أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - محمد ليلو كريم - رحيل خضير ميري .. ترحيل عصيان العقل














المزيد.....

رحيل خضير ميري .. ترحيل عصيان العقل


محمد ليلو كريم

الحوار المتمدن-العدد: 5039 - 2016 / 1 / 9 - 16:39
المحور: المجتمع المدني
    


رحيل خضير ميري .. ترحيل عصيان العقل
محمد ليلو كريم

شيءٌ يطل الآن من هذي الذرى
احتاج دمع الانبياء لكي أرى
النص للعراف والتأويل لي
يتشاكسان هناك قال , وفسرا
ما قلت للنجم المعلق دلني
ما نمت كي اصطاد رؤيا في الكرى
شيءٌ من الحدس القديم هززته
حتى قبضت الماء حين تبخرا
في الموسم الآتي سيأكل آدم
تفاحتين وذنبه لن يُغفرا
الشاعر محمد عبد الباري
..............................................
عند سماعي خبر وفاة الكاتب والأديب خضير ميري اتخذت الصمت ردة فعل وقررت عدم الكتابة في هذا الحدث المحزن لفترة معينة ولكن الكاتب احمد السلمان كسر قراري إذ طلب رأيي حول وفاة ميري , كتبت سطور قليلة استجابة للطلب لا أكثر , ولاحقا" علمت أن ما وجهه لي السلمان من اسئلة قد وجهها لأشخاص آخرين من مجالات متنوعة وقرأت مقاله المعنون : (( بعد رحيل اديب الجنون العراقي المثقفون العراقيون يتحدثون عن اسباب رحليه ما بين الانتحار والمرض والادمان )) المنشور في موقع الحوار المتمدن وأبدى هؤلاء أسفهم لموت أحد المثقفين ومنهم من عزى سبب الوفاة الى حالة الادمان على الخمر التي تعودها الراحل , وذهبت آرائهم الى مسافة أبعد فقالوا أن نية انتحار لدى خضير ميري تعمدها عبر تعاطيه للخمر , وأن من اصدقاءه من نصحه بترك الخمر حفاظا" على ما تبقى من صحته ولكنه استمر مما أدى لمقتله بآخر بيك من عرك العصرية ......
لنقل أن قاتل ميري هو الخمر , أو نوبة أخيرة من جنون , أو الانتحار ؛ أولم يكن الواجب الاخلاقي للنخب المثقفة انقاذه بكل الطرق واخراجه من ادمانه وجنونه , وأنا عرفت الرجل عاقلا" مدركا" لما يقول وقد جالسته عدة مرات فكان فطن ومنصت ومحاور وناقد , أما ما أودى به الى هكذا نهاية مأساوية فهو الاهمال المتعمد والمخجل من مثقفي أرض الحضارات والحرف الأول , وتجاهل المؤسسات المعنية بالثقافة , وتغافل الصحافة , والاعلام , والنتيجة أننا خسرنا مثقفا" حقيقيا" راح ضحية عصر الجهل والتخلف , وهل يعقل أن لمجرد تعرض أحد المثقفين لحادث أعاقه عن الحركة يهمل الى تلك الدرجة التي أودت بخضير ميري , أيموت المثقف بهذه الصورة البائسة في بغداد حاضرة الامبراطورية العباسية في زمان مأسوف عليه , بغداد اليوم أن أعلن فيها عن ربح يناله المثقفين ستجد طوابير من المزيفين ترتدي بدلات وربطات العنق تقف على باب المتفضل ....
بموت ميري صار من الضمير والاخلاق أن أقول بمليء الفم :
الجنون أشرف من الغباء ، والمثقف الحقيقي المخمور أشرف من المتثيقف السكير , المثقف الحقيقي يستحق النجاة والحياة , أما المتسللين ؛ انصاف البشر , المتسولين بإسم الثقافة والكلمة فهم من يستحق الموت والانقراض .. لو كان في العراق حراك ثقافي حقيقي , ومثقف ملتزم لما فتح الباب لكل منتفع وصولي لا يجيد كتابة ثلاثة أسطر متماسكة في موضوع معين , ولما سُمح للطائفية وأمراء اللاهوت الفاشل بالبقاء في مناصبهم والبقرة تفيض لهم لبنا" حتى جف الضرع , ولما وجدت فعاليات ثقافية مزيفة تهب المسميات والإطراء لكل أفاك متفيهق ومن حُسب على سقط المتاع والمتلاعبون بطهر الكلمة والحشاشين , ولكن بلادنا هزلت ونحفت وكل من في القافلة مسلوب الروح أو الارادة , وشتان بين الخضوع والعصيان ...
في شقة بائسة , وعلى أريكة مهترئة ظل خضير ميري صريعا" بالمرض لأيام طوال , لم تمد له يد العون إلا من صديقه المُنُقعُ بالوفاء أحمد السلمان , لم توفر للراحل فرصة العلاج خارج البلد , ولم تكثف الزيارات الداعمة لشقته من المثقفين والمفكرين والفنانين واساتذة الجامعات , ولم يلتفت العقل الجمعي الثقافي لضرورة اقامة ندوات يحتفى بها بميري خدمة للوطن والاجيال والمستقبل والتاريخ الحضاري . ظل خضير ميري يصارع المرض والعزلة في شقته التي تقع بجوار المسرح الوطني , وعلى مقربة من الاتحاد العام للأدباء والكتاب في العراق .
عُزل خضير ميري , في شقته البائسة , في الطابق الثالث , في عمارة معزولة , ومات في احدى المستشفيات حسب علمي , مات في بغداد العظيمة , في مدينة بيت الحكمة أول جامعة في التأريخ , في بلاد الحضارات والحرف الأول , وماذا نتوقع من عصر رديء , متأزم , يعاني الانحطاط , عصر وطني محشو بأسماء متطفلة ومحاصيل تبور ولا تباع لرداءتها ؟؟؟...
حين يصرح المثقف أن عقله الجنون فأنه يعبر عن المعارض الثقافي .. وحين ينتقل بهذا التصريح الى زمن الطائفية فهو معارض لها , فالدكتاتورية والطائفية ضد عالمية الثقافة , وخضير ميري تمسك بجنونه لأنه لم يتعقل الدكتاتورية , ولم يتفاهم مع الطائفية , واستمر , ولم يستسلم , حتى استشهد , قتله الدكتاتور والطائفي , ويا لعمق معنى الإرهاب . وفي اشارة لما أقصده يصف خضير ميري رحلته : (( رحلة بين عقل وجنون .. رحلة بين دكتاتورية وحرية )) انها رحلة يجدها ميري ضرورية , بل وربما مصيرية لمغادرة واقع مترسخ لا سبيل لهدمه إلا بمعول المثقف القوي الإرادة الثائر بالكلمة والموقف , وبالعقل . والعهود البائدة تكون بائدة بعد زوالها , وهي بائدة قبل زوالها . وأي مرحلة تستحق الاحترام والتقبل أن طعنت الثقافة ورفعت الموت بوجه الفكر وصيرت العقل شيئا" آخر , وللموت صور متعددة , والمثقف الثائر الرصين بثقافته وموقفه والأصيل بفكره هو الوحيد القادر على انشاء برزخ ما بين حالتين متناقضتين (( إذا سقط الفرق بين العقل والجنون سقط العراق )) بهكذا تصريح اراد خضير ميري تدعيم الفرق بين حالة وحالة الى أن ينهض العقل من رقاده في قيامة وطنية ..
(( وأكتسب الجنون والهذيان من كائنات لا زالت تسكن الزقورة & وصف قيل بحق الراحل في صالون ثقافي ))
سلام لك أبا سقراط وأنت الآن بفردوس شرفك المجنون ......
--------------------------------------------------
محمد ليلو كريم يشعر بوعكة مؤلمة
8 - 1 - 2016
الساعة : لا أميز الوقت



