|
من السبب ؟! . من ساسون حسقيل إلى ضياع المالية ..
سالم اسماعيل نوركه
الحوار المتمدن-العدد: 5042 - 2016 / 1 / 12 - 17:31
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
حين يصاب أحدٌ مِنَّا بمرض لا يستهان به لا سامح الله يبحثُ ذات اليمين وذات الشمال عن طبيب متمرس ذو قدرة عالية في مجال أختصاصه لا يَمُرُّ الفشل من بين يديه مشهود له بالإنجازات الباهرة صيته ينتقل مثل العطر بين الناس لا يَهُم نسبه ولا مذهبه ولا دينه ولا قوميته بقدر ما يكون السؤال محصوراً حول عِلْميتَه فقط وعند إذ يتوكل على الله ويضع صحته بين يديهِ ، بمعنى ( يُحسقل ! ) يَحسبُ الموضوع جيداً ويشدد من الجهات الست وكأنه أمام مكعب ويعصر كُلُّ المعلومات ويدرسها بشكل مستفيض قبل أن يقع اختياره على الطبيب الذي يرضخ لعلمه رُّبما لا يهم كم يكلف كشفيتَهُ طالما الأمر متعلق بصحته وتشخيصه دقيق وعلاجه يأتي أوكُلَهُ بعد حين وَيَتَعافى ، كُلُّ هذا لأنه حريص على صحتهُ وإذا ساعده دخله وأمكانياته المادية بحث عن العلاج خارج أسوار الوطن ويضرب عصفورين بحجر واحد ، سياحة وعلاج . أما الوطن وسلامته أكثر الناخبين وكأنهم كانوا غير معنيين بسلامته كما يبدوا من خلال التصرف بأصواتهم في الانتخابات إذ رَموها في صندوق الانتخابات وكأنهم رَموا الأوراق المهملة في سلة النفايات ، مع إن البحث والتقصي عن سلامة الوطن ووضعه في أيادي أمينة أهم بكثير من صحة الفرد الواحد لأننا نرهن مصير الشعب وقدراته بأيديهم .. نضع الصناعة والزراعة والتجارة والخدمات والمالية والوطن وحدوده ، نضع حياتنا في راحة أو في شقاء .. فلم لا ( نُحَسقل ) أصواتنا جيداً قبل أن نودعها في صندوق الانتخابات فالصوت ثورة .. نٓ-;-حنُ حين نشيد دار سكن لنا نسأل كثيراً عن البناء الجيد واصحاب المهن المتعلقة بالبناء ونختار أحسنهم وعندما نبني الوطن لا نفكر كثيراً ولا نحسن التصرف مع أن السعادة الحقيقية أن تعيش في وطن سعيد . أساءوا أكثر الناخبين في أختيار من يمثلهم لأسباب عديدة منها مستواهم الثقافي وعدم فهم متطلبات اللعبة الديمقراطية وفشل أكثر المثقفين من أداء أدوارهم في هداية الناخبين بالاتجاه الصحيح وهذه هي النتيجة ضياع ثروة الوطن وبالمليارات الدولارات من خلال تسلّق المناصب من قبل من هم غير جديرين بها والمأساة إننا لدغنا من ذات الجحر مرات .. وكأننا وضعنا مصير الوطن بيد الفاشلين بالنتيجة إن لم تكن بالنوايا . لاحظتم في سياق الموضوع بأني ذكرتُ كلمة ترددت على ألسنة الكثير من البغداديين القدماء ( نُحَسقل .. حَسقلها .. تريد تحسقلها عليّ!)…. بمعنى يتشدد في التدقيق والمحاسبة ورباط السالفة لتلك الكلمة هو الوزير المالي للعراق اليهودي العراقي ساسون حسقيل الذي عاش 1860- 1932 وهو الذي ضبط المالية العامة بصيغة أمينة بشكل منقطع النظير حتى شاع بين الناس في ذلك الوقت تلك العبارة الحسقلية نسبة لتفانيه في أداء مهامه بعلمية وبشدة ودراية لعمله كوزير للمالية في العهد الملكي شغل ساسون حسقيل منصب وزير المالية خمسة مرات في ذلك العهد، لنزاهته وأمانته حيث عين أول وزير مالية في حكومة السيد عبد الرحمن الكيلاني النقيب 1841- 1927 (الحكومة المؤقتة 1918 – 1921)، كما وأنتخب لوزارة المالية في وزارة النقيب الثانية 1921، والثالثة، وعبد المحسن السعدون 1879-1929ووزارته الاولى وكذلك في وزارة ياسين الهاشمي 1884-1937. كان رجلاً علمياً حاصلاً على عدَّة شهادات منها القانون والمحاماة وأحترامه الصارم للدستور وأسس الميزانية العامة ومن عائلة مشهورة بالتجارة ساهمَ بشكل ممتاز في وضع الأسس الصحيحة لقيام الاقتصاد العراقي وبناء ماليته على وفق نظام دقيق كان يعترض بشدة على تدخل الإخرين في مهام عمله من السياسيين والعسكريين وكان يردهم ويذكرهم بأختصاصاتهم وعدم التدخل فيما لا يعنيهم كأختصاص وإذا أقرت الميزانية لا يسمح بالتلاعب بها وبهذا الخصوص ردَّ طلباً للملك فيصل الأول حين طلب مبلغ 20 دينار لبناء مدرسة في الديوانية كون الميزانية أقرت من قبل البرلمان .. وأظهر حنكة تفاوضية وأخلاص للبلد في المفاوضات مع الإنكليز في عام 1925 بخصوص عائدات النفط حيث أصر على أن يذكر