|
هجص الخضر عند ابن تيمية :( ب3 ف 4)
أحمد صبحى منصور
الحوار المتمدن-العدد: 5046 - 2016 / 1 / 16 - 22:31
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
كتاب ( الخضر بين القرآن الكريم وخرافات المحمديين ) الباب الثالث : صناعة اسطورة الخضر فى العصرين المملوكى والعثمانى الفصل الثالث : هجص الخضر عند ابن تيمية
خصّص ابن تيمية ت 728 رسالة عن الخضر ( هل مات أو هو حىّ ) بالاضافة الى تعرضه لهجص الخضر فى سطور متفرقة من رسائله الكثيرة . وننصح بالرجوع الى رسائل ابن تيمية المنشورة على الانترنت والتى نقلنا منه بعض أقواله فى هذه اللمحة عن هجص الخضر عند ابن تيمية . ونضع هذه الملاحظات عن هجص الخضر عند ابن تيمية : 1 ـ إيمانه بأن العبد الصالح الذى إلتقى موسى عليهما السلام إسمه الخضر ، وهذا أساس الهجص . وينبع هذا من إيمان ابن تيمية بصحيح البخارى ، وإعتقاده ان كتاب البخارى وحى الاهى ، ومصدر من أهم مصادر الدين الاسلامى . وابن تيمية بهذا يكفر بقول رب العزة جل وعلا : ( فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَهُ يُؤْمِنُونَ ) الاعراف (185) المرسلات 50 ) وقوله جل وعلا : ( تِلْكَ آيَاتُ اللَّهِ نَتْلُوهَا عَلَيْكَ بِالْحَقِّ فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَ اللَّهِ وَآيَاتِهِ يُؤْمِنُونَ (6) الجاثية ). 2 ـ إتخذ ابن تيمية من رأيه دينا قاطعا وإعتبر من يخالفه كافرا ، مستحقا للقتل إن لم يتب . يقول : ( وكذلك من اعتقد أن أحدًا من أولياء الله يكون مع محمد صلى الله عليه وسلم، كما كان الخضر مع موسى ـ عليه السلام ـ فإنه يستتاب، فإن تاب وإلا ضربت عنقه؛ لأن الخضر لم يكن من أمة موسى عليه السلام ). وقال فى معرض الرد على تأليههم الخضر وتحرر الولى من الشريعة أسوة بالخضر: ( ومحمد صلى الله عليه وسلم مبعوث إلى جميع الثقلين؛ إنسهم وجنهم. فمن اعتقد أنه يسوغ لأحد الخروج عن شريعته وطاعته، فهو كافر يجب قتله. ) وقال : ( من اعتقد أن في أولياء اللّه من لا يجب عليه اتباع المرسلين وطاعتهم فهو كافر، يستتاب، فإن تاب وإلا قتل، مثل من يعتقد أن في أمة محمد صلى الله عليه وسلم من يستغنى عن متابعته كما استغنى الخضر عن متابعة موسى، فإن موسى لم تكن دعوته عامة، بخلاف محمد صلى الله عليه وسلم فإنه مبعوث إلى كل أحد، فيجب على كل أحد متابعة أمره، وإذا كان من اعتقد سقوط طاعته عنه كافرًا، فكيف من اعتقد أنه أفضل منه، أو أنه يصير مثله!. ) ( ومن هؤلاء من يظن أن الاستمساك بالشريعة ـ أمرًا ونهيًا ـ إنما يجب عليه ما لم يحصل له من المعرفة أو الحال، فإذا حصل له لم يجب عليه حينئذ الاستمساك بالشريعة النبوية، بل له حينئذ أن يمشي مع الحقيقة الكونية القدرية، أو يفعل بمقتضى ذوقه ووجده وكشفه ورأيه من غير اعتصام بالكتاب والسنة، وهؤلاء منهم من يعاقب بسلب حاله حتى يصير منقوصًا عاجزًا محرومًا، ومنهم من يعاقب بسلب الطاعة حتى يصير فاسقًا، ومنهم من يعاقب بسلب الإيمان حتى يصير مرتدًا منافقًا، أو كافرًا ملعنًا. وهؤلاء كثيرون جدًا، وكثير من هؤلاء يحتج بقصة موسى