|
تكريس العبودية الجنسية - المثيولوجيا الجنسية في الاسلام (2-6)
سمير عادل
الحوار المتمدن-العدد: 5051 - 2016 / 1 / 21 - 17:21
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
بعد التشاور مع هيئة "الحوار المتمدن" في نشر الدراسة "المثيلوجيا الجنسية في الاسلام"، فقدمت لي مشورة مشكورة في تقسيم البحث الى اجزاء ثم نشره لتسيهل المتابعة من قبل القراء. وبعد ذلك سينشر البحث بشكل كامل في مكتبة "الحوار المتمدن. ولذا التجأت في تقسيم البحث الى 6 حلقات.
تكريس العبودية الجنسية: ان "الجنة" السماوية في المخيلة الاسلامية هي انعكاس لواقع الدنيا وليس هناك تغييرات في موضوع الممارسة الجنسية بالنسبة للرجل. اما بالنسبة للمرأة فأنها تتحول في "الجنة السماوية" الى انسان آلـي له وظيفة واحدة وهي الاداء الجنسي المطلق ولا غيره اذ سنتحدث عنه لاحقا. وعلاوة على ذلك فإن رجل "الجنة" له قوة مائة رجل "الدنيا" في ممارسة الجنس. ((عن أنس، عن النبي - - قال: يعطى المؤمن في الجنة قوة كذا من الجماع. قيل: يا رسول الله، أو يطيق ذلك؟ قال: يعطى قوة مائة رجل- رواه الترمذي)). اي انه كما كان الجنس ومازال في تصور الاسلام حكرا على الرجال، وانه متعة ذكورية مطلقة في الحياة الدنيا وستزيد من درجتها في "الجنة السماوية" دون تغيير يذكر. وهذا يقودنا الى ان الذكورية-الجنس هي جزء من المنظومة الاجتماعية والعقلية للمجتمع ما قبل الاسلامي وما بعده. ان الاسلام وبعكس ما يقوله مفسري ومنظري وممجدي الاسلام، احدث تغييرات ثورية في البنية الاقتصادية والاجتماعية في المجتمع ما قبل الاسلامي. ان الاسلام نظم المجمتع الذي وجد نفسه فيه مع تشريع الاعراف والعادات الاجتماعية في قوانين واحلال بدائل بما يتناسب مع الاوضاع الجديدة، الا انه لم يمس صميم المجتمع ولا أسسه الاقتصادية ولا بنيته الاجتماعية. ولذلك فإن الذكورية الجنسية هي نتاج للمجتمع ما قبل الاسلامي الذي يسمونه بالجاهلية. فتعدد الزوجات وسبي النساء كانت ظاهرة سائدة في الجزيرة العربية. ويروي كتاب "الاغاني" لابي فرج الاصفهاني بأن المرأة كانت تتمتع بحق الطلاق، وذكر العديد من الامثلة بتطليق المرأة لزوجها. الا ان هذا الحق سلب في عصر الدولة الاسلامية. فالمجتمع الاسلامي قام على الحروب والغزوات والعبيد. وهو نفسه الذي كان عليه قبل الاسلام وقبل بناء دولته. و الفارق الوحيد هو ان محمد نظم المجتمع وفق قوانين ودستور ليقضي على التشرذم القبلي الذي كان قائم عليه مجتمع الجزيرة العربية انذاك. بالاضافة الى ذلك ظلت القبلية جزءا لا يتجزء من الاسلام بالرغم ان عدد ليس قليل من مؤرخي التاريخ الاسلامي زعموا بأن الاسلام قضى على العشيرة والانتماء العشائري والقبلي. فمثلا (ان الطالبيين والعباسيين وهم من سلالة محمد أُعـفـوا من الزكاة ومُنِحوا دخولٍ (أُعطيات) دون اي عمل يقومون به. وكذلك بالنسبة لزوجات محمد وعمه العباس الذين كانوا يُمنَحون 12 الف درهم، وبالنسبة للمشاركين في غزوة بدر 4 الاف درهم اما الانصار والمهاجرين فقد مُنِحوا 2000 درهم واهل مكة 800 درهم في حين لم يمنح العامة سوى (300-500 درهم) وقد بلغ اوج التفاوت في زمن خلافة عمر بن الخطاب–بو علي ياسين- (الثالوث المحرم) ان قراءة تأريخية سريعة، وإن صحت الروايات التاريخية لوجود مجتمع مكة، فأن الطبقة الارستقراطية الى كانت قريش جزء منها، اغتنت وتراكم الرأسمال النقدي عندها عن طريق ممارسة مهنة التجارة انذاك. وعاشت قريش على هامش الامبرطوريتين، البيزنطية الرومانية والساسانية الفارسية والتي انقسم العالم بين نفوذهما انذاك. وقد كانت قريش تحصل على رزقها وقوتها في الحياة من فتات التجارة التي كانوا يمارسونها بين الشام صيفا واليمن شتاءا وبموافقة ورضى تلك الامبراطوريتين. ولم يكن لمحمد الذي جاء من قريش لتحقيق طموحه السياسي ان