أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبد الحسين شعبان - اللحظة الفلسطينية يونانياً















المزيد.....

اللحظة الفلسطينية يونانياً


عبد الحسين شعبان

الحوار المتمدن-العدد: 5048 - 2016 / 1 / 18 - 17:41
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    



في لقطة غير مسبوقة يصوّت البرلمان اليوناني على الاعتراف بدولة فلسطين. والأكثر من ذلك أن يكون هذا التصويت بالإجماع. جاء ذلك خلال جلسة استثنائية عقدها البرلمان بجميع أعضائه وضمّت ممثلين عن الأحزاب المختلفة، وترأسها نيكولاس فوتيسيس رئيس البرلمان. ولكي تستكمل هذه اللقطة جانبها الوجداني والإنساني فقد دعي إلى حضورها رئيس السلطة الوطنية الفلسطينية محمود عباس (أبو مازن)، كما حضرها رئيس الوزراء اليوناني الكسيس تسيبراس.
الجلسة البرلمانية الاستثنائية كما وصفها رئيس البرلمان فوتيسيس، انعقدت استناداً إلى الدستور، وجاء التصويت على الاعتراف لدولة فلسطين بطلب من الحكومة اليونانية حسبما تقتضي مواده. وقد خاطب رئيس البرلمان الأعضاء الذين يوافقون على الاعتراف ، بالوقوف. وكان المشهد أقرب إلى الاحتفالي، حين وقف جميع أعضاء البرلمان (بلا استثناء) وكأنهم باستعراض بروتوكولي، والأكثر من ذلك شهدت القاعة تصفيقاً حاراً شارك فيه أبو مازن.
قدّر لي أن أشاهد لقطة مقاربة لذلك في المؤتمر الدولي لمناهضة العنصرية الذي انعقد في ديربن (أغسطس – سبتمبر/آب – أيلول 2001) حين قرّرت نحو ثلاثة آلاف منظمة للمجتمع المدني دمغ الممارسات الإسرائيلية في فلسطين المحتلّة بالعنصرية. يومها وقفت بعض المنظمات الصهيونية للاعتراض على هذا الموقف، فما كانت إلاّ أن تلقى ازدراء الآلاف من الحاضرين مع صيحات ملأت القاعة " Go Out"، فاضطرّ ممثلوها للانسحاب، وهدّدت بعدها الولايات المتحدة وبعض حلفائها بالانسحاب من المؤتمر الحكومي.
ماذا يعني الاعتراف بدولة فلسطين التي أعلن عن قيامها بقرار من المجلس الوطني الفلسطيني في اجتماع الجزائر العام 1988؟ وكان الإعلان قد حظي منذ ذلك الحين باعتراف أكثر من 100 دولة خلال مدّة قصيرة ووصل عدد الدول التي اعترفت بالإعلان إلى نحو ثلثي أعضاء الأمم المتحدة ، ثم تقرّر التقدّم باعتراف من جانب الأمم المتحدة في العام 2012 بصفة عضو مراقب، وانضمّت دولة فلسطين بعد ذلك إلى العديد من المنظمات الدولية، بما فيها المحكمة الجنائية الدولية في مطلع العام 2015 وتقدّمت بملفّات عديدة لإقامة دعوى ضد " إسرائيل" وممارساتها العنصرية- الاستيطانية التي تشكّل جريمة دولية، إضافة إلى جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية التي ارتكبتها والتي هي مستمرة في سياستها المنافية لأبسط القواعد الدولية المتعلّقة بحقوق الإنسان.
الاعتراف اليوناني وقبله الاعتراف السويدي واعترافات أخرى غربية، تعني إن وجود دولة باسم فلسطين سيكون عامل استقرار وسلام في الشرق الأوسط، خصوصاً إذا تمكّن الشعب العربي الفلسطيني من تحقيق حقوقه العادلة والمشروعة، وبالأخص حقه في تقرير مصيره بنفسه وعلى أرض وطنه، وحق عودة اللاجئين وتعويضهم طبقاً لقرار الجمعية العامة رقم 194 لعام 1948 . ولعلّ ذلك ما عبّر عنه رئيس البرلمان اليوناني خلال افتتاحه جلسة التصويت على الاعتراف بدولة فلسطين . وكان قد أشاد في معرض حديثه بقرار الجمعية العامة في دورتها (الـ 67) بمنح فلسطين صفة دولة مراقب في الأمم المتحدة.
وكان الرئيس الفلسطيني محمود عباس قد أشاد في كلمته بهذه الخطوة المتميّزة، مؤكداً على ضرورة تنفيذ القرارات الدولية المتعلقة بالقضية الفلسطينية وضرورة تطبيق قواعد القانون الدولي، لاسيّما فيما يحدث في الأراضي العربية المحتلة.
وعلى الرغم من الممارسات العنصرية والاستيطانية والقمعية ضد الشعب العربي الفلسطيني، فإنه لا يزال متمسكاً بخيار السلام العادل، ولأجل ذلك انطلقت انتفاضته الأخيرة المعروفة باسم انتفاضة القدس، بعد محاولات تدنيس المسجد الأقصى، حيث قدّم حتى الآن ما يزيد على 150 شهيداً وضعفهم من الجرحى والمعوّقين.
