أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - عارف معروف - اساطير الاولين !














المزيد.....

اساطير الاولين !


عارف معروف

الحوار المتمدن-العدد: 5035 - 2016 / 1 / 5 - 14:04
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


اساطير الاولين !

لي صديق ابدل لقبه ستة مرات خلال عشرة اعوام ! حتى انني سألته ، ملاطفا ، في آخر مرة التقيته فيها وكان قد ثبّت الى مكتبه لوحة باسمه مع لقبه الجديد ، ان كان هذا آخر تحديث (Up grading) فأجاب ،ضاحكا، ان علم ذلك عند علام الغيوب وانه يتوقف على نتائج بحث مستمر ، تحتمه ضرورات اجتماعية لا نزوات شخصية . فيما اعرف آخر ، انتهى به بحثه الى ان يستقر على لقب ،وولده على لقب آخر ، فاصبح هو ، بعد عدد من التحديثات ، " جبوريّ " فيما ظل ابنه " زبيدّي " . اما بالنسبة لي ، شخصيا ، فاذكر ان ابي كان يحفّظني ، في طفولتي ، متباهيا ، سلسلة اسلافي حتى اثني عشر ظهرا ، لكنه كان يغلط في كل مرة في جدنا السادس او السابع ، ويسميّهما ، في كل مرّة، اسماء مختلفة، حتى تاهت عليّ السالفة .....
ولا تعود حمّى بحث الناس وتحرّيهم عن انسابهم ، الملتهبة منذ عقدين تقريبا ، الى ترف او بطر او جهل فقط ، بل هي تنبع عن حاجات عملية تملي نفسها على الافراد والجماعات . لقد عاد الناس الى هذه الروابط والدعامات بعد ضعف وتقهقر اعترى الدولة المدنية وسلطتها وانسحب على سطوة القانون ونفوذه . لكن هذا ليس مربط الفرس ، كما يقال ، انما ، مربطها ، هذه الثقة المدهشة ، التي يبديها الناس ، في الشخوص والاحداث والوقائع لما سلف من الزمن، فتراهم يبنون مواقفهم وتحزباتهم بل وصراعاتهم الحاضرة ، على مواقف ووقائع ورجال وادعاءات لا تملك من الدعم الموّثق الشيء المطمئن . فاذا كان أبي لا يملك ما يدّعم قناعته باسم جده الخامس او السادس ، واذا كان البعض يحدّث ويصحح معلوماته عن اسلافه ونسبه في كل مرة ، لأسباب موضوعية ومقنعة ، اذ لا سجلات ولا وثائق يُعتّد بها، حتى قبل مئتين من السنين ، الاّ عند خواص الخواص ، من الناس ، وفيما يتعلق بسندات الملكية العثمانية تحديدا ، فكيف يمكن لنا ان نبدي كل هذه الثقة فيما وردنا مرّويا شفاها او تناقضت بشأنه التدوينات المحدودة التي ورثناها ، وفقا لمواقف اصحابها على قاعدة " حب واحكي واكره واحكي " المعروفة ؟
انك تجد وصفا، لرجل ، على انه " ابيض الوجه ، طلق المحيا ، خفيف العارضين ، غضّ الإهاب " ، مرّة ، و " آدم( أسمر ) ، ثقيل الأدمة، عكر المحيا، ثقيل الجثة، مخشوشن " مرّة اخرى ، وباختلاف الكاتب وموقفه ، حيث ينسحب الحب والكراهية ، لا على الرأي والموقف فحسب ، بل والسحنة والمحيّا ، والقامة ، والخطو ،حتى يستحيل الانسان من حال الى حال ، هذا في الخلقة والشكل مما لا يتوقف عنده الناس كثيرا ، كما يفترض ، في الشخصيات التاريخية . اما اذا جئت الى الخُلق والسياسة والانحياز فكان الله في عونك ، اذ ستتدخل عناصر السلطة والنفوذ والمال والاعطيات والانحيازات القبلية والتعصبات المذهبية والحب والكره واعنف اهواء القلب البشري في صياغة الصورة وتوصيف الحالة . والامر لا يتوقف عمّا يحدثنا به التاريخ في شأن الاولين بل انه ينسحب حتى على المعاصرين ممن كانوا بين ظهرانينا، قبل عقود ، او غادرونا قبل بضع سنين ، وانظر كيف ان شخصا مثل عبد الكريم قاسم ، مثلا ، يوصف بالسماحة والعفو والنزاهة والشجاعة والذكاء والوطنية وتُقدم لدعم ذلك الاسانيد وتروى القصص ،عند من احبوه ، وبالطغيان والمكر والجنون بل وقلة الوفاء والقتل عند من عادوه دون ان يعدموا ، كذلك ،الأسانيد والوقائع . فيرى فريق ظل ابتسامته وقد ارتسم على القمر فيما يكنيه فريق بابي جنيّة !! ثم انظر في امر صدام حسين وقد عشنا عهده وعايشناه كيف اختلفت بشأنه الاحكام ، وفقا لعواطف الحب والكراهية ، رغم ان وقائع عهده ماثلة وارتكاباته شاخصة ونتائجها معاشة ، ورغم ان وسائل التوثيق المكتوبة والمسموعة والمرئية متوفرة للناس ، بشأنه وشأن معاصريه ، كما لم تتوفر في عصر من العصور . فكيف لنا ان نركن ، والحال هذه ، الى صفات وبطولات القعقاع وحدّة بصر الزرقاء وقصة مسيلمة وحديث الاسود العنسي ودهاء فلان وشجاعة علان وسموّ وطبان ؟!
ان البشر ، كل البشر " ونحن منهم "، يخلقون مثالهم كما يشاؤون ، ويسربلون الواقع بأزياء ،من عندهم ، كما يشتهون ، وهمّ بذلك ، يصنعون القصص ويؤلفون الملاحم ، ويعيشون في عالم " افتراضي " قبل ان نعرف هذا العالم اليوم . لكن ذلك كله ، يجب ان يعرض على العقل واحكامه ،والمنطق وموازينه، والواقع ،الذي نعيش ، وقوانينه . اذْ ان الارض كانت وما زالت هي الارض .والانسان كان وما انفك هو الانسان .
ان صورة السيد المسيح ، التي توقعها مجموعة من الباحثين البريطانيين استنادا الى هياكل عظمية ليهود فلسطينيين من تلك المرحلة التاريخية بعد التعامل معها بتقنيات متطورة وبرامج حاسوبية حديثة والتي نشرت مؤخرا ،تظهر شخصا ذو ملامح متوسطية اقرب الى الواقع منها الى صورته المألوفة والرائجة كشخصية بملامح اوروبية غربية يمكن ردّها الى سطوة ونفوذ الامبراطورية المسيحية ومثالها الجمالي لا الى الواقع . وبالمثل ، فأن بحوثا علمية ، بعيدة عن الهوى ،وتطبيقات راشدة للتقنيات الحديثة ، قد تغير الكثير من احكامنا الثابتة ومسلماتنا المطلقة ، لقرون طويلة بشأن لا الشخصيات والرجال فحسب ، بل والمواقف والوقائع والنصوص ، وحتى ذلك الحين الذي يبدو افقه بعيدا ، حتى الان ، فلا اقل من ان نرعوى ونتريث ونتزن فيما نطلقه ونستند اليه من احكام ومواقف وانحيازات ، او على الاقل ، نتجنب اهدار الوقت والثروات والدماء في امور تكتنفها الكثير من الشكوك !



