أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اخر الاخبار, المقالات والبيانات - ناصر الحجاج - في مفهوم الوطن ماذا يعني أن تكون مواطناً؟















المزيد.....

في مفهوم الوطن ماذا يعني أن تكون مواطناً؟


ناصر الحجاج

الحوار المتمدن-العدد: 374 - 2003 / 1 / 21 - 04:43
المحور: اخر الاخبار, المقالات والبيانات
    




على عجل تتسارع الأحداث العسكرية والإعلامية على ساحة المنطقة، وعلى عجالةٍ وتسرّعٍ كبيرين تطّرد التوقعات المذهولة بأحلام وتصورات العراقيين خاصةً، حول يوم منتظر كانتظار "غودو" لا يبدو أنه سيتأخر هذه المرة. لكن سؤالاً أخال أنه ذو الرقم واحد في قائمة الأسئلة التي ينبغي الإجابة عنها، بمعنى أن مرحلة زمانية سندخلها تطرح مجموعة عقبات ومصاعب ستقف في طريق الحلم العراقي المنتظر قد تُحيل ذلك الحلم كابوساً آخر لا مهرب منه إلا بالصحوة التي قد لا تأتي بسهولة أو قد لا تأتي أبداً.
هل فكرنا؟، بل لنفكر الآن بما ينبغي علينا فعله إذّاك، وقت أن نكون في وطن اسمه "العراق" ونكون نحن مواطنين فيه يدعونا الآخرون بـ "العراقيين".
ماذا يعني ثمة أن نكون عراقيين، مواطنين؟
وماذا ستعني لنا مفردة الوطن، إذا ما كتبت في صحفنا، أو رددت في إعلامنا القادم، أو ذكرت في نشيد(نا)الوطني المقبل - الضمير( نا ) سيكون له حديث آخر مستقل-. ماذا يقصد العراقي إذا ما قال "وطني". أو إذا ما قال "العراق"؟. وهل سيختصر الوطن أو العراق بشخص الرئيس أو الملك! أو البرلمان أو الحزب؟. هل سنردد ما يشابه أو يستبطن (إذا قال صدام قال العراق).
لعل من البديهي القول إن مفردة" الوطن" مرت بمرحلة جديدة اكتسبت فيها معنى جديداً كغيرها من مفردات كل لغة حية، حيث يدرك الألسنيّون وفقهاء اللغة أن المفردة الواحدة قد تعني أكثر من معنى بحسب السياق الكلامي من جانب أو بحسب البيئة اللسانية التي قد تتوافق على معنى جديد للكلمة قد لا يرتبط مباشرة بمعناها القديم كمفردة "الحداثة": التي تعني فترة الصبا وبداية الشباب، والتي صار لها معنى معرفي وفلسفي جديد لا مجال للخوض فيه. أو كما يضرب اللغويون مثلاً مفردة "الصلاة" التي كانت بمعنى "الدعاء" فانتقل المعنى بعد مجيء الرسول محمد عليه السلام إلى المعنى الجديد المتداول لدى المسلمين في الوقت الحاضر.
"الوطن" كمفهوم أيضا مر بعد رسم ملامح الدول التي تحددت ملامحها بعد انسحاب بريطانيا العظمى وفرنسا من تركة العثمانيين، اتخذت مفردته معنى جديد بعيد كثيراً عن المعنى القديم الذي يردده المتنبي مثلاً:
"بِمَ التّعللُ لا أهلٌ ولا وطنُ
ولا نديمٌ ولا كأسٌ ولا سَكَنُ"
فالوطن وقتذاك لم يكن غير ما يستوطنه الواحد منا ويكون مكاناً لسكناه. أما اليوم فالوطن يعني، من مجموع ما يعني، تلك الحدود المرسومة على الخريطة بحيث إذا ما تجاوزتها دخلت وطنا آخر ليس بوطنك وإن سكنه أخوك وجدك وابن عمك. وصار وطنك يربطك بمن لا يمت لك بصِلةٍ في العرق مثلاً، ولا في الثقافة بل وقد يكون مواطنك من يتحدث بلغة غير لغتك. وقد لا يقرك في دينك ولا يعترف بثقافتك ولا بنبيك إن كنت أنت تؤمن بالأنبياء.
الوطن بعد سايكس _ بيكو صار يجمعُ ويوحّد بين اليهودي الذي يرى لعيسى دجالاً، وبين المسيحي الذي يرى أن محمدا جمع أوراق "قرآنه" من "بحيرا الراهب" ومن إشارات "ورقة بن نوفل"، ويوحّد الوطن بين المسلم السني الذي يُقرُّ بخلافة يزيد بن معاوية للمسلمين ويرى قتله للحسين بن علي وأهل بيته اجتهاداً، وبين الشيعي الذي يرى أن عمر بن الخطاب أخذ خلافة المسلمين بالقوة وإن أقر علي بذلك حرصاً على المصلحة!
