أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - سعيد العليمى - نقد مسألة التحالفات من منظور حزب العمال الشيوعى المصرى















المزيد.....


نقد مسألة التحالفات من منظور حزب العمال الشيوعى المصرى


سعيد العليمى

الحوار المتمدن-العدد: 6191 - 2019 / 4 / 4 - 23:42
المحور: ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية
    


يمثل هذا المقال لاحد الكتاب المركزيين الاساسيين فى جريدة الانتفاض تحليلا تطبيقيا سياسيا لموقفنا المبدئى الذى جرى التعبير عنه فى احدى وثائقنا الاساسية والمنشورة هنا على هذا الموقع المعنونة : "قضية التحالف الطبقى فى مصر" ، ويتناول فيه بعض توجهات الحزب الشيوعى المصرى فى هذه القضية الجوهرية اى " الجبهة " فى الثمانينات ، وقد نجد تشابهات خارجية تتماثل مع الاوضاع الراهنة ، ففى ايام السادات اجتمعت قوى متباينة على ضرورة ازاحته ذات اصول طبقية مختلفة وتجاهل الحزب الشيوعى المصرى الطبيعة الطبقية المفترضة لهذه الاصول ، مثلما يفعل اليوم الاشتراكيون الثوريون والابريليون اليوم فى مواقفهم من الاخوان او مصر القوية وما ماثلهما ، كما عظم الحديث عن " الطفيلية" بوصفها مصدر الشرور وليست عرضا من اعراض راسمالية متدهورة مأزومة مثلما يجرى تجريد " الفساد " اليوم وتصويره بوصفه شيئا قابلا للقضاء عليه مع الابقاء على النظام الذى ينتجه .
نقد مسألة التحالفات من منظور حزب العمال الشيوعى المصرى
نشر المقال التالى بجريدة الانتفاض العدد 34 – الصادر فى 1 -12 -1980 طبعة الخارج
بعنوان : لا.. للتحالف مع اليمين الرجعى .... بقلم سميح يوسف
( فى انباء واردة من القاهرة ، جاء ان الحزب الشيوعى المصرى يجرى مباحثات مع حزب الوفد ومع الناصريين لتشكيل " جبهة " ، وتتحدث الانباء عن انه لاخلاف بين الحزب الشيوعى والوفد . وان المشكلة فى الوصول الى اتفاق تتمحور حول الخلاف – الناصرى – الوفدى ! . انتهى النبأ ) .
لسنا فى حاجة للتمحيص فى مدى صحة هذا الخبر ، لأن المواقف السياسية المعلنة للحزب الشيوعى المصرى لاتتعارض مع ذلك بل تؤكده صراحة ، وهذا يدفعنا من جديد لمناقشة اسس موقف الحزب الشيوعى المصرى من قضية الجبهة ، فى ظروف بلادنا الخاصة ، والمخاطر الجمة التى يحملها هذا الموقف على العمل الوطنى والشيوعى .
البورجوازية الطفيلية اساس المشكلة :
لايمكن فهم تخبطات الحزب الشيوعى فى مسألة الجبهة بدون الاشارة للخطيئة الاصلية فى تحليل الحزب ، الا وهى موضوعة " البورجوازية الطفيلية " ، وحيث لايقدم تحليلا مبرهنا عليه للطبيعة الطبقية للسلطة ، بل انه يتهرب من ذلك ، منطلقا الى التوصيفات السياسية العامة ، ومبسطا طبيعة السلطة الى مجرد سلطة الوكلاء الكومبرادور ، والحرامية ، والمرتشين والمضاربين ، وتجار الشنطة .. الخ واذا كان الامر كذلك فلماذا لايتجمع كل الشرفاء فى جبهة لاسقاط هذه الحفنة الضئيلة غير الشريفة ، هذه الحفنة غير اللاخلاقية ! لماذا لايتحالف الثوريون مع " البورجوازية الصناعية والتجارية المصرية التى تعانى وطأة مااسموه بالانفتاح الاستهلاكى " ( بيان المكتب السياسي المنشور فى النداء 16 /2 /1979 )
استنادا الى هذا " التنظير " يعمل الحزب الشيوعى بحماس على استعادة القوى التى طالما اعتبرها اقصى اليمين الرجعى الى الصف الوطنى كالوفد والاخوان وامثالهم ، بل ان خلط الامور واختلاطها لايشمل بعض القوى السياسية خارج كراسي الحكم ، بل يصل الى تحويل اقسام سياسية من الطبقة الحاكمة ، اقسام اساسية من البورجوازية البيروقراطية والبورجوازية التقليدية الى المعارضة الوطنية رغم انفها !
