أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - سارة شريف النطار - - ما وراء المازوخية -















المزيد.....

- ما وراء المازوخية -


سارة شريف النطار

الحوار المتمدن-العدد: 5039 - 2016 / 1 / 9 - 22:10
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


حين نتحدث عن المازوخية نجده لفظ يحمل الكثير في الأذهان، و البعض لا يحمل في ذهنه سوى علامة استفهام.
قبل أن نتحدث عن تفاصيل في الأعماق و نكشف ما يدور وراء تلك الكلمة،
سنبدأ بفهم معني المازوخية: هي كلمة اشتقت من كتابات مازوخ، التي حملت صراحة لأول مرة، حديث عن اللذة وراء الجنس المعذب، و النشوة وراء ألفاظ بذيئة. في حين ظل ذلك المعني المتعارف عليه دائما.
لكن حين نتساءل عن ما الذي يدفع شخص في كامل قواه العقلية أن يشعر باللذة في ذلك الفعل؟ حين ننظر بعين الشخص العادي سيصرخ غاضبا، إنه أبله غبي، مجنون، واقع عليه عذاب من الإله مصدره عقله. لكن حين نتعمق أكثر نجده شخصا عاديا تماما و طبيعي؛ و حين نخضعه للتحليل نجد داخله فراغ كبير، يحمل بحثا عن الإهتمام و الأمان و قتلا للوحده .إذن ما علاقة كل ذلك بذلك التصرف؟ ربما حين يشعر بقوة شريكه من خلال تلك الأفعال يشعر بأمان أكثر، و يزداد شعوره بقرب الشريك و اهتمامه، و لكن لماذا لجأ إلي هذا الأسلوب دون غيره؟ ذلك هو السؤال.
حين نعود مع ذلك الشخص إلي الوراء، حيث الماضي، نجد أناه معذبه، و خوف دائم، يحمل من خلاله ذلك الشخص مشاعر الخوف الممزوجة بالدونية و تعذيب الذات. و حين يجد من يشعر بسلطة أقوي عليه يرضي الأمان بداخله، و لكن من خلال تعذيب الذات و الألم. فكل شخص يرضي حاجة الأمان و الإهتمام إلي جانب الشعور بالوحدة بطريقته الخاصة. فالإنسان دائما يبحث عن قوة أعلي ليخفي إحساسه بالضعف و العجز؛ و لكن كلا يبحث بطريقته الخاصة. و المازوخي هو شخص يبحث عن ذلك و لكن بطريقته الخاصة، التي ترضي عذاب الذات لديه.
جميعا نمر بلحظات انتقام من أنفسنا نشعر باللامبالاة، حتي بآلامنا، و السقوط وراء الآخر، و نحن خاملون تماما.
لكن المازوخية لا تقتصر علي الجنس فقط، فهناك مازوخية اجتماعية، و فكرية، و نفسية؛ و هي دفاع عن الأمان النفسي، كلا بدرجته و طريقته الخاصة.
و قبل أن نبدأ في الحديث عن ذلك سنوضح نقطة ما، هي أن المازوخية لا علاقة لها بضعف الفكر أو الشخصية، أو حتي التبعية و انعدام الكبرياء؛ كما أن السادية لا علاقة لها بقوة الشخصية او القيادة أو غيرها .و لنوضح ذلك،
اولا: القوة هي صفه تستخدم اجتماعيا بغير تحديد .حيث تستخدم لوصف الجسد، الزهد، الذكاء، الشر أو السيطرة إلخ .لذلك يجب تحديده هنا،
القوة هي وصف لصفة أخري .مثل قوة الشخصية و قوة الجسد إلخ.
و يمكن أيضا أن نوضح بمثال، فهناك شخص اعتمادي، ضعيف الشخصية، لكن رغم ذلك يهوي التحكم بالآخرين، و السيطرة علي أفعالهم؛ و هناك شخص قيادي، و استقلالي، لكنه مع أحدهم يصبح خاضع له و ينفذ له ما يريد.
المازوخية هي حاجه كل شخص للخضوع لشخص ما، أو ايدلوجية ما، ليشعر بالأمان و ليحصل علي ما يريد من ذلك الشخص و لكن بطريقته الخاصة. تلازمها محاولة إرضاء ذلك الشخص بشتي السبل حتي لو أصبح ذلك يحدث ضررا أو عدم رغبة في فعل ذلك؛ من أجل الحصول علي القبول و الرضا منه. و احيانا يكون ذلك الخضوع لسبب مختلف في ظاهره، مثل الشعور بالإثمية، فهو دائما يحاول إرضاء الآخرين ليحصل علي حبهم و قبولهم، غير ذلك يشعر بالإثم، و غالبا يكون ذلك في جذور تنشئته الاجتماعية، و لكن في باطنه نفس الهدف، البحث عن الأمان و الإهتمام من الآخرين لكن بشكل مختلف. و أحيانا تكون المازوخية صورة لإرضاء الأنا و النرجسية. حيث تصبح معتقداته أنه مع التفاني للآخر و التخلص من الأنا تماما يصبح بطلا و رائعا.لكن ما علاقة ذلك بالأنا رغم أنه يطلب التماهي عنها تماما .
كل فعل إنساني إنما نابع من الأنا و إرضاءها حتي لو ظهر غير ذلك.لكن حسب رؤية الشخص و معتقداته و قيمه تصبح رغبات الأنا مختلفة .