هذا هو الوطن"الذي مدّ على الأفق جناحا" هذا هو العراق بعد 1921 وهذا هو الوطن الذي يجب أن نعرفه، ونقرّ بِهِ وبتناقضاته ومفارقاته الحادة، هذا هو العراق بكل دياناته وأعراقه. فما الذي نحن فاعلوه لنحيا تلكم التناقضات؟
هل سنختصر الوطن بقرار رئاسي أو مرسوم ملكي، "ليقول صدام فيقول العراق"؟ ومن ثَمَّ هل نحن مستعدون لنحيا مواطنين، يتفهّم المسلم أن "النصارى" يمكن أن يكون لهم سبيل على "الذين آمنوا"، ويتفهم أن اليهود قد لا يكونون "أشدَّ النّاسِ عداوةً للّذينَ آمنوا"، وهل سيقر المسيحي بأن عليه ضمن شروط المواطنة الدفاع عن مواطنه المسلم إذا ما واجه وطنه بلداً آخر قد يكون بلداً مسيحيّاً.
العراق بلد التناقضات! لنعترف بذلك، ولنعترف أن تلكم المتناقضات ما كانت لتلتئم في وعاء واحد هو العراق إلاّ بالقوة العسكرية والأمنية للحكومات المتعاقبة، بمعنى أن ما يجمع سكان العراق لم يكن أبدا مواطنيّتهم أو قلْ عراقيّتهم بل كان العراقيون مجتمعون ضمن حدود الخريطة بقوة حرس الحدود، ومجتمعون حول حزب واحد حيث لا يوجد حزب آخر، ومجتمعون في المعركة بفعل قرارات الإعدام.... تماماً كما يجتمع السجناء في قاووش واحد.
فهل سيتفكك العراقيون بعد كسر الحواجز التي كانت تحول دون تحركهم، وهل ستطالب كل ملة بحكم نفسها بنفسها، أم سيلجأ العراقيون إلى استبداد آخر يجمعهم سوية في الوطن، العراق!
مرحلة إدراك الذّات:
المرحلة المقبلة قد لا تكون مرحلة سياسية ولا مرحلة عسكرية ولا حتى حزبية أيديولوجية، بل ستكون بحق مرحلة نفسية معرفية أقرب إلى المراجعة النفسية والوجودية منها إلى السلطوية. مرحلة ما بعد الحكم البعثي تستلزم من كل من يدعي المواطنة العراقية أن يعرف هويته الأساسية أولاً ويراجعها. الهوية العقائدية أو الدينية بشكل أساس( والمعرفية كالعلمانية واللبرالية وبقية الاتجاهات والأطروحات الفلسفية التي يؤمن بها العراقيون)، ولنسمِّها مرحلة إدراك الذات، وهي أولى الخطوات نحو المواطنة الأكيدة. وبدونها لا يتجاوز الوطن كونه مجموعة مجاهيل ترتطم ببعضها أو تتصل ببعضها دون علامة استفهام، وهذا أهون الشرور (أعني انعدام الأسئلة وانعدام الإحساس بما يدعو للتساؤل).
لا مناص إذاً لكل عراقي من أن يدرك من هو(هويته) ليتقدم نحو العراقي الآخر ليتواصل معه عن دراية وإدراك لمعتقداته، عن احترام أو تقدير لخلفيته الفلسفية والدينية.
العلاج بالمواجهة:
مرض الجهل أو التجاهل لاختلاف الآخر (المواطن) سيبدو أكثر استفحالاً وأكثر استعصاءً على العلاج لو أهمل وتغافل أصحابه عنه. لنقرّ أيضا بأننا مختلفون نعيش في خارطة رسمها مجهول تفرض علينا أن نفهم بعضنا، ولنبدأ بالمواجهة، أعني نواجه (وجهاً لوجه) مشكلة المختلف، ولا يحاولنَّ كل واحد منا أن يكيد للآخَر مستعينا (بآخَرٍ آخَر) لفرض وجوده.
منطق الأقلية والأكثرية منطق ما بعد مواجهة المشكلة، فهل سينطلق المسلمون في الوطن بفرض منطق أكثريتهم وفرض هيمنتهم على مقدرات البلاد، وهل ستفكر الأقليات بالاستقواء بمن يعادل الكفة أو يرجحها لصالحهم. بل هل سيستعين المتدينون بالدول الدينية لتكفير مواطنيهم، أو أن يتكئ العلمانيون على الدول العلمانية لفرض وجودهم داخل الوطن العراقي أو لنشر ثقافتهم أو كسب أنصار جدد لعلمانيتهم.... أسئلة أعمق من أن نتغافل عنها نحن العراقيين، وأهم من أن نهملها، لأن في حلها رخاؤنا كمواطنين ندرك معنى الوطنية، ومعنى أن يقول أحدنا: أنا مواطن عراقي.
أدرك أن كلماتي لا تحد الموضوع، لكنها إشارات وليست نبوءات. فلنفكر مليّاً في معنى أن يكون الواحد منا مواطناً. طريقا كي تجمع سكان العراق مواطنيّتهم لا قوة حكوماتهم واستبدادها.