#محمد_ليلو_كريم (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- رؤوس الحزب الحاكم
- بدو السماء يهاجمون فرنسا
- آخر الآيات الناسخة , تأويلها مثل شعبي دارج
- سقوط برلين البابلية
- بين فيزيائي ومتدين
- الموهوب والموهوم .. هل تتقبل حديث الثقافة وتنوعاتها ؟؟
- تنازع الناس في الصوفي .... !!!!!!!!
- غابتنا ..آخر ما تبقى لنا
- أهواكِ يا سالي .. الى بنت الجزائر
- راهب ومعركتين
- عاش الوطن ..يموت المواطن !!!
- هل أنت حر ؟
- منزلي ..جحيم
- يصفن مثل جدة
- دولة ( كم ).. تحجب مواقع التواصل الاجتماعي
- رأي في عقيدة 2
- مقال قي الانتخابات العراقية 2014
- سيسي واحد .. أقوى من ألف سيسي
- مناقشة في ثقافة الفقه2
- الديمقراطية ..بين النظام والشخصنة


المزيد.....




- دول التعاون الإسلامي توقع اتفاقية لمكافحة الفساد
- هيئة الأسرى: إدارة سجن الدامون تعامل الأسيرات بطريقة وحشية
- الأمم المتحدة: نتواصل مع جميع الأطراف بشأن وقف إطلاق النار ف ...
- شؤون اللاجئين الفلسطينية تسلّم مساهمات مالية لأصحاب المنازل ...
- الرئيس الفلسطيني يستقبل مبعوث الأمين العام للأمم المتحدة لعم ...
- الجزائر: الأمم المتحدة بالتعاون مع سفارة فلسطين تحيي اليوم ا ...
- منظمة التحرير الفلسطينية تحذر من قرار إسرائيل حظر عمل الأونر ...
- الصليب الأحمر: الوضع الإنساني في قطاع غزة غير مقبول
- هل سيتم اعتقال بنيامين نتنياهو إذا قدم إلى فرنسا؟
- السعودية.. الداخلية تصدر بيانين بشأن إعدام مصري وبنغلادشي وت ...


المزيد.....

- أية رسالة للتنشيط السوسيوثقافي في تكوين شخصية المرء -الأطفال ... / موافق محمد
- بيداغوجيا البُرْهانِ فِي فَضاءِ الثَوْرَةِ الرَقْمِيَّةِ / علي أسعد وطفة
- مأزق الحريات الأكاديمية في الجامعات العربية: مقاربة نقدية / علي أسعد وطفة
- العدوانية الإنسانية في سيكولوجيا فرويد / علي أسعد وطفة
- الاتصالات الخاصة بالراديو البحري باللغتين العربية والانكليزي ... / محمد عبد الكريم يوسف
- التونسيات واستفتاء 25 جويلية :2022 إلى المقاطعة لا مصلحة للن ... / حمه الهمامي
- تحليل الاستغلال بين العمل الشاق والتطفل الضار / زهير الخويلدي
- منظمات المجتمع المدني في سوريا بعد العام 2011 .. سياسة اللاس ... / رامي نصرالله
- من أجل السلام الدائم، عمونيال كانط / زهير الخويلدي
- فراعنة فى الدنمارك / محيى الدين غريب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - محمد ليلو كريم - رحيل خضير ميري .. ترحيل عصيان العقل