ينجح في نشر رسالته وبناء دولته عن طريق الحذو على خطى عشيرته قريش بالرضى على ما ترميها تلك الامبراطوريتين من فتات مائدتهما لها. فأذا كانت سمة تلك المرحلة هي الحروب والغزوات، فلابد ان تبنى الدولة الاسلامية الجديدة التي اتخذت "المدينة" مركزا لها على نمط الانتاج السائد في تلك المرحلة. فعمليات الغزو والنهب التي وضعت لها عنوان جديد بأسم "الجهاد" أرست اسس الدولة الجديدة. وكما كان سائدا قبل الدولة الجديدة تعدد الزوجات وسبي النساء والحصول على العبيد، بقيت الحالة على ما هي عليها. وظلت العائلة "البطريركية" التي كان الرجل فيها هو سيد البيت والمرأة ملحقة الى جانب الزوجات والعبيد قائمة في الدولة الجديدة مع تنظيم العلاقة بين الرجل والعبيد والجواري بشكل قانوني. ولذلك لم يورد أي نص قرآني ولا حديث نبوي ولا قول لأحد اصحاب محمد ولا لأي من مفسري الاسلام يشير الى الغاء العبودية من المجتمع وخاصة في السور المدنيّة التي تميزت عن السور المكيّة بتشريعات دستورية تنظم الحياة الجديدة في دولة الخلافة الاسلامية التي كان مركزها "المدينة". ان محمد نفسه اعتق عدد من العبيد كما كان يعتق أسياد كثيريين لعبيدهم طوال الازمنة السالفة مع فارق ان محمد استخدم وسيلة عـتـق العبيد لأسباب سياسية ومن اجل كسب أتباع جدد ودق اسفين بين العبيد ومالكيهم الذين لم يعترفوا بمحمد ولا برسالته التاريخية والايديولوجية الجديدة. ولكن محمد لم يمس عناصر البنية الاقتصادية للمجتمع الاسلامي الذي كان امتداد للمجتمع قبل تأسيس دولة الاسلام، اي بعدم تحريمه العبودية واقتناء الجواري مثلما فعل مع الخمر او توجيه عقوبة صارمة لمن يمتلك عبيد مثلما حدث مع الزنى او السرقة على سبيل المثال. ولم يكن محمد يستطيع فعل ذلك لان الاسس التي بنى عليها الدولة الاسلامية كانت ستنهار، واقصد هنا الاسس الاقتصادية القائمة على الحروب والغزو والنهب التي تدر الاموال وتنعش اسواق العبيد والجواري وكل الاشكال الاخرى من التجارة اضافة الى حصوله على الخمس وخراج الاراضي الزراعية التي يحتلها اضافة الى الجزية عن كل شخص. وليس هذا فحسب بل نظم العلاقة الجنسية بين المسلمين وبين العبيد وخاصة مع النساء اللواتي يحصل عليهن في الغزوات الحروب ((ياأيها النبي إنا أحللنا لك أزواجك اللاتي آتيت أجورهن وما ملكت يمينك مما أفاء الله عليك ...- سورة الاحزاب 50- مدنية)). اي حسب تفسير الطبري والقرطبي وبن كثير للآية المذكورة، بأن الله حلل السراري او النساء اللواتي حصل عليها محمد وأمته مطلقاً في الحروب والغزوات كمغانم. وفي آية اخرى تتحدث عن تنظيم العلاقة الجنسية بين الحر المسلم وغير الحرة ((ومن لم يستطع منكم طولا أن ينكح المحصنات المؤمنات فمن ما ملكت أيمانكم من فتياتكم المؤمنات والله أعلم بإيمانكم بعضكم من بعض فانكحوهن بإذن أهلهن وآتوهن أجورهن بالمعروف محصنات غير مسافحات ولا متخذات أخدان فإذا أحصن فإن أتين بفاحشة فعليهن نصف ما على المحصنات من العذاب ذلك لمن خشي العنت منكم وأن تصبروا خير لكم والله غفور رحيم -25-الاحزاب)). وعلى الرغم من إختلاف المفسرين للآية حول طبيعة العلاقة الجنسية والزواج وتفسير كل واحد منهم لها الا ان الجميع متفقين ان هناك امرأة عبدة او جارية يملكها مسلم او مسلمة ويمكن التصرف بها وينظم علاقته بها. ان المجتمع القائم على الغزوات والحروب لا بد ان تكون العقلية الذكورية فيه جزء من البنية الفوقية للنظام السياسي-الاجتماعي. وتكون المرأة-الجنس هي سلعة رائجة ومتداولة في المجتمع. ولذلك لم يكن بأمكان محمد خلق نظام خارج الظروف التاريخية والموضوعية التي يعيش فيها. فمثلما كان المجتمع الروماني وقبله الاغريقي والبابلي والفرعوني والآشوري وغيرها قائم على الغزو والنهب واستعباد اقوام اخرى الى جانب سلب أراضيهم ونهب ممتلكاتهم، فان المجتمع