ولنقرأ فى تقرير المكتب السياسي عن دورة ديسمبر 1976 : " المعارضة واسعة وشاملة تبدأ من الام المصرية ، ربة البيت التى تضج بالشكوى من ارتفاع الاسعار وندرة السلع واختفائها ، ويشترك فى الشكوى المواطنون من كل الشرائح حتى البورجوازية المصرية المنتجة ، واعضاء مجلس ادارات شركات وبنوك القطاع العام ، تئن من خطر المنافسة الاجنبية وتكدس المخزون السلعى وسحب مدخرات المصريين فى الخارج "
" والاحزاب المصرية ( السرية والعلنية ) ماعدا القيادة الرسمية للحزب الحاكم ( !! ) تعارض كل او بعض هذه السياسة الاقتصادية الطفيلية ، وحتى بعض نواب الحزب الحاكم فى مجلس الشعب يعارضون رفع الاسعار والغاء الدعم " .
ثم يخلص من ذلك قائلا " ان عمق الازمة الاقتصادية فى بلادنا وسريان آثارها السلبية الى كل جزء فى المجتمع والى كل فرد فيه (!! ) عمق ووسع نطاق المعارضة لهذه السياسة بحيث شملت الجميع ماعدا الفئات الطفيلية فى المجتمع ، وهى ضيقة ومحدودة فى المجتمع المصرى " ( ص 102 ستون عاما من نضال الشيوعيين المصريين ) .
اذن حسب هذا الكلام فان جبهة المعارضة تمتد ببركة الله من ربة البيت مرورا بقيادات البنوك والشركات فى القطاع العام انتهاء بقواعد الحزب الوطنى الديموقراطى ، الحزب الساداتى ، لابل حتى بعض نواب هذا الحزب العتيد فى مجلس الشعب .!!
ولنلاحظ ان هذه السطور كتبت تحت عنوان : وضع الحركة الجماهيرية ) نمو قوى المعارضة ضد النظام الحاكم " اى ان هذه الاقسام المشار اليها من كبار البورجوازيين ، واعضاء حزب السادات عدا القيادة ، تدخل فى اطار الحركة الجماهيرية وفى اطار قوى المعارضة ضد النظام الحاكم ، ولم تأت تحت عنوان التناقضات فى صفوف العدو والادق فى صفوف الطبقة الحاكمة نفسها !! ان مثل هذه التحليلات العامية لاتتجاهل ابسط قواعد علم الاقتصاد السياسي بل تتجاهل ابسط وقائع الحياة لانها تصمت عن اكبر الحقائق فى اقتصاديات بلادنا ، وابرز مثال على ذلك ، فان وضع القطاع العام ، علاقاته بالسلطة الحاكمة ، موضوع غائب فى تحليلات الحزب الشيوعى ( بلغ رأس مال القطاع العام مؤخرا حوالى مليار جنيه ) فالسؤال البديهى الذى يتجاهله كتاب الحزب القائلين ( هناك كلمات غير مقروءة فى النص المصور الباهت – الناشر ) ... فى الاقتصاد ؟! وبدلا من الصمت المطبق ( بسبب عدم توفر التحليل النظرى ) ترد مثل هذه الاشارات الواسعة على ان قيادات القطاع العام ( اى البورجوازية البيروقراطية ) فى صفوف المعارضة ، ولكن هل سمع احد عن بورجوازية بيروقراطية ، اى بورجوازية لصيقة بسلطة الدولة فى المعارضة ؟! هل سمع احد عن قطاع عام فى المعارضة ؟!
قبل ان نترك هذه النقطة نشير الى برنامج العمل العاجل الذى اصدره المكتب السياسي للحزب السيوعى فى يوليو 1978 جاء فيه : يسعى الحزب الشيوعى الى عقد سلسلة من الاتفاقات والتحالفات المرحلية والمؤقتة والجزئية حول مواقف تكتيكية محددة مع اى قوى ترفض كل او بعض سياسات النظام العميل ( ص 72 ستون عاما )
لو قارنا ذلك بما اقتبسناه بخصوص ان اعضاء حزب السادات وبعض نوابه يعارضون بعض سياسات النظام العميل (!! ) لتأكدنا ان الائتلاف الواسع الذى يسعى الحزب الشيوعى لخلقه يتقاطع مع اقسام من الطبقة الحاكمة فى بلادنا .
