|
من أجل وعي انتخابي – 4
باسم السعيدي
الحوار المتمدن-العدد: 1373 - 2005 / 11 / 9 - 12:53
المحور:
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
الخدمات الأساسية يعد ملف الخدمات الأساسية هو الحلقة الثانية من الأهمية بعد ملف الأمن ، وهو الحلقة الرابطة الوسطية بين الارهاب والاحباط ، ومنه يستشعر المواطن بشكل مباشر نجاحات وجدى هذا التغيير من عدمه . وملف بهذه الأهمية والخطورة من المؤسف أن نقول أن القوى الارهابية شعرت بأهميته وخطورته قبل الحكومات المتعاقبة ، بينما انشغلت الحكومات عنه بالملف الأمني ، وصار بمستوى الدرجة الثانية بالاهتمام ، ومن المعلوم أننا (شعوب الشرق الأوسط) نعطي جل اهتمامنا بالأولوية الأولى ونترك ما سواه دون أن نحاول امعان النظر بالعلاقة الجدلية بين تلك الأولويات ، فلا تعود الصورة متكاملة الرؤية أمامنا بحيث نلاحظ ذلك الرابط (الفسيولوجي) لو صح التعبير بين ملف الأمن وملف الخدمات . ففي الحين الذي استنفرت حكومة الدكتور علاوي وبعدها حكومة الجعفري استنفرت الهمم لمعالجة الملف الأمني واجهت تلك الحكومتان فتوراً جلياً في معالجة واقع الخدمات ، مما جعل اهتمام الارهاب يتكالب على البنية التحتية لان النتيجة واحدة لدى المواطن في المنزل حين يفتقر الى الخدمات ، وساعد على ذلك الأداء الهزيل للوزارات والبلديات في تنفيذ المهام التي يفترض بها أن تكون من صميم عمل تلك المؤسسات ، فليس كل الخدمات تتعرض الى استهداف الارهاب ، فقد تكون الكهرباء ومحطات توليدها وشبكات نقل الطاقة هدفاً للارهاب ، وقد تكون محطات تحلية المياه ونقله الى المنازل في بعض الأحيان هدفاً لهم وخصوصاً في فصل الصيف القائض ، مما ينزل بالمواطن حالة الاحباط المتراكمة لوغاريتمياً وليس هندسياً ، فتنظيف الشوارع وتبليطها لم يعد هدفاً للارهاب بل صار هدفاً لتخاذل وتواكل الطواقم التي تدير تلك الخدمات ، والأداء الهزيل للمؤسسات الطبية والمستشفيات والمراكز الطبية للمعالجة الأولية صار مضغة الالسن بعد أن كان الكلام مجرد الكلام محرماً في زمن النظام البائد . وكذلك تواجه وزارة النفط فشلاً ذريعاً في توزيع المنتوجات النفطية ، وعموماً تفتقر جميع دوائر الدولة الخدمية والاجرائية (المعاملاتية) الى روح خدمة المواطن ، كل ذلك كان يقع تحت سقف وخط أحمر في زمن النظام البائد وهو خوف الموظف الحكومي من العقاب ، وحين أمن من العقاب كانت النتيجة هي الفشل الذريع الذي قد يعتبره الموظف نصراً له على النظام ولكنه في الحقيقة خسارة شاملة للمواطن وولنظام معاً . من المؤسف القول أن الانتخابات الماضية والحملات الانتخابية التي سبقتها أفرزت واقعاً مريراً الا وهو عدم جدية المعارضة في معالجة ملف الخدمات ، إذ لم تطرح تلك المعارضة (والتي تمثلت يومها بالائتلاف الموحد) مشروعاً جدياً لحل المشكلة ، بل اكتفت بالنقد والنقد الجارح لحكومة الدكتور علاوي ، في الوقت الذي حين وصلت الى مركز صنع القرار وقعت في مشاكل ربما أعظم من مشاكل الدكتور علاوي . علينا أن نلاحظ بدقة أن من السهولة (تشريح) الحكومة على طاولة التشريح وابراز كل عيوبها ، ومن خطورة التركيز على تلك الأخطاء بدون طرح برامج عملية للأداء الأفضل ، ولذلك فشلت حكومة الدكتور الجعفري في معالجة الملف ووقعت في ذات الأخطاء التي وقعت بها حكومة علاوي ، بل ربما بمشاكل أعظم ، وتتجلّى الصورة في تخبط أداء الحكومة في معالجة ملف المحروقات ، والذي ربما في الشهر الأخير (تشرين الأول) حاولت حل نصف المشكلة من خلال وضع كوبونات ، ولكن علينا أن نعلم يقيناً بأن ذلك الحل المؤقت كان على حساب ملف (البطالة) . وعلى أي حال لم أرَ حتى هذه اللحظة طرحاً حقيقياً لمعالجة ملف الخدمات لدي أية قائمة ، على الاطلاق ، بل ربما وقع الدكتور علاوي في نفس الخطأ الذي وقع به الائتلاف وهو النقد والتشريح لأداء حكومة الجعفري دون طرح حل يعين الحكومة على أداء مهامها . كما فشلت الحكومتان السابقتان في بناء أية بنية تحتية تسعى لحل المشكلة على المدى المتوسط أو البعيد . فلا محطات كبرى لتوليد الطاقة ، بل محطات غازية صغيرة الحجم لم تكن قادرة على تحسين وضع الكهرباء بنسبة ملحوظة ، وكذلك لم يتم بناء مصافي نفط عملاقة حتى ولا فيس المدن الآمنة ، وحتى محطات تحلية المياه ومحطات الصرف الصحي التي تم انشائها كانت محطات صغيرة جداً ومحدودة وفي المناطق النائية التي تخدم كتلة بشرية ضيقة النطاق ، وكانت هذه المنشآت الجديدة ممولة ومنفذة من قبل (برامج الاعمار للحكومة الأمريكية) وبعيداً عن رقابة الدولة تجنباً للفساد الاداري المستشري . وللانصاف نرى أن من تطرق الى ملف الخدمات كانت فقط قائمتان هما :- 1- قائمة المؤتمر الوطني ، وتميز طرحها بالخحيالية الواسعة وطرح الوعود التي لم تمتلك رصيداً وافياً من الصدقية ، بل كانت أقرب الى الشعاراتية منها الى برنامج عمل . 