فاضل الخطيب
الحوار المتمدن-العدد: 1375 - 2005 / 11 / 11 - 11:08
المحور:
في نقد الشيوعية واليسار واحزابها
وصفت جريدة "صوت الشعب" اللواء غازي كنعان بالمناضل الوطني! وانتحاره خسارة وطنية لسوريا وشعبها!!.
غازي كنعان, الحاكم العرفي السوري في لبنان لحوالي عشرين عاماً وأحد مهندسي غزوة لبنان!, غازي كنعان وزير الداخلية السوري والذي انتحر كما تقول الرواية الرسمية السورية, والأرجح والأقرب للعقل أنهم نحروه, أي أن رفاقه وشركائه في الحكم وفي الملك تخلصوا منه على الطريقة الستالينية!
لا أبكي غازي كنعان وأندبه, ولا أبكي من يلحقه من رموز النظام وتوابعه, بل أبكي وأندب من يتحدث باسم الشعب السوري ويصف غازي كنعان بالوطنية وبالشجاعة!
الحاكم العرفي السوري السابق في لبنان كان مسؤولاً عن كل عصابات المافيا والإجرام والنهب التي حكمت وتحكمت بمصير لبنان لعشرات السنين.
غازي كنعان وهو أحد الرموز الرئيسية للنظام في سورية والمسؤول عن نهب الشعب السوري وسجنه وتجويعه يصبح مناضل وطني في صحيفة وصال فرحة بكداش "الشيوعية".
ماذا تقول المناضلة وأهل بيتها النبوي الشريف عن أبناء المناضل الكبير الآخر ورفيق غازي كنعان الذين أدخلوا النفايات النووية لسورية ودفنوها في الصحراء قبل أكثر من عشرين سنة, وماذا تقول المناضلة الكبيرة وحاشيتها عن الفساد الذي صار نهجاً عاماً للنظام ومنذ أكثر من ثلاثين عاماً!
غازي كنعان ورفاقه لم يستطيعوا تحرير الجولان الذي احتل- أو سلموه أيام كان القائد حافظ الأسد وزيراً للدفاع- لذلك "حرروا لبنان", حرروا لبنان من وحدته الداخلية واستقراره وازدهاره, حرروه من كونه كان مكان الديمقراطية الوحيد في دنيا الأمة العربية الواحدة الخالدة رغم أن ديمقراطيته لم تكن صحيحة مئة بالمائة! لكنها كانت أفضل شكل للحكم عرفته العروبة منذ خروجها من صحراء العروبة قبل أكثر من خمسة عشر قرن من الزمن!
وماذا يمكن أن تصف صحيفة الرائدة "الشيوعية" الكبيرة المناضل الآخر القائد العسكري الكبير مصطفى طلاس!!
بماذا تصف فكر طلاس العسكري الفني منذ احتلال الجولان حتى خروجه من لبنان, وبالمناسبة عطاءات مصطفى طلاس الفكرية هي- كتب فن الطبخ- وربما لأن نابليون قال يوماً "أن الجيوش تزحف على بطونها",
وقد بدأ وزير دفاع الجيش العقائدي الأبدي بالطعام وبالبطون, وما تكون مذكرات طلاس كوزير دفاع لثلاثين عاماً!! كلهم غازي ولا يعرفون غير سياسة الغزو وثقافته!
وعودة إلى المناضل الوطني غازي كنعان كوزير للداخلية مسؤول عن ستة عشر فرع للأمن وأمن الأمن!!,
وإذا كان الشعب السوري يؤيد ويدعم ويبارك ويفدي بالروح والدم قائده المفدى وسياسته الحكيمة وبنسبة تزيد على أكثر من خمسة وتسعين بالمائة فهل سوريا وشعبها بحاجة إلى هذا الكم الهائل من أجهزة الأمن وأمن الأمن لمراقبة ومحاسبة أقل من خمسة بالمائة من السكان!!
شعب سوريا الذي بايع الوالد للأبد والإبن للأبد والأخ والصهر.. للأبد وحرق من الأعلام الأمريكية والإسرائيلية خلال أربعين عاماً أكثر مما لبس من القمصان النظيفة الجديدة! هذا الشعب الذي أطعموه ويطعموه بمواد غذائية أمريكية وأوروبية فاسدة- بعد أن انتهت مدة صلاحيتها- وكان قد أدخلها تهريباً هذا أو ذاك المتنفذ مع هذا أو ذاك المافيوي هذا الشعب بدأ يلملم عافيته وصار يجهر بالتفكير وبالتكفير!!