اذن فما هو واضح : ليس لدينا رغبة فى التنظير من اجل التنظير بل ان غياب التحليل النظرى المتماسك لطبيعة السلطة وغيرها من قضايا الثورة الاساسية هو الطريق الرحب لكل انواع الانحرافات السياسية فعلى سبيل المثال : من المهم ان نتفق هل البورجوازية البيروقراطية على قمة السلطة ام فى صفوف المعارضة الوطنية ؟ ( هل ننصح العمال بالنضال ضد البورجوازية البيروقراطية – ضد اعضاء مجالس الادارات ، الذين يعقدون صفقات المشاركة مع الاستثمار الاجنبى ، ضمن سياسة الدولة الرسمية ، ام بالتحالف معهم ؟
والحقيقة فاذا قلنا للعمال ان اعدائكم هم الحرامية فقط ( وكلاء السجائر الاجنبية ، عثمان احمد عثمان ، وغيره من اقارب السادات .. الخ ) وان اصدقائكم يتسعون لاعضاء مجالس ادارات المصانع فى القطاع العام ، لاندفعهم فقط الى الوفاق الطبقى مع مستغليهم ( وهذه مسألة لاتشغل الرفاق على اساس انهم فى مرحلة وطنية ديموقراطية ) بل ندفعهم للتعاون مع القائد الاساسي لسياسة الانفتاح الاقتصادى ( البورجوازية البيروقراطية ) والذى لايصح حتى ان يدخل طرفا فى اى " مرحلة وطنية " مفترضة " .
اذا كان السادات واسرته الضيقة معزولين حقا فى اقصى السلطة ، حتى عن القطاع الاساسي من القوى المنتجة ، معزولين عن الطبقات الاستغلالية الكبرى فى بلادنا : البورجوازية البيروقراطية ، البورجوازية التقليدية ، الراسمالية الزراعية ، وفى مجتمع تسوده علاقات الانتاج الراسمالية ، فان وضع حكم السادات يكون اذن منافيا لكل قوانين الطبيعة والاقتصاد السياسي . واذا كان الامر كذلك فان اسقاط السادات لايحتاج لاكثر من دفعة صغيرة حتى يسقط ، لايحتاج لاكثر من " انقلاب قصر " ، اى انقلاب من داخل الطبقات الحاكمة نفسها ، وكفى المؤمنون شر القتال والجبهات ! .
قضية الجبهة فى اللحظة الراهنة :
لقد اكدنا على موقفنا اكثر من مرة بخصوص قضية الجبهة فى اللحظة الراهنة من النضال المصرى ، ولنعيد تأكيد ابرز ملامح هذا الموقف ، الذى يتحدد فى تشابك العاملين الذاتى والموضوعى : مستوى تطور القوى الثورية المصرية ، مستوى تطور التعبيرات السياسية للطبقات الشعبية من جهة ، ومستوى تطور الصراع الطبقى واحتدامه من جهة اخرى ، ويتبادل العنصران التأثير والتأثر ، ويبقى تطوير الحركة الشعبية الثورية مرهونا بمستوى النضج النظرى والسياسي والتنظيمى لطلائع الطبقات الشعبية فى التحليل النهائي . وفى هذا المجال هناك بضع حقائق لم تعد خافية على اى مهتم بالسياسة المصرية .
( 1 ) ان الصراع الطبقى الآخذ فى الصعود والاحتدام من 67 الى 1977 يمر فى السنوات الثلاث الاخيرة بانحناءة واضحة ، بخفوت وسكون نسبى ، هبوط واضح فى عدد الاضرابات والمظاهرات والاحداث المؤسفة ( من العشرات الى الآحاد فى العام الواحد ) لايتسع هذا المقال لتقديم تحليلنا لهذا الوضع .
