|
سايكولوجية المعنى..... مقاربات تشخيصية لمعنى الحياة*
محمد طه حسين
أكاديمي وكاتب
(Mohammad Taha Hussein)
الحوار المتمدن-العدد: 5039 - 2016 / 1 / 9 - 22:08
المحور:
المجتمع المدني
سايكولوجية المعنى..... مقاربات تشخيصية لمعنى الحياة* محمد طه حسين مقدمة المعنى مرتبط بالكائن المُدرِك، فالمُدرِك يبحث دائماً عن ايجاد واعطاء المعاني للأشياء المحسوسة من حوله ومن داخله ايضاً. المخزون المعرفي للفرد مليئ بالمعاني التي أُطلِقت على الأشياء بغض النظر عن دقّة وصِحّة التطابق بين الشيئ والمعنى الذي أُلصِقَ به. معرفة الأنسان تمرُّ عبر نظام ابستيمولوجي تكويني منذ ان يبدأ التواصل الفيزيقي مع المحيط وكذلك محاولاته للدخول الى شبكات العلاقات الاجتماعية والثقافية و.....الخ. في البداية تكون العلاقة بيولوجياً وحسياً حيث لم يزل الفرد جزءٌ من المحيط والعالم محدَّدٌ ضمن ما يراه ويُحِسُّ به، وهذا يدخل ضمن المرحلة الاولى للنمو المعرفي والعقلي لِجان بياجيه وهي(المرحلة الحسّحركية)، ويستمر النمو الى ما قبل العمليات ومن ثم العمليات التي تبدأ فيها المعرفة الغور في المجاهيل واحضار مخزونات الذاكرة كمعطيات للتفكير المجرد. اثراء الذاكرة والمخزون المعرفي للأنسان الفرد لا يخرج عن نطاق العمليات المعرفية أو الاستراتيجيات العقلية( التمثل والموائمة والتوازن) وهما من مُستَحدِثات بياجيه للنمو المعرفي، فالتمثُّل Assimilation هو سيرورة الجسم الحي التي لا يعمل هذا الجسمُ بفضلها على التدمير بل على تنظيم معطيات المحيط وادماجها في بنية تنظيمه الداخلي. أما الموائمة Accomodation هي: تأثيرات المحيط الخارجي في الجسم. أما التوازنEquilibre وأضفاء التوازن Equilibration هو المفهوم المركزي لفهم تطور الحياة البيولوجية والعقلية عند الانسان . يبدو ان التوازن بهذا المعنى الذي تحدثنا عنه بصفته العملية المركزية التي تتمحور حولها كل العمليات الاخرى بأعتبار ان غاية هذه العمليات الاخرى جميعها هي الوصول الى التوازن أو الى اعادة اضفاء التوازن في حالة وجود اختلال في العلاقة بين الذات ومحيطها الخارجي(وقيدي،2005،ص21-29). ليس تذكير المفاهيم البياجوية تلك سوى لصالح الوصول المتدرِّج البنيوي الى مفهوم(المعنى) بمعناه السايكولوجي الدقيق. فالمعنى لا يظهر بغنىً عن المعرفة والأطار الابيستيمولوجي للكائن، فهو ينمو ويمتلأ وجود الفرد من خلال فاعلية ذاته وحركية هذه الذات، فالوجود الفاعل والمتفاعل يأتي كما يراه هيغل من أثر الأفعال التي يؤديها الافراد وينشغلون بها. يقول هيغل في كتابه(فينومينولوجيا الروح) والذي قدَّم امام عبدالفتاح امام دراسة حوله: الوجود بالفعل لا يعني مجرد الوجود بل يعني اتحاد الوجود والماهية فهو الوجود الذي يحقق ماهيته ويُعَبِّر عن فكرته الشاملة، والمنطلق الهيغلي هذا له أساس عقلاني حيث يعتقد هيغل بأن "ماهو عقلي موجود بالفعل " (امام،2009،ص147). المعرفة عند هيغل هي المتحقِّقة فعلاً فالذي يحققها هو الفرد النشط الفاعل والمتحرك من ذاته الى جوهر الأشياء وذلك لتكوين المواضيع منها كي يتفاعل معها ويجد المعاني لها وبعد ذلك يحس ويشعر بأنه كائنٌ سعيدٌ يتجه نحو تحقيق ذاته. وهذا لا يبتعد عن (التمثل والموائمة والتوازن) البياجوي حيث الدايناميكية المتوازنة بين العمليات والاستراتيجيات الثلاثة تؤدي الى ايجاد ذات فاعلة تشعر بوجودها الفاعل وبذلك تعني ما تعمله في مواجهة المثيرات الخارجية. الترابط البنيوي والعقلاني بين وحدات الزمن والتحرك الفاعل داخلها يجعل الفرد كائناً ذو معنى وممتلاً بالوجود أي يُفلِحُ في استعادة الطاقات والنشاط العقلي والجسمي والروحي اثناء الفراغات والحلقات الفارغة بين نشاطين ويستعيد راحته كي يبدأ بنشاط من نوع آخر وهذا هو اصل المعنى وايجاده عند غاستون باشلار وبرغسون وفرانكل. التوجه الأدلري للمعنى ان الانسان لا يستطيع ان يعيش كفرد حرٍّ الا اذا أِستدرك أَنَّ لحياته معنىً، فنحن لا نتعامل مع الاشياء المختلفة باعتبار ما هي عليه، لكننا نتعامل معها من خلال ما تعنيه بالنسبة الينا، اي اننا لا نتعامل مع اشياء مجردة بل نعرفها ونتعامل معها من خلال ذواتنا. حتى اذا نظرنا الى جوهر اي خبرة من خبراتنا اليومية، فان هذا الجوهر سيكون متأثراً بوجهة نظرنا الانسانية، فالخشب مثلاً له معنىً مرتبط بنا كبشر، كما ان كلمة حجر لها معنى فقط كعامل من العوامل المؤثرة في الحياة البشرية. وكل شخص اذا ما حاول ان ياخذ في الاعتبار الظروف المحيطة باستبعاد المعاني المرتبطة بها، فأنه سيواجه بسوء الحظ لأنه سيعزل نفسه عن الآخرين، وافعاله ستصبح عديمة الفائدة لنفسه ولاي شخص آخر، اي ان هذا الشخص سيصبح "عديم المعنى"(ادلر،2009، ص19). لا يخرج أدلر عن النظام المعرفي لتراكمات الخبرة بقدر ما يتمسك بالمذهب التحليلي الفردي النفسي وليس الابستيمولوجية التكوينية لمعرفة الأشياء وايجاد المعنى لها، اي بالقدر الذي تعنينا الاشياء ونرتبط بها نفعياً ونجد معها علاقات موزونة كبشر فالانفصال عن المحيط بمعنى فقدان الوعي بأهمية فهم العلاقة بين قطبي الثنائية الحياتية الأهم وهي(الذات والموضوع). أدلر يعير اهتماماً للظروف المحيطة والتي تعني البيئات الاجتماعية كالأسرة مثلاً وكذلك المؤسسات الاخرى والمحيط الفيزيقي، كون التفاعل بينها وبين الفرد يؤدي الى الاحساس بالوجود المتفاعل الذي قد تؤدي بالنتيجة الى الشعور والوعي بالمعنى للوجود من قبل الافراد. فاللامعنى عند ألفرد ادلر ليس الاّ الأِنفصالُ عن الآخرين واستبعاد المعاني عن وجود الفرد. وهذا ما يؤكده في كتابه(الطبيعة البشرية) حيث يقول: ان وجود صِلات قليلة بغيرنا من أفراد المجتمع البشري تجعلهم غرباء عنا، ويكون سلوكنا تجاههم – في اغلب الأحيان – سلوكاً خاطئاً كما ان أحكامنا عليهم كثيراً ما تكون غير صحيحة(أدلر،2009، ص15). يسترسل أدلر في كتابه الطبيعة البشرية بشأن الفرد الانساني حيث يؤكد ان جميع جوانب موقفنا تجاه الشخص الآخر تكون متأثرة بطريقة فهمنا له، وهذا ما يجعل هذا الفهم ضرورياً واساسياً في اي علاقة اجتماعية، وسيسود التوافق والتناغم بين البشر لو كانت لديهم معرفة ومعلومات افضل عن الطبيعة البشرية(ن م، ص16). فالتناغم الذي يُشدِّد عليه أدلر له صلة بأملاء الفراغ الوجودي الفرانكلي والبرغسوني الذي نتحدث عنه فيما بعد، حيث الانسان في هذه الحالة الممتلئة لا يشعر بأنه كائنٌ يَسبَح ويمرح في الخيال وهو بعيدٌ عن الآخرين بقدر ما يجد معانيَ معقولة لارتباطاته ويعزز مكانته ودوره في الحياة الانسانية بكل جوانبها من خلال ذاته النشطة الفاعلة التي تنشغل باستمرار لأيجاد المعنى لحياته ولوجوده. ما معنى الحياة عند أدلر؟ يتبين من خلال قراءات وبحوث ادلر حول الطبيعة البشرية ان هذا السؤال قديمٌ قِدَم البشرية، حيث يرى ادلر بان التساؤل لا يأتي الا اذا واجه الفرد حالةً من الصعوبة واللاتوازن بينه وبين محيطه. يقول أدلر: لا يوجد شخصٌ اياً كان، يَعرِفُ المعنى الحقيقي المطلق للحياة ولهذا ايضاً فأن اي معنىً لا يمكن ان يكون سليماً تماماً أو خطأً تماماً(ادلر،2009، ص20). اذن كل المعاني مثلما تطرقنا اليها في بداية الدراسة هذه ما هي الا متنوعة ومختلفة تتراوح بين الخطأ والصواب، ويكون اختيارنا لبعض هذه النسخ المتنوعة لأنها اكثر ملائمة لنا من غيرها. فهو من وجهة نظر ادلر والذي ذكرها في كتابه معنى الحياة تحتوي على نسبة خطأ قليلة جدا. ولهذا تَلائَمنا اكثر، اما بعضها الآخر فيكون من الواضح أنه أقل ملائمةً لنا(أدلر،2009، ص21). يشير ادلر الى مهام ثلاث للحياة ويعتبرها اساسية حيث كل المشاكل والتساؤلات التي تُواجهنا في الحياة تنبع من هذه الدوافع الاضطرارية الثلاثة فاننا مجبرين دائماً على الاجابة لها والاجابات التي نحصل عليها تشكل مفهومنا لمعنى الحياة. المهمة الاولى: ضرورة التفاعل الجسمي والعقلي مع معطيات الكوكب الذي نعيش عليه، حيث اننا اعضاء في الجنس البشري فلابد ان نكون على تأثير وتأثر بما يجري على هذا الكوكب او على الأقل المحيط الذي نعيش فيه. المهمة الثانية: ان كلَّ واحدٍ منّا عضوٌ في الجماعة البشرية الذين يعيشون من حولنا وان وجودنا مرتبط بوجودهم، فأن الفرد لا يستطيع ان يحقق اهدافه في الوجود بمفرده ومواجهة المشاكل بصورة مستقلة عن الآخرين، ولهذا يمكننا القول ان: اعظم مِنحَةٍ يُقدِّمُها الانسان لأخيه الأنسان بغرض تحقيق حياة افضل هي منحة الزمالة. المهمة الثالثة: ان الظرف الاضطراري الثالث هو ان الجنس البشري يتكون من رجل وامرأة، وان البقاء مرتبطٌ بعلاقة الجنسين معاً وعلى هذا فأن مشاكل مثل الحب والزواج تنتمي الى هذا الظرف الاضطراري، من هذا نرى ان الظروف الثلاثة التي سبق شرحها تمثل ثلاث مشاكل: 1- علينا ان نجد وظيفةً تمَكِّننا من الحياة في ظل القيود المفروضة علينا بحكم وجودنا على كوكب الارض وهذا ما تُسمى" مشكلة العمل أو الوظيفة". 2- علينا ان نجد لأنفسنا موقِعاً يُمكِنُنا من التعاون مع باقي افراد المجموعة التي نعيش فيها بحيث نفيد ونستفيد من بعضنا البعض وهذه هي مشكلة "الدور الاجتماعي". 3- يجب ان يتسع صدرنا لحقيقة وجود نوعين – رجال ونساء – وان استمرار الجنس البشري يعتمد على العلاقات بين النوعين وهذه هي "مشكلة الجنس أو الحب"(أدلر،2009، ص23). من خلال الشرح والتعمق الادلري هذا نرى بأن الحياة عنده لا تمضي ولا تُعاش الاّ اذا استجبنا كأفراد بصورة نشطة وموزونة مع كل معطياتها الفيزيقية والاجتماعية والجنسية وقد لا تجد معنى يشعر الفرد بأنه كائنٌ مؤثرٌ يعمل ويتحرك في مكان وزمان مُعيَّنين ويملأ وجوده والذي يتلائم ويتوافق هذا التفكير مع افكار ما سبق ذكره من هيغل وبياجيه وباشلار وبيرغسون. فالعمل يَعُد مشكلةً عند ادلر كما كان الأهم عند هيغل في تفسيره للروح الفاعلة وفعالية الذات الموجودة بالفعل، والدور الاجتماعي يربطه بالوجود الاكبر والذات الكبرى الا وهي المجتمع الذي يتجسد ضمن حيوية الأعضاء. والحب هو الأساس الاكسيري لتقوية اللحمة الانسانية واستمرارية الحياة كون ممارسته مرتبط اساساً بالحياة التي هي بحاجة الى دافعية اقوى وهي كما يقولها فرويد غريزة الحياة التي لا تنفتح دون التوجه الابداعي لتنميتها وتطويرها. التوجه الفرومي للمعنى يعتبر أريك فروم من اليسار الماركسي كمَسلَك سياسي وفلسفي، ويسار فرويدي كمُنتَمٍ لمدرسة التحليل النفسي، استطاع وبنجاح أن يُنَسِّق ويتوافق بين الأثنين حيث ظهرت تأثيرات السياسة والنهج الماركسي على مذهبه السايكولوجي وكذلك تأثير علم النفس على أطاره الفكري. عارض فروم مُعلِّمه فرويد لاستقواءه على الغريزة ودور اللاشعور والجنس في تحديد مسار حياة الكائن تطورياً وممارسةً. رأى بأن العامل الأجتماعي له دور أساس في تطور ونمو الطبيعة البشرية والشخصية الأنسانية وأن الأمل وفسحته موجود ولابد منه لأستمرارية الحياة هذا بدلاً من أن يعتمد على الجانب الوراثي والحتمية الداريونية التي أخذته فرويد كمنطلقات للعلاج وكذلك لتفسير الظواهر النفسية. حول اهتمامه بالحياة واهمية اعطائها المعنى، له مساهمات فكرية-نفسية-سوسيولوجية وفلسفية، ما يتعلق بآرائه النفسية حول الحياة وايجابيتها بدى عليه تأثيراً واضحاً انسانياً واجتماعياً أقرب الى التقارب الماركسي والوجودي حول مفهوم الانسان والمجتمع، حين ألَّف كتاباً قيِّماً بعنوان(To Have´-or-To Be) اي نمتلك أو نكون، والذي حَوَّلَه مترجمه الى العربية الى"الأنسان بين الجوهر والمظهر". هنا في هذا الكتاب يميز بين التملك والكينونة في الوجود الفردي. تملكيُّ النزعة ما هو الاّ انسان استهلاكي وهو رضيع ابدي لا يكف عن الصياح في طلب زجاجة الرضاعة(فروم،1987، ص46). فالرضيع يعتمد كلياً على المصادر الخارجية للحصول على حاجاته ولا يكف عن طلباته البيولوجية كي يستمر في التنفس والبقاء السلبي المكائني، ولهذا يرى فروم الفرد المستهلك بأنه يدور ضمن دائرة التملك سواءً لغيره أو لنفسه. أما في نمط الكينونة فأن التجربة الحية التي لا يمكن التعبيرعنها هي التي لها السيادة ومن الطبيعي والقول لفروم ان يوجد في نمط الكينونة ايضاً فكرٌ متميز بالحيوية