أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الهجرة , العنصرية , حقوق اللاجئين ,و الجاليات المهاجرة - ماجد ع محمد - التلاشي بين الإكراه والطواعية














المزيد.....

التلاشي بين الإكراه والطواعية


ماجد ع محمد

الحوار المتمدن-العدد: 5051 - 2016 / 1 / 21 - 11:33
المحور: الهجرة , العنصرية , حقوق اللاجئين ,و الجاليات المهاجرة
    


وفق بعض المراجع العلمية والقواميس أن الانصهار من الناحية الكيميائية هو تحَوُّلُ المادة بالحرارة من الحالة الصُّلبة إلى الحالة السائلة، انصهر المعدن أي بمعنى ذابَ، ودرجة الانصهار هي المرحلة التي يبدأ عندها السائل بالتبخر، ومن ثم التلاشي، أما الانصهار من النواحي القومية والدينية فهو إفقادُ فئة ما لهويتها أو خصوصيتها وملامحها، من خلال عملية صهرها في بوتقة الثقافة السائدة أو اللغة السائدة، ويبدو أن هنالك خيطٍ ناعم يفصل بين الانفتاح على الآخر والتلاشي فيه، بل وهذا الخيط أصلاً يبدو مقطوعاً في بعض الأماكن، إلَّا أن صاحبها قد لا ينتبه الى ذلك، أو يكون بالأصل هنالك تداخل بين المفهومين لديه، وقد لا يمتلك بعضهم قدرة الفصل بين الحالتين.
كما أن هنالك تضاد سلوكي ظاهر بين الدعوة الى التلاشي والانصهار الطوعي والموقف الحاد من عملية الانصهار القسري والمُكره الذي كانت ولا تزال تمارسه السلطات في بعض الانظمة الشرقية بحق فئة ما من أبناء المجتمع، ومعلومٌ أن مثقفي وسياسيي الأقليات كانوا دائماً ما يشتكون في بلادهم من قصة التذويب المُرغم الذي يتعرضون له من قِبل الفئة الحاكمة، والتذمر من الرغبة الدائمة لدى الأغلبية بتحلل الاقليات في بوتقتها، وذلك سواءً أكانت الأغلبية قومية أم دينية، وكانت ولا تزال تلك الفئات تنشر العشرات من بيانات التنديد والاستنكار لما تقوم به سلطة الأغلبية بحق وجودهم القائم على الاختلاف، علماً أن الفئة نفسها تراها في أماكن أخرى من العالم تدعو الى الالتحام السريع بالمجتمع الجديد، والعمل على إزالة معالِم الهوية التي كانوا يشتكون من الأخطار المحدِّقة بها في بلادهم، بينما في بلادهم نفسها فعادةً ما يتصرفون بخلاف ما هم عليه في المجتمعات التي انتقلوا إليها في المهاجر، بل والخطابُ يبدو معكوساً في الموقعين، مَن يدري لعلَّ بعضهم يفعل ذلك ويسعى للتلاشي علَّهُ يضمنَ وللأبدِ حقَّ الإيواء والاطعام؟ علماً أن تلك الحقوق تضمنها الأعراف والقوانين هناك حتى لبعض أنواع البهائم.
حيث يبدو التضاد القولي والسلوكي ما بين المكانين هو من أبرز السمات التي ترسم الملامح الشخصية للكثير من مثقفي بلادنا، ويظهر أنه من الصعب جداً لدى بعضهم التصالح مع ذاته وواقعه بين حالتي وجوده المادي هنا أو هناك، وذلك سواءً أكان مقيماً في دياره أو ضيفاً على أرصفة المغتربات، حيث ترى مَن كان شرساً في الدفاع عن بعض القضايا في مكانٍ ما، سرعان ما يبدو متساهلاً مع ما كان يستميتُ في الدفاع عنهُ ومستقتلاَ من أجله عَقِبَ تغيير المكان، إذ يُفهم وكأن المكانَ وحُسنَ الحالِ كفيلان بتغيير الفرد لبوصلة قيمه ومبادئه، وبالتالي يفرضان شروطهما عليه أينما وطأ بأقدامه، وهذا لعمري إن دل على شيء إنما يدلُ على أن ما كان يدَّعي النضال من أجله أو الدفاع عنهُ لم يكن جزءً منهُ، إنما حتى عقائده ورؤاه متعلقان بظروف حياته المعيشية، فإن تحسنت الأحوالُ تقاعس عن أداء ما كان يراهُ واجباً، وربما تنازل عنهُ جزئياً أو كلياً، وإن ساءت الأحوالُ تشبَّثَ وتعصَّب لآرائه، بل ولربما غدا مشمئزاً في تعامله، وهنا مع الاستخفاف الظاهر بهاجس الاستحواذ على المغانم لدى النماذج التي نشير إليها، يزيدُ احترامنا أكثر لِمن انشغل بهموم الناس وقضاياهم ممن كانوا أثرياء بالأصل مثل: كارل ماركس، بوذا، طاغور، أكثر عشرات المرات ممن كان يعاني الفاقة وغيَّر اتجاه صواريخه بسرعة الضوء فورَ تحسُّن الظرف المعيشي.
عموماً بات شبه معروف أن الآراء السطحية للشخصِ والمبادئ اللا متجذرة لديه، عادةً ما يكون من السهل جداً لدى صاحبها تبديلها أو التنازل عنها جملةً وتفصيلا، ليس من باب أن المَعنيُّ غير جامدٍ و فردٌ قابل للتطور والانفتاح على كل جديد، إنما مِن باب أنه لا يتغير إلا إذا كانت المُتغيرات تخدم غاياته ومشاريعه الخاصة، أما عدا ذلك فهو قد يكون صَلداً ومتعجرفاً وقد لا يتزحزح قيد أنملة عن مربط آرائه مهما افتقرت تصوراته ورؤاه الى الصواب، طالما أن التغيير الحاصلَ لا يضمن مصالحه الشخصية ولا يدر عليه بالمنافع.



