أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - عدنان الصباح - الماضوية... خواء الحاضر















المزيد.....

الماضوية... خواء الحاضر


عدنان الصباح
(ADNAN ALSABBAH)


الحوار المتمدن-العدد: 5039 - 2016 / 1 / 9 - 16:42
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


الماضوية هي فعل الإمساك بالذات عن وعي لإبقائها حبيسة الماضي وممنوعة من إدراك متغيرات اليوم واحتماليات متغيرات الغد وهي الأداة الأقوى بيد أصحاب السلطة الرافضين للتغيير أو التجديد إدراكا منهم ان تغير المعرفة وتطورها يوجب تغيير الحال ليصبح قادرا على استيعاب المتغيرات هذه وان كل اكتشاف جديد هو بالضرورة ثورة حقيقية على واقع الحال وبما أن السلطة القمعية سالبة خيرات شعوبها لا ترغب بتغييرها فهي إذن الأحرص على الإمساك بالماضي لأنه أداتها التي أتت بها وهي إذن بالضرورة حاميتها الأمينة للإبقاء على مكانتها
الماضوية هي الانغلاق على الماضي ليس كما هو فقط بل وبإغراقه بالعودة للوراء أكثر وأكثر حتى يصبح من غير الممكن لغير صاحبه ان يقدم قراءة حقيقية له أو يمكنه فحص إمكانية حدوثه أو توافقه وأصحاب الماضوية يهتمون بتغليفها بالكثير من الخرافة من باب لفت الانتباه لها ومنحها القدرة على جذب الانتباه ومنع المتلقي من القدرة على مواكبتها مع روح العلم أو العصر وإبعادها عن إمكانية الفحص وهي إغراق في الماضي القائم على خلق صور أكثر جمالية من الواقع القائم ودفع المتلقي بالتالي لقبول الانتماء إلى عالم الماضوية هذا ليجد لنفسه مكانا أكثر قبولا للذات قبل الآخر ويصل الأمر بالماضويين إلى جعل الماضوية سلم قياس للحاضر ومدى فاعليته وقبوله على قاعدة اقترابه من الماضوية وأصولها وتشكل الماضوية هنا أساس الوعي المكون لسلم القياس للفعل والفكر والسلوك فكلما اقترب الحاضر من التطابق مع صورة الماضي أصبح أكثر التزاما بالمعقول أو المقبول الو المسلم بصحته دون تفكير حتى.
يصل الحال بأصحاب الماضوية حد الإغراق في تبنيها وصولا الى التقليد الحرفي للصورة فيرفضون كل ما هو جديد تارة لأنه يسلخنا عن تراثنا العظيم أو لأنه بدعة مرفوضة لمخالفته تعاليم الله كما يريدون تفسيرها على هواهم وعادة ما يستند هؤلاء في ماضويتهم هذه إلى الدين حتى لو استخدموا الخرافة قاصدين بذلك منع الآخرين من حق التفكير وإطلاق العقل على قاعدتهم العمياء أن الدين مسلمات لا تناقش ولا يجوز إعمال الفكر فيها ويصل الأمر بهؤلاء حد تقليد الصورة حرفيا فيذهبون إلى الشكل دون المضمون لان قبول مضامين الفكر حتى الماضوية منها تستوجب التفكير فيها في حين الالتصاق بالفكرة من خلال قبول شكلها وطقوسها يقصد به إعماء العيون والعقول عن القدرة على فحص الأدوات التي تشكل بها الوعي الماضي هذا.
يقسم العرب تاريخهم إلى مراحل أسموها فيما أسموها النشأة والإبداع ثم الانحطاط والنهضة وقد اعتبروا العصر المملوكي والعثماني عصر انحطاط فيما أرخوا لعصر النهضة بالعام 1798 وهو تاريخ احتلال نابليون لمصر وهذا يدل إلى المدى الذي وصلت إليه الحال لدى العرب ليعتبروا احتلال الأجنبي عصرا للنهضة فكل الأمم عادة تؤرخ لنهضتها بإنجازاتها أو حتى إخفاقات أعدائها وصمودها في وجههم والى جانب سائر الأسباب الأخرى وفي مقدمتها سقوط القسطنطينية على يد الأتراك ورفض علماء ومبدعي القسطنطينية التعامل مع الاحتلال كما رأوه مما دفعهم للهروب بإنجازاتهم إلى روما والى جانب ذلك فقد كان السبب الرئيس لنهضة روما هو ظهور صناعة الورق والطباعة وهروب العلماء بمخطوطاتهم إلى ايطاليا خوفا من الأتراك ليشكلوا بذلك أساسا لنهضة أوروبا بأسرها في حين لا زالت كتب العرب الصفراء تتباهي بالة الطباعة التي احضرها نابليون معه ونسوا جريمة الاحتلال كليا فأي امة هذه تلك التي تؤمن بان نهضتها بدأت على يد مغتصبيها.
اليوم تتربع أمريكا الامبريالية الدولة التي بلا ماضي يذكر أو جدار من ماضي ترتكز عليه وهي وكل مفكريها حريصون كل الحرص عن عدم الإشارة حتى إلى ماضي معيب كل ما يميزه هو إلغاء امة بأسرها والحلول مكانها وهي تحتل اليوم عرش العالم ليس من باب القوة فقط بل ومن باب الفكر والسلوك والقرار بشان العالم كل العالم وعلى الهامش تسعى بعض الدول لمحاولة إيجاد مكان ما على هامشها لا أكثر ويبدو للمراقب أن من يواجه المشروع الأمريكي اليوم وايا كان التراث الذي يرتكز إليه فهو يسعى جاهدا لمحاربة المشروع الامبريالي الأقوى فالأمة الصينية التي يمتد تاريخها الى 1700 قبل الميلاد وهي تعتبر واحدة من أقدم الحضارات على الأرض وتملك اليوم اكبر تعداد بشري لا زالت تعمل مكملا للاقتصاد الأمريكي ومصر حاضنة حضارة الفراعنة التي تعود الى اكثر من 3000 عام قبل الميلاد تعتبر اليوم واحدة من اكثر بلدان العالم فقرا وتعاني من كثير المشكلات ولم يخميها تاريخها القديم ولا التغني بحضارات وتاريخ يعتبر من أغنى حضارات العالم إبداعا وثراء في الفن والفكر والعمارة وغيرها.
العالم يسعى جاهدا للتخلص من خطر العولمة الامبريالية ولا احد يكترث لما قاله المهلهل ولا ابن كعب في حين يعيش العالم حالة من العرفان لن تنتهي للعالم أديسون باختراعه الكهرباء ولن ينسى العالم أبدا ولن يختفي اثر مخترع الحاسوب الألماني كونراد زوسة ولا أبطال صناعة الثورة الرقمية والكثير الكثير من مخترعات العصر.
إن امة تمجد ماضيها متناسية عن عمد واقعها المزري ستبقى تقود بذاتها للتراجع دوما وصولا إلى مرحلة التلاشي والغياب عن دائرة الفعل الإنساني وصولا إلى مرحلة كراهية الذات والسعي للتخلص الفعلي من هويتها المتخلفة والمهزومة ففي زمن تسعى الأمم المختلفة إلى البحث عن قواسم مشتركة للتوحد على أساسها سيكون الغياب مصير أولئك الذين يتقوقعون على أنفسهم متغنين بأمجاد لفظية لا تغني ولا تسمن من جوع فالذي يعاود في القرن الواحد والعشرين قضاء وقته في التغني بابي زيد الهلالي لن يكون لديه الوقت ولا القدرة للمشاركة في صياغة الفعل الإنساني المتقدم نحو الغد وبالتالي لن يكون له هناك مكان في احتفالية انجازات البشرية على الأرض فعلا لا لغة وقصائد باهتة.
يعاني العالم اليوم من العولمة الامريكية التي تشكلت من فكر طبيخ الشحاذين المنتقى من كل بقاع الارض وشعوبها بلا ماضي يذكر, فكر قائم على سرقة ملكات الاخرين وممتلكاتهم ماديا وفكريا فلم تكتفي امريكا بسرقة ثروات الشعوب بل سرقت ابداعاتها وانتحلتها لذاتها وباتت تحارب العالم كل العالم موحدة لذاتها ما كان لديهم مفرقا وميت لا حياة فيه.