لا أعتقد أن المناضلة وصال فرحة بكداش وبيتها النبوي المقدس قد أصيبوا بالحول السياسي, لكنهم دخلوا في الطريق المسدودة سلفاً ولا يستطيعوا الرجوع منها!
إن أجهزة غازي كنعان الأمنية وسياسة العصا والجزرة التي مارسوها ضد أكثر التنظيمات الشيوعية وقياداتها, وحكمة بريجنيف وثبات خالد بكداش على المبدأ والالتفاف حوله وحول أسرته...ساهمت في هذا الوصول إلى هذا المأزق الذي تعيشه الحركة الشيوعية في سوريا تنظيمياً وفكرياً, هذه مجتمعة مع أجهزة وعطاء غازي كنعان وشركائه أوصلت إلى الطريق المسدود!
كان القائد الكبير خالد بكداش يقول قبل أكثر من ثلاثين عاماً " أن الشباب السوري سيعيش في ظل الإشتراكية في سوريا ", كما كان يقول بريجنيف أن السوفييت يبنون ويعيشون في الطور الأول من الشيوعية!, ما أرخص هذا وذاك الكلام وما أسخفه!!, سذاجة ما بعدها سذاجة!
إن شيوعية بريجنيف وإشتراكية بكداش تليق ببعثية وتقدمية الأسد وأشباله, وقد التقوا الثلاثة فكرأ وممارسة وتنظيماً وأسلوب حكم كل في دولته!!
في كل مؤتمر واجتماع شيوعي كنتم تقولون " أن الأيام تؤكد صحة موقف حزبنا ومواقفنا "- إرجعوا إلى تقارير اللجنة المركزية لحزبكم , لمؤتمراتكم منذ أكثر خمسة وثلاثين عاماً حتى الآن-
إما أن تكونوا أخطأتم في التحليل والممارسة, وهذا يتطلب منكم الإسراع بالاعتذار من الشعب السوري ومن كل الذين غرروا بكم في يوم ما!
وإما أن تعتزلوا الحديث بالسياسة وتقفلوا دكاكينكم المفلسة الخاسرة!
وأنا أعرف أن البعض وفي أوروبا والذي كان يستمع لمثل هذه وتلك السياسة التي أنتم تمثلون تركوا ربطة العنق الحمراء " وأطلقوا اللحى وحفوا الشوارب" وبدلوا الكتاب المقدس!
أنتم المسؤولون عن الغصة التي عشناها ونعيشها! سرقتم منا الحلم, واستيقظنا على صوت ثغائكم الباكي!!
أنتم وسياستكم مسؤولون قبل غازي كنعان ورفاقه وشركائه عن غياب البسمة عن وجوه الشعب السوري بكل أطيافه, أنتم مسؤولون قبل البعث عن هذا وذاك لاستعارتكم إسم الماركسية شكلاً وبدون التفكير الماركسي, بل فكرتكم ما يريح رأس حافظ الأسد!
مازلت أبكي وأندب من يصدق ثغاءكم في جوقة البعث وبلاطه القدسي!
عند الحديث عن الفساد في السلطة التي بايعتموها ترددون أن الوطن في خطر! عند الحديث عن غياب القانون وحرية الكلمة ترددون أن الوطن في خطر وحرية الكلمة حق مسموح لكل من بايع أن يجدد بيعته حتى صرتم يا معشر بكداش وأشباهكم الذين تربوا في مدرسة بكداش وبريجنيفه " بياعين لورق التوت " والذي عليكم ارتدائه قبل غيركم!!
لم تكن عندكم الشجاعة ولا النزاهة ولا الحكمة للمطالبة ولو مرة واحدة بالإفراج عن المناضل الحقيقي رياض الترك والذي سجنوه أسيادكم حوالي عقدين من الزمن!!, لم تبادروا ولو مرة واحدة للتضامن مع عمر قشاش الذي قضى فترة طويلة أيضاً في سجون " المناضل الوطني غازي كنعان " وعشرات ومئات الشيوعيين والتقدميين الآخرين وآلاف السوريين الذين اختلفوا مع النظام ولم يساندوا سياسته قضوا في أقبية غازي كنعان ونظامه الذي تخدمون!!
"الوطن في خطر" مقولة محببة إلى قلوبكم, لكن ماذا قمتم به وقدمتموه لتجنب الخطر!
الوطن في خطر منذ أكثر من أربعين عاماً! والآن يمكن القول وأنتم تدركون ذلك تماماً أن النظام في خطر وعلى أبواب السفر! وإلى لقاء مع المهدي المنتظر!!
بودابست 10/ نوفمبر / 2005 د. فاضل الخطيب
#فاضل_الخطيب (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