و السادية نفس المنطق هي شعور بالضعف و فقدان الإهتمام و غيره، فيحاول الشخص إحكام قبضته علي الآخر ليشعر بوجوده، و بالتالي بالأمان، و يحصل علي ما يريد من اهتمام إلي آخره و لكن بطريقة مختلفة. و حتي السادي يكون مازوخيا لفكرة أخري، أو شخصا آخر، و كذلك المازوخي، يكون ساديا مع شخصا آخر. و يمكننا أن نلخص الأمر: الإنسان يأتي إلي ذلك العالم حاملا الخوف و الألم؛ و يحاول أن يتغلب عليه بعدة طرق، منها السادية و المازوخية، و لكن كلما اقترب من اتزان الشخصية تقل لديه نسبة السادية و المازوخية، فهي علي خط له طرفان، كلما اقترب شخص من الوسط يكون أكثر اتزانا، و كلما اقترب من الأطراف يكون أقل و أكثر اضطرابا؛ و يمكن القول أن معظم الناس لديهم نسبة تطرف علي المقياس، لأن ظروف الطفولة التي تشكلنا متطرفة إلي حد كبير. و سنناقش ذلك. حتي أكبر المبدعين أكثرهم صراعا.
و المازوخي يحمل كرها دفينا لنفس الشخص الذي يحبه بشدة، لسببين: إما لأنه يدافع عن استقلاليته، أو لأن وراء مشاعر المازوخية يخفي عدوانية كبيرة، ليس دائما نحو ذلك الشخص المحبوب، و لكنها عدوانية خالصه، من ظروف مر بها من النبذ و الوحده و القسوة و القهر. و المازوخي يواجه تلك المشاعر بطريقتين، غالبا ما تكونا ملتحمتين، الأولي البحث عن الأمان و التقبل و ذلك لا يكون إلا بالرضا و الخضوع لذلك الشخص الذي يجد فيه ذلك. و الثانية المبالغه في اللطف من أجل التخلص من مشاعر الإثم الناتجه من العدوانية الشديدة .فنحن نعلم أن الظروف القاسية لا تؤثر بنظرة الشخص للجاني و حسب، و لكن إلي العالم بأكمله.
و الجدير بالذكر أننا دائما ما ندعي القوة و السيطرة علي حياتنا و اندماجنا مع الأخلاق النبيلة .لكن هل دائما الشعور بالإثم و محاولة إرضاء الآخرين بشتي السبل، و فقدان الأنا، هي أخلاق؟ أم الموت في سبيل شعارات كالبطولة، دون معرفة حقيقة ما وراءها، هي القوة و السيطرة ؟هل حقا السيطرة هي القوة البدنية و رفض القهر و الظلم، أم ربما يسيطر علينا احيانا فكريا و عاطفيا دون أن ندري ؟ هل يمكن أن نتوهم القوة لصالح استغلالنا ؟ هل نعيش اكذوبة الأنا و في حقيقتنا لعبة من ألعاب الماريونت؟ لما لا ندع تلك الحرب بين السيطرة و الخضوع، لنتساءل ماذا تعني القوة و السيطرة علي حياتنا فعليا؟
في حقيقة الأمر يعيش البشر التبعية بكل صورها البراقة. من اتباع فكر بعينه، أو قيم خاصه، أو شخصية اجتماعية؛ إلي الحب الأسطوري، إلي لفظ البطولة و التضحية الخ. هل كل تلك المعاني تحمل الحقيقة؟ أم أنها ربما خلقت من أفواه النخبة .
فقدنا المعاني في خضم الصراعات، و أصبحنا مقيدي الرقبة من سلسلة طويلة من القيم و المعاني و الأفكار التي تحدد أنانا.
و عندما خفت نور تلك المعاني أصبح المال و الزواج و الماديات هي تلك الطوق المطوق رقبتنا. أصبح الإحساس مختلف تماما، فلا يمكن أن ننكر روعه المشاعر الخاصة بالافكار و القيم، و لكن الحقيقة مرة المذاق. لربما نستطيع الوصول إلي تلك المشاعر و تلك القيم و لكن بصورة جديدة بعيدة عن الكذب و تطويق رقابنا لصالح الآخرين .
فإذا ما لاحظنا أن الأسرة و المجتمع يزرعون فينا المازوخية من الصغر؛ لكن احيانا بشكلها الجديد البراق، فبدلا من اخضاعك بالقوة و إخضاع تمردك و لو بعد حين، يثيروا في ذهنك أنك قوي، بطل، و فارس نبيل، كم أنت رائع حين تفعل ما نريد و نحتاج! حين تذهب للحرب و تدافع عن وطنك، حتي و إن كانت من أجل مصالح الحاكم .إنه لرائع و خلقي حقا أن تقبل مطالبي دائما، و إلا تصبح عاصي و قاسي القلب .و يتوجون الهزيمه و التخلي بالتضحية، و دائما يشعرونك بالإثم و الخطيئة، و تسعي جاهدا لرضاهم للتخلص من تلك المشاعر و الشعور بالبطولة .
ايضا حين يدفعونك إلي الصبر و الرضا بما أنت عليه دون محاولة واحدة للتغيير، بمعاني أخلاقية ايضا و حين يدعون دائما لمساعده الفقراء و المحتاجين، هل لاحظت شيئا؟ الفقراء يظلوا فقراء و خاضعون و يمنوا بالقيم النبيلة و الصبر و الرضا. و مساعدتهم باب من أبواب إضفاء الروعه علي قيم الطبقية .لكنها في حقيقة الأمر استغلال بشع للشعور بالرضا و الأنا النرجسية . ربما تعتقدون أني أدعو إلي التخلي عن القيم أو الدفاع عن الحق و مساعده المحتاجين، لكني أدعو إلي التمييز بين حقيقة المعاني المدعو إليها، و إلي استيعاب معني المساعده، فهو خلق حياة جديدة للآخر، و ليس جعله عزف حزين في سيمفونية يجب أن تكتمل .حين يمكن أن تصبح مستقلا لتتذكر أن تكون واعي لحقيقة أفعالك، و نتائجها .أن تتبني ما تعتقده حقا ليس الآخرون .ألا يتحكم بك الآخر من خلال تخويفك من الذنب و النبذ.
أيا كان تقبلك لذاتك فالسادية و المازوخية ليسا حميدين ابدا. و إنما يعبران عن وجود مشكلة ما.



