أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - فاطمة ناعوت - لا تخرج قبل أن تقول: سلاما














المزيد.....

لا تخرج قبل أن تقول: سلاما


فاطمة ناعوت

الحوار المتمدن-العدد: 5048 - 2016 / 1 / 18 - 12:23
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


قارورة بلاستيكية لها غطاء أحمر، تحمل مُلصقًا يقول باللون الأخضر: “دواء العين والسحر"، وتحتها مكتوب: “زيت زيتون مقري فيه": قراءة معبر الرؤي الشيخ/ فلان الفلاني، مقروء فيه: سورة البقرة + سورة الفاتحة سبع مرات+ المعوذات + أدعية الرقية.” وعلى الملصق صورة للشيخ الجليل وهو شابُّ ملتحٍ في العقد الثالث من عمره يرتدي الجلباب الأبيض وعباءة سوداء وما يلزمهما من غطاء رأس شأن ما يرتدي المشايخ والدعاة الأجلاء، وعلى وجهه سيماء الوداعة.
أما الأعلان الثاني فكان أكثر تطورًا وتكنولوجيا. تجاوز "الماديّ" ليدخل خانة "الافتراضي”. غادر ال Hard copy نحو ال Soft copy. فتخلّى عن القارورة البلاستكية التي يُمكن أن تُمسك باليد ويتم فتح غطائها وتناول الزيت من داخلها، واستبدل بها منهجًا ديجيتاليًّا افتراضيًّا، وكورسًا تعليميًّا. ترك "القارورة" وتبنّى "المعلومة".
صاحب هذا الدكان الالكتروني لا يشبه شيخنا عاليه. بل هو شاب للتو قد برح مرحلة المراهقة، وعلى أبواب العشرين من عمره. يرتدي بدلة أوروبية ونظارة طبية كبيرة الحجم، كدلالة على العلم وكثرة الاطلاع. يقف ممشوقًا شابكًا أصابع يديه شأن المفكرين الكبار.
في إعلانه عن بضاعته الرائجة نقرأ العنوان التالي: "لكل اسم من الأسماء الحسنى أكلات وثمار تنشيطية". ثم نقرأ تحت عنوان "الحسيب"، ما يلي: “هل تعلم أن أكلك فصوص البرتقال بوعي ينشّط لديك اسم الله الحسيب ويجعل لديك كل شيء بحساب. ومن مصلحتك أن تأكل نباتات بها اسم الحسيب قبل القيام بعمل يحتاج حسابات ودقة وأرقام.” ثم سهم يشير إلى أن هذا الكورس مناسب لكل من: محاسب – محامي (كتبها هكذا)- مبرمج. وتحت عنوان "ذو الفضل"، نقرأ ما يلي: “هل تعلم أنك لو أردت وفرة وزيادة في رزقك أو علمك أو علاقاتك فإن أكثر النباتات التي يتوفر بها هذا الاسم هو الرمان؟ لأنك بعد أكل ثمرة الرمان لا تدري كم بذرة أكلت رغم كثرتها، وبالتالي لو فعلت ذلك بوعي، تكون قد نشّطت بداخلك اسم "ذو الفضل". وهذه الثمرة مناسبة لكل من: “رجل الأعمال – التاجر – الباحث.
في كل كورس نتعلم "ثمرة" من الثمار، و"اسمًا واحدًا" من "أسماء الله الحسنى". الكورس أونلاين، مدّته يومان، وسعره 300 دولار.
---
انتهت صيغ الإعلانات التي تتفنّن في دغدغة مشاعر البسطاء بمفردات الدين. زيتٌ مقروء عليه يُباع بمئات الدولارات، رغم أن ربّ العزة جعل الدينَ يُسرًا إلى درجة أن مَن يقرأ سورة "الصمدية" الشديدة القصر، ثلاثًا، كان كمن اعتمر إلى بيت الله الحرام. تأملوا هول الفارق الهائل بين مِنح الله غير المشروطة وكرمه اللا متناهي على عباده الفقراء، في مقابل لصوصية بعض الناس واستغفالهم عقول البسطاء واستلاب جيوبهم وابتزاز قوت يومهم بادعاءات كذوب ما أنزل اللهُ بها من سلطان!!
ثمرة الرمان لا تستطيع أن تحصي عدد بذورها من كثرتها، فأنت حين تأكلها كأنما قد أحييتَ اسم "ذو الفضل" من أسمائه الحُسنى، ويتساءلُ عاقلٌ، وماذا عن ثمرة المانجو ذات البذرة الواحدة، أحينما يأكلها إنسانٌ يكون قد "جحد" فضل الله سبحانه، لقلّة عدد البذور في الثمرة؟ وماذا عن ثمرة الفراولة التي لم يمنّ اللهُ عليها بأية بذور؟! هل أكلُها إثمٌ لأنك لا تذكر فضل الله حينها؟!
العقلاء لا يقعون في فخاخ تلك الثعالب التي تقتاتُ على أسماء الله بالنصب على عباده الغافلين. وبالفعل هاجمت مجموعةٌ من عقلائنا ذلك الدعيّ الكذوب فما كان منه إلا أن أصدر بيانًا أشدَّ إضحاكًا وركاكة في الصياغة من إعلانه المضحك، بل ويحمل سيماء الوعيد والنذير لمنتقديه! قال في بيانه ما يلي:
1- إن هجوم الشخص على شيء ورفضه تعطيل لاسم الله "السلام". وكثرة تعطيل هذا الاسم سوف تصيبك بمرض في الرئتين أو سرطان محتمل.
2- قذفكم بالتهم والكلمات العنيفة تعطيل لاسم الله "الرؤوف"، وكثرة تعطيل هذا الاسم سوف تصيبكم بالتهاب المفاصل أو قسوة الحياة عليكم وجفاء أرحامكم.
3- الهروب من تلك المعلومات الجديدة للمعلومات القديمة بحجة أن الجديدة مضللة وبالتالي تعزلون أنفسكم عن الاستفادة منها هو تعطيلٌ لاسم الله "الودود"، وتعطيل هذا الاسم سوف يفقدكم أعمالكم ووظائفكم.
4- التعالي على الكورس بحجة أنكم في غنى غنه وأعلى من أن تسمعوا تلك الضلالات، هو طغيان الميزان في اسم الله "المتكبر". واسم المتكبر مفترض أن يُفعّله الإنسان في الصغائر التي لا تضر ليترك مساحة لغيره، أما أن يفعله وهو فاقدٌ لاسم العليم، فسوف يتكبر أن يسمع معلومة تفيده، وبالتالي يكون قد طغى في ميزان الأسماء الحسنى الدقيق والواضح! والله قال: لا تطغوا في الميزان!
5- كل من لم يستطيع (هكذا كتبها) أن يحضر الكورس لارتفاع سعره يستمد (الرزاق والغني) من نفسه ونسى أن الرزاق والغني وذو الفضل الأكبر والأول والأعظم هو الله، حاول أن تدعوه بتلك الأسماء، ألم يقل ولله الأسماء الحسنى فادعوه بها، فحاول إما أن تدعوه بالعليم ليعطيك العلم الذي في الكورس أو تدعوه بذي الفضل ليؤتيك من فضله وتستطيع حضور ما شئت.
6- كل من اتهمني بـ (الشراء بآيات الله ثمناً قليلا) , كأنه يريد أن يُبيح ويبخسه حقه لكي لا يعطي أجره. لو دقق في الآية لعلم الرد الجميل له، فالله يقول (لا يشترون بآياتي ثمناً قليلاً) , ولم يقل (لا يشترون بآياتي ثمناً). لو فهمت الفرق بينهما لعلمت كم أن آيات الله غالية ونفسية (يقصد نفيسة) وأغلى من أن تُطرح للكل بأقل مقابل أو بدون أجر، ارجع لسلسلة الأجور في القرآن أو اليوتيوب وتعلّم.
ولا ينسى في الأخير أن يضع استمارة الاشتراك في الكورس، وإيميله وأرقام هواتفه للتواصل مع “الزبائن” الغُفْل.
***
ويا أيها القارئ الكريم، لا يسعني في نهاية هذا المقال المضحك المُبكي، إلا أن أقول لك: لا تنس قبل أن تخرج أن تقول: "سلامًا"، كما علّمنا ربُّ العزة أن نقول في مخاطبة هؤلاء، وأولئك.


