أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - فاطمة ناعوت - اعتذارٌ رسميّ لأقباط مصر














المزيد.....


اعتذارٌ رسميّ لأقباط مصر


فاطمة ناعوت

الحوار المتمدن-العدد: 5041 - 2016 / 1 / 11 - 11:43
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


منذ عهد مبارك، وبعد ثورتي يناير ويونيو، وحتى الأمس القريب، وأنا أنتظرُ ذلك اليوم المتحضر الذي تُقدّم فيه مصرُ اعتذارًا سياديًّا رسميًّا لأقباط مصر المسيحيين لقاء ما نالهم على يد الإرهاب منذ حادثة الكُشح والزاوية الحمراء وحتى حادثة كنيسة الورّاق مرورًا بعشرات من حوادث الغيلة والتفجير والقتل والاختطاف والتهجير التي ذاق المسيحيون نارَها ومُرَّها سنواتٍ وعقودًا، وظلّوا طوال الوقت يقابلون الإساءةَ بالغفران، والإقصاءَ بالمحبة، واللعناتِ بمباركة اللاعن والصلاة لأجله. تردد ذلك الحُلمُ كثيرًا في مقالاتي ومحاضراتي ولقاءاتي الصحفية والتليفزيونية منذ خمسة عشر عامًا. حُلمَ أن أشهد ذلك الاعتذار الرسمي في حياتي، لكن في الحقيقة لم أكن متيقنةً من حدوثه إلا بعد عقود طوال من السعي التنويري الدءوب وبعد ثورة تعليمية وتثقيفية شاملة تُطيح بالخبث الراكد وتُفسحُ المجال لزهور التحضر حتى تُشرق على أرض مصر، وليس قبل رحيل راهنة الأجيال، أجيالنا، التي تربّت على العنصرية والطائفية والأنانية والأحادية، لتحلَّ محلّها أجيالٌ جديدة نظيفةُ العقول تؤمن بحكمة الله في الاختلاف والتنوع بين بني الإنسان.
لهذا أخالُني أسعدَ الناس كنتُ عشيةَ عيد الميلاد المجيد، 6 يناير، حين ارتقى السيد الرئيس عبد الفتاح السيسي أمامنا منصّة الكاتدرائية ليعلن هذا الاعتذار الرسمي على بوابة المذبح، مجاورًا قداسة البابا تواضروس الثاني، ومعلنًا اعتذار مصر للأقباط المسيحيين على كل ما لاقوه من عسف وعنف، ولم يقابلوا حمق المتطرفين والإرهابيين إلا بمزيد من الحب لهذه الأم الطيبة مصر ولأشقائهم المسلمين، ثم اعتذر مجددًا عن التأخر في ترميم الكنائس التي تهدّمت أو احترقت بيد الإرهاب السوداء، متعهّدًا ألا يمر هذا العام 2016 قبل تمام إصلاحها.
في عيد الميلاد 2015، كنت جالسة جوار المستشار د. حلمي أديب المحامي الخاص بي في الصفوف الأولى للكاتدرائية، فهمستُ في أذنه: “لو كنتُ مكان الريس لجئتُ أهنئ مسيحيي مصر بالعيد.” فرد عليّ: “لا تكلفوه بما لا يستطيع! عديدُ الموانع السياسية تمنعه.” فلما رفعنا عيوننا لشاشات المونيتور الداخلية بالكاتدرائية وشاهدنا الرئيس يهبط من سيارته ويدخل، نظرتُ إلى د. أديب وابتسمنا، فقال لي: “كنتِ تعرفين؟"، فقلت له: “لا! إنه حدسُ الشعراء!” وكرر الرئيس زيارته للعام التالي على التوالي. لهذا كان أجملَ ما سمعنا ليلتها، عبارة هتف بها أحد ظرفاء المسيحيين من نهاية قاعة الكاتدرائية: “حصوة في عين اللي ما يصلي ع النبي.”
أشكرُ الرئيس عبد الفتاح السيسي، وأُهديه هذه القصيدة:
***
مِحرابٌ ومذبح