#سارة_شريف_النطار (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- - الساحر3 -
- -1940-
- - السادية من منظور مختلف -
- - النزع الأخير-
- - الهروب اللاواعي -
- -خواطر لم تكتمل بعد ! ٢-;--
- -العالم بين يديك.لكنه في وجودي أنا!-
- - الوجه الآخر للعنف -
- -خواطر لم تكتمل بعد !-
- -الساحر٢-;--
- زهرة شباب متوحشة!!
- رسالة إلي الله
- دماء تنذر بالسعادة!!
- الساحر (مسرحية من فصل واحد)


المزيد.....




- -نيويورك تايمز-: المهاجرون في الولايات المتحدة يستعدون للترح ...
- الإمارات تعتقل ثلاثة أشخاص بشبهة مقتل حاخام إسرائيلي في ظروف ...
- حزب الله يمطر إسرائيل بالصواريخ والضاحية الجنوبية تتعرض لقصف ...
- محادثات -نووية- جديدة.. إيران تسابق الزمن بتكتيك -خطير-
- لماذا كثفت إسرائيل وحزب الله الهجمات المتبادلة؟
- خبراء عسكريون يدرسون حطام صاروخ -أوريشنيك- في أوكرانيا
- النيجر تطالب الاتحاد الأوروبي بسحب سفيره الحالي وتغييره في أ ...
- أكبر عدد في يوم واحد.. -حزب الله- ينشر -الحصاد اليومي- لعملي ...
- -هروب مستوطنين وآثار دمار واندلاع حرائق-.. -حزب الله- يعرض م ...
- عالم سياسة نرويجي: الدعاية الغربية المعادية لروسيا قد تقود ا ...


المزيد.....

- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي
- معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية / زهير الخويلدي
- الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا ... / قاسم المحبشي
- الفلسفة القديمة وفلسفة العصور الوسطى ( الاقطاعية )والفلسفة ا ... / غازي الصوراني
- حقوق الإنسان من سقراط إلى ماركس / محمد الهلالي
- حقوق الإنسان من منظور نقدي / محمد الهلالي وخديجة رياضي
- فلسفات تسائل حياتنا / محمد الهلالي
- المُعاناة، المَعنى، العِناية/ مقالة ضد تبرير الشر / ياسين الحاج صالح
- الحلم جنين الواقع -الجزء التاسع / كريمة سلام
- سيغموند فرويد ، يهودية الأنوار : وفاء - مبهم - و - جوهري - / الحسن علاج


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - سارة شريف النطار - - ما وراء المازوخية -