أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - قراءات في عالم الكتب و المطبوعات - ساكري البشير - مقتطف من كتاب: -المفكر والمثقف- - بوادر ظهور أزمة العقل الغربي -














المزيد.....

مقتطف من كتاب: -المفكر والمثقف- - بوادر ظهور أزمة العقل الغربي -


ساكري البشير

الحوار المتمدن-العدد: 5044 - 2016 / 1 / 14 - 17:47
المحور: قراءات في عالم الكتب و المطبوعات
    


في البداية نحاول رسم الحدود الزمنية للقرون الوسطى؛ ولتحديدها نجد أنها استمرت منذ سقوط الحضارة الرومانية في الغرب عام 476م إلى سقوط الحضارة البيزنطية في الشرق على يد الأتراك عام 1453م، بمعنى أنها استمرت ألف سنة تقريبا! وهذه فترة طويلة جداً في تاريخ الحضارات وعمر الشعوب؛ ثم جاءت بعدها طبقة الحداثة التي لا تزال مستمرة منذ أربعة قرون وحتى اليوم. وهي مقسمة حسب ما يذكره لنا المفكر هشام صالح، فهناك العصور الوسطى الواطئة والعصور الوسطى العالية، أو العصور الوسطى البعيدة والعصور الوسطى القريبة؛ فالأولى استمرت منذ القرن الخامس بعد الميلاد إلى القرن العاشر أو الحادي عشر، وهي الأكثر إظلاما وفقرا من الناحية العلمية والفكرية؛ أما الثانية فقد استمرت منذ القرن الثاني عشر (تاريخ إرهاصات النهضة الأوروبية الأولى) وحتى القرن الخامس عشر أو السادس عشر (تاريخ النهضة الأوروبية الحقيقية)، وبالتالي فمن الظلم أن ننعت القرون الوسطى بأنها مظلمة كلها بنفس الدرجة، أو أنها معادية للعلم والعقل من أولها إلى آخرها، فهذه صورة سلبية جدا عن تلك العصور. وقد تشكلت في عصر النهضة وما بعدها من أجل تسفيهها والتمايز عنها.
وأول الأعمال التي تمخضت عنها هذه الأزمة التي أودت بالعقول التي كانت تنير الحضارة الغربية في العصر الروماني، هو ذلك العمل الذي قام به الإمبراطور جستنيان سنة 529م، بإغلاقه المدارس الفلسفية في أثينا، إذ يبدو أنه أراد منع الفلسفة غير المسيحية في جميع أرجاء الإمبراطورية الرومانية؛ بغضِّ النظر عمَّا دفع الإمبراطور جستنيان لإغلاق المدارس الفلسفية، فقد كانت أيام التساؤلات العقلية المنفتحة معدودة على كل حال، لقد كانت القيود الروحية والدينية على الفكر اليوناني الروماني تزداد قوة لفترة ليست بالقليلة، لذلك كتب الشاعر بروكليوس في إحدى ترانيمه للأوثان يقول: "فدعني أحط رحالي أيها الشريد في قلعة الورع".
هنا بدأت علامات الفلسفة اليونانية التقليدية تخبو حتى بين المفكرين غير المسيحيين، فالصبغة العقلانية التي اتصف بها طاليس وأناكساجوراس وديموقريطس وأبيقور، وعادةُ التساؤُل المتأصِّلة التي اتصف بها سقراط والسفسطائيون والشكوكيون، وحب أفلاطون للجدال المنطقي، وفضول أرسطو العقلي واسع النطاق، كل هذه الصفات كانت تختفي أو على الأقل تتغير.
لم يكن إغلاق المدارس الفلسفية في أثينا عام 529م أمراً خطيراً في حد ذاته، فقد سبقه حدثان ألحقا ضرراً أكبر بالحياة الفكرية؛ أولهما؛ تقسيم الإمبراطورية الرومانية إلى الغرب اللاتيني والشرق اليوناني في القرن الرابع، حيث فصل سريعاً بين الأوروبيين وبين تراثهم الإغريقي، وثانيهما؛ تدمير الإمبراطورية الغربية وحضارتها على يد البربر في القرن الخامس، ومع ذلك بعد عام 529م علامة فارقة في تاريخ الفلسفة، فمنذ ذلك التاريخ ظلت الفلسفة في الغرب بشكل أو بآخر أسيرة الديانة المسيحية قرابة ألف عام. إذا نقول بأن في نهاية الإمبراطورية الرومانية، أصبحت المسيحية الدين الرسميّ: ترسّخ مشروعها شيئاً فشيئاً بالنسبة للجميع بواسطة الدعوة التبشيرية وأيضاً بواسطة القوة والعنف. وإذا نظرنا إلى الأمر بعين الفكر الحديث، فمن الـمُغري أن تنظر إلى ذلك الفاصل الزمني الطويل، وكأنه يشبه حكاية الجميلة النائمة، فبعد أن التقت الفلسفة بالعقيدة المسيحية غرقت في سبات عميق قرابة ألف عام. ولا ننكر تلك الثورة التي غيرت مجرى التاريخ، التي يدس فيها الغرب سمه داخل المسيحية بذاتها.
وفي هذا لي رأي يخالف تلك الآراء، فالمسيحية قد لطختها أيدي الغدر، ولم يبقى منها سوى اسم يدل على ظلام العقل في تلك الفترة؛ هذا الإنكار هو ما حمل مفكري العصر على إعادة بعث بوادره في العالم الإسلامي ليُسمى الدين الإسلامي بنفس المسميات التي تطلق على الدين المسيحي والعقل المسيحي في القرون الوسطى، فلا فرق بينهما عندهم كما هو عندي، ولكن رؤيتي للحالة هي أننا نحن من نعيق عمل الدين، ونخلط بين هذا وذاك، فالمسيحية كانت نقية ورسالة سماوية كما هو الشأن بالنسبة للدين الإسلامي، وكما تم تلويث الأولى، فهم الآن يحاولون تلويث الثانية بنفس الأدوات التي تم استعمالها سابقا، لهذا نرى ونسمع كثيراً في الإعلام مصطلحات تُنسب للمسلمين كالإرهاب والتطرف والتخلف وغيرها؛ لهذا فقط يتم وصف العالم الإسلامي بالقرون الوسطى الجديدة.