( 2 ) ان التعبيرات السياسية للطبقات الشعبية ، وعى الطبقات التى تمثل العمود الفقرى والنواة الصلبة لأى عمل جدى يمكن تسميته " جبهة " مازالت شاحبة ، وضعيفة ، ليس بسبب خفوت الصراع الطبقى فى الاعوام الثلاثة الماضية بل اساسا بسبب تاريخ مصادرة الصراع الطبقى من 1952 1967 ، صحيح ان حركة الطبقات الشعبية انفلتت من عقالها بعد 1968 وحتى 1977 ، ولكن فترة الاختمار لم تكن كافية لتبلور احزاب شعبية جماهيرية ، لأن هذه الاحزاب كانت قد صفيت تماما على يد الانجازات القومية الناصرية ، وعلى يد القمع البوليسي ، وعلى يد الانتهازية السياسية ذات الابعاد الفلكية للشيوعيين المصريين المنتحرين .
اما فى الوقت الراهن فان ابرز التعبيرات السياسية للطبقات الشعبية تظهر فى مجال المنظمات الشيوعية ، وفى مجال حزب التجمع الوحدوى ، وفى بعض التنظيمات الناصرية الصغيرة . وهكذا فنحن لسنا ازاء حزب ثورى جماهيرى واحد ، ومع ذلك نجد من يتحدث عن ان عقد الجبهة " يجب ان يصبح حقيقة واقعة على الفور وفى اسرع وقت ممكن " ص 79 ستون عاما )
وقد وفر الحزب علينا مغبة البرهنة ، ليعترف فى العديد من بياناته : انه ليس حزبا جماهيريا . فأى دعوة للجبهة اذن ؟ خاصة ونحن لم نسمع عن " جبهة " تستحق هذا الاسم وتكون غير جماهيرية ، لقد اسفرت خبرة الشعوب عن نوعين اساسيين من الجبهات :
1 –جبهة بين عدد من الاحزاب السياسية التى تمثل الطبقات الاجتماعية صاحبة المصلحة فى الثورة المقبلة ويترأسها حزب قائد .
2 –جبهة تتألف من حزب ثورى جماهيرى كبير وملحقاته من النقابات والاتحادات والروابط وكافة المنظمات الجماهيرية واذا وجدت احزاب اخرى بالجبهة فتكون صغيرة ضعيفة النفوذ .
ومن الواضح ان بلادنا فى اواخر عام 1980 ليست على وشك الوصول الى اى من الوضعين الاساسيين ، وانه من الديماجوجية بمكان الحديث عن ان قضية بناء الحزب الجماهيرى وبناء الجبهة مهمة واحدة ! من اجل تمييع الحدود والتخوم بين قضيتين متمايزتين ( كل ذلك بافتراض سلامة خط الحزب الشيوعى ومبدئيته من اجل تطوير الجدل ) .
ونسارع الى القول ان حزبنا دعى ويدعو ، ويعمل فى الفترة الاخيرة بأقصى طاقاته لتوحيد جهود كافة القوى الشيوعية والوطنية والديموقراطية ضد حكم السادات وسياساته ومعاهداته ومواثيقه .
ان حزبنا يسعى بالاضافة للجنة الحوار والتنسيق بين الشيوعيين الى تشكيل لجنة اوسع تضم مندوبين عن الفرق الناصرية والرموز الوطنية المناضلة للمزيد من الحوار وصولا االى برنامج محدد وطنى ديموقراطى ثورى مبدئي ، ولتنسيق النضالات اليومية ضد السادات .
ونكرر ان مايحتاجه النضال المصرى ليس الاعلانات المدوية ، وتشكيل " الجبهات " الورقية بل هذا التنسيق الثورى والمبدئي بين القوى الوطنية والديموقراطية والشيوعية ، ويبقى فى المحل الاول فى الدرجة الاولى من الاهمية توجه القوى الثورية الى اوسع الجماهير الشعبية ، توعيتها ، تنظيمها فى الاشكال النقابية ، والسياسية المستقلة ، على اساس برنامج الحد الادنى الثورى ، بكلمة التقاء الحركة الاشتراكية بالحركة العمالية بالجماهير الشعبية العريضة .
ماذا يعنى التحالف مع الرجعيين ؟ ماذا يعنى التحالف مع الوفد ؟
فى اللحظة الراهنة من تطور الحركة الثورية ، يصبح الحديث عن المساومات مع الرجعية بكل اصنافها ، ضرب من الانتهازية الصرف ، فى ثوب الثوريين الحكماء المجربين .