والاثمار، ولعلَّ احسن وصف رمزي لنمط الكينونة هو الذي اقترحه ماكس هونزينجرMax Hunzinger:الذي يسقط الضوء على زجاج ازرق فأننا نرى لونه أزرق لأنه يمتص كل الالوان الأخرى ما عدى اللون الأزرق، اي انه لا يسمح للالوان الأخرى بالمرور خلاله، ومعنى ذلك اننا نصف هذا الزجاج لأنه لا يحتجز الموجات الزرقاء،اي انه" يعرف لا بما يملك، ولكن بما يعطي"(فروم،1989، ص91). الكينونة أو النمط الكينوني للوجود الانساني يكتسبه الفرد من خلال انه يُنشط اذا حدث اي شيئ في داخله او خارجه وهو العلة الكافية لحدوثه، بتعبير آخر عندما تكون طبيعتنا هي الأصل في حدوثه سواءً في داخلنا او خارجنا(المصدر السابق، ص98). حول موضوع الحياة واهميتها عند فروم لأضفاء المعنى عليها اقتنع بأن حب الحياة طاغٍ على الفرد الانساني ولابد ان يتطلع الانسان نحو المستقبل الاكثر اماناً وتوازناً من حيث الوضع النفسي الفردي أو من حيث التوازن الاجتماعي. يقول فروم في كتاب(جوهر الانسان): يتمثل نقيض الميل النكروفيلي في الميل البيوفيلي، الذي يتمثل جوهره في حب الحياة، لا تنشأ البيوفيليا عن صفة واحدة، بل تمثل توجهاً أِجمالياً طريقة كاملة للوجود والكينونة وهي تتجلى في عمليات الشخص الجسدية، وفي عواطفه وفي ايمائاته ويعبر الميل البيوفيلي عن ذاته في الانسان ككل، يتجلى الشكل الاكثر جوهريةً لهذا الميل في ميل كل الكائنات الحية لأن تعيش وتحيا، للأخلاق البيوفيلية مبدأها الخاص في الخير والشرّ، الخير هو كل ما يحترم الحياة، والشرّ هو ما يخدم الموت. الوعي البيوفيلي يحفزه الانجذاب الى الحياة والفرح ويتركز الجهد الأخلاقي على تقوية الجانب المحب للحياة لدى المرء(فروم،2011، ص55-58). لا يخرج فروم في وصفه لذوي النزعة والميل البيوفيلي عن الآراء الايجابية والتوجهات الموجبة لمعنى الحياة واهمية بذل الجهود للحصول عليها، فالحياة ومعناها لدى فروم هي النقطة والمحور الاساسي لنظريته سواءً حول الفرد كذات مستقلَّة أو حول المجتمع ككائن يحدد سلامته وعدمها بسلامة ولاسوائية الأفراد. اذن الرجوع الى كينونة الفرد وتكوينه الذاتي الداخلي والمنطلقات الذاتوية للسلوك والتفكير شيئ مهمٌ لدى فروم ومحاولة أساسية للبحث عن المعنى والحصول عليه كي تُمَجِّد حياته وتعطيه معنىً لائقاً بها لكي يستطيع أن يعيشها ويشعر بوجوده داخلها. التوجه الوجودي للمعنى ربما اكثر المتناولين لمفهوم المعنى في الفكر الفلسفي والسايكولوجي والسوسيولوجي هم الوجوديون، كونهم الأوائل الذين اعادوا للذات سيادتها وجعلوا منها موضوعاً انطولوجياً للبحث والتقصي والانطلاق. فالذات هي المحور الرئيسي للبحث الوجودي، والانطلاقة الاولى لأعادة الأعتبار لها كانت عند ديكارت عندما ركز على التفكير والفرد المفكر لأثبات ماهيته واعتباره موجوداً حقيقياً وهذا ما ظهر في الكوجيتو(أنا أفكر اذاً أنا موجود)، لا نبالغ اذا اعتقدنا بأن الجملة هذه تتكون من مفاهيم سايكولوجية صرفة أكثر منها فلسفية، (أنا) و(أفكر..من التفكير) و(أنا) ايضاً و(موجود) فالتحليل المضموني لها يؤكد لنا ان الوجود مرتبط مباشرة هنا وعند ديكارت بالتفكير و(من الذي يفكر؟) فهو (أنا) اذاً لابد للموجود الفعلي والحقيقي ان يفكر كي يضفى عليه صفة الموجود الحقيقي. من هنا تبدأ عملية البحث عن المعنى الحقيقي للوجود والذي يتضمن الحياة التي يحياها الافراد مع التفكير واطلاق سراح الفكر من القيود الما بعدِ والماورائيات الخارجة عن سلطة التفكير الانساني. بعد ديكارت سبينوزا وكيركيغور وفي بداية القرن العشرين مارتن هايدغر اهتموا اكثر بموضوعة الذات ووجودها المتحقق بالفعل من خلال الاهتمام الاكبر بالمعنى كاستراتيجية حياتية للوجوديين. فانفصال الانسان عن ذاته الذي يتحدث عنه كيركيغور هي جزء لا يتجزأ من عملية فقدان وضياع المعنى ولهذا يسميه هو بالأغتراب، فالحالة هذه يفقد الانسان ذاته. ومن ثم يأتي ياسبيرز ويشير الى الغريب بالاستغراق في الآلة(حماد،1995، ص64)، وهذا يتطابق مع رأي كيركيغور عندما رأى بان الانسان الفاقد للمعنى هو الضائع في الجمع وهو فاقد لذاته. وهايدغر صنف الذوات على شاكلة اريك فروم الى الوجود الاصيل والزائف، فالزائف هو الفاقد للمعنى الوجودي له والاصيل هو من وجد ذاته واعطاها حقها في الوجود والحياة. خطى مجموعة علماء نفس حداثويون على الطريقة الوجودية امثال رولو ماى وارفين يالوم وفكتور فرانكل وقبلهم كارل روجرز والى حدٍّ ما ماسلو وأُلهموا من فكر الوجوديين وركزوا على الذات البشرية والوجود بالمعنى. رولو ماى أشار رولو ماى الى دور وتأثير الخط والنهج الفلسفي الوجودي على منهجه وطريقته العلاجية النفسية حيث اشار في كتابه "مدخل الى العلاج النفسي الوجودي " الى أدموند هوسرل Husserl مؤسس المنهج الفينومينولوجي، فالمنهج هذا وثيق الصلة بالمدخل الوجودي الى الانسان وموقعه وعالمه حيث ان الفينومينولوجيا تُعَرَّف بالعلم الذاتي اي تحليل الاشياء كما تَتمثَّل في الوعي الانساني وتترائى له وتتبدّى فيه. يرى هوسيرل ان كل عمل او فعل بشري هو شيئٌ مدفوع في الداخل يحدده الشخص ذاته بحرية تامة وهذا هو المعنى الحقيقي للفرد والمواضيع التي يركز عليها(ماى و فالوم،1999، ص13). يتسائل رولو ماى مجموعة تسائلات ويقول: ماذا عسى ان يكون للحياة من معنى؟ لماذا نعيش؟ كيف نعيش في مقابل الأيام؟ هل يمكن لمعنى حياتيٍّ يخلقه الفرد ان يكون من القوة والرسوخ بحيث ينهض بحياة ذلك الفرد ويحملها؟، يبدو ان الانسان كائنٌ مرتهنٌ للمعنى ويسعى بطبيعته الى المعنى ويحتاجه، فأذا نظرنا الى انفسنا نجد ان من صميم التنظيم النيوروسيكولوجي لأدراكنا ان يقوم بأضفاء شكل على المؤثرات العشوائية للتوّ واللحظة. فماذا تظنُّ بانسانٍ أُلقي به في عالمٍ لا شكل له الا ان يظلَّ مضطرباً يبحث عن شكل، عن تفسير، عن معنى للوجود. فالمعنى هو مخطط واطار نستمدَّ منه نظاماً هرمياً للقيم، والقيم تمدُّنا ببرنامج عمل نسلك في الحياة وفقاً له فالقيم لا تخبرنا فقط لماذا نعيش، بل وكيف نعيش؟