|
إلغاء حكم الإعدام.. وحق الاختلاف
فاخر السلطان
الحوار المتمدن-العدد: 1374 - 2005 / 11 / 10 - 10:26
المحور:
الغاء عقوبة الاعدام
من حق أي مرجعية دينية (وغير دينية أيضا) أن تعارض وبشكل واضح وصريح مطلب الجمعية الكويتية لحقوق الإنسان الداعي إلى إلغاء حكم الإعدام في الكويت، لكن ليس من حق أي طرف ديني سواء كان مرجعية أو تجمعا أوحزبا أو فقيها أن يصف معارضته تلك بأنها نابعة من أصل مقدس ويعتبرها إلهية وقطعية وغير قابلة للنقاش، مبررا ذلك بأنها من أمور الشريعة الإسلامية وخط أحمر ديني لا يمكن تجاوزه، وأن يسلب الآخرين حق تأييد مطلب الجمعية أو حق عدم التعليق عليه، ويصف من يؤيد هذا المطلب بأنه خارج عن الدين. ففي الأنظمة الديموقراطية لا ثوابت في القضايا الحياتية كقضية حكم الإعدام، بل كل أمور الحياة مفتوحة للنقاش ولا وجود لتفسيرات نهائية وقطعية حولها. وحينما تكون الشريعة الإسلامية لدى بعض المرجعيات الدينية غير قابلة للتغيير أو التعديل وتدخل في إطار التفسيرات النهائية والقطعية، وحينما يعتبر هذا البعض أن قضايا الحياة لا تخرج عن موضوع الشريعة الإسلامية، هنا تطفو مشكلة كبيرة على السطح متمثلة في أن هذا النوع من الفهم والتفكير لن يستطيع التعايش مع الديموقراطية التي بدورها لا تستطيع أن تتعايش مع التفسيرات النهائية والقطعية. هذا إذا استثنينا الاختلاف الكبير بين المدارس الدينية بجميع مذاهبها وتوجهاتها في فهم وتفسير الشريعة الإسلامية. فمعارضة مطلب الجمعية الكويتية لحقوق الإنسان لا يمكن أن يوصف "بالمعارضة الدينية" باعتبار أن حكم الإعدام يعتبر قضية حياتية وليست دينية. لكن إذا اعتبر البعض أنها دينية، هنا لا يمكن استنتاج نتيجة نهائية وقطعية بشأنها باعتبار أن الاجتهادات الدينية مختلفة حول القضية، ولا أدل على ذلك إلا موقف حزب العدالة الإسلامي الحاكم في تركيا والذي أيد مطلب الاتحاد الأوروبي بإلغاء حكم الإعدام، لهذا نطرح هنا بعض التساؤلات: هل نستطيع أن نحدد أي الآراء أو التفسيرات يمكن وصفها بالدينية والمقدسة، هل هي تلك التي تعارض إلغاء حكم الإعدام، أم تلك التي تؤيد الحكم، أم تلك التي لم تحدد موقفا منه حتى الآن؟!. فلا يمكن وصف من يؤيد مطلب الجمعية الكويتية لحقوق الإنسان بإلغاء حكم الإعدام بأنه "مناهض للإسلام"، إذ أولاً: الحكم لا يعتبر من القضايا المرتبطة بذات الدين، بل يدخل في إطار قضايا الدين العرضية التي جاء ذكرها ضمن تاريخ الدين بما تحتويه من حياة أولئك الذين عاشوا الظرف الاجتماعي لبدء ظهور دعوة نبينا محمد. ثم ثانياً: هناك العديد من الاجتهادات الدينية التي أيدت إلغاء حكم الإعدام، وهي اجتهادات لها أدلتها الاستنباطية العلمية، فهل يمكن وصف تلك الاجتهادات بأنها مناهضة للإسلام؟. ويقول بيان لتجمع ثوابت الأمة الكويتي (سلفي) حول الموضوع، بعدما اعتبر الجمعية الكويتية لحقوق الإنسان "ذنبا للغرب" لأنها "تبنت الإعلان العالمي لحقوق الإنسان"، أنه "لو تركت المحاكم دورها في قتل القاتل واكتفت بالسجن لعادت عمليات قتل الثأر مرة أخرى لمجتعاتنا"، كما أكد البيان أنه "على الجمعية أن تراجع الإحصاءات الغربية عن نسبة القتل في البلاد التي لا يوجد فيها قانون إعدام القاتل مقارنة بالبلدان التي تطبق العقوبة لتتبصر وتعرف الفرق إن كانت جاهلة به قبل إقدامها على