هشام عبد الصمد محمد
الحوار المتمدن-العدد: 5046 - 2016 / 1 / 16 - 21:13
المحور:
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
اليسار العراقي ,,,, صراع المصلحة والمبادىء الحزبية ((تظاهرات تموز مثالا))
لايختلف اثنان يملكان جزءا مهما من الوعي بحركة الاحزاب العراقية واشكالها وطريقة حشدها ان اليسار العراقي يحتوية الحزب الشيوعي بطرق شتى ,,, فهو الاكثر خبرة والاهم تجربة والاعرق وجودا والاكثر رصانة فكرية,,,, ادخلت تظاهرات 31 تموز كل المجتمع المدني والحزب الشيوعي وحلفائه الاوفياء من اليساريين كفاعلين وقادة حقيقين لهذه الحركة الاحتجاجية المهمة والخطيرة في الوقت ذاته حيث اثبتت الايام انها كانت كفيلة باسقاط ورقة التوت عن التماسك المزيف لهذا المجتمع الحديث التكوين والفاقد للخبرة ,,,كما انها عززت الشقاق داخل اليسار الضعيف عدديا وغير القادر على تسويق افكاره ورؤاه الرصينة الحبكة ولكن الغير مقبولة في عموم المجتمع ((نعتبر نتائج الانتخابات الاخيرة معيارا عمليا)),
ان القيادة الشابة المثابرة والكارزمية للحزب الشيوعي ومن خلفها مجمل اليسار اخذت منذ اول جمعة للتظاهر موقفا استراتيجبا واثقا وحددت مواطىء اقدامها اولا ومساحتها الخاصة قبل الانفتاح المدروس والذي يهدف الى احتواء الكمية والنوعية الاكبر من المجتمع المدني تحت عبائتها لاغراض التحشيد والتكتيكات الخاصة بالتظاهر,, وبذلت مجهودات جبارة في ادامة الزخم وتحديد الاهداف الخاصة والعامة,
ان الاليات هي دائما التي تكون موضع النقاش والاختلاف والانشقاق المستقبلي ,,, وفي سياق تظاهرات 31 تموز وفي كل جمعها المتتالية لم يكن هناك حوار جدي حول استراتيجية مطلبية او رؤية مستقبلية حقيقية للتظاهرات ,, بل على الاغلب كانت التكتيكات هي الحاضرة والمهيمنة على اي حوار او تفاهمات,,,,,وهذا الامر اي التكتيكات هي التي تسببت اخيرا في صراع محاور داخل الحرس اليساري القديم والقيادة الشابة الكارزمية التي بدات تتخذ نهجا مصلحيا صارما في مرحلة ما من دون الرجوع الى ردود الافعال الاديولوجية في داخل البيت اليساري وقيادته الحمراء واعضائه المؤثرين الاكثر ارثذوكسية فكرية,
لقد دخل الحزب الشيوعي منذ 2003 في تفاهمات وحوارات مع الاحزاب الدينية ومازال الى الان يفعل ذلك في اطار لايرقى الى درجة التحالفات الاستراتيجية او المراجعة الفكرية للمواقف ,,, بل في مجملها حوارات ولقائات تفرضها العملية السياسية ومتطلبات السلطة التي كان الحزب جزءا منها الى فشله الاخير في الانتخابات النيابية الذي قلب كل الموازين وهز ثقة الحزب بنفسه الذي لم يستطع حتى الحصول على مقعد واحد ولاسباب ليس الان محل بحثها,
,ان دخول الاحزاب الاسلامية على خط التظاهرات الاصلاحية لاسبابهم الخاصة والمرتبطة بتوازنات القوى والضغط والضغط المتبادل لفترة مابعد المالكي وضع جميع اللاعبين ((المدنيين)) في حالة من الفوضى في المواقف لقلة الخبرة في ادارة الاحتجاجات ولسبب براغماتي اخر وهو ان مواقفهم الفكرية باغلبها مبنية على العداء من الظاهرة الدينية والقطيعة التامة لاي حوار خصوصا مع احزاب السلطة والاحزاب التي تملك مليشيات مسلحة وهذا الموقف معروف ومعلن لايحتاج الى الكثير من التقصي او الشواهد,
هناك ثلاث مراحل في ما يخص الحوار مع الظاهرة الدينية بمجملها ترتبط بثلاث محاور اساسية وهي بالترتيب وحسب الاسبقية:
1- فتح اقنية الحوار مع عصائب اهل الحق ((وهو الحوار او اللقاء الاول الذي تم اجرائه))
2- فتح اقنية الحوار مع المرجعية الدينية في النجف الاشرف ((وهو الحوار الاطول والاكثر مقبولية نوعا ما))
3- الحوار مع التيار الصدري ومن ثم اللقاء مع سماحة السيد مقتدى الصدر ((وهو الحوار الاكثر اهمية والاكثر اثارة للجدل)).
