أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - علاء اللامي - خرافة العنف الدموي العراقي في ضوء العلوم الحديثة ! الجزء السادس : توحيد الضحية العراقية بالجلاد والغازي















المزيد.....

خرافة العنف الدموي العراقي في ضوء العلوم الحديثة ! الجزء السادس : توحيد الضحية العراقية بالجلاد والغازي


علاء اللامي

الحوار المتمدن-العدد: 374 - 2003 / 1 / 21 - 05:12
المحور: اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
    


 

                                                                    

ربما اعتقد القارئ إن الكاتب يرفض بعض المقدمات التي أتينا على ذكرنا في رصدنا التاريخي لظاهرة العنف وكونها ليست حكراً أو عاهة لهذا الشعب دون سواه من شعوب الأرض، كلا! فالكاتب يعترف بذلك كله وبما هو أكثر منه، ولكن وفق طريقته الخاصة: (ضربة على الحافر وأخرى على المسمار) والتي تتيح له حشد أكبر عدد ممكن من الأحداث والحوادث العنفية المذهلة فهو، مثلاً، وسيراً على منوال قول الشيء ونقيضه، يقر إقراراً واضحاً بأن (تاريخ الأمم والشعوب حتى في أرقى مستوياتها من التقدم المدني والحضاري والعلمي يبدو زاخراً بالأحداث المترافقة بالعنف والقسوة والهمجية والسلوك الدموي.. ص19) لا بل إنه يضيف وعلى نفس الصفحة قوله، وسننقل عباراته بنفس صياغاتها اللغوية التي وردت بها: (وفي العالم قليلة هي المجتمعات التي ينعدم فيها وجود العنف والسلوك العدواني في حياة الناس) أين المشكلة إذن إن كانت ثمة مشكلة؟ إنها في كلمة (الدموي) التي تقرر إن تكون الطوطم الخاص بالعراقي دون سواه وفي طابع العنف والميل إلى المبالغة في العنف وارتكابه. لندع الكاتب يوضح فكرته بنفسه:

(غير إن ما نجده في تاريخ العراق منذ أقدم العصور وحتى الآن هو أمر مختلف، فهذا التاريخ لا يزدحم بأحداث العنف الدموي والظلم والقسوة الشرسة فحسب بل إن تلك الأحداث والوقائع التاريخية المشحونة بالعنف الدموي تميل على نحو ظاهر للاتصاف بالمبالغة والتطرف والتصعيد اللامعقول في أداء هذه المعاني جميعاً والإيغال في تطبيقها وممارستها إلى الحد الأقصى، أي المبالغة بالعنف الدموي والمبالغة بالقسوة والظلم والمبالغة في الشراسة والدموية خلال التعامل مع القضايا والنشاطات الإنسانية بمختلف أشكالها ومستوياتها.. ص1)

إن الكاتب يوحد ضحية العنف (الشعب العراقي) بالظاهرة نفسها أولا وبالطرف الذي يرتكبها سواء كان (خارجياً) غازياً تركياً أو فارسياً أو أمريكياً.. أو طرفاً (داخلياً) حاكماً مستبداً أو ملكاً مريضاً نفسياً أو إمبراطوراً قاسياً. ثانيا، وهدف الكاتب في كل هذا واحد لا يتغير وهو إلصاق ظاهرة المبالغة في العنف الدموي العراقي في النهاية بهذا الشعب واعتباره جلاداً ومريضاً وبالتطرف والمبالغة والقسوة.. الخ.

أيعقل أن يصدر هذا الكلام الذي أقل ما يقال عنه أنه متناقض وقشري ومعيب، من شخص عراقي متعلم (يحمل شهادة دبلوم في الأدب من الجامعة اليسوعية في بيروت وأخرى في نفس التخصص من جامعة بغداد) وهو أيضاً سياسي من التيار القومي حيث كان عضواً في القيادة القومية لحزب البعث عقد السبعينات؟( )

