أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - سيرة ذاتية - داود سلمان الشويلي - المتنبي والمخيال وذكريات الصبا ... ( ذكريات )














المزيد.....

المتنبي والمخيال وذكريات الصبا ... ( ذكريات )


داود سلمان الشويلي
روائي، قصصي، باحث فلكلوري، ناقد،

(Dawood Salman Al Shewely)


الحوار المتمدن-العدد: 5044 - 2016 / 1 / 14 - 02:45
المحور: سيرة ذاتية
    


المتنبي والمخيال وذكريات الصبا ... ( ذكريات )
داود سلمان الشويلي
يقول ابن ر شد وهو يشرح كتابات ارسطو :
((إن المعاني الخيالية هي محرِّكة العقل، لا متحركة. (...) فالخيالات هي ضروب من المحسوسات عند غياب المحسوسات. (...) فالعقل يجرِّد التصور ويخلقه.)) - ابن رشد، الكتاب الكبير للنفس لأرسطو، ت: إبراهيم الغربي، دار الحكمة، 1997، ص 218-221.- .
والمخيال في المجتمعات التقليدية ، مثل مجتمعنا ، الذي ينزع الى الخرافة والاسطورة ، وانشاء المقدس ،ينشيء تصوراته وخيالاته مما خزنه في العقل البطن من امور خرافية واسطورية و ( ترهات ) .
هذه المقدمة العامة والبسيطة عن المخيال ، والمخيال الشعبي ، اوردتها مقدمة لما ساذكره بعد حين عن ذكرياتي في فترة الصبا .
في فترة الصبا ، كنا مجموعة من الاصدقاء ابناء الشارع الذي يلي شارع عشرين قرب محطة الكهرباء القديمة التي كانت وقتها شغالة وتزود مدينة الناصرية بالكهرباء ،وكذلك ابناء محلتنا ، كنا ليلة العاشر من محرم التي تسمى ليلة المحيا ،وهي الليلة التي تسبق يوم العاشر من محرم ، يوم استشهاد الحسين وصحبه ، نشتري السكاير والكعك ونسهر في الليل قرب " الروف = سدة ترابية عالية " القريب من محلتنا ، " الروف "الذي كونه التراب المستخرج من حفر نهر شطيط " شط الخيسة = شط المياه الآسنة " الذي تصب فيه المياه الاسنة للمدينة ، وايضا كان يحميها من أي فيضان ياتي من منطقة " ابو جداحة " حيث كانت استدارة نهر الفرات و ضعف السدة، وعند زيادة مناسيب المياه في النهر تهدم السدة الترابية ، وتجري مياه نهر الفرات مشكلة فيضان كبير وعظيم ، كنا نحن الصبيان قريبين من " الروف " وبعد سهر تلك الليلة بالاحاديث والعاب الصبية وتدخين السكاير حيث يسمح لنا اهلنا في هذه الليلة بالتدخين ولا اعرف السبب في ذلك ، وعند بزوغ الفجر ، ولاننا شبه نائمين ، او نعسانين حيث الكرى في العيون ، نتخيل رجالا فوق "الروف" وهم في معركة حامية الوطيس ، حيث تصور لنا مخيالاتنا ما كنا نحكيه في النهار عن معركة الحسين مع اعدائه ، انها معركة رجالها اشباح سوداء اللون وهي تتعارك فيما بينها ، وقد ذكرتني قصيدة الشاعر المتنبي ، بهذه الذكريات التي كانت تصور لنا ما نراه من خلال المخيال الذي يتحلى به صبيان بعمرنا ، هذا المخيال الذي يشتط وينقلنا الى مناطق وازمان غير معروفة لنا .
يقول الشاعر المتنبي :
وَضاقَتِ الأرْضُ حتى كانَ هارِبُهمْ إذا رَأى غَيرَ شيءٍ ظَنّهُ رَجُلا
فَبَعْدَهُ وإلى ذا اليَوْمِ لوْ رَكَضَتْ بالخَيْلِ في لهَوَاتِ الطّفلِ ما سَعَلا
فَقَدْ تركْتَ الأُلى لاقَيْتَهُمْ جَزَراً وَقَد قَتَلتَ الأُلى لم تَلْقَهُمْ وَجَلا
كَمْ مَهْمَهٍ قَذَفٍ قَلبُ الدّليلِ به قَلْبُ المُحِبّ قَضاني بعدما مَطَلا
عَقَدْتُ بالنّجْمِ طَرْفي في مَفاوِزِهِ وَحُرَّ وَجْهي بحَرّ الشّمسِ إذْ أفَلا
أوْطَأتُ صُمَّ حَصاها خُفَّ يَعْمَلَةٍ تَغَشْمَرَتْ بي إليكَ السهلَ وَالجَبَلا
لوْ كنتَ حشوَ قَميصي فوْقَ نُمرُقهَا سَمِعْتَ للجنّ في غيطانهَا زَجَلا
حتى وَصَلْتُ بنَفْسٍ ماتَ أكثرُها وَلَيْتَني عِشْتُ مِنْهَا بالّذي فَضَلا
أرْجو نَداكَ وَلا أخشَى المِطالَ بهِ يا مَنْ إذا وَهَبَ الدّنْيا فقَد بخِلا
او كما قال الشاعر في قصيدة اخرى ، وهو يصف ركباً من الجمال يسير في الصحراء :
نحن ركب ملجن فـــــي زي ناس فوق طير لها شخوص الجمال
من نبات الجديل تمشي بنا في الـ بيد مشي الايام فـــــــي الآجال
وكنا من شدة التعب و السهر تتراءى لنا قمم " الروف " المتكونة من الطين اليابس وغير المستوية كأنها ساحة حرب ، و رجال بيدهم سيوف يتقاتلون بها .
ان الذي نراه هو لوحة سريالية رسمت باللون الاسود ومشتقاته لرجال يتحركون وهم يتعاركون بالسيوف ، انها مثل الشاشة البيضاء الكبيرة ترتسم عليها تلك الحيوات المتحركة ، وهذا مما يصورة المخيال بعد تعب وسهر ليلة مضنية ، وما صوره المتنبي في القصيدة لا يخرج من كونه كذلك لوحة سريالية ، انه رسم بالكلمات ، وهذه الكلمات لها القدرة ان ترسم من خلال ارتباطاتها ببعضها صور سريالية تمتح من المخيال كل تصوراته غير المنضبطة بشيء.
ان المخيال الشعبي لمجتمع يبني كل ثقافته على الخرافة والاسطورة وانشاء المقدس ، هذا المجتمع يصور له مخياله ما كان يخزنه عقله ، وعقله الباطن خاصة ، من امور غير محسوسة ، وغير منضبطة.