(ماى،1999، ص104-105). اذن خيط الوجودية كمنهج سايكولوجي يربطنا بالنظام الادراكي للفرد ويضعنا على طريق ايجاد المعنى للحياة بكل تفاصيلها وحِيَزها المتنوعة، فالمعاني تتجلّى في الحقائق التي نعيها ونراها ونشعر بها ونتواصل معها كمواضيع تجذب ذواتنا. فيكتور فرانكل يقول فرانكل في كتابه "الانسان يبحث عن المعنى": أني لأشك فيما اذا كان طبيبٌ يستطيع الاجابة على هذا السؤال بعبارات عامة، ويرجع ذلك الى ان معنى الحياة يختلف من شخص لآخر، وعند الشخص الواحد من يوم ليوم ومن ساعةٍ الى اخرى. اذاً ما يشغل بالنا ليس هو معنى الحياة بصفة عامة ولكن الذي يهمنا هو المعنى الخاص للشخص عن الحياة في وقت معين. فطالما ان كل موقفٍ في الحياة يمثل تحدياً للانسان كما يمثل مشكلة بالنسبة له تتطلب منه ان يسعى الى حلها، فان السؤال عن معنى الحياة قد يصبح غير ذي موضوع من الناحية الواقعية. وحين نُعلِن ان الانسان مخلوق مسؤول وينبغي ان يحقق المعنى الكامن لحياته، أودُّ ان اؤكد على ان المعنى الحقيقي للحياة انما يوجد في العالم الخارجي اكثر مما هو في داخل الانسان أو في تكوينه النفسي ذاته، كما لو اننا في نظام مغلق، فعندما يحقق الفرد ذاته انه يجد معنىً لحياته ولنفسه(فرانكل،1982، ص147). نفهم من فرانكل ان الحياة يجب ان تترجم الى معطيات مُعَنوَنَة وذات معنىً كي يجد الفرد الانساني زاوية التعرف عليها والاندماج معها بهدف الفهم واغناء دائرة المدركات ومن ثم ايجاد افضل المعاني القابلة للتحقيق لها. فالمنظور الفرانكلي لا يبتعد لا عن فينومينولوجية هوسيرل ولا من هايدغر حيث الشيئ الموجود هو ما يوجد في الزمن الآني والمكان الذي يُعبِّرعنه ب(الوجود في العالم)، فالحالة الوجودية عند فرانكل مرتبط بالزمن عندما يقول(الحياة في وقت معين)، فعندما نوجد الآن أو نتفاعل مع الأشياء في الوقت الحاضر ننقل صورةً حية لوجودنا وننقذ ذاتنا من الغيبوبة ونقحمها في المواضيع وبهذا نجد ذاتنا في الاشياء والاشياء ايضاً فينا، على العكس من ذلك نجد في حياتنا فراغاً وجودياً يؤدي بنا الى هاوية اللامعنى والتي تتجسد في العصاب والمرض النفسي عند فرانكل. الفراغ الوجودي هو غياب الذات عن نفسها وعن الألتصاق والارتباط بخارجها والاحساس بخواء داخليٍ ليس باستطاعته ان يُخبِرَ اى خبرة مُدرَكة في داخله، فينشغل الفرد في هذا الفراغ باللامعنى واللاشيئ وقد يؤدي به الى الانزوائية والأِنطوائية وحتى الهلاك الانتحاري. يقول فرانكل حول الفراغ الوجودي: انه ظاهرة واسعة الانتشار يمكن ارجاعها الى فقدان ذي شقين مما كان محتوماً على الانسان ان يمرَّ به منذ ان اصبح كائناً بشرياً بحق، فقد الانسان بعض الغرائز الحيوانية الاساسية مما يكمن فيه سلوك الحيوان ومما يستشعر الحيوان بواسطته الأمن والطمأنينة، وعانى من فقدان آخر في تطوره الحديث ويتمثل هذا فيما يجري الآن بسرعة كبيرة من تناقض في الاعتماد على التقاليد التي ادت الى دعم سلوكه. وقد يظهر الاحباط الوجودي الآن في الشكل الأكثر بدائيةً لأرادة القوة وهو ارادة المال، وفي حالات اخرى تَحِلُّ ارادة اللذة محل ارادة المعنى المحبطة(فرانكل،1982، ص142-143). العلاج النفسي بالمعنى جمع فرانكل خبرة كبيرة وضخمة في معسكرات الاعتقال النازية وحينها أصرَّ على انَّ لابد للحياة والاستمرار فيها بكل مطباتها وانعطافاتها فسحةً للأمل الذي به قد نجد معنىً لوجودنا ونسيطر على يأسنا ونظل لا نستسلم لضغوطات الحياة الى أن نصنع من الموت حياةً أخرى. هناك دائرة مارست فيها المقاربات الوجودية الانسانية تأثيراً كبيرا هي دائرة الناس الذين يواجهون امراضاً مهددة للحياة. ففي هذه الايام يشيع اجتماع مجموعات صغيرة من المصابين المتماثلين لأجراء مناقشات اسبوعية حميمية، وقد ظهرت هذه المجموعات بدئياً بين الناس المصابين بالسرطان، ولكن انتشرت اليوم تقريباً الى كل مشكلة طبية خطيرة(Gottlieb &Wachala,2007,Kelly,1979,Taylor,2006). والناس في هذه المجموعات يكشفون نموذجياً عن مخاوفهم و قلقهم بشأن تحمل الالم ومواجهة الموت، انسجاماً مع التشديد الوجودي على مواجهة هذه التحديات بفعالية. ويساعد المشاركون ايضاً بعضهم بعضاً بكلتا الطريقتين، المحسوسة(المعلوماتية) والروحية. ونتائج هذه الخبرات نموذجياً هي تأكيد للمشاعر الانسانية للثقة والرفقة، واحساسٌ بالانتصار الداخلي. وهذه النتاجات الايجابية تتفق تماماً مع النبوءات الوجودية الانسانية. ومع ذلك قلَّما يُعتَرَف على نحو واضح بهذا المصدر الوجودي الانساني التوجه. وهذا مثالٌ لكيف تغزو افتراضاتنا حول الشخصية بدقة الكثير من مجالات حياتنا اليومية، سواءً كنا ندرك ذلك أم لا(فريدمان وشستك،2013، ص469). أضاف فرانكل قسما موجزا حول العلاج بالمعنى الى الطبعة الاصلية لكتابه( من معسكرات الموت الى الوجودية)، ربما الوجودية هي العودة الواعية لدى فرانكل الى حقيقة وجوده كذات لها كل الشعور بمكنوناتها، وهذه العودة هي انعطافة قوية بعد ان واجه صدمات وراء صدمات عندما كان معتقلاً من دون عنوان ولا تمثل سوى رقم ماتماتيكي وَشَمَ به على جلده، بَنى في المعتقل ارادةً قوية حول الحياة، ووقف على الفكرة الرئيسية للوجودية كما يؤكده البورت في مقدمةٍ له لكتاب فرانكل :"الانسان يبحث عن المعنى" وهي لكي تعيش عليك ان تعاني، ولكي تبقى عليك ان تجد معنى للمعانات(فرانكل،1982، ص16). ويسترسل البورت في هذه المقدمة الى " ان من يجد سبباً يحيى به، فأن في مقدوره عالياً ان يتحمل في سبيله كل الصعاب باي وسيلة من الوسائل. هذه الافكار التي تبناها فرانكل من أثر اوضاعٍ لا توصف من حيث شدة وحشيتها تؤكد ان الذات البشرية باستطاعتها ان تبني لنفسها مواقف تدفعه نحو الحياة اكثر منه الى الموت وهذه المواقف هي بالأساس ايجاد المعنى الذي يظل الانسان الواعي المسيطر يعيش من اجله. العلاج بالمعنى عند فرانكل يركز أكثر على المستقبل، اي على التعيينات والمعاني التي ينبغي ان يضطلع بها المريض في مستقبله. ولا يركز هذا النوع من العلاج في نفس الوقت على كل تكوينات الدائرة المفرغة وميكانيزمات التغذية الراجعة التي تلعب دوراً هائلاً في نشوء الامراض النفسية، في العلاج بالمعنى يواجه المريض فعلاً بمعنى حياته كما يعاد توجيهه وتوجُّهه نحو معنى هذه الحياة، لذا فان صياغتي لتعريف مفهوم العلاج بالمعنى تصدق من حيث ان الشخص العصابي يحاول الهرب من الوعي الكامل بمهامه في الحياة. واذا استطعنا ان نجعله واعياً بهذه المهام، وان نوقظ فيه الوعي الاكمل بها، فان هذا يمكن ان يسهم كثيراً في تعضيد قدرته على التغلب على عصابه. والآن فلأُفَسِّر والكلام لفرانكل لماذا استخدمت المصطلحLogotherapy العلاج بالمعنى كأِسمٍ لنظريتي؟