***
زهرةٌ
أورقتْ
في الأشجارِ اليابسة
حينَ خرجَ الأميرُ من مِحرابِه
حاملاً قرآنَه
وقلبَه
ليصعدَ إلى المذبحِ
ويباركَ الطفلَ الجميلَ
في مِزْوَدِ البَّركة
ثم ينحني
يرتّبُ هدايا الميلادِ تحتَ قدمي الصغيرِ الأقدس:
ذهبًا ولُبانًا ومُرًّا
فتبتسمُ الأمُّ البتولُ
وتمسحُ على جبهةِ الأميرٍ
هامسةً:
مباركٌ أنتَ بين الرجالْ
أيها الابنُ الطيبُ
فاجلسْ عن يميني
واحمل صولجانَ الحكم
وارتقِ عرشِ بيتي
وارفعْ رايتي عاليةً
بين النساءْ
وعلّم الرعيةَ
كيف يحتضنُ المحرابُ المذبحَ
وكيف تتناغمُ المئذنةُ مع رنينِ الأجراسْ
وارشدْ خُطاهم حتى يتبعوا النَجمَ
الذي سيدّلُهم على الطريق
إلى أرضِ أجدادِهم الصالحين
بُناة الهرم
فإذا ما وصلوا إلى ضفافِ النيلْ
أوقدواالشموعَ في وهجِ الصبحِ
حتى تدخلَ العصافيرُ عند المساءْ
أعشاشَها
بعدما تبذرُ القمحَ والشعيرَ والسوسنَ
على أرضِ طِيبةَ كلِّها
فلا ينامُ جائعٌ
جائعًا
ولا محرومٌ
يبقى محرومًا
ولا بردانٌ
بردانًا
ينامُ ليلتَه
ولا حزينٌ يجنُّ الليلُ على عينيه
دونما يدخلُ قلبَه الفرحُ.



#فاطمة_ناعوت (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- شحاذ العمّ نجيب
- مذبحة 2016
- أنتم تحاكمون الخيال!! 2/1
- شجرةٌ صنوبر وشيءٌ من الفرح
- دبي الجميلة.... سلامتك!
- أسوأ صورة في 2015
- قُبلةُ حبيبي
- الموءودة
- كيف قرأ الغيطاني الخديوي إسماعيل
- مثل الزهور سرعان ما يذبل
- شهاداتُ الفارس محمد أيمن
- داعش أمام المحكمة الأوزورية
- الغيطاني ونوبل
- حينما الفقرُ والبطالة طريقُك للبرلمان
- هذا نجيب محفوظ، وهذه جدتي
- نجيب محفوظ... لقاء أول... لقاء أخير
- أسعد امرأة في العالم
- ضد مجهول ضد الإنسانية
- المرأة وخلط الدين بالسياسة
- حكاية الرجل الشرير


المزيد.....




- وجهتكم الأولى للترفيه والتعليم للأطفال.. استقبلوا قناة طيور ...
- بابا الفاتيكان: تعرضت لمحاولة اغتيال في العراق
- ” فرح واغاني طول اليوم ” تردد قناة طيور الجنة الجديد 2025 اس ...
- قائد الثورة الإسلامية: توهم العدو بانتهاء المقاومة خطأ كامل ...
- نائب امين عام حركة الجهاد الاسلامي محمد الهندي: هناك تفاؤل ب ...
- اتصالات أوروبية مع -حكام سوريا الإسلاميين- وقسد تحذر من -هجو ...
- الرئيس التركي ينعى صاحب -روح الروح- (فيديوهات)
- صدمة بمواقع التواصل بعد استشهاد صاحب مقولة -روح الروح-
- بابا الفاتيكان يكشف: تعرضت لمحاولة اغتيال في العراق عام 2021 ...
- كاتدرائية نوتردام في باريس: هل تستعيد زخم السياح بعد انتهاء ...


المزيد.....

- شهداء الحرف والكلمة في الإسلام / المستنير الحازمي
- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - فاطمة ناعوت - اعتذارٌ رسميّ لأقباط مصر