ولا يمكن الحديث عن حل واقعي، يستجيب لمتطلّبات الحدّ الأدنى وينهي الاحتلال ويرفع شيئاً من الظلم التاريخي الذي وقع على الشعب العربي الفلسطيني، دون قيام دولة قابلة للحياة على الأراضي الفلسطينية، ولاسيّما المحتلة بعد العام 1967، وكذلك تأكيد حقه في تقرير مصيره وعودة اللاجئين وتعويضهم وإعلان القدس الشرقية عاصمة للدولة الفلسطينية وإنهاء ضمّها إلى " إسرائيل" بإبطال القرار الذي اتخذه الكينيست " الإسرائيلي" العام 1980، وتفكيك جدار الفصل العنصري وإزالة الاستيطان وتحرير الأسرى الفلسطينيين وحل مشاكل الحدود والمياه وغير ذلك، وهذه الحيثيات وجدت طريقها إلى المبادرة العربية التي أعلن عنها في العام 2002 في مؤتمر القمة العربي الذي انعقد في بيروت.
جدير بالذكر أن موقف اليونان من القضية الفلسطينية يعتبر متميّزاً، وخصوصاً على المستوى الدولي، حيث كانت باستمرار إلى جانب حقوق الشعب العربي الفلسطيني في المحافل الدولية، ولهذا ليس غريباً أن يتخذ البرلمان اليوناني قراراً بالإجماع لصالح الاعتراف بدولة فلسطين. كما إن لهذا القرار أبعاده الرمزية من حيث التوقيت، فهو يتزامن مع استمرار الانتفاضة الفلسطينية المندلعة مند عدّة أشهر، ويأتي وكأ،ه هدية يقدّمها الشعب اليوناني لفلسطين بمناسبة العام الجديد 2016 حيث كان التصويت عشية عيد ميلاد السيد المسيح.
وشهدت اليونان، في السنوات والأشهر الأخيرة، تجاذبات سياسية واجتماعية واختلافات برلمانية حادة، فيما يتعلق بالأزمة المالية والاقتصادية التي كادت أن تطيح باقتصادها وبعلاقتها بالاتحاد الأوروبي، لدرجة كانت على شفا حفرة، الأمر الذي عمّق من حدّة الاختلافات ووسّع من شقة التعارضات في الساحة السياسية، لكن هذه الاختلافات والتعارضات نحيّت جانباً حين تعلّق الأمر بفلسطين، بل استعيض عنها وبدلاً منها بموقف موحد وإجماعي، وذلك في لحظة من التجلّي الإنساني.
الحصول على الأغلبية الكبيرة مسألة غير معتادة في اليونان، بسبب الاستقطابات والاختلافات الفكرية والسياسية والانقسامات الحزبية، فما بالك حين يتعلق الأمر بالإجماع فإنه يكاد يكون نادراً وهو ما لم يحدث إزاء قضايا وطنية عديدة وخطيرة، والاستثناء الوحيد كان قرار التصويت لصالح الاعتراف بدولة فلسطين، لرمزيتها ومكانتها ذات الطابع الخاص في العقل الجماعي اليوناني.
وكان رئيس الوزراء اليوناني قد أعلن أمام الرئيس محمود عباس، إن بلاده سوف تستخدم اسم فلسطين رسمياً في الوثائق اليونانية، وزاد على ذلك " إن أثينا ملتزمة بإقامة دولة فلسطينية قابلة للحياة ومستقلة وذات سيادة على أساس حدود العام 1967، وعاصمتها القدس الشرقية"، ولعلّ ذلك سيكون مقدّمة لاعتراف الحكومة اليونانية بدولة فلسطين، حسبما تقتضي القواعد الدبلوماسية والدستورية والقانونية الدولية، أي إن الحكومة (السلطة التنفيذية) هي التي ينبغي أن تتخذ القرار بالاعتراف بدولة أخرى، حسب الأصول المرعية ، وعلى أساس ذلك يتم إقامة العلاقات الدبلوماسية وتبادل السفراء أو تحديد درجة التمثيل الدبلوماسي، طبقاً لاتفاقية فيينا للعلاقات الدبلوماسية لعام 1961.
الموقف اليوناني الإجماعي للاعتراف بدولة فلسطين، أعاد إلى الأذهان مواقف اليونان المتميّزة تاريخياً إزاء القضية الفلسطينية، حيث رفضت أثينا في العام 1947 قرار التقسيم الذي صدر عن الجمعية العامة للأمم المتحدة برقم 181، والقاضي بتقسيم فلسطين إلى دولتين يهودية وفلسطينية، وقد لقيت بسبب هذا الموقف نقداً شديداً من جانب الغرب، والموقف ذاته يتكرّر حيث أفسحت اليونان في المجال لانطلاق قوافل الحرية لكسر الحصار على غزة.
لقد جاء الموقف الأخير تتويجاً لمواقف اليونان المناصرة لحقوق الشعب العربي الفلسطيني، خصوصاً حين يتعلق الأمر بمقتضيات العدالة الدولية وميثاق الأمم المتحدة وقواعد القانون الدولي والقانون الإنساني الدولي، حيث تزداد عزلة " إسرائيل" أكثر من أي وقت مضى ويتعزز الاعتقاد بأن إقامة دولة فلسطينية يمكن أن يرسي الأمن والسلم الدوليين وفي المنطقة ويعمق إمكانية الوصول إلى حلول سلمية عادلة وفقاً لقرارات الشرعية الدولية، التي تمثل معايير الحد الأدنى ولقواعد القانون الدولي المعاصر، تلك التي لا تزال "إسرائيل" تعارضها بل وتتحدى المجتمع الدولي، خصوصاً عندما تشن العدوان تلو الآخر وتنتهك أبسط قواعد الشرعة الدولية لحقوق الإنسان جماعياً وفردياً.
الموقف اليوناني هو تجسيد لإنسانية القضية الفلسطينية ودعوة للعالم أجمع للوقوف إلى جانبها لأنها تمثل المسألة الأكثر جدارة على صعيد العدالة الدولية.