#ناصر_الحجاج (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- مسؤول عسكري بريطاني: جاهزون لقتال روسيا -الليلة- في هذه الحا ...
- مسؤول إماراتي ينفي لـCNN أنباء عن إمكانية -تمويل مشروع تجريب ...
- الدفاع الروسية تعلن نجاح اختبار صاروخ -أوريشنيك- وتدميره مصن ...
- بوريسوف: الرحلات المأهولة إلى المريخ قد تبدأ خلال الـ50 عاما ...
- على خطى ترامب.. فضائح تلاحق بعض المرشحين لعضوية الإدارة الأم ...
- فوضى في برلمان بوليفيا: رفاق الحزب الواحد يشتبكون بالأيدي
- بعد الهجوم الصاروخي على دنيبرو.. الكرملين يؤكد: واشنطن -فهمت ...
- المجر تتحدى -الجنائية الدولية- والمحكمة تواجه عاصفة غضب أمري ...
- سيارتو يتهم الولايات المتحدة بمحاولة تعريض إمدادات الطاقة في ...
- خبراء مصريون يقرأون -رسائل صاروخ أوريشنيك-


المزيد.....

- فيما السلطة مستمرة بإصدار مراسيم عفو وهمية للتخلص من قضية ال ... / المجلس الوطني للحقيقة والعدالة والمصالحة في سورية
- الخيار الوطني الديمقراطي .... طبيعته التاريخية وحدوده النظري ... / صالح ياسر
- نشرة اخبارية العدد 27 / الحزب الشيوعي العراقي
- مبروك عاشور نصر الورفلي : آملين من السلطات الليبية أن تكون ح ... / أحمد سليمان
- السلطات الليبيه تمارس ارهاب الدوله على مواطنيها / بصدد قضية ... / أحمد سليمان
- صرحت مسؤولة القسم الأوربي في ائتلاف السلم والحرية فيوليتا زل ... / أحمد سليمان
- الدولة العربية لا تتغير..ضحايا العنف ..مناشدة اقليم كوردستان ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- المصير المشترك .. لبنان... معارضاً.. عودة التحالف الفرنسي ال ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- نحو الوضوح....انسحاب الجيش السوري.. زائر غير منتظر ..دعاة ال ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- جمعية تارودانت الإجتماعية و الثقافية: محنة تماسينت الصامدة م ... / امال الحسين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اخر الاخبار, المقالات والبيانات - ناصر الحجاج - في مفهوم الوطن ماذا يعني أن تكون مواطناً؟