، كلمة يونانية تشير الى المعنىmeaning اذاً العلاج بالمعنى أو كما يطلق عليها البعض (مدرسة فينا الثالثة في العلاج النفسي) يركز على معنى الوجود الانساني وكذلك الى سعي الانسان الى البحث عن ذلك المعنى وهنا السعي يسمى ب" ارادة المعنى(فرانكل،1982، ص129-131). يسمى فرانكل العلاج بالمعنى في كتابه(ارادة المعنى) بالميتاكلينيكي ويقصد به أساساً كما يقول فرانكل الى التصور الخاص بالانسان وفلسفة الحياة. فلا يوجد علاج نفسي لا يستند الى نظرية عن الانسان وفلسفة الحياة(فرانكل،2014، ص21). يشير فرانكل في هذا الكتاب(ارادة المعنى) الى قول لفرويد وهو: ان الوجود يتداعى اذا لم تكن هناك "فكرة قوية" وكذلك يستعير قول من البرت انشتاين – الانسان الذي يعتبر حياته بلا معنى ليس مجرد انسان غير سعيد، ولكنه لا يصلح للحياة- وعلى اى حال فان الوجود ليس قصدياَ فحسب وانما هو متسامى ايضاً، فالتسامي على الذات هو جوهر الوجود، وكون الانسان انساناً يعني توجهه الى شيئٍ آخر غير ذاته، ويقول فرانكل: يجب ان ندرك ان كون الانسان انساناً يعني اساساً ان يكون منشغلاً ومشتبكاً بموقف، ومواجه بعالمٍ لا تكون موضوعيته وواقعيته بحال مختزلة بواسطة ذاتية هذه(الكينونة)التي هي(في العالم). والابقاء على غيرية وموضوعية الموضوع تعني الابقاء على التوتر القائم بين الذات والموضوع. هذا التوتر يشبه تماماً التوتر القائم بين أنا اكون Iam وينبغي ان أكون I aught بين الواقع والمثال، بين الكينونة والمعنى واذا كان لهذا التوتر أن يبقى، فيجب ان لا يتطابق المعنى مع الكينونة، أريد أن أقول أن معنى المعنى هو توجيه خطى الكينونة(فرانكل،2014، ص63). التوجه الفرويدي للمعنى لا يَقِلُّ اهتمام فرويد بمعنى الحياة والوجود من اهتمام الوجوديين والنفس اجتماعيين أذا لم يكن أكثر، أنه يتعمق من خلال التحليل كأستراتيجية دايناميكية للوصول الى الظُلُمات والخفايا التي تكمن فيها منابع الطاقة الحيوية لبني البشر، لم يكن فرويد حتمياً بيولوجياً غريزياً بالشكل المطلق ولا حتى منظوره حتمياً لاشعورياً انه يحب الحياة، ينحو ويرنو الى تنظيمها وضبطها من خلال ايجاد المحركات الأساسية لها والسيطرة على اتجاهاتها. عند تصنيفه لغريزتي الحياة والموت يقول فرويد للكل البشري، أن الكائن وُلِد لكي يعيش ويتحرك في فضاءات الحياة وفق المحركات والطاقات الكافية الكامنة الغريزية واللاشعورية التي بداخله، انه لم يكن من أنصار التطرف الجنسي كطالبه ومولعه(وليم رايش) فالانضباط السلوكي والاخلاقي عنده كانت قوية الى حدِّ أتهام البعض له بأن مذهبه التحليلي يدخل ضمن الصوفية اليهودية. كان فرويد واعياً لأهمية عمله فيما يتعلق بالحكم الذي يطلقه الانسان على نفسه، يرى ان نرجسية الانسان قد تعرَّضت لثلاث اصابات قاسية: الاولى من كوبرنيك على المستوى الكوني، والثانية من داروين على المستوى البيولوجي، والثالثة من التحليل النفسي على المستوى النفسي. وبالأضافة الى التأثير العميق الذي تركه فرويد على أفكارنا حول علاج الاضطرابات العقلية، فأنه أثَّر ايضاً بطريقة فذة على علم النفس بشكل عام، وعلى الفنون والعلوم الاجتماعية والاصلاحات الاجتماعية وتربية الاطفال، اي على المشاكل التي تطال العلاقات الانسانية كافة. بدأت حركة التحليل النفسي في انطلاقتها الاولى محاولة من طبيب لمعالجة مرضاه الذين يقاومون ايّ علاج، بهذا الشكل الظاهري قدم التحليل النفسي للعالم اجمع ولكنه امتد بعد مدة من ولادته، ليلامس ويحيط بكل اشكال النشاط العقلي(باكان،2002، ص21). من هذا التصور لدافيد باكان والذي قدمه في كتابه(فرويد والتراث الصوفي اليهودي) يتبين لنا أنه وجمعيته للتحليل النفسي ظهرا لكي يخدما البشرية بالدرجة الأساس وانقاذه من الامراض العصابية التي نتجت من أثر البنى الحضارية والثقافية اللاعقلانية. ان مذهبه كما يقول باكان قدم للعالم اجمع وان قوله حول ظهور التحليل النفسي كأصابة قاسية للنرجسية الكونية، هو أساساً دليل على انه جاء ليقدم العلاج ولا ليجذب العالم والمحيط صوب الدروشة والصوفية كما يَتَّهِمونه. الاصلاح الاجتماعي من خلال التوجه الفرويدي هو محاولة منه كي يعطي للحياة الاجتماعية والانسانية معنى أكثر تسامياً وعلواً من المعاني الزائفة التي حصل عليها البشر من خلال الاوهام الميثولوجية والغيبية. فرويد ابدع في ايجاد بعض المفاهيم التي كانت متجددة في الشخصية الانسانية ولكن خافتة الى حد التحجُّر ان صح التعبير، مفهوم (تأنيب الضمير) ليس فقط حالة عابرة وآنية يشعر بها الفرد الانساني بعد كل تجاوز لقيم ما أو لنظام أو معيار ما، انه نتيجة أو تحصيل حاصل لكل انحراف عن المعيار العقلي ايضاً فالعقل عند فرويد هو الاسمى وهو الحكم في حسم الامور لصالح التوازن الانساني والاجتماعي الذي هو(الفرد) بصدده، يرشدنا فرويد بأن لا ننحرف الى الدرجة التي يأكلنا بعد ذلك ضميرنا ويحرِم منّا راحتنا الوجدانية. يقول فرويد في كتابه(الطوطم والطابو): ان الضمير هو الادراك الداخلي لأنتباذ بعض الرغبات التي تساورنا، على اعتبار ان هذا الانتباذ لا يحتاج بطبيعة الحال الى ذرائع يتعلل بها، وانه واثق من نفسه، وهذه الصفة تتجلى بمزيد من الوضوح بعد في احساسنا بالخطأ لدى ادراكنا وادانتنا الداخلية لافعال أَتيناها تحت تأثير بعض الرغبات، ويبدو ان ايَّ تعليل لهذه الادانة فائضٌ عن الحاجة: فمن كان ذا ضمير فلابد ان يجد في دخيلة نفسه تبرير هذه الأدانة، ولابد ان تحدو به قوة داخلية الى