مع كل حشود الجيش الأمريكي قرب الحدود العراقية، وانتشار البوارج وحاملات الطائرات في الخليج والبحر المتوسط ونقل مركز قيادة الجيش الأمريكي من كليفورنيا الى قطر. وما الى ذلك من تحضيرات الجيش البريطاني والتحضيرات اللازمة من تدريب عدد من المتطوعين العراقيين وتمرين الصحفيين العالمين للدخول مع الجيش الأمريكي وفي الخطوط الأولى. وكل عواصف التظاهرات المناوءة للحرب في دول العالم. واستمرار أمريكا بإستعمال الحرب النفسية، وعمل المفتشين داخل العراق. كل تلك الأمور بجانب وتحركات بعض الدول المجاورة للعراق لمؤتمر لحسم القضية العراقية بالطرق السلمية.
هل تتحرك الجيوش الأمريكية خلال الأسابيع القادمة وتكون بداية حرب يستخدم فيها اللانظام كلما تبقى لديه من أسلحة كيمياوية وسموم قاتلة لحرق الأخضر واليابس. وقد يستعمل ضد التحركات الشعبية كما كان الحال في الأنتفاضة الأولى سنة 1991. وتعم الكارثة على الجنود الأمريكان والشعب العراقي كما نوه لذلك كثير من المراقبيين المختصين بأن ثمن الحرب القادمة نصف مليون عراقي أو أكثر...وهناك آراء تعاكس هذه الرؤية بأن الأسلحة الأمريكية المتطورة سوف تركز حملاتها على أجهزة اللانظام وزمرته والمراكز التي تبدي المقاومة، ولذلك يصورون الأمر على أنها حملة عسكرية مركزة لإزالت اللانظام دون أن تلحق الأذى بالشعب العراقي وكما صرح المسؤولين الأمريكان مرات عدة بأن كل ما تفعله أمريكا هو من أجل انقاذ الشعب العراقي...أيهما نعتقد ونصدق.؟
لكن ليس المطروح فقط الحل العسكري، فهناك نداءات من بعض دول العالم بصورة عامة ودول الجوار بشكل خاص الى حل سلمي. التحركات التركية الأيرانية ،السورية والسعودية من جهة أخرى تحركات المصرية والليبية..أو بالأحرى زيارة بعض المجرمين من بغداد الى سوريا...خصوصا استقبال الرئيس بشار الأسد الى المجرم المعروف بالكمياوي ..وكل العالم شاهد من خلال شاشة التلفاز كيف يقتل هذا المسخ ابناء الشعب العراقي ويدعسهم بقدمه بعد قتلهم عن قرب وبمسدسه الخاص.
ليس العجيب من تحرك أزلام اللانظام ببغداد للتوسل والمحاولة الأخيرة لإنقاذ ما يمكن انقاذه، أو تهريب بعض المواد النووية المحضورة الى هنا وهناك كي لا يكشف زيفه. وقد تبرع بمقدرات الشعب العراقي من نفط ومبالغ طائلة لشراء الذمم والضمائر المستترة. وليس العجب من أن كثير من العرب يخرجون الى الشوارع والتظاهر وكأنهم اليوم فقط فاقوا من نومهم العميق للدفاع عن العراق وشعب العراق...ولقد كان سباتهم طويل..أكثر من ثلاثين عاما لم يتفوهوا بكلمة واحدة حين قتل اللانظام ابناء الشعب العراقي، من حرق ابناء مدينة حلبجة بالكيماوي، ومسح مدينة الدجيل من خارطة العراق لأن طلقة خرجت بوجهه. وكيف دفن عشرات الآف من العوائل العراقية أحياء واطلق عليها اسم الأنفال. وبناء السجون تحت الأرض وملئها بشباب والنساء ورميهم بأحواض التيزاب..وأصبح العراقي معروف بأصحاب الأذن الواحدة لأن اللانظام أمر من يهرب من الخدمة العسكرية بأن تقطع أذنه....كل ذلك لم يحرك الشارع العربي، بل كانت كل الحكومات العربية تساعد الطغمة المتسلطة على رقاب الشعب العراقي بالحديد والنار. وإذا ابدينا هذا الرأي لمجرد التذكر...قال البعض لماذا ترجعون للتأريخ..اليوم الأمة العربية في خطر..أي خطر..لقد راح ضحية الكذبة الكبرى..الدفاع عن البوابة الشرقية مليون عراقي واربعة ملايين مهجر وهارب من ظلم الدكتاتور وقمعه ..وكثير غرقوا في البحار والمحيطات..ألم يحرك فيكم ساكنا...لماذا هذه الدموع الكاذبة..دموع التماسيح على الشعب العراقي..كفاكم كذبا وتهريجا..!!