ان توجه حزب شيوعى غير جماهيرى ( حسب اعترافه ) للتحالف مع القوى الرجعية الجماهيرية ( الوفد – الاخوان ) هو الذيلية الصريحة بدون اى رتوش ، ( لازلنا نفترض جدلا ان التحالف مع الرجعية امر وارد ! ! ) ولكن ماذا نصنع كى نستمر فى مناقشة سلسلة من المغالطات وتقترف قيادة الحزب الشيوعى اكبر الاخطاء فى حق النضال الثورى والوطنى ، حين تروج لوطنية بعض الجثث الرجعية التى ليس لها اى رصيد شعبى ( كبعض الوزراء السابقين ، والبورجوازيين البيروقراطيين المتقاعدين ، وبعض الباشوات .. الخ ) من اجل ماذا ؟ يقولون : من اجل اسقاط السادات فهو اكثر رجعية منهم بالاضافة لكونه فى السلطة ! وللرد على هذه الآراء لابد ان ننحى جانبا منهج التحليل الطبقى لأنه لم يعد واردا فى تحليلات رفاق الحزب الشيوعى ، لنتناقش معهم بالمنطق ! : نحن مستعدون للموافقة على خطتكم لاننا نكره السادات مثلكم واكثر ونتمنى الخلاص منه اليوم قبل الغد بشرط واحد : ان تبرهنوا لنا ان خطتكم سليمة ، ان تبرهنوا لنا ان ان فؤاد باشا سراج الدين على رأس حزب الوفد ( الذى حل نفسه بسبب ان السادات اشترط تطهير الحزب منه ومن بعض القبضايات الاخرين ) سينظم او سيساهم فى تنظيم انتفاضة شعبية لاسقاط السادات ( سيقولون :لامن غير المعقول ان تساهم قيادة الوفد فى ذلك ) . اذن هل سينظم فؤاد باشا سراج الدين مؤامرة للاطاحة بالسادات ؟ حتى هذا مستبعد من وجهة نظرنا .
اولا : لاحكام قبضة السادات على صلاحية تمثيل المصالح البورجوازية فى المدى المرئي .
ثانيا : ان سلوك الوفد بعد 1952 ( وحتى قبل 1952 ) لاعلاقة له بتنظيم المؤمرات .
ثالثا : ان تاكتيك قيادات الوفد وفؤاد باشا ، هو تاكتيك الانتظار كبديل رجعى جاهز يمكن ان تلجأ اليه الامبريالية الامريكية عند اليأس والقنوط اى عند انفجار الصراعات الطبقية بما يهدد حكم السادات بالسقوط . ونعتقد ان العلاقة الحميمة بين الوفد والرجعية السعودية والخليجية والدوائر الامبريالية الغربية ليست خافية على احد .
هل يخفى على احد ان حزب الوفد ايد علنا مبادرة السادات الى القدس ؟
يقولون : ولكن هناك عناصر وطنية فى حزب الوفد ، ونقول ان هذا من باب اولى لايجب ان يجعلكم تبيضون وجه حزب الوفد وقياداته بدلا من السعى لجذب وانتزاع اى عناصر وطنية من هذا السياق الرجعى .
والواقع انه لاتوجد فى ممارسة حزب الوفد الحالية مايثبت انهم تحولوا بقدرة قادر الى الوطنية ، الا بنفس الطريقة التى نجعل بها الملك خالد فى السعودية وطنيا وان نجعل قابوس وطنيا ، لأنه لم يزر القدس بعد .
يقترح المكتب السياسي للحزب الشيوعى تحالفا استراتيجيا مع حزب الوفد ، فهو يقترح حزب الوفد للدخول فى الجبهة الاستراتيجية التى ستنجز مرحلة الثورة الوطنية الديموقراطية اياها – ويضيف تقرير المكتب السياسي : " لانقول هذا – كمجرد استنتاج نظرى – بل ايدت وقائع الحياة السياسية ذلك ، ففى انتخابات احدى النقابات المهنية امكن اقامة علاقة جبهوية من اسفل تضم الشيوعيين والناصريين وحزب التجمع والوفد " ( ستون عاما ص 106 ) . ثم يضيف التقرير بمنتهى الاهمية : " هذا درس هام يجب ان يعيه رفاقنا وان تعيه القوى الوطنية والديموقراطية كلها " ( ستون عاما ص 106 ) ولكن كتاب الحزب الشيوعى المصرى لايكلفون خاطرهم كى يوضحوا لاعضائهم فيما يتفقوا وفيما يختلفوا مع حزب الوفد ، وماهى المواقف والبرامج الوطنية الصادرة عن الوفد ، لأنه من العسير الحصول على هذه البرامج . انه منهج يرى المناضلين الثوريين بروح " اللى تغلب به العب به " روح البراجماتية الرخيصة . مع اننا كما رأينا فان مثل هذه الاساليب لايمكن ان يغلب بها احد ، واذا استفاد منها احد فهو اليمين الرجعى الذى حصل على " رخصة الوطنية " من الحزب الشيوعى .
