|
طابورٌ خامس
زين اليوسف
مُدوِّنة عربية
(Zeina Al-omar)
الحوار المتمدن-العدد: 5039 - 2016 / 1 / 9 - 18:28
المحور:
حقوق الانسان
لا لن أتحدث عن طابور الجواسيس و الذي تكون فاعليته في الحروب كبيرةً جداً مقارنةً بالطوابير العسكرية و لكني سأتحدث عن طابور أقليةٍ ما من مذهبٍ ما..لا لا تقم برفع حاجبيك مندهشاً بسبب معرفتك المسبقة لرأيي في عبثية فكرة المذاهب و التي أوجدها الإنسان ليعتنقها مُتحبِباً إلى ربه..فما أجبرني على حديثي حولها هو أنه في بداية العام الحالي صدرت أحكام إعدام شيعية - سنية في أكثر بلدين يحترفان قتل الأقليات..و لكني توفيراً لوقتك سأكتب فقط عن الأحكام الأولى و كل ما عليك فعله هو أن تستبدل اسم المذهب فقط لتستطيع إسقاط ذات العبارات على الطرف الآخر.
فلقد أثارت تلك الأحكام الكثير من الانقسام بسبب وجود بعض الشخصيات الشيعية من ضمن قائمتها الطويلة..البعض رأى أن تلك المجموعة التي أُعدمت يندرج أفرادها ضمن تصنيف المعارضة السياسية لنظام حكم لا يتمتع -حسب رأيهم- بأدنى مقومات الحكم الديمقراطي..و حتى و إن كانت تلك المجموعة قد قامت بحمل السلاح ضد الدولة التي تحمل جنسيتها فذلك أمرٌ مبررٌ جداً نتيجة لتراكماتٍ سابقة و عديدة و مستمرة..هذا كان رأي البعض الأول أما البعض الآخر فرأى أن تهمة حمل السلاح ضد الدولة لم تكن بالتهمة المُلفَّقة إلى بضعة أفراد بُغية التخلص من حضورهم على الساحة السياسية بل هي تهمة تشمل حقيقة مذهبٍ بأكمله يعيش بين ظهرانيَّ تلك الأغلبية السنية و ينتظر أول فرصة تلوح في أفقه لينقض عليها من خلافها و ليمارس ضدها إبادةً مذهبية و لهذا يجب التعامل معهم بمبدأ أنهم جميعاً متهمون و لن تثبت براءتهم و لو خضعوا..و بين هذا الرأي و ذك سأقف قليلاً.
فذلك السِجال العقيم لم يُولد من العدم و لكن لأن لا أحد يرغب في فهم ماذا يعني أن تكون من الأقليات خاصةً إذا كنت تحيا ضمن أغلبيةٍ ترى أنك طالما لا تنتمي إليها فأنت في حقيقة أمرك لا تنتمي إلى دينٍ بأكمله كونك تغرد خارج سربها بمذهبك المتفرد عنها..و لكن و رغم عقم ذلك الجدل فلقد أنجب لنا بطريقةٍ ما أجيالاً بأكملها لم تستطع أن تفهم أنه بممارستها لذلك النفي الديني ضد الأقليات فمن الطبيعي أن يشعر الفرد المنفي بأنه لا يمتلك و لو القليل من الولاء لتلك الأغلبية و لا حتى لتلك الأرض التي تحتضنهم جميعاً.
فأي شيعيَّ سيعاني كثيراً بسبب وجوده ضمن حدود مذهبٍ آخر يتعامل معه بمنطقٍ تكفيريٍ بحت..ذلك التكفير لن يكون إلا كمقدمةٍ سريعة لتهمٍ تأبى أن تكف قائمتها عن التمدد..تهمٌ ستجعله يبدأ بالتأكيد بإخفاء هويته الدينية..لكنته التي قد تميزه عنهم..طقوسه الدينية المختلفة "قليلاً" عن طقوسهم..و لكنه مهما فعل فتلك أمورٌ لن تنطلي عليهم طويلاً و سيأتي الوقت الذي سيقع فيه في زلَّةٍ ما تُعريه أمامهم..هكذا سيجد أن الأمر يشبه إلى حدٍ كبير تفاصيل رواية 1984 لجورج أورويل حيث الأخ الكبير ينتظر فقط زلَّةً واحدةً منك لكي تختفي من الوجود..و تلك الزلَّة لن تكون حينها فقط حمله للسلاح ضد الدولة لرفع ظلمٍ طال وقوعه فوق كتفيه..لأن ذلك الأمر سيصور دوماً على أنه عملٌ إرهابي يجب قمعه للمحافظة على الامتيازات التي تمتلكها الأغلبية..تلك الامتيازات التي من أجلها أصبح من المسموح أخلاقياً و جداً إبادته دون التحدث و لو بصوتٍ يتجاوز حتى همس الفكرة عن الأمور التي أدت به إلى أن يصل إلى مرحلة ممارسة العنف المضاد..أي أنه حتى لو لم يقاومهم بسلاحه فستكون زلَّته هي أنه كان "هو" و تلك تهمةٌ كافيةٌ جداً لكي يتم اختفاءه بسببها من الوجود كلياً.
