|
لماذا فضّل الإله العبرى بنى إسرائيل ؟
طلعت رضوان
الحوار المتمدن-العدد: 5047 - 2016 / 1 / 17 - 21:24
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
لماذا فضــّـل الإله العبرى بنى إسرائيل؟ طلعت رضوان كتب العالم ليو تاكسيل فى كتابه (التوراة كتاب مقدس أم جمع من الأساطير) أنّ الخروج هو السـِـفر الذى يروى قصة فرار اليهود من مصر، وتيههم فى صحراء سيناء ، ثمّ أضيف إليه سـِـفر اللاويين ، فسـِـفرىْ العدد والتثنية. وتــُـفيد التوراة بأنّ رحلة اليهود من مصر إلى أرض كنعان استغرقتْ أربعين عامًـا ، إنّ تتبع قافلة بنى إسرائيل (من خلال خريطة شبه حزيرة العرب وفلسطين) ومُـطابقتها بما جاء فى التوارة ، تــُـوضــّـح الآتى : لقد خرج اليهود من مصر (أمام بعل صفون) (خروج : 14/1) الذى يـُـسمى الآن السويس . فقد زعم (كاتب السـِـفر) أنهم عبروا البحر الأحمر فى هذا المكان ، ثمّ ساروا على امتداد الساحل الشرقى لخليج السويس وانحدروا إلى (رفديم) عبر المنطقة الجبلية فى سيناء . وفى الجزء الجنوبى من شبه جزيرة سيناء ، انعطفوا نحو الشمال الشرقى إلى سروت (عين العدرا) وصعدوا من هناك شمالا مُــتجاوزين البحر الميت من جهة الشرق ليصلوا إلى أريحا . وتلك الطرق كلها لا يتجاوز طولها الألف كيلومتر. ولو أنّ أى إنسان (حتى ولو كان به عرج) لمشيها فى ثلاثة شهور (مع استراحة فى كل خان من خانات الطريق) أما أبناء الإله العبرى فقد مكثوا أربعين عامًـا ليقطعوا تلك المسافة.. وبالتالى – كما كتب ليو تاكسيل – إنه ((هراء يـُـثير السخرية)) ولو أنّ من كتبوا العهد القديم حمّـلوا أنفسهم عناء التفكير قليلا ، لتأملوا ما حدث : لماذا لم ينطق (موسى) بكلمة واحدة عن تاريخ الدولة المصرية وسياستها أو ديانتها أو قوانينها أو أخلاقياتها أو آثارها ، وهو الذى عاش (كما تقول كتب العبرانيين) فى قصر ملكها سنين طويلة. ومع ملاحظة أنّ مصر كانت تتربع على عرش الحضارات القديمة. لقد كان المصريون يقفون فى طليعة الشعوب المُــثقفة ، ففى تلك الفترة ازدهرتْ مدينتا طيبة وممفيس ، ولكن من المؤكد أنّ كاتب سِـفر التكوين لم يسمع بهما قط ، كما أنه لم يكتب كلمة واحدة عن تلك المدن المصرية الغنية الأخرى التى نالتْ شهرة عالمية واسعة فى الزمن (المُـفترض) تواجد شخصية (موسى) فيه. أما فيما يخص حكام مصر آنئذ فإنّ المؤلف (المقدس) أطلق عليهم (فراعنة) كلهم على حد سواء ، غير عارف أنّ (فرعون) ليس اسمًـا (ليو تاكسيل – ترجمة د. حسّـان ميخائل اسحق – طبعة خاصة على نفقة المترجم – عام 1994- ص164، 165) ومع ملاحظة أنّ كلمة (فرعون) فى اللغة المصرية القديمة تعنى (البيت الكبير) أى مقر الحكم ، مثل البيت الأبيض أو القصر الجمهورى إلخ. وأضاف ليو تاكسيل : عندما يتحدث (موسى) عن ملوك مصر، وينسب إليهم أحداثــًـا تفصل بعضها عن بعض قرون عدة ، دون أنْ يجد لهم اسمًـا