الارتباط بالعمال والفلاحين اساس الجبهة :
هذا ماتقوله وثائق الحزب الشيوعى ، وتوضح احد هذه الوثائق ان القيادة قد وضعت موازنة دقيقة بحيث يصبح الجهد من الاساس من اجل : " بناء الجبهة من اسفل فى المحافظات والدوائر المختلفة ، دون ان نغفل اهتمام عدد محدود من الرفاق ببناء " الجبهة " من اعلى " ( ستون عاما ص 105 )
اذن لقد وضعت القيادة قيدا يحول دون انغماس الحزب فى الاتصالات العلوية ، عن طريق تقسيم العمل ، فهى قد وجهت عددا محددا ( وليكن 5 رفاق مثلا ) للاتصالات الفوقية اما باقى الحزب باكمله فهو يتجه الى الشعب ، الى الجماهير ، الى القوى الوطنية من اجل بناء الجبهة من اسفل . فى حين ان المعضلة لاتكمن فى تقسيم العمل ، لأن هذا مايحدث فى كل الاحزاب الثورية والبورجوازية والرجعية فيما يسمى لجنة العلاقات او لجنة الاتصال بالقوى الاخرى .. الخ وهى تكون جزءا صغيرا من اللجنة المركزية ، اما باقى الحزب فيقوم بكافة المهام الاخرى التى تستهدف توسيع نفوذ الحزب بين الجماهير .
ان جوهر الامر يكمن فيما يصنعه هؤلاء الرفاق الخمسة فى الاتصالات العلوية مع القوى الرجعية ، مايعقدونه من مساومات لا مبدئية ، مايتفقون عليه من برنامج مقبول من الوفد والاخوان والا فكيف يمكن عقد جبهة معهم بدون برنامج ، والواضح من كتابات الحزب الشيوعى الرسمية انه يلتزم ببرنامج مقبول من اليمين الرجعى حتى قبل عقد مثل هذه الجبهة ، ومن اجل توفير المناخ لعقدها . فكتاباته مفعمة بالتصالح الطبقى والوطنى مع كافة الرجعيين المصريين من كل شاكلة وطراز ، خارج كراسي الحكم ( ليس فقط الوفد بل ايضا زكريا محيى الدين ، عبد اللطيف البغدادى ، كمال الدين حسين ، حسين الشافعى ) اذن ان مايصنعه هؤلاء الرفاق الخمسة فى اتصالاتهم العلوية يصبح مجمل عمل باقى رفاق الحزب الشيوعى المصرى الساعين لبناء " الجبهة " من اسفل ، يحوله الى عمل يصب فى طاحونة ائتلاف اصلاحى عريض ، لكافة منكوبى حكم السادات لاسباب متنوعة ، وليس الطرف الشيوعى ضمن هذا الائتلاف سوى مطية لغلاة الرجعيين اليمينيين ، اعداء الشعب المصرى التاريخيين .
ان الاتفاقات العلوية تغل يد مناضلى الحزب الشيوعى عن ترويج برنامج الشيوعيين الثورى فى القضية الوطنية والديموقراطية وتجعل نضالهم ادارة لطواحين الآخرين الذين سيردون الجميل للشيوعيين من كل بد لدى استلامهم السلطة ( اذا حدث يوما ما !) بشتى صنوف القمع والارهاب .
ان تكتيك قيادة الحزب الشيوعى المصرى ليس بالتكتيك الجديد انه التكتيك البرلمانى ( ولكن للاسف بدون برلمان ) والاصلاحى المعروف : التحالف مع جميع العاملين فى الحقل السياسي خارج كراسي الحكم . اما ماذا يحدث بعد تغيير الحكم فيقولون : دعنا نعبر الجسر حين نصل اليه .