#عبد_الحسين_شعبان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- خضير ميري: ابتهالات آخر الصعاليك
- شيء عن هندسة التحالفات الدولية
- هل اقترب موعد تحرير الموصل؟
- عن المواطنة ومتفرعاتها
- مستقبل العراق ومثلّث الألغام
- هل ينجلي ليل الرمادي؟
- تركيا وعقدة عضوية الاتحاد الأوروبي
- هل القضاء على التطرف بات مستعصياً؟
- فكر التطرّف والتكفير : عالم على الحافة
- هل فقدت الدولة العراقية مقوّماتها؟
- رسائل الاجتياح التركي
- هل المجتمع المدني ضد الدولة؟
- فلسطين ومفارقات حقوق الإنسان
- الفيدرالية والأقاليم: معنًى ومبنًى
- آرا خاجادور وزيارة التاريخ!!
- هل سيبقى العراق موحداً؟
- العراق.. من الدولة الفاشلة إلى الكيان الهش
- ماذا يريد البرلمان العراقي.. وماذا يريد العبادي؟
- وماذا عن التجارة غير المشروعة ؟
- دستور وعقول وأقلام


المزيد.....




- هل يعارض ماسك الدستور بسبب حملة ميزانية الحكومة التي يقودها ...
- -بينها قاعدة تبعد 150 كلم وأخرى تستهدف للمرة الأولى-..-حزب ...
- حافلة تسقط من ارتفاع 12 مترا في حادث مروع ومميت في فلاديفو ...
- بوتين يتوعد.. سنضرب داعمي أوكرانيا بالسلاح
- الكشف عن التاكسي الطائر الكهربائي في معرض أبوظبي للطيران
- مسيرات روسية اختبارية تدمر مركبات مدرعة أوكرانية في اتجاه كو ...
- مات غيتز يتخلى عن ترشحه لمنصب وزير العدل في إدارة ترامب المق ...
- أوكامبو: على العرب الضغط على واشنطن لعدم تعطيل عمل الجنائية ...
- حاكم تكساس يوجه وكالات الولاية لسحب الاستثمارات من الصين
- تونس.. عبير موسي تواجه تهما تصل عقوبتها للإعدام


المزيد.....

- المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021 / غازي الصوراني
- المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020 / غازي الصوراني
- المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و ... / غازي الصوراني
- دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد ... / غازي الصوراني
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية / سعيد الوجاني
- ، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال ... / ياسر جابر الجمَّال
- الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية / خالد فارس
- دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني / فلاح أمين الرهيمي
- .سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية . / فريد العليبي .


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبد الحسين شعبان - اللحظة الفلسطينية يونانياً