سوى (فرعون) فإنه يُـشبه مؤرخـًـا مزعومًـا يقول فى هرائه بصدد تاريخ روسيا مثلا ((صاحب الجلالة القيصر الملك)) عندما يدور الحديث عن (إيفان الرهيب) بطرس الأكبر، نيقولاى الأول ، دون أنْ يدعو أيـًـا منهم باسمه. ومثل هذا المؤلف ليس أكثر من جاهل يـُـضلــّـل قارئه. فكيف يمكننا أنْ نقف موقفــًا جديًا من مؤلف سـِـفر التكوين (وسـِـفر الخروج) إنه يعرض لنا بدقة مُــتناهية أسماء أقل الحكام شأنــًـا ، عندما يجرى الحديث عن ممالك انقرضتْ ، ولا يمكن التحقق من وجودها أصلا ، بل ولم يكن لها أى وجود واقعى ، وفى أغلب الظن أنه ابتدعها ، كسدوم وعمورة وجرار. أما عندما يتعلــّـق الأمر بدولة تاريخية مهمة ومعروفة مثل مصر، فإنّ معلوماته تغدو ضحلة لدرجة أنه لا يـُـميّـز إذا كان يتحدث عن تحتمس أو آمن – حتب أو رمسيس إلخ . أما اللاهوتيون الذين أعلوا (الأسفار الخمسة) أعلى درجات التجلى ، فلم يستطيعوا أنْ يروا فى حينه ما سيكتشفه الآثاريون فى مصر، وحـدّدوا بهدوء وثقة زمن وجود العالم ، وليس على أساس الخرافات التوراتية. فحسب الحسابات الرومانية الكاثولوكية أنّ خلق العالم وقع قبل 4004 سنة قبل ميلاد المسيح ، وأنّ (الطوفان الكونى) حدث فى عام 3296 قبل الميلاد ، فى حين أنّ القائد المصرى المعروف (مينا) الذى أسّس أول سلالة (مصرية) كان قد وحـّـد مصر فى مملكة قوية جبارة قبل 3200 سنة من بداية التقويم المسيحى . لقد قرأ علماء الآثار تاريخ الآثار المصرية ، وفكوا رموزها وقرأوا سِـفر القرون الذى كان مكتوبـًـا على حجارة المعابد والنصب التذكارية. وأصبح تاريخ ملوك مصر العظام وتاريخ المعابد والمدن معروفــًـا لنا . وفيما يخص خروج اليهود من مصر، وهو الحدث الذى ينسبه اللاهوتيون إلى بداية القرن الخامس عشر قبل الميلاد ، فيجب أنْ يكون فى عهد الملك تحوتمس الثالث أو آمن – حتب الثالث ، ولكن تاريخ حكم هذيْن الملكيْن لا يتوافق مع رؤية سـِـفر الخروج . فقد أخضع هذان الملكان لسلطتهما كلا من : أثيوبيا ، شبه جزيرة العرب ، بلاد الرافدين ، نينوى وجزيرة قبرص . كما كان الفينيقيون والأرمن من أتباعهم . وانتشرتْ أنباء نجاح أسلحتهم انتشارًا واسعـًـا فى غربىْ آسيا . وأوضحتْ السجلات أسماء الملوك والشعوب الذين خضعوا لسلطة حكام مصر فى ذاك الوقت ، بينما لا يوجد أى سجل ولا أية معلومات عن (فرعون مات) بالطريقة المهينة التى تحـدّثتْ التوراة عنها . ونحن سقنا هذه المعلومات الأولية، لنــُـوضــّـح طريق تتبع أسطورة (موسى) بوعى ومعرفة ( ص 166، 167) لقد فتن (موسى) الملك وابنته ومن فى القصر كلهم . وكان واضحـًـا أنّ (مُـستقبلا باهرًا) بانتظار (موسى) رغم أنه قتل مواطنــًـا مصريا ، ثمّ فرّ هاربـًا إلى أرض مديان وهى بلاد تقع جنوب شرقىْ شبه جزيرة سيناء، ولكن يجب الحذر من الخلط بين هذه البلاد ومُـقاطعتيْن أخرييْن أطلقتْ التوراة عليهما الاسم نفسه. وقد نسبتْ موقعيهما إلى المنطقة الواقعة شمالىْ بحر إيلات (خليج العقبة) وشرقىْ البحر الميت . ولكن التوراة تخلط خلطــًـا عجيبـًـا بين أراضى مديان هذه . فهل فقد (الروح القدس) الخارطة التى زوّده بها العجوز (يهوه) وركن إلى ذاكرته التى ظهر أنها فى غاية الضعف ؟ أم أنه اعتمد على سذاجة (المؤمنين) فقط (ص169) ولأنّ (موسى) حبيب الإله العبرى فقد دعاه للحوار وقال له ((اخلع حذاءك من رجليك لأنّ الموضع الذى أنت واقف عليه أرض مقدسة.. وأنا إله أبيك إبراهيم وإله إسحق.. إلخ)) (خروج : 3/ 6، 7) وبعد عدة آيات فإنّ ذلك الإله العبرى يُـحرّض أتباعه من بنى إسرائيل على سرقة المصريين فقال لموسى ((فإذا سمعوا لقولك تدخل أنت وشيوخ بنى إسرائيل إلى ملك مصر وتقول له : الرب إله العبرانيين التقانا.. ولكنى أعلم أنّ ملك مصر لا يدعكم تمضون ولا بيد قوية. فأمد يدى وأضرب مصر بكل عجائبى.. وأعطى نعمة لهذا الشعب فى عيون المصريين.. فيكون حين تمضون أنكم لا تمضون فارغين.. بل تطلب كل امرأة من جارتها ومن نزيلة بيتها أمتعة فضة وأمتعة ذهب وثيابـًـا وتضعونها على بنيكم وبناتكم.. فتسلبون المصريين)) (خروج : 3/ من 18- 22) هكذا بكل وضوح سافر، فإنّ الإله العبرى يُـحرّض على السرقة بعد أنْ يـُـنزل لعناته على أجدادنا المصريين . وما ورد فى الإصحاح الثالث عن سرقة المصريين ، تكرّر فى الإصحاح الحادى عشر، وأضاف ((وقال موسى هكذا يقول الرب أنى نحو نصف الليل أخرج فى وسط مصر. فيموت كل بكر فى أرض مصر.. من بكر فرعون الجالس على كرسيه إلى بكر الجارية التى خلف الرحى وكل بهيمة.. ويكون صراخ عظيم فى كل أرض مصر لم يكن مثله ولا يكون مثله أيضًـا.. لكى تعلموا أنّ الرب يُـميـّـز بين المصريين وإسرائيل)) ثمّ كرّر نفس الكلام فى الإصحاح الثانى عشر فقال ((وإنى أجتاز فى أرض مصر هذه الليلة وأضرب كل بكر فى أرض مصر.. من الناس والبهائم..أنا الرب.. ويكون لكم الدم علامة على البيوت التى أنتم فيها.. فأرى الدم وأعبر عنكم.. فلا يكون ضربة للهلاك حين أضرب أرض مصر.. ويكون لكم هذا اليوم تذكارًا فتعيدونه عيدًا للرب.. فى أجيالكم تــُـعيدونه فريضة أبدية)) (خروج : 11 ، 12) والملاحظ على هذا الكلام 1- أنّ الرب سينزل بنفسه ليتولى قتل كل مصرى بما فى ذلك الأطفال حيث قال (فيموت كل بكر)) 2- رغم أنه (إله قادر على كل شىء) فإنه يخشى على نفسه من الوقوع فى الخطأ وهو يضرب بيوت المصريين ، فطلب من أتباعه (المُـفضــّـلين على كل البشر) أنْ يضعوا علامة من الدم على بيوتهم حتى لا يقع فى خطأ الخلط بين بيوت أحبابه من بنى إسرائيل وبيوت المصريين 3- إنه يعتبر يوم قتل المصريين عيدًا وفريضة أبدية. والتحريض على قتل المصريين وتحويل النهر والأشجار والبيوت إلى دم ، تكرّر فى معظم سـِـفر الخروج إلى أنْ يصل (من كتبوا التوراة) إلى (مشهد الخروج) وكيف أنّ الرب العبرى