والخضر. ) ( ومن ظن أن الخضر وغيره سقط عنهم الأمر لمشاهدة الإرادة، ونحو ذلك كان قوله هذا من شر أقوال الكافرين باللّه ورسوله. ). وفى مواجهته لأتباع ابن عربى القائلين بالحلول والاتحاد والتحرر من أداء العبادات بتأويل ما قيل عن شخصية الخضر وهجصه ، يقول ابن تيمية :( وقد كان عندنا شيخ من أجهل الناس، كان يعظمه طائفة من الأعاجم، ويقال: إنه خاتم الأولياء، يزعم أنه يفسر العلم بوجهين، وأن النبي صلى الله عليه وسلم إنما فسره بوجه واحد، وأنه هو أكمل من النبي صلى الله عليه وسلم، وهذا تلقاه من صاحب الفصوص،( يقصد ابن عربى ) ، وأمثال هذا في هذه الأوقات كثيرون، وسبب ضلال المتفلسفة، وأهل التصوف والكلام، الموافقة لضلالهم، وليس هذا موضع الإطناب في بيان ضلال هذا، وإنما الغرض التنبيه على أن صاحب الفصوص ( يقصد ابن عربى ) وأمثاله قالوا قول هؤلاء. ... فأما كفر من يفضل نفسه على النبي صلى الله عليه وسلم ـ كما ذكر صاحب الفصوص ـ( يقصد ابن عربى ) فظاهر، ولكن من هؤلاء من لا يرى ذلك، ولكن يرى أن له طريقًا إلى الله غير اتباع الرسول، ويسوغ لنفسه اتباع تلك الطريق وإن خالف شرع الرسول، ويحتجون بقصة موسى والخضر. ولا حجة فيها لوجهين: أحدهما: أن موسى لم يكن مبعوثًا إلى الخضر، ولا كان يجب على الخضر اتباع موسى، فإن موسى كان مبعوثًا إلى بني إسرائيل، ولهذا جاء في الحديث الصحيح: (أن موسى لما سلم على الخضر قال: وإني بأرضك السلام؟ قال: أنا موسى، قال: موسى بني إسرائيل؟ قال: نعم، قال: إنك على علم من علم الله علمكه الله لا أعلمه، وأنا على علم من الله علمنيه لا تعلمه)....الثاني: أن قصة الخضر ليس فيها مخالفة للشريعة، بل الأمور التي فعلها تباح في الشريعة، إذا علم العبد أسبابها كما علمها الخضر، ولهذا لما بين أسبابها لموسى وافقه على ذلك، ولو كان مخالفًا لشريعته لم يوافقه بحال.) وعن أتخاذ الصوفية من هجص الخضر حُجة على ترك الصلاة ، يقول ابن تيمية فى كلام طويل ننقل بعضه : ( وقد ثبت في الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (بين العبد وبين الشرك ترك الصلاة) وقال: (العهد الذي بيننا وبينهم / الصلاة، فمن تركها فقد كفر). فمن لم يعتقد وجوبها على كل عاقل بالغ غير حائض ونفساء، فهو كافر مرتد باتفاق أئمة المسلمين، وإن اعتقد أنها عمل صالح وإن اللّه يحبها ويثيب عليها، وصلى مع ذلك وقام الليل، وصام النهار، وهو مع ذلك لا يعتقد وجوبها على كل بالغ، فهو أيضًا كافر مرتد، حتى يعتقد أنها فرض واجب على كل بالغ عاقل...الخ ) ويقول : ( والمقصود أنه ليس في قصة الخضر ما يسوغ مخالفة شريعة رسول الله صلى الله عليه وسلم لأحد من الخلق. ) المستفاد أن ابن تيمية إتخذ من رأيه دينا قاطعا ومرجعية يجادل بها الصوفية الذين ربطوا بين هجص الخضر وعقائدهم الاتحادية الحلولية وخصوصا ما زعموه عن سقوط التكاليف التعبدية على الولى الصوفى ( الاله ) طالما يجلس بزعمهم فى ( الحضرة الالهية ) . 