البعض قد يرى أن الشيعة فعلياً في أي بلدٍ ذو أغلبيةٍ سنية لا يعانون كثيراً من أي نوعٍ من أنواع العنف الجسدي المبالغ فيه و الذي قد يحملهم على مواجهته بتلك الطريقة العنيفة أو المسلحة..و ربما يكون ذلك الأمر صحيحاً و لكنه في ذات الوقت ليس بالأمر المثالي تماماً..فالشيعيَّ يعاني من العنف النفسي و الذي يصوب بندقيته تجاهه من دون أن تفرغ الرصاصات من بندقيته..تلك الرصاصات التي جعلته مع مرور الوقت يجد أن حمل سلاحٍ حقيقي لإزالة ذلك القهر النفسي أمرٌ مشروعٌ جداً مُحببٌ جداً!!.
و لهذا فإن حوادث العنف المتكررة تلك و الصادرة من الأقلية الشيعية في أي مكان لن تتوقف قريباً و ربما أبداً..لأن تلك الحوادث مصدرها هو انتماءٌ لن يحدث و لن يهتم أي شخصٍ بإزالة مرارة عدم وجوده من فم أي شيعيَّ أصبح لا يشعر إلا بأن الأرض الوحيدة التي يعرفها و يحبها تلفظه بعيداً عنها دون جرمٍ واضحٍ ارتكبه تجاهها..ذلك الأمر سيجعل كل فردٍ منهم عضوٌ في طابورٍ خامس -خلق وجوده الأغلبية- و لن يتوقف عن ضم المزيد من الأفراد إليه..و إن كنت تشعر بأنهم طابورٌ خامس يحاصرك فكل ما عليك فعله -كما أخبرتك في بداية حديثي- هو أن تحور كلمة شيعيَّ في كل ما سبق لتستبدلها بكلمة سُنيَّ لتصبح لديك فكرة شبه واضحة كيف يشعر الشيعيَّ تجاه أفراد الأقلية السنية الذين يحيطون به في وطنه.
#زين_اليوسف (هاشتاغ)
Zeina_Al-omar#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
24 ساعة
-
تحالف
-
إلهٌ تهاوَى
-
بضع ساعات
-
أوهام
-
عن أركانٍ خمسة!!
-
مكعبات
-
الطوق و الأسورة
-
من دون أي شغف
-
نبضةٌ إضافية
-
أريد
-
حرب
-
مغناطيس
-
قصة مذهبين
-
أفكارٌ هشة
-
ختان..اغتصاب و تحرش
-
على جناح ذبابة
-
تساؤل
-
داعشي حتى يثبُت العكس
-
أنامل عاهرة
المزيد.....
-
البنتاجون: نرفض مذكرتي المحكمة الجنائية الدولية باعتقال نتني
...
-
الأونروا: 91% من سكان غزة يواجهون احتماليات عالية من مستويات
...
-
الإطار التنسيقي العراقي يرحب بقرار الجنائية الدولية اعتقال ن
...
-
وزير الدفاع الإيطالي: سيتعين علينا اعتقال نتنياهو وغالانت لأ
...
-
قرار الجنائية الدولية.. كيف سيؤثر أمر الاعتقال على نتانياهو؟
...
-
أول تعليق للبنتاغون على أمر الجنائية الدولية باعتقال نتانياه
...
-
كولومبيا عن قرار المحكمة الجنائية الدولية باعتقال نتنياهو وج
...
-
تتحجج بها إسرائيل للتهرب من أمر اعتقال نتنياهو.. من هي بيتي
...
-
وزير الدفاع الإيطالي يكشف موقف بلاده من أمر اعتقال نتنياهو
-
مذكرات اعتقال بحق نتنياهو وغالانت.. فما هي الخطوات المقبلة؟
...
المزيد.....
-
مبدأ حق تقرير المصير والقانون الدولي
/ عبد الحسين شعبان
-
حضور الإعلان العالمي لحقوق الانسان في الدساتير.. انحياز للقي
...
/ خليل إبراهيم كاظم الحمداني
-
فلسفة حقوق الانسان بين الأصول التاريخية والأهمية المعاصرة
/ زهير الخويلدي
-
المراة في الدساتير .. ثقافات مختلفة وضعيات متنوعة لحالة انسا
...
/ خليل إبراهيم كاظم الحمداني
-
نجل الراحل يسار يروي قصة والده الدكتور محمد سلمان حسن في صرا
...
/ يسار محمد سلمان حسن
-
الإستعراض الدوري الشامل بين مطرقة السياسة وسندان الحقوق .. ع
...
/ خليل إبراهيم كاظم الحمداني
-
نطاق الشامل لحقوق الانسان
/ أشرف المجدول
-
تضمين مفاهيم حقوق الإنسان في المناهج الدراسية
/ نزيهة التركى
-
الكمائن الرمادية
/ مركز اريج لحقوق الانسان
-
على هامش الدورة 38 الاعتيادية لمجلس حقوق الانسان .. قراءة في
...
/ خليل إبراهيم كاظم الحمداني
المزيد.....
|