أغرق المصريين جميعًـا فنقرأ ((فقال الرب لموسى مُـد يدك على البحر ليرجع الماء على المصريين.. على مركباتهم وفرسانهم.. فمدّ موسى يده على البحر فرجع البحر عند إقبال الصبح إلى حاله الدائمة والمصريون هاربون إلى لقائه. فدفع الرب المصريين فى وسط البحر.. فرجع الماء وغطى مركبات وفرسان جميع جيش فرعون الذى دخل وراءهم فى البحر. لم يبق منهم ولا واحد.. أما بنو إسرائيل فمشوا على اليابسة فى وسط البحر والماء سور لهم عن يمينهم وعن يسارهم.. فخلــّـص الرب فى ذلك اليوم إسرائيل من يد المصريين.. ونظر إسرائيل المصريين أمواتــًـا على شاطىء البحر.. وكما رأيتم المصريين اليوم لا تعودون ترونهم أيضًـا إلى الأبد.. الرب يـُـقاتل عنكم وأنتم تصمتون)) (خروج 14/ من 12- 31) فى هذا النص العبرى 1- لا وجود للمصريين بعد أنْ ((لم يبق منهم ولا واحد)) وأنّ المصريين ماتوا ((على شاطىء البحر)) 2- أنّ الرب هو الذى نزل بنفسه لأنّ بنى إسرائيل اكتفوا بالفرجة حيث قال ((الرب يٌـقاتل عنكم وأنتم تصمتون)) ثم جاء القرآن وقال مُـخاطبًـا بنى إسرائيل ((وإذْ فرقنا بكم البحر فأنجيناكم وأغرقنا آل فرعون وأنتم تنظرون)) (البقرة/ 50) رصد العالم ليو تاكسيل ما ورد فى العهد القديم عن (الكوارث) واللعنات التى أنزلها الإله العبرى على أجدادنا المصريين القدماء (ممكن الاطلاع عليها فى أسفار العهد القديم ، وبصفة خاصة : الخروج ، العدد ، التثنية ، يشوع ، صموئيل الأول وصموئيل الثانى إلخ) وما ورد فى تلك الأسفار عن (ذبح الأطفال المصريين) والتناقض أنّ نفس كتب الديانة العبرية تـدّعى أنّ المصريين هم الذين قتلوا أطفال العبرانيين ، بعد ذلك كتب ليو تاكسيل ((ولكن مؤرخـًـا مصريـًـا واحدًا لم يقل أى كلمة عن هذه الكوارث المُــفجعة التى لا مثيل لها فى تاريخ الأعمال الوحشيــة ، كما لم يتحدث أى منهم عن الكوارث العشر الشهيرة التى حلــّـتْ بمصر. وقد حاول بعض اللاهوتيين أنْ يتذرّع بأنّ الشعور الوطنى المصرى هو الذى منع المؤرخين المصريين عن كتابة تلك الأحداث . وإذا صدق هذا الادعاء اللاهوتى ، فماذا عن المؤرخين الذين ينتسبون إلى جنسيات أخرى ؟ ما الذى منع هؤلاء من تدوين تلك الأحداث (المأساوية) ؟ فمن المعروف أنّ ذلك (الغرق) الذى أودى بحياة المصريين (كلهم) كان يجب أنْ يُـحرّر مائة وخمسة عشر ملكــًـا كانوا خاضعين لسلطة ملك مصر آمن – حتب (الغريق) حتى هيرودوت الذى درس تاريخ مصر دراسة جيدة ، وساق كثيرًا من أخبار شعبها ، لم يكتب كلمة واحدة عن الأحداث التى وردتْ فى العهد القديم ، سواء عن الكوارث أو اللعنات أو موت (كل) المصريين (ص176) وأضاف ليو تاكسيل ((وعلى الرغم من ذلك الكذب كله ، فإنّ التوراة لا تخجل من هذا (الخروج) غير المعقول ، فتزيد بأنّ أبناء يعقوب وقفوا يضحكون من المصريين حتى كادتْ بطونهم تتمزق . وأخذتْ مريم أخت هارون وموسى الدف