#عدنان_الصباح (هاشتاغ)       ADNAN_ALSABBAH#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- احتكار الحقيقة... احتكار المنفعة
- المرأة... سيدة الدنيا الغائبة المغيبة
- اطفال فلسطين والاحتجاج بالدم
- صنمية الشكل عند العرب
- الحرية لكل فلسطين الديمقراطية الموحدة
- النداء الاممي من فلسطين
- منظمة التحرير الفلسطينية الوطن الافتراضي البديل
- في مواجهة اللصوص
- هل وحدة فلسطين التاريخية أمر ممكن وكيف؟؟؟
- فلسطين... مليون أزمة واحتلال منسي
- غزة ومهمة حصان طروادة
- مرة أخرى فلسطين موحدة وواحدة
- وحل اليمن
- دور المجتمع المدني الفلسطيني في حماية التاريخ العربي في فلسط ...
- على ارض فلسطين التاريخية وليس فيها
- جدلية الفكر والفعل
- الفكر العربي حقيقة ام وهم
- من اوراق الشهداء
- غزة على أطراف السكاكين
- أن نحترم نصرنا وعقولنا


المزيد.....




- خبراء عسكريون يدرسون حطام صاروخ -أوريشنيك- في أوكرانيا
- النيجر تطالب الاتحاد الأوروبي بسحب سفيره الحالي وتغييره في أ ...
- أكبر عدد في يوم واحد.. -حزب الله- ينشر -الحصاد اليومي- لعملي ...
- -هروب مستوطنين وآثار دمار واندلاع حرائق-.. -حزب الله- يعرض م ...
- عالم سياسة نرويجي: الدعاية الغربية المعادية لروسيا قد تقود ا ...
- إعلام: الجنود الأوكرانيون مستعدون لتقديم تنازلات إقليمية لوق ...
- مصر.. حبس الداعية محمد أبو بكر وغرامة للإعلامية ميار الببلاو ...
- وسائل إعلام: هوكشتاين هدد إسرائيل بانهاء جهود الوساطة
- شهيدان بجنين والاحتلال يقتحم عدة بلدات بالضفة
- فيديو اشتعال النيران في طائرة ركاب روسية بمطار تركي


المزيد.....

- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي
- معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية / زهير الخويلدي
- الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا ... / قاسم المحبشي
- الفلسفة القديمة وفلسفة العصور الوسطى ( الاقطاعية )والفلسفة ا ... / غازي الصوراني
- حقوق الإنسان من سقراط إلى ماركس / محمد الهلالي
- حقوق الإنسان من منظور نقدي / محمد الهلالي وخديجة رياضي
- فلسفات تسائل حياتنا / محمد الهلالي
- المُعاناة، المَعنى، العِناية/ مقالة ضد تبرير الشر / ياسين الحاج صالح
- الحلم جنين الواقع -الجزء التاسع / كريمة سلام
- سيغموند فرويد ، يهودية الأنوار : وفاء - مبهم - و - جوهري - / الحسن علاج


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - عدنان الصباح - الماضوية... خواء الحاضر