3 ـ ومع هذا كان ابن تيمية متأثرا بالتصوف ورواده الأوائل وومزاعم كراماته ، وقد عرضنا لهذا فى دراسات سابقة ، ولكن نتوقف هنا سريعا مع تناقض ابن تيميه مع نفسه فى موضوع حياة الخضر ، فهو مرة يتقمص زى الفقهاء السنيين وينفى استمرار حياته ، ومرة أخرى ينحنى لدين التصوف ويثبت استمرار حياة الخضر . وفى كل الأحوال فما أسهل عليه أن يحكم بقتل من يخالفه فى الرأى ، بعد أن يتكرم عليه بالعفو عنه لو تاب ، على عادة السنيين السيئة بقولهم ( يُستتاب فإن لم يتب يُقتل ) .! . فى نفى حياته ، نقرأ ( وَسُئلَ ـ رَحمَهُ اللَّهُ ـ عن الخضر وإلياس، هل هما معمران؟ بينوا لنا ـ رحمكم اللّه تعالى. فأجاب: إنهما ليسا في الأحياء، ولا معمران، وقد سأل إبراهيم الحربي أحمد بن حنبل عن تعمير الخضر وإلياس، وأنهما باقيان يريان ويروى عنهما، فقال الإمام أحمد: من أحال على غائب لم ينصف منه، وما ألقى هذا إلا شيطان. وسئل البخاري عن الخضر وإلياس: هل هما في الأحياء؟ فقال: كيف يكون هذا وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: (لا يبقى على رأس مائة سنة ممن هو على وجه الأرض أحد؟). وقال أبو الفرج ابن الجوزي: قوله تعالى: {وَمَا جَعَلْنَا لِبَشَرٍ مِّن قَبْلِكَ الْخُلْدَ} [الأنبياء: 34] وليس هما في الأحياء. واللّه أعلم. ). هنا يستدل ابن تيمية على موت الخضر بحديث البخارى : ( لا يبقى على رأس مائة سنة ممن هو على وجه الأرض أحد؟). وفى إثبات حياته ، نقرا : ( سُئلَ الشَّيْخُ ـ رَحمَهُ اللَّهُ: هل كان الخضر ـ عليه السلام ـ نبيًا أو وليًا ؟ وهل هو حي إلى الآن؟ وإن كان حيًا فما تقولون فيما روى عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (لو كان حيًا لزارني) هل هذا الحديث صحيح أم لا؟ فأجَـاب : ...... ...وأما حياته: فهو حي. والحديث المذكور لا أصل له، ولا يعرف له إسناد، بل المروي في مسند الشافعي وغيره: أنه اجتمع بالنبي صلى الله عليه وسلم، ومن قال: إنه لم يجتمع بالنبي صلى الله عليه وسلم فقد قال ما لا علم له به، فإنه من العلم الذي لا يحاط به. ومن احتج على وفاته بقول النبي صلى الله عليه وسلم: (أرأيتكم ليلتكم هذه، فإنه على رأس مائة سنة لا يبقى على وجه الأرض ممن هو عليها اليوم أحد) فلا حجة فيه، فإنه يمكن أن يكون الخضر إذ ذاك على وجه الأرض.ولأن الدجال ـ وكذلك الجساسة ـ الصحيح أنه كان حيا موجودا على عهد النبي صلى الله عليه وسلم، وهو باق إلى اليوم لم يخرج، وكان في جزيرة من جزائر البحر. فما كان من الجواب عنه كان هو الجواب عن الخضر، وهو أن يكون لفظ الأرض لم يدخل في هذا الخبر، أو يكون أراد صلى الله عليه وسلم الآدميين المعروفين، وأما من خرج عن العادة فلم يدخل في العموم، كما لم تدخل الجن، وإن كان لفظًا ينتظم الجن والإنس. وتخصيص مثل هذا من مثل هذا العموم كثير معتاد. واللّه أعلم. ). هنا نرى ابن تيمية ينفى حديث البخارى : (لا يبقى على رأس مائة سنة ممن هو على وجه الأرض أحد؟). وفى نفس الوقت يستدل على حياة الخضر بهجص البخارى عن علامات الساعة من ظهور الدجال والجساسة . وابن تيمية بهذا يكفر بآيات القرآن الكريم التى تؤكد أن النبى لا يعلم الغيب وليس له أن يتكلم فيه ولم يكن يعلم موعد الساعة ولا علاماتها .