أربع شلنات من الذهب للنفط المباع ولم يقبل بالعملة الورقية ومع أعتراض الوفد العراقي المصاحب له إلا إنه أصر على موقفه وتبين فيما بعد بأنه حقق مكاسب للأقتصاد العراقي جراء تصلبه على موقفه الثابت بأن يكون الدفع بالشلن الذهب سعرآ للنفط المباع، مما أفاد الميزانية العراقية فيما بعد. وبفضله أخذ العراق يسترجع واردات النفط بالباون الذهبي، بدلاً من العملة الورقية، بعد إصراره على هذه المعاملة في المفاوضات عام 1925 م، مع الجانب البريطاني، رغم أعتراض أعضاء الوفد العراقي على ذلك. وقد قدر العراقيون، في ما بعد، أهمية هذا الموقف .. . حاول ساسون قبل وفاته ان يختم حياته بمنجز من منجزاته الكثيرة وحاول وضع خطة دقيقة من أجل إصدار عملة عراقية وطنية، وسعى جاهدا من أجل تحقيق ذلك بمساعدة يهودي آخر هو إبراهيم الكبير مدير عام المحاسبة المالية آنذاك، وبالفعل فقد تم ذلك عام 1932 م وأصبحت النقود العراقية هي المتداولة بدلا من الروبية الهندية والليرة التركية) . كان ساسون حسقيل نتيجة لدراساته وتجواله في عدَّة دول يجيد أكثر من لغة ، ترك خلفه مكتبة عامرة ومتعددة باللغة الانكليزية والفرنسية والإسبانية والتركية . لم نجد بعد 2003 ربع كفائة ونزاهة حسقيل ولم نجد العلمية والدقة في إدارة المال العام بل سمعنا من مسؤولين يتصدون للعملية السياسية عن فساد مالي وإداري رهيب وبأن هناك مافيات الفساد وحيتان الفساد .. منهم سمعنا قصص الفشل والمشاريع الوهمية والمتلكئة وأخيراً بدأنا نسمع منهم مصطلح أفلاس الدولة وعدم قدرتها على سداد رواتب .. حيث أكثر الموظفين يستلمون رواتب مقابل لا شيء ، الصناعة والزراعة دمرت وأخفاقات في تقديم الخدمات وجل المسؤولين بعيدين عن القدرة على التطوير سوى تطوير لغة الطائفية واللعب على حبالها ، إنهم يعيشون ويعتاشون عليها ليس بينهم من يُحسقل الأمور على طريق ساسون حسقيل والسبب الأكبر هو الناخب الذي لم يحترم صوته . إن أكثر الذين وصلوا الى السلطة أساءوا للأقتصاد ودمره وبذلك دمروا السياسة وحال الوطن في أسوء حال ، كنت أنت أيها الناخب وانا وانتم سبب ما حَلَّ بالوطن ولم نكن نبحث عن ( حسقيل ) جديد و( نوري سعيد ) جديد بالمناسبة في أحدى الأيام كان نوري سعيد سعيداً وكان يدندن مع نفسهِ وهو يمشي فسأله أحد المحيطين به عن سبب سروره ؟! فقال : لقد وفرت لخزينة الدولة 16 دينار وأكثر مسؤولي اليوم فرحين لأنهم أهدروا مليارات الدولارات وهم يدندنون على خيبة أملهم ونحن معهم ندندن مع الأسف والنقص يجر النقص مثلما الهزيمة يجر الهزيمة . ------------ وكلام مفيد : النجاح يجر النجاح ، كما يجر المال المال .” نيكولا شامفور“
#سالم_اسماعيل_نوركه (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
أنا ( لاجئ ) ..
-
فرنسا والارهاب وَنَحْنُ والعالم .
-
رسالة العصر
-
سيدي الشهم
-
الأصلاح .. وقوانين مثل خيوط العنكبوت .!
-
كُنْ رافداً في تعظيم ( النهر ) ..
-
مُتَزَنجره
-
وَضْع ( القطار ) على سكة ( الكفر والألحاد ) !!
-
الكرامة والخبز لا يأتي بالركوع ..
-
سيدتي عيناكِ
-
( حاول أن تكون كوردياً ساعة واحدة )*
-
أنا لستُ بأنا .. !
-
قصة مرعبة من ذلك الزمن ..
-
كلمات..
-
قصة قصيرة ..الأمل
-
تباروا في وصفكِ...
-
أقلام وأقلام ...
-
تلكَ اللؤلؤة ...
-
أرى الخال ...
-
بفرشاتي رسمت !
المزيد.....
-
الأنشطة الموازية للخطة التعليمية.. أي مهارات يكتسبها التلامي
...
-
-من سيناديني ماما الآن؟-.. أم فلسطينية تودّع أطفالها الثلاثة
...
-
اختبار سمع عن بُعد للمقيمين في الأراضي الفلسطينية
-
تجدد الغارات على الضاحية الجنوبية لبيروت، ومقتل إسرائيلي بعد
...
-
صواريخ بعيدة المدى.. تصعيد جديد في الحرب الروسية الأوكرانية
...
-
الدفاع المدني بغزة: 412 من عناصرنا بين قتيل ومصاب ومعتقل وتد
...
-
هجوم إسرائيلي على مصر بسبب الحوثيين
-
الدفاع الصينية: على واشنطن الإسراع في تصحيح أخطائها
-
إدارة بايدن -تشطب- ديونا مستحقة على كييف.. وترسل لها ألغاما
...
-
كيف تعرف ما إذا كنت مراقبًا من خلال كاميرا هاتفك؟
المزيد.....
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
المزيد.....
|