تأنيب نفسه وتأنيب الآخرين على بعض الافعال المقترحة، ولكن هذا على وجه التعيين ما يميز موقف الانسان البدائي من الحرام، الذي هو أمرٌ وايعازٌ من ضميره، والذي اذا ما أِنتَهَكه لاحقَه شعورٌ لا يطاق بالذنب، وهو شعور طبيعي وفطري بقدر ما هو مجهول من حيث أصوله(فرويد،1965، ص92-93). عندما يقول فرويد ويقرُّ بأن الضمير ما هو الاّ ادراكاً داخلياً، هو بمثابة اقرار علمي بأن الضمير هو اعطاء المعاني للأشياء والمعطيات المادية والمعنوية للوجود البشري، وأنَّ فردٍ يبني ضميره من خلال المعايير ويختلف هذه الحالة من شخصٍ لشخص، فالادراك هو اعطاء المعنى للأشياء المحسوسة، والضمير هو في نفس الوقت ايجاد حالة من الاستقرار والأئتمان النفسي والعقلي يحسُّ ويشعر الفرد داخله بأنه غير معذَّب ومؤنَّب ضميرياً وبأستطاعته ان يجد مكانا ودوراً له في المجتمع دون أن يخل بتوازنه. فالشعور الطبيعي والفطري لحالة التانيب الذي أشار اليه فرويد في كتابه(الطوطم والتابو)ايضا هو قناعة منه بأن الحالة المؤلمة التي تنتج من انتهاك الحرمات والمعايير الاخلاقية والقيمية خارجة عن سيطرة الفرد وبهذا تعد بأنها ذات جذور عميقة في البنية النفسية والروحية للفرد. يعتقد فرويد انه ينبغي على كل فرد(ان يبحث بنفسه عن الطريقة التي يمكنه بها أن يصبح سعيداً. اذ يتعلق كل شيئ بكمية الاشباع الحقيقي التي بوسع كل واحدٍ توقُّعَها من العالم الخارجي وبمدى قدرته على الاستقلال عنه، واخيراً بالقوة المتاحة له كي يبدله وفق رغباته)، ويؤكد ايضاً على أن هناك وفرة من الدروب التي تفضي الى السعادة على الأقل، كما هي متاحة للأنسان، ولكن ليست ثمة من دربٍ يفضي اليها بصورة اكيدة، ان فرويد يدافع عن مفهوم الشخصية الانسانية والحرية المرتبطة بها(عباس،2005، ص316). لكي نثبت بأن فرويد بجانب قناعاته الراسخة حول الاساس العصابي للحضارة له توصيات علمية تجاه المتاحة من الفرص كي نضبط امورنا ونحقق اكثرية رغباتنا وميولنا. يقول فرويد في الحالة الازدواجية للأنا الأنساني في كتابه(قلقٌ في الحضارة):- ليس ثمة ماهو اكثر استقراراً وثبوتاً فينا، في الحالات السويَّة من شعورنا بأنفسنا، بأنانا الخاص. ويظهر لنا هذا الأنا مستقلاً، واحداً، متمايزاً عميقُ التمايزعن كل ما عداه. ان هذا الظهور خدّاع، واما ان ال(أنا) يخترق على العكس كل حدٍ واضح الرسم ويمتد في كيان آخر لا واعٍ نطلق عليه اسم(الذات)، كيان لا يعدو الأنا أن يكون مجرد واجهةً له، وذلك أول ما علَّمناه اياه البحث التحليلي النفسي(فرويد،1979، ص8). تَيهَ واختفاءَ ال(أنا) في (الذات) لدى فرويد لا يعني غير ما يعنيه ذوبان العقل الفردي الخالص في العقل الكلِّي المجتمعي الحضاري المكوِّن للذات البشري. الاشارة لا تعدو غير فقدان الفرد لأستقلاليته في التفكير والادراك والعقل وتسليمه للجسد الحضاري والعقل الجمعي الذي يدير المجتمعات البشرية ككل. الأنا عند فرويد هو العقل والأمنية الفرويدية هي الغور المستقل والحرّ لهذا العقل في المجاهيل كي يجد في النهاية وهذا ما نقصد اليه في هذه الدراسة(المعنى) لوجوده ولرغباته وميوله كي يحققها الى الحد الذي لم يعد التوتر يقلقه ويشوِّه سلوكاته حد العصاب والمرض النفسي. دعماً لما نفهمه من فرويد من محاولات لتنظيم العقل والعلاقات بين البشر وايجاد حياة ذات معنى قابلة لأن تعاش نقتبس تصنيفاً لمصادر الألم الثلاث التي أشار اليها وهي: 1- قوة الطبيعة الساحقة. 2- شيخوخة الجسم البشري. 3- عدم كفاية التدابير الرامية الى تنظيم العلاقات بين البشر،سواءً ضمن الاسرة أم الدولة أم المجتمع. يسترسل فرويد حول هذه النقاط ويقول: حول ما يتعلق بالمصدرين الأوَّلين لا مجال لترددنا طويلاً اذ ان حصافَتَنا تُجبِرُنا على الاعتراف بواقعيتهما مثلما تجبرنا على الرضوخ لما لا مهرب منه، فنحن لن نحكم ابداً تمام الاحكام سيطرتنا على الطبيعة وجسمنا، الذي هو ذاته عنصر من عناصر الطبيعة، سيبقى ابد الدهر قابلاً للفناء ومحدوداً في مقدرته على التكيف كما في سعة وظائفه، لكن الاقرار بهذه الحقيقة لا يجوز ان يحكم علينا بالشلل، اذ انه يعين لنشاطنا الوجهة التي ينبغي عليه ان يسلكها. وحول الألم ذو المنشأ الاجتماعي فنحن نرفض بعناد التسليم به، ولا يسعنا ان ندرك لماذا لا توفر المؤسسات التي انشأناها بأنفسنا الحماية والمنفعة لنا جميعاً، وعلى كل حال لو أمعننا التفكير في الفشل المحزن الذي تمنى به في هذا المجال على وجه التحديد، اجراءاتنا للوقاية من الألم، لشرعت تراودنا الشكوك بأن ثمة قانوناً ما للطبيعة التي لا تقهر يتوارى هنا ايضاً عن الانظار، وان هذا القانون يتعلق هذه المرة بتكويننا النفسي بالذات(فرويد،1979، ص36-37). كما حلله فرويد بنفسه فأن المصادر الثلاثة وخاصة الأوَّلَين لابد وان نواجهها للحصول على الرضا النفسي وايجاد نوع من التوازن السايكولوجي وهذا الصراع الذي يؤمن به فرويد ليس له اساساً شريراً في البنية الانسانية بقدر ما يعتقد ان هذا الصراع ضرورة حتمية لأيجاد ثنائيات ذاتية وموضوعية لتنشيط جدلية ايجاد المعنى للحياة والعقلانية التي تنبع أساساً من الانشطة العقلية الفردانية المستقلة. فالجسم ايضاً يجب ان يُدار ويُحترم بشكل واعي وعقلاني وذلك لجعله موضوعاً للمعنى والاهتمام. أما المصدر الثالث للألم فهو اجتماعي خالص حيث يُذنِب فرويد ويعاتب المجتمع وأفراده لتقصيرهم طيلة حضورهم داخل مؤسساتهم الحضارية والثقافية في ايجاد تنظيمات انسانية لتسيير امورهم بسلاسة دونما ظهور حالات نفسية غير سوية نتيجة الفوضى وسوء الادارة. فرويد هنا يتالَّم من عدم وجود هذه التنظيمات في الأسرة والمجتمع والدولة ويأمل ايضاً ان يجده البشر وهذا لا يعتبره مستحيلاً، اذن التوجه الفرويدي في ايجاد البشر لمعاني حياتهم واضح وان لم يتحدث حوله كالوجوديين، فأن اعماله ومحاولاته كلها تصب في هذا المصب ألا وهو حياةً اكثر معنىً واكثرُ استقراراً وتسامياً. الاستنتاجات النظرية اختلاف التفسير للظواهر النفسية والاجتماعية ينبثق من اختلاف الرؤى والمنطلقات التي تحاصر