فاطمة ناعوت



#فاطمة_ناعوت (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أنتم تحاكمون الخيال 2/2
- اعتذارٌ رسميّ لأقباط مصر
- شحاذ العمّ نجيب
- مذبحة 2016
- أنتم تحاكمون الخيال!! 2/1
- شجرةٌ صنوبر وشيءٌ من الفرح
- دبي الجميلة.... سلامتك!
- أسوأ صورة في 2015
- قُبلةُ حبيبي
- الموءودة
- كيف قرأ الغيطاني الخديوي إسماعيل
- مثل الزهور سرعان ما يذبل
- شهاداتُ الفارس محمد أيمن
- داعش أمام المحكمة الأوزورية
- الغيطاني ونوبل
- حينما الفقرُ والبطالة طريقُك للبرلمان
- هذا نجيب محفوظ، وهذه جدتي
- نجيب محفوظ... لقاء أول... لقاء أخير
- أسعد امرأة في العالم
- ضد مجهول ضد الإنسانية


المزيد.....




- دراسة: السلوك المتقلب للمدير يقوض الروح المعنوية لدى موظفيه ...
- في ظل تزايد التوتر المذهبي والديني ..هجوم يودي بحياة 14 شخصا ...
- المقاومة الاسلامية بلبنان تستهدف قاعدة حيفا البحرية وتصيب اه ...
- عشرات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى
- مستعمرون ينشرون صورة تُحاكي إقامة الهيكل على أنقاض المسجد ال ...
- الإعلام العبري: المهم أن نتذكر أن السيسي هو نفس الجنرال الذي ...
- ثبتها فوراً لأطفالك.. تردد قناة طيور الجنة 2024 على نايل سات ...
- الجنائية الدولية تسجن قياديا سابقا في أنصار الدين بمالي
- نزع سلاح حزب الله والتوترات الطائفية في لبنان.. شاهد ما قاله ...
- الدعم الأميركي لكيان الاحتلال في مواجهة المقاومة الإسلامية


المزيد.....

- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - فاطمة ناعوت - لا تخرج قبل أن تقول: سلاما