وشرعتْ تنشد الأغانى ، وطفقتْ اليهوديات ترقصنَ فرحـًـا . وجاء بالإصحاح الخامس عشر أنّ موسى أنشأ من فوره نشيدًا على شرف إلهه (العبرى) (ص176، 177) وهذا مع ملاحظة أن الديانة العبرية ، اعتبرتْ أنّ السيدة مريم (أم المسيح) أخت هارون موسى ، وأنهم من آل عمران (سـِـفر عدد : 26/59) و(سورة آل عمران/ من 35- 37) رغم الفارق الزمنى بين العهد الأول (المُـفترض) أى عهد (موسى) وبين زمن ولادة المسيح ، وهى فترة لا تقل عن ألفىْ عام ، لدرجة إنّ (على بن برهان الدين الحلبى) ذكر أنه ((كان بين موسى وعيسى ألف نبى) (السيرة الحلبية – المكنبة الإسلامية- بيروت – لبنان – ص24) وجاء فى سـِـفر التثنية (ويعتبر الرابع من الأسفار الخمسة المنسوية لموسى) أنّ الرب العبرى قال له ((إذا خرجتَ فى جيش إلى أعدائك فاحترز من كل شىء.. وعندما تجلس خارجـًـا فتــُـغطى برازك.. لأنّ الرب إلهك سائر فى وسط محلتك لكى يـُـنقذك.. فلتكن محلتك مقدسة لئلا يرى فيك قذر فيرجع عنك)) (تثنية : 23/ من 9- 14) وكان تعقيب ليو تاكسيل ((إننا نــُـطالب بابا روما وبطاركة المسيحية كلهم إلى (إجراء) محاكمة بسيطة ، ونرجو منهم بكل الاحترام والتبجيل أنْ يضعوا بحث المسألة التالية أمام المجامع المقدسة ، ألا يجعل ما ورد فى سـِـفر التثنية المُـشار إليه (سر القربان) أكثر تعقيدًا مما هو مُـعقــّـد الآن ؟)) (ص204، 205) وكتب ليو تاكسيل ((تؤكد الكنيسة المسيحية والكنيسة اليهودية على حد سواء ، أنّ الأسفار الخمسة هى من تأليف (موسى) ومن يقول بخلاف ذلك سيجد نفسه مطرودًا خارج مظلة الكنيسة، لأنّ اللاهوتيين يؤكدون بعناد (...) على أنّ موسى هو من كتب تلك الأسفار. وأنّ الروح القدس (الحمامة) هو من لقــّـنه إياها كلمة كلمة (فى حين أنّ) الكاتب العادى البشرى ينتهى فى مثل هذه الحالة بصعود (موسى) إلى جبل نبو. وفى أحسن الأحوال ، كان الإنسان العادى سينتهى بالسطور التالية : أحس بأننى ماضٍ فى رحلة أبدية.. وها أنا ألقى قلمى ، لأننى أشعر بإقتراب الموت.. ولكن (موسى) كاتب (مقدس) لم يستطع أنْ يتركنا بمثل هذه البساطة ، لذلك كرّس الإصحاح الأخير من سـِـفر التثنية ليـُـخلــّـد ذكرى وفاته ، ويصف حزن اليهود لموته ، بل ولم ينس أنْ يمدح نفسه ببعض الكلمات فقال ((فمات هناك موسى عبد الرب فى أرض مؤاب ، حسب قول الرب ، ودفنه فى الجواء فى أرض مؤاب ، مقابل بيت فغور. ولم يعرف إنسان قبره إلى هذا اليوم... فبكى بنو إسرائيل موسى فى عربات (سهول) مؤاب ثلاثين يومًـا ، فكملتْ أيام بكاء مناحة موسى)) (تثنية : 34) كتب (موسى) ذلك الكلام رغم أنه قد مات، وأصرّ على توزيع أراضى الشعوب على بنى إسرائيل ، فأضاف (وهو ميت) ((وقال له الرب هذه هى الأرض التى أقسمتُ لإبراهيم ويعقوب قائلا لنسلك أعطيها)) كما أصرّ على عدائه لمصر والمصريين فقال ((ولم يقم بعد نبى فى إسرائيل مثل موسى الذى عرفه الرب