الاسلامي هو الآخر قام على المنوال نفسه. ولم تكن المرأة في الامبراطوية الفارسية او البيزنطية التي كانت تتاخم حدود الدولة الجديدة في الجزيرة العربية بأفضل حالاً. فلقد كانت العائلة البطريركية هي الاخرى سائدة فيهما. الا ان المرأة في دولة الخلافة الاسلامية الجديدة تحولت بشكل قانوني ورسمي الى جزء من الملكية الخاصة للرجل وحُطّـت من مكانتها التي لم تتجاوز الخيال الجنسي في المجتمع الاسلامي سواء كان في الحياة "الدنيا" او في الحياة "الآخرة-الجنة". وهذا يفسر لماذا تتخذ التيارات الاسلامية بجميع تلاوينها من مسألة "المرأة" قضية جوهرية في عقيدتها، وتحاول بكل هوس إعادة المرأة الى البيت وابراز قضية "الحجاب" كجزء من هويتها السياسية والفكرية. ولان المرأة مرتبطة بالحالة الجنسية في الفكر الاسلامي فإن إزالة او محو صورة المرأة المرسومة في المخيلة الجنسية الاسلامية، اي مساواة المرأة مع الرجل في جميع الميادين، والتي ستجر المساواة بين المرأة والرجل الى الاعتراف بالغريزة والحاجة الجنسية عند المرأة مثلما هي عند الرجل. وتعني هذه المساواة بالتالي: محو الميثولوجيا الجنسية التي سنتحدث عنها والتي تعتبر احدى العناصر الرئيسية في الفكر الاسلامي، ويعني ايضا محو وجودهم الفيزيقي في الحياة الدنيا وفي الحياة الاخرة. وبالنتيجة يعني ستسلب او تلغى احدى المنح العظيمة التي تهبها الاله مقابل جهادهم وتفجيراتهم الارهابية. ونها يطرح سؤال بعد ذلك، وهو هل سيبقى اصرارهم على الجهاد مثل قبل الغاء المنحة المذكورة؟ سننتظر الجواب من امير القاعدة وداعش وشيوخ الاسلام في السعودية والازهر والجمهورية الاسلامية الايرانية. يتبع
#سمير_عادل (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
المثيلوجيا الجنسية في الاسلام (1-6)
-
فذلكات حكومة العبادي الاقتصادية
-
النمر طوق نجاة في المستنقع الطائفي
-
رسالة ضد داعش السني وداعش الشيعي
-
بمناسبة العام الجديد.. رسالة الى عمال النفط
-
الحرامية والظلم الاجتماعي والبرلمان العراقي
-
من مطرودين الى -قادة- احتجاجات!
-
السيادة المفقودة والسيادة المفضوحة
-
الانحطاط الطائفي
-
هذه هي حقيقة الحكومة وقواتها القمعية
-
ما بين المالكي امس والعبادي اليوم
-
بطاقة الخزي والعنصرية
-
الهة الفيضانات وقطع الرواتب
-
ما هكذا يؤكل الكتف يا أحمد عبد الحسين ويا جاسم الحلفي
-
حركتان احتجاجية ويوم عاشوراء
-
حكومة العبادي تعتاش على الضريبة ام على الخاوة
-
عمار الحكيم افشى بسر لصوصيتهم
-
لا عزاء للافاقين: اوباما وكاميرون وهولاند واردوغان
-
مواجهة الطائفية هي في مواجهة الاسلام السياسي
-
سلطة الاسلام السياسي الشيعي والهروب الجماعي
المزيد.....
-
مستوطنون يقتحمون المسجد الأقصى بحماية شرطة الاحتلال الإسرائي
...
-
أجراس كاتدرائية نوتردام بباريس ستقرع من جديد بحضور نحو 60 زع
...
-
الأوقاف الفلسطينية: الاحتلال الإسرائيلي اقتحم المسجد الأقصى
...
-
الاحتلال اقتحم الأقصى 20 مرة ومنع رفع الأذان في -الإبراهيمي-
...
-
استطلاع رأي إسرائيلي: 32% من الشباب اليهود في الخارج متعاطفو
...
-
في أولى رحلاته الدولية.. ترامب في باريس السبت للمشاركة في حف
...
-
ترامب يعلن حضوره حفل افتتاح كاتدرائية نوتردام -الرائعة والتا
...
-
فرح اولادك مع طيور الجنة.. استقبل تردد قناة طيور الجنة بيبي
...
-
استطلاع: ثلث شباب اليهود بالخارج يتعاطفون مع حماس
-
ضبط تردد قناة طيور الجنة بيبي على النايل سات لمتابعة الأغاني
...
المزيد.....
-
شهداء الحرف والكلمة في الإسلام
/ المستنير الحازمي
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
-
( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا
/ أحمد صبحى منصور
-
كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد
/ جدو دبريل
المزيد.....
|