#أحمد_صبحى_منصور (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
لماذا هو هجص ؟
-
لمحة عن إختلاف هجص الخضر فى دينى السنة والتصوف فى العصر المم
...
-
لمحة عن هجص الخضر فى العصرين المملوكى والعثمانى ( ب3 ف1 )
-
هذا الحديث الملعون ( أركان الاسلام : بُنى الاسلام على خمس ..
...
-
هجص الخضر عند ابن الجوزى ( ب2 ف 3 )
-
هجص أبى حامد الغزالى عن ( الخضر ) فى ( إحياء علوم الدين ) (
...
-
هجص البخارى عن الخضر( ب2 / ف1 )
-
حين كتبنا عن ( داعش ) قبل ظهور ( داعش ) : ( داعش العصر العبا
...
-
( وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ ) صدق الله العظيم
-
تدبر فى قصة موسى والعبد الصالح (7 من 7 ) : بين موسى ومحمد عل
...
-
تدبر فى قصة موسى والعبد الصالح (6 من 7 )
-
إعدام الشيخ النمر هو مسمار فى نعش النظام السعودى
-
تدبر فى قصة موسى والعبد الصالح (5 من 7 )
-
تدبر فى قصة موسى والعبد الصالح (4 من 7 )
-
أول صلاة جمعة لأهل القرآن فى أمريكا فى أول يناير 2016
-
تدبر فى قصة موسى والعبد الصالح (3 من 5 ) تابع تحديد المصطلحا
...
-
تدبر فى قصة موسى والعبد الصالح (2 من 4 )
-
تدبر فى قصة موسى والعبد الصالح ( 1 من 2 ) : المنهج القصصى
-
كتاب : حق المرأة فى رئاسة الدولة الإسلامية : لمحة أصولية تار
...
-
( وَمَا فَعَلْتُهُ عَنْ أَمْرِي ).!!
المزيد.....
-
مرشح جمهوري يهودي: على رشيدة طليب وإلهان عمر التفكير بمغادر
...
-
الولائي يهنئ بانتصار لبنان والمقاومة الاسلامية على العدو الا
...
-
شيخ الأزهر يوجه رسالة حول الدراما الغربية و-الغزو الفكري-
-
هل انتهى دور المؤسسات الدينية الرسمية؟
-
استقبلها الان.. تردد قناة طيور الجنة بيبي الجديد 2024 على ال
...
-
الكشف عن خفايا واقعة مقتل الحاخام اليهودي في الإمارات
-
الجهاد الاسلامي:الاتفاق أحبط مسعى ايجاد شرق اوسط حسب اوهام ا
...
-
الجهاد الاسلامي:نؤكد على وحدة الدماء وصلابة الارادة التي تجم
...
-
الجهاد الاسلامي:نثمن البطولات التي قدمتها المقاومة بلبنان اس
...
-
الجهاد الاسلامي:اتفاق وقف اطلاق النار انجاز مهم يكسر مسار عن
...
المزيد.....
-
شهداء الحرف والكلمة في الإسلام
/ المستنير الحازمي
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
-
( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا
/ أحمد صبحى منصور
-
كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد
/ جدو دبريل
المزيد.....
|