شمال إفريقيا، جلست في بلد أوروبي حوالي عشر سنوات بدون أوراق. كانت تعمل بشكل غير قانوني لتعيل نفسها. في الأيام الأخيرة، أصبحت تخاف من ظلها، ومن أي حضور للشرطة. وفي ذات مرة كانت تسير وهي تنظر إلى الجهة اﻻ-;-أخرى، فتلمح شرطة، وتحاول أن تفر بجلدها، دون أن تنظر أمامها، فإذا بها ترتطم بشخص، وحين أدارت رأسها ارتجفت كثيرا إذ أنها وجدت نفسها في أحضان شرطي مع زملائه. واعتقدت للتو أنه قادم للقبض عليها. فانتفضت، حين سألها الشرطي: "هل أنت بخير"، فردت مترددة بنعم، ولاذت بالفرار. وفي ثولن، اختفت عن الأنظار بسرعة الريح. (ح) كانت تختلط بأبناء جاليتها من شمال إفريقيا، وتحقد على شباب وشابات الشرق الأوسط، بل حتى أنها تشعر بالفوقية عليهم. وتقول: لا فائدة ترجى منهم. وهي مثل العلقة لا تجلس مع أحد دون أن تحاول أن تمص دمه. فإذا لم تستنفع، تخلت عن أصدقاءها. وهذه المنفعة قد تكون بتوفير المأكل والملبس أو الخدمة في بيتها أو إعطائها بقشيش، ويفضل أن يكون كبيرا، أو حتى بتعريفها على رجل، ولا يهم أن يكون هذا الرجل زوجا لإحدى صديقاتها. فإن خالفوا عهدها، لم يسلموا من لسانها، إلى أن جاء اليوم الذي حصلت فيه على أوراقها، لكن طباعها لم تتغير مع ذلك. أما النوع الثالث، فهو العائلات، ويشمل: (ج) إمرأة مطلقة مع ستة أولاد وبنات، تعيش مع أطفالها في أوروبي يطغى عليه الطابع الشرق أوسطي. تحاول التوفيق في تربية ذريتها ما بين تربية إسلامية وأوروبية، تتعرض من وقت لآخر لآخر من طليقيها السابقين أو من أشخاص يلاحقون بناتها بغرض الزواج، قد تنتهي أحيانا بالذهاب إلى الشرطة. أما فيما عدا ذلك، فهي تكرس النمط التقليدي في بيتها. وتحاول أن تضفي الدفء الأسري على حياتها. وهي قوية الشخصية، إذ أنها قادرة على السيطرة على أولادها وبناتها، والإمساك بزمام الأمور، الأمر الذي لا يمكن أن يكون سهلا لإمرأة مطلقة. لكنها تعيش في وسط عائلتها الكبيرة، المتواجدين أعضاؤها في نفس الحي، الأمر الذي يعني أن دائرتها الشرق أوسطية ضيقة. (خ) إمرأة من شمال إفريقيا، تزوجت رجلا عن حب من بلدها، كان مقيما في دولة أوروبية منذ نعومة أظفاره. لديهما طفلان، ولد وبنت. كلاهما يعملان ويعيشان جوا أسريا تقليديا، حيث احتفظا بالكثير من عادات بلدهما. ويتجنبان الإختلاط خارج نطاق الأسرة، الذي يعتبرانه أولوية لعدم سماح الوقت بذلك ولأنهما لا يثقان بأحد بسهولة. يحاولان أن يعيشا حياة هادئة دون تدخل مؤثرات خارجية، خاصة أنهما محافظان بعض الشيء. (د) شاب عربي، من الشرق الأوسط، متزوج من أوروبية شرقية، ثري وناجح في عمله، الذي يقتضي التعامل اليومي مع أبناء الجالية العربية بالأساس، ومع غيرها بدرجة أقل. منكفىء على تربية أولاده والعمل والحياة ضمن إطار عمله وحياته الإجتماعية، ويحافظ على نمط حياته الأسري، ولا ينقطع عن بلاده، التي يزورها باستمرار. فهو رجل قادر ماديا ولا يحب الإنفكاك عن ثقافته. هو متحرر بعض الشيء، وزوجته تقضي معظم وقتها في التدبير المنزلي، وملاحقة الأولاد والعمل على راحة