أن الخطر...ليس التحرك الأمريكي لتغيير خارطة الوطن العربي، لكن الخطر الحادق الحقيقي بكل الأنظمة هي الديمقراطية القادمة للعراق..عراق المستقبل..فهذا الذي يهز عروش الطغاة المتأمرين على مستقبل الشعب العراقي. المخطط الفاشل هو نسخة من المؤامرة البيضاء التي ادت بالشعب العراقي الى هذا الجحيم الذي كوى ناره حتى الجار وكثير من دول العالم سنة 1968. المؤتمر المنتظر عقده بين الدول المجاورة للعراق بإستثناء الكويت، والسبب واضح وضحوح الشمس لأن رأي الكويت هو إزالت اللانظام من جذوره وبلا رجعة لأنهم ذاقوا ويلات هذه الطغمة وفسادها وما زالوا يتجرعون آثار العدوان واحتلال صدام واعوانه لهذا البلد المسالم. والمؤتمر في حقيقة الأمر مؤامرة واضحة المعالم وأن كان ظواهر التصريحات بأن التغيير في العراق أمرٌ لابد منه لكن دون حرب مدمرة للشعب العراقي، وهم يريدون بث الزيف من القول ويتناسون بأنهم كانوا الأدوات القاتلة لإستمرار اللانظام في قمعه للشعب العراقي وتوريطه في حربين خائبتين. هذه المؤامرة يريدون بها انقاذ كراسيهم، لأن اذا نجحت الولايات المتحدة الأمريكية في حملتها العسكرية ضد اللانظام ببغداد وتحويل العراق الى بلدٍ ديمقراطي سيؤثر ذلك على شعوب المنطقة قاطبةً.
لكن كيف تحاك هذه المؤامرة؟ أن المؤامرة البيضاء هو اخفاء صدام وعائلة لجهة غير معلومة وبضمانات دولية وتشكيل حكومة بإتفاق هذه الدول المتأمرة على مستقبل الشعب العراقي. وأن اللانظام له دورا مميز في هذه المؤامرة لتهدأت الأوضاع لفترة معينة واعادة هؤلاء المجرمين مع بعض التغيير الملحوظ لأستغلال ثروات العراق لمئة عام أخرى. وبهذا قد أطمئنوا على كراسيهم واستمرارهم لقمع شعوبهم.
هذه التحركات الديلوماسية المشبوه لا يرغب بها الشعب العراقي السجين، مع أنه ليس لهم صوتا أو لا يسمح لهم معرفة أي مما يدور ويحاك حولهم. نقولوا لكل من يريد قتل مستقبل الشعب العراقي...تركتمونا تحت سوط الجلاد اكثر من ثلاثين عاماً...اتركونا اليوم وحالنا وهذا المجرم لتأخذ العدالة مجراها. وليس من حق الولايات المتحدة الأمريكية حتى وإن كانت الدولة العظمى الوحيدة بأن تقمع شعبا قد قاسى الويلات من محاكمة مجرم العصر. أم أن أمريكا تخاف من المحاكمة لهذا المجرم على أن لا يبوح بأسرار يحملها لأنه ربيبته والتلميذ لامدلل طيلة الثلاثين عاما وبعد عدم نجاحه بمهمته لابد ازالته. من حق الشعب العراقي معرفت الحقائق..من حقهم معرفت من معهم ومن هو الصديق والعدو.
ليس امامنا حل ملائم ...ولا نقبل بأي حلولٍ وسطية على حســــــــاب ملايين من الشهداء، ولا نسمح بإســـــتغلال موارد العراق مرة أخرى ولســــــــــــــنين طويلة. على المعارضة العراقية أن تنهض من سباتها والتوجه نحو الهدف المشترك...وعلى تلك الدول المجاورة مشاركة المعارضة العراقية في كل صغيرة وكبيرة وإلا فأن مايبتونه للعراقيين سينقلب السحر على الساحر..وغداً لناظره لقريب.