#ماجد_ع_محمد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- صلاح عمر: اللاجئين الجُدَدْ مشغولين بالإقامة ولم الشمل والقُ ...
- الطعنة
- بوادر تفكيك الأسَر
- الحدث الانساني ما بين التغاضي والاحتفاء
- لوثة الغريزة
- يوم يزعم الخاسر بأنه منتصر
- إثم المتقي
- التعكز الحضاري
- المُنهارُ وعوائد السقوط
- الذريعة ومنافعها
- أحمد سعيد: العلويون اختاروا النظام خوفاً على ذواتهم وليس حبا ...
- متعلقاً بأهدابها
- عندما نناهض ما ندعو إليه
- الأوهام وزارعيها
- دونك أو دونه
- ما بين الخنوع والإباحية
- أكثر ما يؤلم الحمار
- من السهروردي الى أشرف فياض
- ليلى زانا والقَسمُ الكردي من جديد
- أطفال سوريا في يوم الطفل العالمي


المزيد.....




- الثلوج الأولى تبهج حيوانات حديقة بروكفيلد في شيكاغو
- بعد ثمانية قرون من السكون.. بركان ريكيانيس يعيد إشعال أيسلند ...
- لبنان.. تحذير إسرائيلي عاجل لسكان الحدث وشويفات العمروسية
- قتلى وجرحى في استهداف مسيّرة إسرائيلية مجموعة صيادين في جنوب ...
- 3 أسماء جديدة تنضم لفريق دونالد ترامب
- إيطاليا.. اتهام صحفي بالتجسس لصالح روسيا بعد كشفه حقيقة وأسب ...
- مراسلتنا: غارات جديدة على الضاحية الجنوبية
- كوب 29: تمديد المفاوضات بعد خلافات بشأن المساعدات المالية لل ...
- تركيا: نتابع عمليات نقل جماعي للأكراد إلى كركوك
- السوريون في تركيا قلقون من نية أردوغان التقارب مع الأسد


المزيد.....

- العلاقة البنيوية بين الرأسمالية والهجرة الدولية / هاشم نعمة
- من -المؤامرة اليهودية- إلى -المؤامرة الصهيونية / مرزوق الحلالي
- الحملة العنصرية ضد الأفارقة جنوب الصحراويين في تونس:خلفياتها ... / علي الجلولي
- السكان والسياسات الطبقية نظرية الهيمنة لغرامشي.. اقتراب من ق ... / رشيد غويلب
- المخاطر الجدية لقطعان اليمين المتطرف والنازية الجديدة في أور ... / كاظم حبيب
- الهجرة والثقافة والهوية: حالة مصر / أيمن زهري
- المرأة المسلمة في بلاد اللجوء؛ بين ثقافتي الشرق والغرب؟ / هوازن خداج
- حتما ستشرق الشمس / عيد الماجد
- تقدير أعداد المصريين في الخارج في تعداد 2017 / الجمعية المصرية لدراسات الهجرة
- كارل ماركس: حول الهجرة / ديفد إل. ويلسون


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الهجرة , العنصرية , حقوق اللاجئين ,و الجاليات المهاجرة - ماجد ع محمد - التلاشي بين الإكراه والطواعية