ولكن قيادة الحزب الشيوعى تحاول ان تطرح شيئا قبل الوصول للجسر وهو :
سلطة الجبهة الوطنية الديموقراطية :
يحاول احدث تقرير صادر عن المكتب السياسي ان يوضح ان هذه التحالفات من كل شاكلة وطراز تتم فى اطار خطة دقيقة محكمة تهدف الى سلطة الجبهة الوطنية الديموقراطية . ولكن وثائق الحزب لم تبذل مجهودا يذكر لتوضيح المقصود بالسلطة الوطنية الديموقراطية فى ظروف بلادنا الخاصة ؟ كما انها لم تر ان من واجبها ان تقنع القارئ اولا بأن الاخوان المسلمين والجماعات الدينية ( الجماعات المتخصصة فى التصفية الجسدية للشيوعيين – وامور رجعية اخرى بالطبع ) والوفد فصائل وطنية حتى تقنعه بعد ذلك بأن سلطة يشارك فيها كل هؤلاء يصح ان تسمى سلطة وطنية ديموقراطية !!
يقول احدث تقرير للمكتب السياسي للحزب الشيوعى المصرى :
" السلطة الجديدة لن تكون سلطة سياسية واحدة بعينها ، هذا هو رأى حزبنا بالتحديد ، اية قوة سياسية تفكر بالانفراد بالسلطة الجديدة سوف تكون مخطئة ولن تنجح فى ذلك ولن يغفر لها التاريخ ذلك ".
ويقول : " السلطة الجديدة لايجب ان تكون سلطة منفردة للحزب الشيوعى المصرى او للناصريين او الاخوان المسلمين او الجماعات الدينية او الوفديين او غيرهم " ( ستون عاما ص 110 )
الطامة الكبرى ان تقرير المكتب السياسي اعتقد ان ذلك يكفى لتوضيح الشعار الخطير : " السلطة الوطنية الديموقراطية" فلم يحدد لها اى برنامج !! ولا بعض النقاط البرنامجية ، ولكن توجد نقطة برنامجية واحدة بالغة الوضوح ولكن بشكل ضمنى : اسقاط السادات شخصيا ، ولانقول حكم السادات . اليست هذه نقطة برنامجية مخجلة ، حينما يجرى الحديث عن سلطة وطنية وديموقراطية .
ونحن نعتقد ان هذه هى النقطة المبدئية الوحيدة تقريبا التى يمكن ان يتحالف حولها هذا الخليط العجيب من القوى السياسية المتنافرة .
ان المقتطفات المقتبسة عاليه لاتحتاج لتعليق ولكن لنطرح بعض التساؤلات : لماذا لن يغفر التاريخ لحزب ثورى ينفرد بالسلطة ؟ ! ( هل التاريخ يفضل ويحتم سلطة الرجعيين والوطنيين بالتساوى . ثم هل سمع احد عن سلطة بالتساوى بين عدد من الاطراف ؟
ان الحزب الثورى لايسعى للتساوى فى القوى مع الاطراف الاقل ثورية والرجعية ، بل يسعى الى قيادة الجماهير ، وان يكون نفوذه فى اى سلطة وطنية هو النفوذ الكاسح . هل هذا اسلوب دبلوماسي لخداع الرجعية ؟ لا فالرجعيون محنكون اكثر من قيادة الحزب الشيوعى . ان الدعوة للتساوى فى هذه السلطة المزعومة هى من مواقع الضعف والذيلية وضيق ذات اليد لحزب غير جماهيرى .
ان السلطة الوطنية الديموقراطية كما هى واردة فى وثائق الحزب الشيوعى المصرى ، احتمال خرافى ، غير ممكن التحقيق ، لذلك فهى شعار مضلل ، ولكن هذا يحتاج الى مقال آخر .
---------
وفى النهاية نعود الى تأكيد الشعارات التى طالما اكد عليها حزبنا وناضل تحت لوائها : رفض التحالف مع حزب الوفد والنضال الجماهيرى من اجل عزل كافة الممارسات اليمينية فى مجال قضية بناء الجبهة ، والعمل على ترسيخ اسس النضال الجبهوى الثورى حقا ، الكفيل وحده باسقاط حكم السادات ، وتحطيم عروش الراسمالية الخائنة وانعتاق بلادنا من ربقة الاستعباد الامريكى – الصهيونى .