زوجها. وكلاهما لا يحب الخروج من البيت كثيرا، لأنهما يعتبران أن كل وسائل الراحة والرفاهية موجودة في منزلهما. كما أنه لايتبقى لديهم أي وقت للإختلاط بأحد. (ذ) رجل من شمال إفريقيا، مطلق، بدون أولاد. قضى معظم حياته في دولة أوروبية منذ أن كان مراهقا مع عا ئلته، التي جاءت من أجل العمل. هذا الشاب يعيش مستقلا بعض الشيء عن جو الأسرة، لكنه يلتقي بأفراد عائلته وعائلاتهم الفرعية من وقت لآخر. وقد جرت العادة أن يلتقوا جميعا كل يوم جمعة تقريبا في بيت الوالدة، الطاعنة في السن. وكانت أخواته يراعونها بشكل دائم. وحينما كانوا يلتقون، إنما كانوا يتشاطرون الطعام ومليح الحديث. وفي خارج هذه الحياة، كان (ذ) يفضل مخالطة السود من الجاليات الإفريقية والكاريبية، إذ كان يجد نفسه معهم. وكان يسخر من مسألة الإختلاط بالعرب والمسلمين، رغم أنه كان يعرف من هو عربيا وإسلاميا، غير أنه كان يجد نفسه بعيدا عنهم في الواقع. هذه بعض نماذج عن أنواع العرب في أوروبا. وهناك المزيد من القصص الشيقة، التي قد تدحض نظرية أن العربي إرهابي، قد يكون هناك نوعا من الهمجية عند بعض العرب، التي ربما يجب أن لا نتساهل معها. هناك أمور لم أتطرق لها في هذه المقالة بتوسع، يكون محلها في الكتابات القادمة.
#سندس_القيسي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الهوية الضائعة 5: همجية العربي
-
الهوية الضائعة 4: علينا التباكي كاليهود
-
الهوية الضائعة 3: قومية أم إسلامية؟
-
الهوية الضائعة 2: سجّل أنا عربي
-
الهوية الضائعة
-
ماذا سنفعل بالمثليين الجنسيين في بلادنا؟
-
الإضطهاد المسيحي 2
-
أنت كافر
-
الإضطهاد المسيحي
-
الإسلام: ظالمًا أم مظلومًا؟ رد على منال شوقي
-
الأوروبي البدوي 3
-
دوّي الله أكبر
-
الأوروبي البدوي 2
-
بريطانيا الحب والملاذ والعتب الكبير
-
الارهاب والكباب وشارلي ايبدو
-
العربي الأوروبي
-
الأوروبي البدوي!
المزيد.....
-
المقاومة الإسلامية العراقية تهاجم هدفا حيويا في جنوب الأراضي
...
-
المقاومة الإسلامية العراقية تهاجم هدفا حيويا في جنوب الاراضي
...
-
المقاومة الاسلامية العراقية تهاجم هدفا حيويا في جنوب الاراضي
...
-
ماذا نعرف عن الحاخام اليهودي الذي عُثر على جثته في الإمارات
...
-
الاتحاد المسيحي الديمقراطي: لن نؤيد القرار حول تقديم صواريخ
...
-
بن كيران: دور الإسلاميين ليس طلب السلطة وطوفان الأقصى هدية م
...
-
مواقفه من الإسلام تثير الجدل.. من هو مسؤول مكافحة الإرهاب بإ
...
-
الإمارات تعلق رسميا على مقتل -الحاخام اليهودي-.. وتعلن القبض
...
-
الإمارات تعلق رسميا على مقتل -الحاخام اليهودي-.. وتعلن القبض
...
-
من هم المسيحيون الذين يؤيدون ترامب -المخلص-؟
المزيد.....
-
شهداء الحرف والكلمة في الإسلام
/ المستنير الحازمي
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
-
( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا
/ أحمد صبحى منصور
-
كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد
/ جدو دبريل
المزيد.....
|