مر اللقاء مع عصائب اهل الحق بانتقادات على مواقع التواصل الاجتماعي ولكن لم ترقى هذه الانتقادات الى درجة مقاطعة التظاهرات او اتخاذ مواقف حادة لان التظاهرات كانت في بدايتها والحماس الجماهيري في تصاعد مستمر,وبرر اللقاء تبريرات انا شخصيا اراها في ذلك الوقت مقنعة وحقيقية ,,,, حيث تم الاعلان بشكل غير رسمي ان الحركات الدينية موجودة بالتظاهر شانا ام ابينا ولتقليل خطر الاعتدائات على التظاهرات ,,,,,بل ذهب البعض الى القول ان هذه القوى السياسية الدينية مشاركة بالعمل السياسي ولها ممثل برلماني فمن الطبيعي ان اي حزب يفتح معهم اقنية حوار على ارضية سياسية,
اما بشان المرجعية الدينية العليا في النجف الاشرف فهناك رؤية عامة متفق عليها ان هذه المرجعية هي المحرك الاجتماعي الاول والاقدر والاكثر هيمنة والذي يتم الاستعانة به في احلك الظروف السياسية كصمام امان لمختلف الطوائف ((المرجعية الدينية في النجف الاشرف تتدخل في الاطر العامة بمنطق ارشادي فليس لها اي توجه سياسي يشبه ولاية الفقيه المعروفة في ايران)),وتفهم اليسار عموما والشيوعيون خصوصا اصول اللعبة واهمية تواصلهم المباشر بالمرجعية الدينية ووكلائها الفاعلين ((الصافي,,الكربلائي)) على الرغم من سماع بعض الاصوات المطالبة من داخل الحزب الشيوعي وخصوصا الحرس القديم الى تقليل التواصل او تحجيم الحوارت (( من الواضح ان هذه المطالبات لاتقوم على اساس ايديولجي بل على ارضية تنافسية مع القيادة الجديدة ولاغراض التحشيد داخل الحزب بالضد من قيادته الحالية)),
ان اللقاء مع التيار الصدري بدا بشكل متاخر عن سابقيه لاسباب غير معروفة وربما بسبب فقدان التواصل الذي اشرنا له سابقا والموقف السلبي من الاحزاب والتيارات الدينية ,,, في حقيقة الامر ان اللقائات المتعددة بقيادات من التيار الصدري ذات صبغة دينية وليس سياسية هو ما مهد للامر والاحساس بنوع من الامان في المواقف بعد اقدام التيار على اجبار نائب رئيس الوزراء من كتلة الاحرار السيد بهاء الاعرجي على الاستقالة كجزء من عملية الاصلاح الحكومي ,,,, ان اللقاء بسماحة السيد مقتدى الصدر كان هو الخطوة الاخيرة والاكثر اثارة للجدل والانشقاقات في المواقف وصلت حد القطيعة والتراشق الاعلامي بل والسباب والشتم والاتهامات بالردة الفكرية والبرجوازية المتخفية بين صفوف الحزب الشيوعي خصوصا ,,,, على الرغم لم يكن اللقاء مثمر من الناحية السياسية لاسباب متعددة من اهما عدم وجود ارضية مشتركة لادارة الحوار وفقدان رؤية سياسية الى ما ستؤول له الحركات الاحتجاجية وحالة عدم الثقة المتبادلة كما اسلفنا,,,
ان الانتقال من الايديولجي الى المصلحي هو تطور مهم ولافت للنظر ويبشر بظهور حركة معارضة حقيقية ذات اداء فعلي ومؤثر اذا استمر هذا النهج العلمي في قراءة الظروف الموضوعية في مجتمعنا ذو الاغلبية الدينية ((اكثر من 80% من المجلس النيابي انتخب على اسس طائفية وعرقية)),,,قد تكون هذه الانتقالة نوع من المراجعة الفكرية كما تم مراجعة الكثير من المواقف السابقة ,,, لايمكن التعويل على جعل الاديولوجيا مسار صارم غير قابل للتعديل والى ستصاب الفكرة نفسها بالجمود والتشوه والتعصب,,,,نحن ننتظر على اقل تقدير ظهور مزاج اشتراكي مجتمعي من رحم الحركات اليسارية المليئة بالامل والقوة اذا اجادت اعادة قراءة نفسها ومواقفها مصلحيا,,,,
هشام الموزاني
#هشام_عبد_الصمد_محمد (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