وجهـًـا لوجه. فى جميع الآيات والعجائب التى أرسله الرب ليعملها فى أرض مصر بفرعون وبجميع (عبيده) وكل أرضه. وفى كل اليد الشديدة وكل المخاوف العظيمة التى صنعها موسى أمام أعين جميع إسرائيل)) (آخر سطور فى سـِـفر التثنية) وهكذا تكلــّـم (موسى) الميت . والسؤال الذى يتجاهله أغلب المُــتعلمين (المصريين) المحسوبين على الثقافة المصرية السائدة من شعراء وروائيين وياحثين وإعلاميين هو : لماذا انحاز الرب العبرى فى الديانة العبرية بشعبها الثلاث لبنى إسرائيل ، بل لدرجة أنه فضــّـلهم على العالمين ، كما ورد فى كتاب الشعبة الثالثة (القرآن) حيث جاء به ((ولقد آتينا بنى إسرائيل الكتاب والحكم والنبوة ورزقناهم من الطيبات وفضلناهم على العالمين)) (الجاثية / 16) فهل يتكرّم واحد (واحد فقط) من الإجابــة ؟ سواء كان من الكهنوت المسيحى أو من الكهنوت الإسلامى ؟ ***
#طلعت_رضوان (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
هل كان إسلام البحيرى ضد الإسلام ؟
-
السعودية وإيران وإزدواجية العرب
-
بورتريه للأديب سليمان فياض
-
بورتريه للعامل (ع . س . ح)
-
إغواء يوسف بين الواقع والخرافة
-
لماذا تشويه الحضارة المصرية ؟
-
لماذا تشويه الأنبياء العبريين ؟ (2)
-
لماذا شوّه اليهود أنبياءهم ؟
-
لماذا انحاز الرب العبرى للرعاة ؟
-
الخروج من جزيرة العرب إلى العالم الخارجى
-
كيف تكون الدعوة للدين بالسلاح ؟
-
توالى انتصارات جيش محمد (4)
-
تثبيت أركان الدعوة المحمدية (3)
-
كيف انتصرت الدعوة المحمدية ؟ (2)
-
كيف انتشر الإسلام ؟
-
الآخرة فى أساطير الشعوب والديانة العبرية
-
جذور الصراع بين الرعاة والزراع
-
الولع بالدمار فى الأساطير وفى الديانة العبرية
-
جذور أسطورة الطوفان
-
التكوين الكنعانى والتكوين التوراتى
المزيد.....
-
أول رد من الإمارات على اختفاء رجل دين يهودي على أراضيها
-
غزة.. مستعمرون يقتحمون المقبرة الاسلامية والبلدة القديمة في
...
-
بيان للخارجية الإماراتية بشأن الحاخام اليهودي المختفي
-
بيان إماراتي بشأن اختفاء الحاخام اليهودي
-
قائد الثورة الاسلامية آية اللهخامنئي يصدر منشورا بالعبرية ع
...
-
اختفاء حاخام يهودي في الإمارات.. وإسرائيل تتحرك بعد معلومة ع
...
-
إعلام العدو: اختفاء رجل دين اسرائيلي في الامارات والموساد يش
...
-
مستوطنون يقتحمون مقبرة إسلامية في الضفة الغربية
-
سفير إسرائيل ببرلين: اليهود لا يشعرون بالأمان في ألمانيا
-
المقاومة الاسلامية في لبنان تستهدف مستوطنة -أفيفيم- بصلية صا
...
المزيد.....
-
شهداء الحرف والكلمة في الإسلام
/ المستنير الحازمي
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
-
( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا
/ أحمد صبحى منصور
-
كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد
/ جدو دبريل
المزيد.....
|