المشكلات وتقدم لها الفرضيات وتتجه نحو التحقيق والبحث عن الحلول التي يجدها الباحثون بأنها قابلة للأعتماد عليها والوثوق بها. المنظورات التي سبق وان رأينا من خلال كل واحد منها الانسان الفرد كيف يتحرك ويبحث عن منبع الرضا النفسي لنفسه وهو المعنى والمنتج العقلي الذي يُسَكِّن خاطره هي لا تناقض بعضها ولا تبطل دور بعضهم البعض بقدر ما تساهم كل نظرية في محاصرة الموضوع والظاهرة وفق آلياتها التحليلية والتأويلية وستراتيجياتها للوصول الى القناعة التي لا تتضارب مع المعطيات والقوانين العلمية الوضعية والشبه وضعية. ربما تكمل كل نظرية دور الآخرى وتعطي لبعضها في النهاية صورة علمية مؤطرة تجد بداخلها الانسان مُشَرَّحاً بالشكل الذي لا تجد مكوناً لم يتطرق اليها الباحثون واصحاب النظريات السايكولوجية الشخصية. سيجموند فرويد كرائد ومؤسس لحركة التحليل النفسي والذي اعطاه كاتب هذه الدراسة الترتيب الذيلي في موضوعه كانت نِيَّتَه علمية لم يكن متجاهلاً لمفهوم المعنى واهميته في الحياة البشرية، انه سَبَر الاعماق كي يحصل على الصندوق الأسود البشري الذي سُجِّلت فيه البُنيّات الأساسية لعقله وذلك بهدف العمل لأجل المساهمة في اعادة بعض من التوازن للأختلالات التي هزَّت كيانه النفسي والمجتمعي. تحدَّث فرويد كثيراً عن العقل ودوره الفعال في التنظيمات النفسية والمجتمعية ولا نبالغ أِن اعتقدنا بأنَّه هو العقلاني الأقوى بين كل مَن ادعى العقلانية وهو الذي قام بتشريح العقل من خلال اجراء عمليات جراحية في اعمق اعماق اللاشعور ولم يستسلم للقوى التي تُحَرِّك البشر وتُنَمِّط سلوكاته بقدر ما وضع الخطوط تحت الأِعوِجاجات الخطابية في التأريخ الشفاهي والكتابي وبهذا ساهم في اعطاء العقل الدور الأساسي كي يكون نشطاً للبحث عن معنى الحياة المنظَّمة والموزونة كي يدور بداخلها المنظومة النفسية للفرد بشكلٍ مستقرٍّ وغير متوتر. في البدء عندما قدمنا آراء ألفرد أدلر كونه من أوائل النفسانيين الذين تعلَّموا على يد فرويد واستخلص من نظرياته آراءه وأُطُرَها بشكل مفاهيمي ولكن تعمل المفاهيم وآليات تفعيلها بشكل مغاير لفرويد من حيث العوامل المؤثرة في الفرد وسايكولوجيته ومن حيث البواعث والحوافز المؤثرة في السلوك الذي يبديه. هو ألَّف كتاباً حول معنى الحياة واستعرض بشكل واضح سايكولوجية الفرد ويشاهدنا بصورة مكشوفة العالم الاجتماعي المستقر الذي يرنو الى تحقيقه. التسلسل الولادي ومفهوم الشعور بالنقص واسلوب الحياة لا يتعارض مع ما تعمق فيه فرويد واعلنه من خلال اعماله الكتابية والعلاجية والبحثية. ان فرويد في(حياتي والتحليل النفسي) تحدَّث عن كونه المولود الأكبر في عائلة والديه وأشار الى دور الاب فيها والصراع الخفي الذي بداخله حول السلطة التي بحوزة الوالد. لم يخفِ فرويد علاقته الحميمة بأمه وهذا ما دفع أدلر بصياغة مفاهيم ومحاور فكرية أساسية لنظريته على الأساس والاطار الفكري الذي اغناه بتأثير من فرويد، فالأسرة والدور الأكبر للوالد فيها وعلاقة التوتر كحالة بيونفسية ومؤثرة في السلوك البشري لا يبعدنا عن مفهوم الشعور بالنقص كدافع اساسي عند أدلر للتحرك للحصول على دفعه وايجاد التوازن السايكولوجي لنفسه واعطاء الحياة والكل السلوكي للفرد معنىً يتفاءل من خلاله ولا ييأس وذلك لأجل بناء مجتمع صحّي متكامل. أما فروم تابع الدور الانساني لما سبقه من المنظرين وعلماء النفس ولم يتجه اتجاهاً معاكساً لهم سوى المنظور المختلف الذي أسَّسَه لنفسه من خلال انتمائه الفلسفي ذات الجذور الماركسية والوجودية ودور هذا الاطار في تأسيس رُؤاه الذي يختلف عن فرويد من حيث الابعاد العلمية والتأريخية ولكن لا يتعارض معه عقلانياً وانسانياً كون كليهما ينظران ويشاهدان ويحللان ويفسران ويعملان بشكلٍ مختلف والهدف لا يخرج من نطاق التنظيم العقلاني للمجتمع البشري. لم يتعارض فروم مع اللاشعور ولا مع الجنس ودوره ولا مع الذات المثلى ولكن اوجد بدائل اخرى للتفسير والتحليل والتركيب لا غير. والآخرون من الوجوديين كرولو ماى وفرانكل اكثر وضوحاً من الذين سبق وان ذكرناهم حيث هم اكثر شفافية تجاه الذات الانسانية وأَمسَكوا بهذه الذات البشرية واعتبروها هي المسؤولة عن نوعية حياتها وايجاد المعاني لكل ما يتعلق بها سواءً في الداخل النفسي أو في المحيط الخارجي. هم لم يبدأوا من الصفر بقدر ما اسعفهم التصورات التحليلية النفسية في مقدمتهم فرويد حيث المكونات والعناصر الأساسية لتكوين الذات لم تكن غائبة عن فرويد وهذه هي المنطلقات الاساسية لنظريتهم التي تأسَّست كي تعمل لأعطاء الانسان وذاته وحياته اكثر اهتماماً واوسع مجالاً واوضح معنىً. الاشارة الأَكثر الى دور فرويد في معالجة المعنى ليس من المنظور الاصولي للرجوع اليه، حيث ان الوجوديين والآخرين ركزوا اكثر على جوانب معينة وتشخيصية كي يتمكنوا من السيطرة على مفهوم المعنى للحياة بشكل ادقّ، فنظرية فرانكل هي الابرز من بين الذين عالجوا هذا المفهوم حيث شكَّل له اطاراً نظرياً وعلاجياً و طبَّق ما توصل اليه من أُفهومات فرعية لموضوع المعنى في العيادة الخاصة به وفي الحياة على وجه الدقة. ساهم فرانكل في ايجاد أُسس وتطبيقات للعلاج بالمعنى وكان يعرف منهجه بالمدرسة الثالثة في فينّا للعلاج النفسي، والآخرون كرولو ماى وقبله ادلر استخلصوا افكارهم اكثر من الارث الاجتماعي والوجودي للفرد في ذاته وداخل منظوماته الوجودية المختلفة كالعمل والحب والمحيط البيئي. أحاطتنا لموضوع المعنى هنا في هذه الورقة الأكاديمية استخلصت عند هؤلاء الأعلام في الفكر السايكولوجي، والآخرون هم كُثر الذين وقفوا عند هذا المفهوم الانساني الحي، ولكن الأخذ بالمفهوم أو محاولة ترجمته من قِبَلِهم الى السلوك عند الافراد بواسطة دراساتهم استدرجني الى العلماء والمنظرين الموجودين في هذه الدراسة النظرية. تأثير افكار هؤلاء الكبار لم ينتهي الى يومنا هذا، والاوساط الاكاديمية والعلاجية في العالم لا تزال وضعوهم نصب اعينهم وهم مناهل الفكر السايكولوجي ومن خلالهم تُسقى العقول الطالبة للعلم.