#ساكري_البشير (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الكاتب الناجح..والكتابة!
- صغ معدني بالعلوم
- رثاء الحبيب
- أنا والأمل والقلم
- ذكريات حزين
- جهل وغباء!!
- أزمة السؤولية والوعي الذاتي!!
- المغرب العربي..من العنف إلى الجريمة!!
- يا صاح...هذا أنا!!!
- أنا وهي...القلم والكلمة!!!
- معادلة: الحب والجنون والمنطق
- يا صاح...دمرنا!!!
- النزاع في ليبيا...بين فشل الدولة وغموض المستقبل
- هموم فتاة
- رسالتين: الأولى للسيد فلاديمير بوتين..والثانية للعرب !!
- لتكن هذه البداية..والنصر النهاية!
- رسالة إلى حبيبتي
- إذا إجتمع القلم والسيف ستنتصر فلسطين!!!
- متى يتحد العرب؟
- السلطة والخلود في البلاد العربية!!!


المزيد.....




- -عيد الدني-.. فيروز تبلغ عامها الـ90
- خبيرة في لغة الجسد تكشف حقيقة علاقة ترامب وماسك
- الكوفية الفلسطينية: حكاية رمز، وتاريخ شعب
- 71 قتيلا -موالين لإيران- بقصف على تدمر السورية نُسب لإسرائيل ...
- 20 ألف كيلومتر بالدراجة يقطعها الألماني إفريتس من أجل المناخ ...
- الدفاع الروسية تعلن تحرير بلدة جديدة في دونيتسك والقضاء على ...
- الكرملين يعلق على تصريح البنتاغون حول تبادل الضربات النووية ...
- روسيا.. اكتشاف جينات في فول الصويا يتم تنشيطها لتقليل خسائر ...
- هيئة بريطانية: حادث على بعد 74 ميلا جنوب غربي عدن
- عشرات القتلى والجرحى بينهم أطفال في قصف إسرائيلي على قطاع غز ...


المزيد.....

- -فجر الفلسفة اليونانية قبل سقراط- استعراض نقدي للمقدمة-2 / نايف سلوم
- فلسفة البراكسيس عند أنطونيو غرامشي في مواجهة الاختزالية والا ... / زهير الخويلدي
- الكونية والعدالة وسياسة الهوية / زهير الخويلدي
- فصل من كتاب حرية التعبير... / عبدالرزاق دحنون
- الولايات المتحدة كدولة نامية: قراءة في كتاب -عصور الرأسمالية ... / محمود الصباغ
- تقديم وتلخيص كتاب: العالم المعرفي المتوقد / غازي الصوراني
- قراءات في كتب حديثة مثيرة للجدل / كاظم حبيب
- قراءة في كتاب أزمة المناخ لنعوم چومسكي وروبرت پَولِن / محمد الأزرقي
- آليات توجيه الرأي العام / زهير الخويلدي
- قراءة في كتاب إعادة التكوين لجورج چرچ بالإشتراك مع إدوار ريج ... / محمد الأزرقي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - قراءات في عالم الكتب و المطبوعات - ساكري البشير - مقتطف من كتاب: -المفكر والمثقف- - بوادر ظهور أزمة العقل الغربي -