المطالبة بوقف الإعدام". وردا على بيان التجمع نقول أولاً: هل هناك واقع ملموس وبالتالي احصاءات تؤكد ما يدعيه التجمع من أنه بإلغاء حكم الإعدام ستنتشر في مجتمعاتنا عمليات الثأر؟. ثم هناك العديد من الدعوات في المجتمعات العربية تطالب بإلغاء حكم الإعدام بوصفها ليست عقوبة رادعة للجريمة بدليل الكم من الإعدامات التي تحصل وجرائم القتل عن قصد أو عن عمد التي ما تزال مستمرة حتى الآن. وثانياً: بنظرة سريعة لإحصاءات دولة واحدة من الدول الغربية وهي كندا التي ألغت حكم الإعدام، يتبين لنا أن هذه الدولة شكلت لجان لدراسة أثر هذا الإلغاء في معدلات الجريمة، فوجدت أنه في السنة الأولى بعد إلغاء الحكم انخفضت نسبة 3،15 من الألف من الجرائم إلى 2،80 بالألف في السنة التي تلتها. وعليه يقول المراقبون للجريمة أن الردع القاسي واستعمال القوة المفرطة لا يكون بالضرورة علاجا أو سلاحا ناجحا للقضايا. إن الدول الغربية لا تنظر لحكم الإعدام إلاّ من منظور واقعي، ودائما ما تتساءل عن فائدة أي قانون سواء ارتبط بالإعدام أو بغيره من القوانين. فهي على سبيل المثال تتساءل هل أن تطبيق الإعدام يؤدي إلى خفض نسبة الجريمة؟ وهل هو سبب للردع والخوف من ممارسات ضد القانون؟، وتستند في تلك التساؤلات إلى الحكمة القائلة بأن معاقبة شخص هدم بيت شخص آخر بهدم بيته ليست سوى انتقام وتخريب أكثر مما هو ردع وتقويم. إن معارضة الجماعات السلفية للإعلان العالمي لحقوق الإنسان هو دليل إدانة ضدها بأنها لا تؤمن بالمفهوم الحديث لحقوق الإنسان ولا بالمنظمات التي تتبنى الإعلان في برامجها وأنشطتها، فكيف إذن نتوقع منها أن تناقش موضوع إلغاء حكم الإعدام؟. إن المفارقة في الجماعات السلفية أنها حين تتعرض لضغوط من قبل حكومات فإن أول ما تلجأ إليه هو قوانين الإعلان العالمي لحقوق الإنسان لأنها الوحيدة القادرة على انتشالها من مأزقها.
#فاخر_السلطان (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
غرق خيام النازحين على شاطئ دير البلح وخان يونس (فيديو)
-
الأمطار تُغرق خيام آلاف النازحين في قطاع غزة
-
11800 حالة اعتقال في الضفة والقدس منذ 7 أكتوبر الماضي
-
كاميرا العالم توثّق معاناة النازحين بالبقاع مع قدوم فصل الشت
...
-
خبير قانوني إسرائيلي: مذكرات اعتقال نتنياهو وغالانت ستوسع ال
...
-
صحيفة عبرية اعتبرته -فصلاً عنصرياً-.. ماذا يعني إلغاء الاعتق
...
-
أهل غزة في قلب المجاعة بسبب نقص حاد في الدقيق
-
كالكاليست: أوامر اعتقال نتنياهو وغالانت خطر على اقتصاد إسرائ
...
-
مقتل واعتقال عناصر بداعش في عمليات مطاردة بكردستان العراق
-
ميلانو.. متظاهرون مؤيدون لفلسطين يطالبون بتنفيذ مذكرة المحكم
...
المزيد.....
-
نحو – إعدام! - عقوبة الإعدام
/ رزكار عقراوي
-
حول مطلب إلغاء عقوبة الإعدام في المغرب ورغبة الدولة المغربية
...
/ محمد الحنفي
-
الإعدام جريمة باسم العدالة
/ عصام سباط
-
عقوبة الإعدام في التشريع (التجربة الأردنية)
/ محمد الطراونة
-
عقوبة الإعدام بين الإبقاء و الإلغاء وفقاً لأحكام القانون الد
...
/ أيمن سلامة
-
عقوبة الإعدام والحق في الحياة
/ أيمن عقيل
-
عقوبة الإعدام في الجزائر: الواقع وإستراتيجية الإلغاء -دراسة
...
/ زبير فاضل
-
عقوبة الإعدام في تونس (بين الإبقاء والإلغاء)
/ رابح الخرايفي
المزيد.....
|