أيعقل أن يقدم شخص كهذا على نشر كتاب، يحمل ما تقدم وصفه من كلام بحق شعبه؟ لنضع العواطف والتساؤلات (الأدبية) على الرف ولنعد إلى لغة التحليل والمنهجيات:
أشرنا قبل قليل إلى أن الخلاف انحصر بين الكاتب وسواه من المتكلمين في مشمولات ظاهرة العنف في أنه يركز بحثه على ما سماه المبالغة في العنف الدموي وليس في العنف نفسه، وعلى القسوة والشراسة في العنف الدموي العراقي وليس في العنف نفسه، وستطول سلسلة المتواليات هذه كثيراً، ولكن هل حقاً أن هناك عنفاً يخلو من الدم وآخر يمتلئ بالحليب وثالث يتصف بالقسوة والشراسة ورابع بالرومانسية.. الخ؟

وبكلمات أخرى هل يجب أن ننظر إلى ظاهرة العنف كمعطى خارق ومفارق للتربة التاريخية تمكن من الدخول في روح وعقل هذا الشعب منذ خمسة آلاف سنة ولن يستطيع الفكاك منه مستقبلاً؟ أم كحيث وموضوع حقيقي وتاريخي قابل للرصد والتحليل والفهم؟ هذا إذا اتفقنا جزئياً ـ ولن نفعل ذلك قطعاً دون شوط منهجية سنتطرق لها لاحقاً ـ على ما وصف أو رمز إليه بكلمات: المبالغة والتطرف والقسوة والقسوة الفائقة (لاحظ التكرار)! وثانياً: أين نجد جذور المدلول الثاني والخاص بالكثرة والانتشار والتزاحم للعنف الدموي العراقي؟ هل تكمن تلك الجذور في مخاوف ومخاطر وميتافيزيقات تعوم في ذهن الكاتب، أم في الامتداد الزمني التأريخي الهائل (خمسة آلاف سنة) الذي جعل منه الكاتب حقلاً ومادة لعملية مونتاج بوليسية لكل الحوادث العنفية في تاريخ البلد؟ أليس بإمكان كاتب آخر وباستعمال طريقة ومقصات باقر ياسين أن يحشد من هذا الامتداد التأريخي بقرونه الخمسين الطرائف والنكات التي قيلت في الهند مثلاً ليثبت، عبر كتاب مشابه، إن الهنود شعب شديد المرح وإنهم يمتازون بالمبالغة والتطرف في هذا الميدان؟ ونسجا على هذا المنوال البائس سيثبت لنا كويتب آخر أن الشعب الصيني مصاب بمرض اسمه المثلية الجنسية أو إنَّ الروس شعب متدين وذو ميول صوفية منذ اليوم الذي خرج فيه إلى التاريخ.. الخ. وباختصار، أليس كل هذا هذيانا محضاً وتخريفـاً لا شأن له بالعلم والتاريخ؟ أليس ما يفعله مؤلفون كهؤلاء، هو كما قال ذا مرة المؤرخ العراقي الخالد هادي العلوي مازحاً، هو محاولة الإثبات أن الله خلق لنا أنوفاً لنضع عليها النظارات!

وفي التمهيد ذاته، ينتبه الكاتب إلى حقيقة مخيفة كافية لنسف كامل نهجة واستنتاجاته وهي أن معظم الحوادث العنفية التي (كركبها) مؤلفنا ورصفها على بعضها، قد قام بها غزاة طارؤون جاءوا من خارج العراق، ينتبه الكاتب إلى هذه الحقيقة فيلجأ إلى لي عنقها بطريقته المعهودة لخلط السم بالدسم فيقول (ورب قائل يمكن أن يقول أن فصولاً كثيرة من العنف وسفك الدماء والمجازر قد جرت على أرض العراق نفذها حكام أو قادة غزاة جاؤوا من خارج العراق، بروح حاقدة ولا مسؤولة وبأعلى أشكال القسوة والتطرف والهمجية (..) وهذا ما يتوجب إسقاطه وعدم إدراجه في مسيرة العنف المرتكب من قبل العراقيين أهل البلاد ذاتهم أو المقيمين لأنه عنف مسلط من الخارج.. ص19 وما بعدها) ولكن الكاتب يعاند ويكابر ويقول إن ذلك الواقع التاريخي الصلب كما نعتقد (لا يمنع من إدراجه – إدراج عنف الغزاة الخارجي ـ ضمن أحداث العنف العراقي والسبب هو أن هذا العنف قد نفذ على أرض العراق (..) وهو ـ العنف الخارجي ـ يدمر الاستقرار وينسف الأمن والأمان ويخرب طبيعة الناس والحياة الاجتماعية ويحرفها ـ إضافة إلى ـ ما تخلفه تلك الموجات المدمرة من العنف الشرس من جروح وآثار نفسية بالغة الأثر والعمق في طبائع أهل البلاد وما تتركه من أحقاد سوداء لا تنطفئ وثارات دفينة وأحزان (..) تترسب ببطء في أعماق الذات العراقية عبر عصور زمانية عديدة لتؤثر بالتدريج في تركيبة البنية النفسية السوية للإنسان العراقي وحرفها عن مسارها الطبيعي فينعكس ذلك بمرور السنين على السلوك والتصرفات اليومية في عموم النشاط الاجتماعي والإنساني للفرد العراقي دون وعي منه. ص20 .