#عارف_معروف (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- لندون ب . جونسون واغتيال سمير القنطار ....
- احاديث شخصية مع عبد الرزاق عبد الواحد ...(2)
- احاديث شخصية مع عبد الرزاق عبد الواحد...
- ماذا يحصل في كردستان ؟
- ثورة شعب ام مؤامرة مدعومة من الخارج ؟
- جاسم ....العنف ام الخوف؟......(2)
- -جاسم مو مشكله- ونوري السعيد ... ! .........(1)
- عبد الكريم قاسم والاميرة انستازيا رومانوف!
- جريدة - الحرية - .... صفحة مجهولة من تاريخ الصحافة السرية في ...
- -ابو جويدة - و فيصل القاسم ....
- زرادشت ...والضابط الخفر !
- العدوان على شعب اليمن: دراكولا الرجعية من جديد !
- حينما يتحول الجلاد الى ضحية !
- سلاح - السعودية - النووي !!
- سبايكر.... تحقيق ام تسوية ؟!
- دعوة ايران للتصدي لداعش في العراق: هل هو الفخ؟
- حجامة السيد الحسني ..
- المفوضية العليا المستقلة للانتخابات وابتسامة الموناليزا !
- مجانين محلتنا !
- من اجل اطلاق حملة : لا للعدوان على سوريا ...لا للمغامرة با ...


المزيد.....




- 1 من كل 5 شبان فرنسيين يودون لو يغادر اليهود فرنسا
- أول رد من الإمارات على اختفاء رجل دين يهودي على أراضيها
- غزة.. مستعمرون يقتحمون المقبرة الاسلامية والبلدة القديمة في ...
- بيان للخارجية الإماراتية بشأن الحاخام اليهودي المختفي
- بيان إماراتي بشأن اختفاء الحاخام اليهودي
- قائد الثورة الاسلامية آية الله‌خامنئي يصدر منشورا بالعبرية ع ...
- اختفاء حاخام يهودي في الإمارات.. وإسرائيل تتحرك بعد معلومة ع ...
- إعلام العدو: اختفاء رجل دين اسرائيلي في الامارات والموساد يش ...
- مستوطنون يقتحمون مقبرة إسلامية في الضفة الغربية
- سفير إسرائيل ببرلين: اليهود لا يشعرون بالأمان في ألمانيا


المزيد.....

- شهداء الحرف والكلمة في الإسلام / المستنير الحازمي
- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - عارف معروف - اساطير الاولين !