ملاحظة ضرورية :
كتبت هذه المقالة قبل الاطلاع على وثائق مؤتمر الحزب الشيوعى المصرى ، ويبدو ان المؤتمر لم يعدل اى شئ فى وجهة الحزب بالنسبة لقضية طبيعة السلطة الطفيلية وقضية الجبهة *



#سعيد_العليمى (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- موقف من وحدة الحركة الشيوعية المصرية - حزب العمال الشيوعى ال ...
- الإنتفاض جريدة حزب العمال الشيوعى المصرى – طبعة الخارج الثل ...
- موقف من وجهة النظر القائلة بسلطة البورجوازية الصغيرة فى مصر ...
- موقف من مهمات النضال الفلسطينى - شيوعى مصرى - حزب العمال الش ...
- فى ذكرى تأسيس حزب العمال الشيوعى المصرى - 8 ديسمبر 1969
- الاتحاد السوفييتى فى مرآة الدستور الجديد - ليون تروتسكى
- حول مسودة دستور اتحاد الجمهوريات الاشتراكية السوفيتية - جوزي ...
- حول مسودة دستور اتحاد الجمهوريات الاشتراكية السوفيتية - جوزي ...
- حول مسودة دستور اتحاد الجمهوريات الاشتراكية السوفيتية - جوزي ...
- حول مسودة دستور اتحاد الجمهوريات الاشتراكية السوفيتية - جوزي ...
- دستور اتحاد الجمهوريات الاشتراكية السوفيتية الجديد - ليون تر ...
- المادية التاريخية - نقد المفهوم الاورثوذكسي - جورج لارين
- الدستور السوفييتى عام 1918 ( مقتطف ) ف . ا . لينين
- احتجاج الشعب الفنلندى ف . إ . لينين
- حول جوهر الدساتير – بقلم فرديناند لاسال ( خطاب القى ...
- نقد التحليل البنيوى للاسطورة - سايمون كلارك
- اطروحات حول الثورة والثورة المضادة - ليون تروتسكى (1926 )
- البورجوازية والثورة المضادة - ف إ . لينين
- البورجوازية والثورة المضادة - 4 – 4 كارل ماركس
- البورجوازية والثورة المضادة - 3 - 4 كارل ماركس


المزيد.....




- الوزير يفتتح «المونوريل» بدماء «عمال المطرية»
- متضامنون مع هدى عبد المنعم.. لا للتدوير
- نيابة المنصورة تحبس «طفل» و5 من أهالي المطرية
- اليوم الـ 50 من إضراب ليلى سويف.. و«القومي للمرأة» مغلق بأوا ...
- الحبس للوزير مش لأهالي الضحايا
- اشتباكات في جزيرة الوراق.. «لا للتهجير»
- مؤتمر«أسر الصحفيين المحبوسين» الحبس الاحتياطي عقوبة.. أشرف ع ...
- رسالة ليلى سويف إلى «أسر الصحفيين المحبوسين» في يومها الـ 51 ...
- العمال يترقبون نتائج جلسة “المفاوضة الجماعية” في وزارة العمل ...
- أعضاء يساريون في مجلس الشيوخ الأمريكي يفشلون في وقف صفقة بيع ...


المزيد.....

- الثورة الماوية فى الهند و الحزب الشيوعي الهندي ( الماوي ) / شادي الشماوي
- هل كان الاتحاد السوفييتي "رأسمالية دولة" و"إمبريالية اشتراكي ... / ثاناسيس سبانيديس
- حركة المثليين: التحرر والثورة / أليسيو ماركوني
- إستراتيجيا - العوالم الثلاثة - : إعتذار للإستسلام الفصل الخا ... / شادي الشماوي
- كراسات شيوعية(أفغانستان وباكستان: منطقة بأكملها زعزعت الإمبر ... / عبدالرؤوف بطيخ
- رسالة مفتوحة من الحزب الشيوعي الثوري الشيلي إلى الحزب الشيوع ... / شادي الشماوي
- كراسات شيوعية (الشيوعيين الثوريين والانتخابات) دائرة ليون تر ... / عبدالرؤوف بطيخ
- كرّاس - الديمقراطيّة شكل آخر من الدكتاتوريّة - سلسلة مقالات ... / شادي الشماوي
- المعركة الكبرى الأخيرة لماو تسى تونغ الفصل الثالث من كتاب - ... / شادي الشماوي
- ماركس الثورة واليسار / محمد الهلالي


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - سعيد العليمى - نقد مسألة التحالفات من منظور حزب العمال الشيوعى المصرى