2- قائمة (العراقيون المستقلون) ، وتطرقت الى موضوعة الخدمات بشكل انشائي وليس واقعي لأنها تخاطب ضمير الموظف الحكومي وبناءه النفسي أكثر مما تعمل على إيجاد أرضية صالحة للعمل ، لأن المنحرفين الكثر قد لا يثوب منهم الى رشده الا القليل القليل ، وربما تنفع هذه الستراتيجية على المدى الطويل وبعد الاستقرار الاجتماعي والأمني ، وبعد استتباب الأمر لحكم القانون والمسائلة القانونية ، ولكن حتى ذاك اليوم يبقى الملف بلا هوية أو ملامح واضحة . نحن نوجه من هذا المنبر نداء الى الساسة العراقيين أن لا يهملوا دور المواطن والخدمات الأساسية وأن لا يجعلوها عرضة للمزايدات الشعاراتية وتجارة كلمات ، بل عليهم أن يعملوا منذ الآن بشكل (ناضج) وليس بالمهاترات الصبيانية التي وقع فيها كل من الائتلاف والعراقية على حد سواء خصوصاً وهما يمثلان فرسي الرهان الأولين في الساحة السياسية العراقية . بقي أن نقول أن التحالف الكردستاني كان النموذج الوحيد الذي نجح في هذا الملف ، ولكن على صعيد إقليم كردستان فقط ، وساعده على ذلك الاستقرار الأمني واستتباب الأمور لدولة القانون والمؤسسات وهو ما نفتقر اليه اليوم . ولا أظن أن التحالف الكردستاني سيصل الى سدة الحكم وصنع القرار ولكن لو قيض له ذلك لما عوَّلنا عليهم كثيراً بسبب التخنق الإقليمي الواضح على أجنداتهم السياسية والأدائية وحتى الخدمية . بغداد
#باسم_السعيدي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
من أجل وعي إنتخابي – 3
-
من أجل وعي انتخابي – 2
-
من اجل وعي انتخابي -1
-
فيدرالية الجنوب .. جدلية النفط والماء
-
قراءة في مسودة متردية للدستور
-
الاسلام في الدستور
-
الدعوى الجزائية لمدينة الزرقاء الأردنية ضد - الله
-
يا شيخ القتلة .. لا تستعجل رزقك !!
-
الى رجال المقاومة .. رحم الله إمرءاً ..أراح واستراح
-
الشارع المصري .. بضاعته ردت اليه
-
حول بيان حزب مصر الفتاة
-
ديمقراطية الذئاب .. حول أحداث البصرة
-
احداث البصرة ... نذير الشؤم
-
رقصة السلط
-
حملة للتضامن مع تيسير علوني
-
الـ 169 .. رؤية للخطوة القادمة
-
مشروع السلفية الإنمائية ... بدلاً من السلفية الجهادية –الحلق
...
-
دموع كافكا
-
تطور الجريمة المنظمة .. ناقوس الخطر يدق
-
بين أصابع القدر ... الملف الأمني
المزيد.....
-
السعودية.. إحباط محاولة تهريب أكثر من 1.2 مليون حبة كبتاغون
...
-
القبض على وشق بري يتجول بحرية في ضواحي شيكاغو
-
إصابة جنديين إسرائيليين في إطلاق نار قرب البحر الميت .. ماذا
...
-
شتاينماير يمنح بايدن أعلى وسام في البلاد خلال زيارته لبرلين
...
-
كومباني: بايرن يسير في الطريق الصحيح رغم سلسلة نتائج سلبية
-
سرت تستضيف اجتماعا أمنيا
-
انطلاق الاجتماع السنوي لمجلس أعمال بريكس
-
ميزة جديدة تظهر في -واتس آب-
-
يبدو أنهم غير مستعجلين.. وزير الدفاع البولندي ينتظر -أغرار-
...
-
قوات اليونيفيل: تم استهدافنا 5 مرات عمدا
المزيد.....
-
الحزب الشيوعي العراقي.. رسائل وملاحظات
/ صباح كنجي
-
التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية الاعتيادي ل
...
/ الحزب الشيوعي العراقي
-
التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية للحزب الشيو
...
/ الحزب الشيوعي العراقي
-
المجتمع العراقي والدولة المركزية : الخيار الصعب والضرورة الت
...
/ ثامر عباس
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 11 - 11 العهد الجمهوري
...
/ كاظم حبيب
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 10 - 11- العهد الجمهوري
...
/ كاظم حبيب
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 9 - 11 - العهد الجمهوري
...
/ كاظم حبيب
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 7 - 11
/ كاظم حبيب
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 6 - 11 العراق في العهد
...
/ كاظم حبيب
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 5 - 11 العهد الملكي 3
/ كاظم حبيب
المزيد.....
|