المصادر والهوامش 1- وقيدي، محمد(2005).النمو العقلي والتطور المعرفي، ط1، بيروت،الشركة العالمية للكتاب. 2- أمام،عبدالفتاح امام(2009).فينومينولوجيا الروح، ط3، بيروت، التنوير للطباعة والنشر. 3- أدلر، ألفرد(2009). معنى الحياة، ط3، القاهرة،المركز القومي للترجمة. 4- أدلر، ألفرد(2009). الطبيعة البشرية، ط2، القاهرة، المركز القومي للترجمة. 5- فروم، أريك(1989). الانسان بين الجوهر والمظهر، ط1، الكويت، عالم المعرفة. 6- فروم، أريك(2011). جوهر الانسان، ط1، اللاذقية، دار الحوار. 7- ماى، رولو(1999).مدخل الى العلاج النفسي الوجودي، ط1، بيروت، دار النهضة العربية. 8- فرانكل، فيكتور(1982). الانسان يبحث عن المعنى، ط1، الكويت، دار القلم. 9- فرانكل، فيكتور(2014). ارادة المعنى...أسس وتطبيقات العلاج بالمعنى، ط1،القاهرة، دار زهراء الشرق. 10- فريمان، هاورد و شستك، ميريام(2013). الشخصية...النظريات الكلاسيكية والبحث الحديث، ط1، بيروت، مركز دراسات الوحدة العربية. 11- باكان، دافيد(2002). فرويد والتراث الصوفي اليهودي، ط2، بيروت، المؤسسة الجامعية للدراسات والنشر. 12- فرويد، سيجموند(1965). الطوطم والتابو، ط1،بيروت، دار الطليعة. 13- عباس، فيصل(2005). الفرويدية ونقد الحضارة المعاصرة، ط1، بيروت، دار المنهل اللبناني. 14- فرويد، سيجموند(1977). قلق في الحضارة، ط1، بيروت، دار الطليعة. 15- فرويد، سيجموند(1994). حياتي والتحليل النفسي، ط4، دار المعارف. *أوراق نفسية أكاديمية تقدم الى قسم علم النفس/كلية الآداب /جامعة صلاح الدين-اربيل.
#محمد_طه_حسين (هاشتاغ)
Mohammad_Taha_Hussein#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
شخصية الأرهابيّ*
-
أشياء على غير مسمياتها.....تجليات الأشياء في جماليات الكلمة
-
الذات الشاردة
-
احزاب معدلة وراثيا!!!
-
حديث عن فينومينولوجيا الذات
-
ذاتنا المغتربة من منطلقات فكر اريك فروم
-
الهروب من العقل .... الأدمان بالجهل!!!
-
الذات السياسية و العودة الاسطورية
-
أردوغان..... التقمص الفاشل لشخصية السلطان
-
الهشاشة الوجودية... قراءة لخلفيات الآيدز النفسي و السوسيوثقا
...
-
اللازمان و اللامكان الداعشي
-
ما زلنا في حدود الذات.... ثالوث الذات ..القارئة و الكاتبة و
...
-
ذات تتقنع........ذات تحن الى طفولتها!!
-
مالك الدم الحزين!!
-
الاصل الميتافيزيكي و السيبرنيتيكي للذات
-
الذات المثقفة و الذات الاكاديمية
-
اننا محكومون بأن نتلقى أكثر مما يعطي!
-
أنانا لا يساوي ذاتنا
-
ذاتنا و القلق الاخلاقي
-
نحن كائنات المآزق
المزيد.....
-
ماذا يعني أمر اعتقال نتنياهو وجالانت ومن المخاطبون بالتنفيذ
...
-
أول تعليق من أمريكا على إصدار مذكرتي اعتقال بحق نتنياهو وغال
...
-
الحكومة العراقية: إصدار المحكمة الجنائية الدولية مذكرات اعتق
...
-
العفو الدولية: نتنياهو بات ملاحقا رسميا بعد مذكرة المحكمة ال
...
-
البيت الابيض يعلن رسميا رفضه قرار الجنائية الدولية باعتقال ن
...
-
اعلام غربي: قرار اعتقال نتنياهو وغالانت زلزال عالمي!
-
البيت الأبيض للحرة: نرفض بشكل قاطع أوامر اعتقال نتانياهو وغا
...
-
جوزيب بوريل يعلق على قرار المحكمة الجنائية الدولية بحق نتنيا
...
-
عاجل| الجيش الإسرائيلي يتحدث عن مخاوف جدية من أوامر اعتقال س
...
-
حماس عن مذكرتي اعتقال نتنياهو وغالانت: سابقة تاريخية مهمة
المزيد.....
-
أية رسالة للتنشيط السوسيوثقافي في تكوين شخصية المرء -الأطفال
...
/ موافق محمد
-
بيداغوجيا البُرْهانِ فِي فَضاءِ الثَوْرَةِ الرَقْمِيَّةِ
/ علي أسعد وطفة
-
مأزق الحريات الأكاديمية في الجامعات العربية: مقاربة نقدية
/ علي أسعد وطفة
-
العدوانية الإنسانية في سيكولوجيا فرويد
/ علي أسعد وطفة
-
الاتصالات الخاصة بالراديو البحري باللغتين العربية والانكليزي
...
/ محمد عبد الكريم يوسف
-
التونسيات واستفتاء 25 جويلية :2022 إلى المقاطعة لا مصلحة للن
...
/ حمه الهمامي
-
تحليل الاستغلال بين العمل الشاق والتطفل الضار
/ زهير الخويلدي
-
منظمات المجتمع المدني في سوريا بعد العام 2011 .. سياسة اللاس
...
/ رامي نصرالله
-
من أجل السلام الدائم، عمونيال كانط
/ زهير الخويلدي
-
فراعنة فى الدنمارك
/ محيى الدين غريب
المزيد.....
|