وللحديث صلة في الجزء القادم وسيكون السابع .



#علاء_اللامي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- خرافة العنف الدموي العراقي في ضوء العلوم الحديثة . الجزء الخ ...
- خرافة العنف الدموي العراقي في ضوء العلوم الحديثة / الجزء ا ...
- العراق لن يكون - سعودية - ثانية في المشرق العربي !
- خرافة العنف الدموي العراقي في ضوء العلوم الحديثة الجزء الث ...
- إتلاف الإتلاف : نحو إعدام عقوبة الإعدام في عراق الغد
- خرافة العنف الدموي العراقي في ضوء العلوم الحديثة .الجزء ال ...
- خرافة العنف الدموي في العراق في ضوء العلوم الحديثة - الجزء ...
- الابتزاز والقمع لا يشرفان المواقع العراقية على الإنترنيت !
- مؤتمر لندن ليس المرجعية الصحيحة للمعارضة العراقية !
- المثقف والحرب :كيف نظر الكاتب والفنان الأمريكي -بول بولز- ال ...
- ملاحظات سريعة أخرى حول النسب القومية والطائفية
- إيضاحات الى السيد راضي سمسم
- دفاعا عن العراق والحقيقة وليس عن المجلس الأعلى
- إيضاحات إضافية مهمة :حول النسب القومية والطائفية في العراق
- خفايا ودلالات مؤتمر المعارضة في لندن :أكبر الخاسرين شعب العر ...
- خفايا ودلالات مؤتمر المعارضة في لندن :أكبر الخاسرين شعب العر ...
- خفايا و دلالات مؤتمر المعارضة في لندن :أكبر الخاسرين شعب الع ...
- المعجم الماسي في التنكيت العباسي - الجزء الثاني
- ليكن انتقام العراقيين تسامحا !
- الشحاذ السياسي والتحليل النفسي !


المزيد.....




- بالصور..هكذا يبدو حفل زفاف سعودي من منظور -عين الطائر-
- فيديو يرصد السرعة الفائقة لحظة ضرب صاروخ MIRV الروسي بأوكران ...
- مسؤول يكشف المقابل الروسي المقدّم لكوريا الشمالية لإرسال جنو ...
- دعوى قضائية ضد الروائي كمال داود.. ماذا جاء فيها؟
- البنتاغون: مركبة صينية متعددة الاستخدام تثير القلق
- ماذا قدمت روسيا لكوريا الشمالية مقابل انخراطها في القتال ضد ...
- بوتين يحيّد القيادة البريطانية بصاروخه الجديد
- مصر.. إصابة العشرات بحادث سير
- مراسل RT: غارات عنيفة تستهدف مدينة صور في جنوب لبنان (فيديو) ...
- الإمارات.. اكتشاف نص سري مخفي تحت طبقة زخرفية ذهيبة في -المص ...


المزيد.....

- الحزب الشيوعي العراقي.. رسائل وملاحظات / صباح كنجي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية الاعتيادي ل ... / الحزب الشيوعي العراقي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية للحزب الشيو ... / الحزب الشيوعي العراقي
- المجتمع العراقي والدولة المركزية : الخيار الصعب والضرورة الت ... / ثامر عباس
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 11 - 11 العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 10 - 11- العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 9 - 11 - العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 7 - 11 / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 6 - 11 العراق في العهد ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 5 - 11 العهد الملكي 3 / كاظم حبيب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - علاء اللامي - خرافة العنف الدموي العراقي في ضوء العلوم الحديثة ! الجزء السادس : توحيد الضحية العراقية بالجلاد والغازي