#داود_سلمان_الشويلي (هاشتاغ)       Dawood_Salman_Al_Shewely#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الهايكو والقصيدة الومضة
- قصيدة ( المظاهرات )
- - ابك بغداد - و - بغداد ابكي- المرثية الذاتية لبغداد قصيدة - ...
- صورة من الاخوانيات في الشعر العربي في مدينة الناصرية
- النص الشعري الذكري والنص الانثوي
- ذكرى واقعة الطف ومفهوم الشعائر الحسينية
- مقدمة كتابي - الطبيعة في شعر ابي تمام -
- اربع قصائد قصيرة من الشعر العامي العراقي
- الذهاب الى المكير
- - ام كلثوم - الصوت العذب الذي اطرب العرب فخدرهم
- نصوص غير مجنسة
- رأي : اصدقاء على الفيس بوك
- - حسين نعمة- الفنان الذي ياخذ بيدك الى عالم التطريب
- ذكريات : الادب
- المظاهرات العراقية ،و ساحة الحبوبي كعبة المتظاهرين في ذي قار
- الهايكو شعر عامي ياباني
- سلمان المنكوب صوت يحمل هموم الناس
- مجموعة -سر الالوان- الشعرية والاسرار الاخرى
- سينما الخيام ، والافلام الهندية ، والواقع السياسي العراقي
- البغدادية وبرامجها المهنية الموثقة


المزيد.....




- -عيد الدني-.. فيروز تبلغ عامها الـ90
- خبيرة في لغة الجسد تكشف حقيقة علاقة ترامب وماسك
- الكوفية الفلسطينية: حكاية رمز، وتاريخ شعب
- 71 قتيلا -موالين لإيران- بقصف على تدمر السورية نُسب لإسرائيل ...
- 20 ألف كيلومتر بالدراجة يقطعها الألماني إفريتس من أجل المناخ ...
- الدفاع الروسية تعلن تحرير بلدة جديدة في دونيتسك والقضاء على ...
- الكرملين يعلق على تصريح البنتاغون حول تبادل الضربات النووية ...
- روسيا.. اكتشاف جينات في فول الصويا يتم تنشيطها لتقليل خسائر ...
- هيئة بريطانية: حادث على بعد 74 ميلا جنوب غربي عدن
- عشرات القتلى والجرحى بينهم أطفال في قصف إسرائيلي على قطاع غز ...


المزيد.....

- سيرة القيد والقلم / نبهان خريشة
- سيرة الضوء... صفحات من حياة الشيخ خطاب صالح الضامن / خطاب عمران الضامن
- على أطلال جيلنا - وأيام كانت معهم / سعيد العليمى
- الجاسوسية بنكهة مغربية / جدو جبريل
- رواية سيدي قنصل بابل / نبيل نوري لگزار موحان
- الناس في صعيد مصر: ذكريات الطفولة / أيمن زهري
- يوميات الحرب والحب والخوف / حسين علي الحمداني
- ادمان السياسة - سيرة من القومية للماركسية للديمقراطية / جورج كتن
- بصراحة.. لا غير.. / وديع العبيدي
- تروبادورالثورة الدائمة بشير السباعى - تشماويون وتروتسكيون / سعيد العليمى


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - سيرة ذاتية - داود سلمان الشويلي - المتنبي والمخيال وذكريات الصبا ... ( ذكريات )