|
مناقشتي لمناقشة صادق إطيمش لكتابي «الله من أسر الدين» 4/10
ضياء الشكرجي
الحوار المتمدن-العدد: 5033 - 2016 / 1 / 3 - 02:23
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
مناقشتي لمناقشة صادق إطيمش لكتابي «الله من أسر الدين» 4/10 ضی-;-اء الشكرجي [email protected] www.nasmaa.org ص: صادق إطيمش. ض: ضياء الشكرجي 1. ص: «هذه الثلاثية التي جعلها الفكر الديني سلاسل يكبل بها المؤمنين به، باعداً إياهم عن فضاءات العقل.» ض: فالعيب إذن ليس في الثلاثية، إنما في الثلاثية الدينية، التي يدعي أتباعها أن مصدرها الله. نفس الثلاثية عندما تعتمد مرجعية العقل، أو المدارس الأخلاقية، أو القانون المدني العادل، لا نرى فيها أية مشكلة، كل هذه المرجعيات تقيّم سلوك الإنسان، وتقسمه بين واجب أخلاقي أو قانوني أو عقلاني، وبين محظور، وبين جائز، والجائز ينقسم إلى ما ينبغي الإتيان به، أو ما ينبغي تركه، وما هو جائز مطلقا. الدين منح هذه التقسيمات تسمياته الخاصة، والاتجاهات العقلانية والأخلاقية والإنسانية المدنية العلمانية غير الدينية، لها مصطلحاتها. قد تتفق واجبات ومحرمات ومباحات الدين أحيانا مع بعض واجبات ومحرمات ومباحات الأخلاق، أو القانون، وتفترق عنها أحيانا أخرى. 2. ص: «وحينما تعود هذه الثلاثية بنفس المضمون على شكل واجب وممكن وممتنع لإثبات وجود خالق.» ض: بينت أن تكرر الرقم ثلاثة في أشياء كثيرة في الحياة بشتى ميادينها، ووجود هذا العدد في مسائل دينية، لا يجعل كل ما يحمل العدد ثلاثة مشتركا مع الثلاثي الديني. وهكذ هو الأمر مع أي عدد يتكرر في أمور مختلفة، كالأعداد (اثنين، ثلاثة، أربعة، خمسة، ستة، سبعة، ...). 3. ص: «... خالق لا يختلف عن الخالق الديني التنزيلي.» ض: بل يختلف اختلافا جوهريا، فالخالق الديني يثيب على الإيمان، ويعذب بسبب عدم الإيمان، المنعوت في الأدبيات الدينية بـ(الكفر)؛ تلك المفردة التي تختزن الكثير من الكراهة والعداء وأقلها الانفصال النفسي عن المؤمن الديني المغاير، ناهيك عن موقفها من المؤمن اللاديني، وأشد من ذلك موقفها من غير المؤمن. الخالق الدی-;-ني يحرم أشياء لا يحرمها العقل ولا الأخلاق، ويوجب أشياء لا يوجبها العقل ولا الأخلاق، ويبيح أشياء لا يبيحها العقل ولا الأخلاق. بينما الخالق العقلي يضع الإنسان أمام مسؤولية العقل والضمير، أو ما يمكن تسميتهما بالعقل الفلسفي، الذي يحدد الصواب „richtig“ (بالإنگليزية: right) والخطأ „falsch“ (بالإنگليزية: wrong)، والعقل الأخلاقي، الذي يحدد الجيد (الحسن) „gut“ (بالإنگليزية: good) والسيئ (القبيح) „schlecht“ (بالإنگليزية: bad). ثم الخالق الديني المدَّعى يسجن المؤمن الديني في زنزانة الحقائق المطلقة والنهائية واللامسموح مناقشتها، بينما الخالق العقلي يقر للإنسان بنسبية الحقائق عنده، التي يحاول أن يكتشفها بعقله، لأن عالم الإنسان عالم النسبية، وليس بعالم الإطلاق. 4. ص: «فإن ذلك سيبعد هذا الأمر عن إمكانية حسم الإيمان "بواقعية الوجود المحسوس"، ونفي دعوى الوجود المثالي.» ض: بينت ألّا علاقة بين الواقعية وعدم الإيمان بثمة عالم مثال، إلى جانب عالم الواقع. 5. ص: «إذ إن هذه الثلاثية تنطلق من الفكر المثالي أساساً.» ض: أبدا. هل للرياضيات مثلا علاقة بالمثال أو بالميتافيزيك؟ من الواجبات الرياضية أن العدد إما فردي وإما زوجي، وأن كل عدد يقسم على نفسه يساوي واحد. ومن الممتنعات الرياضية أن يكون نفسي العدد زوجيا وفرديا في آن واحد. ومن الممكنات أن عدد شيء ما إما زوجي وإما فردي. وفي كل عالم، عالم الفيزياء، عالم المنطق، عالم الأخلاق نجد هذه الثلاثية، أي ما هو ضروري، وما ممكن، وما هو ممتنع. 6. ص: «كما جعلتَ لهذا الخالق نُبوّة ممكنة ظنية، أراها لا تنسجم أيضاً مع "حسم الإيمان بواقعية الوجود المحسوس" الذي تراه.» ض: هذا كان في سياق كلامي عن مرحلة سابقة لي، اعتمدت فيها المذهب الظني. مع هذا، أي مع تحولي، فالقاعدة العقلية التي اعتمدتها ما زالت سارية المفعول. كيف؟ الدين كقضية افتراضية بأنها تمثل وحيا إلهيا، يبلغ عبر شخص مكلف بالتبليغ به يسمى نبيا أو رسولا. هذا عندما نتكلم عن (الدين/الوحي/النبوة) كمفهوم مجرد مفترض، فهو ممكن من الناحية العقلية المحضة، طبعا إذا اقتنعنا بوجود الخالق، وإلا فيكون الدين سالبا بانتفاء موضوعه. لكن عندما ننتقل من (الدين) كمفهوم في عالم الذهن، أو عالم التجريد، إلى ما يسمى في المنطق بالمصداق، أو المصاديق، أي الأمثلة المتحققة في الواقع لهذا المفهوم المفترض، التي لها وجود خارج الذهن، أي في الواقع، نكتشف عند عرضها على العقل أنها (ممتنعة) الصدق، أي ممتنع نسبتها إلى المطلق (الخالق). من هنا يتحول الدين من ممكن مفهوما، إلى ممتنع مصداقا. 7. ص: «إذ إن مسألة النبوة لا تعدو كونها محاولة غيبية لا دليل عقليا عليها، أرادت الأديان من خلالها تثبيت القناعات الإجبارية بصاحب هذه النبوة، والإذعان لقدراته الغيبية، من خلال أطروحات جاء بها هذا النبي، جاعلاً منها رسالة سماوية لا نقاش حول مضمونها. وما ينطبق على هذه النبوة ينسحب أيضاً، كما أرى، على لاعقلانية الإمامة الدينية، أو العصمة، أو الشفاعة، التي لا يمكن اعتبارها من الممكنات العقلية، وذلك لارتباطها العضوي بحاملها الإنسان الذي لا يمكن أن يكون معصوماً أو شفيعاً أو حتى إماماً لنبوة ذات أصول مثالية غيبية.» ض: اختصارا أقول هذا ما أذهب إليه كنتيجة، أي بعد عرض المدَّعى على العقل. أما ابتداءً فأنا أساير الدينيين، خاصة الذين يدّعون أو يتصورون أنهم يعتمدون مرجعية العقل، بأن دعونا نفترض إن هذا ممكن، وهو كما بينت سابقا كمفهوم في عالم التجريد من الممكنات العقلية عندي، ولكن الممكن يتساوى أمام العقل احتمال صدقه واحتمال كذبه على حد سواء، أي (50%-50%)، ولذا نذهب لفحص مدى صدق هذا المدعى ممكن الصدق وممكن الكذب، فيتبين لنا بعد عرضه على العقل أنه وبالضرورة أنه ليس صادقا، أي ممتنع الصدق. هو ممكن الصدق وممكن الكذب مفهوما، ممتنع الصدق واجب الكذب مصداقا. وهذا يصدق على جميع الأديان بلا استثناء، لمعارضتها لثوابت العقل، وللعدل الإلهي، وللمبادئ الإنسانية، وللحقائق العلمية. لكن لو افترضنا أننا وجدنا دينا لا يشتمل على أي من هذه التعارضات، هنا لا يجب التسليم بصدقه، لكن يمكن أن يزداد عند البعض، أو عند العقل المجرد المحايد، احتمال صدقه. لكن وجود هكذا دين يبقى مجرد افتراض، فهذا الافتراض لا ينطبق على أي دين من الأديان. وبالتالي كلها بلا استثناء غير صداقة. فليس هنالك تلازم بين الإمكان النظري، وصدق التحقق في الواقع. أرجع وأقول ما يقال عن شيء إنه ممكن، فكل من ثبوته وانتفائه، من صدق وكذبه، من وجوده وعدمه، ممكن. 8. ص: «الموضوع الآخر الذي توقفت عنده كثيراً هو ما تفضلت به على الصفحة 53 تحت عنوان "الثغرة في أدلة كل من الإلهيين والماديين". لمناقشة فكرة واجب الوجود تنطلق، أخي العزيز، من وجوب وجود "علة أولى مستغنية عن العلة"، لتبرر بها التصور الإنساني العقلي حول الأبدية أو الأزلية. لا أرى شخصياً وجوب وجود العلة في تأكيد فكرة واجب الوجود.» ض: عفوا عبارة "واجب الوجود" هو مصطلح لاهوتي-عقلي „theologisch- rationalistischer Begriff“. فالإلهيون-العقليون يقسمون الوجود إلى نوعين؛ ممكن الوجود، وواجب الوجود، بتعبير آخر ممكن الكؤون وضروري الكؤون. كل الوجودات في عالم الطبيعة هي ممكنة، ومن صفات الممكن، الحدوث، أي الانبعاث إلى الوجود في لحظة على خط الزمن، لم يكن قبلها موجودا، كما من صفاته الفقر، أي الحاجة إلى علة لوجوده، وعلة أو علل لتحولات ماهيته وأحواله وأطواره، والنسبية أو المحدودية. أما واجب الوجود، الذي يعني أنه ممتنع العدم، فهو إذا سلمنا بوجوده، أو افترضنا وجوده، فوجوب وجوده يعني أنه لا يمكن له إلا أن يكون موجودا. وهذا ينطبق على كل زمان، فهو لذلك أزلي فيما يتعلق ببداية وجوده، وأبدي فيما يتعلق بنهاية وجوده، وأزليته وأبديته تعنيان أنه ليس حادثا ولا زائلا. نعم يمكنك نفي وجود من هذا القبيل، وعندها يكون كل وجود حادثا وزائلا ومتحولا ونسبيا. لكن هذا يقودنا إلى نقطة اللابداية، وبالتالي اللاانبعاث لأي وجود، بسبب تسلسل العلل إلى ما لا نهاية تراجعيا، أو لنقل إلى ما لا بداية.
#ضياء_الشكرجي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
مع مناقشة صادق إطيمش لكتابي «الله من أسر الدين ...» 3/10
-
مع مناقشة صادق إطيمش لكتابي «الله من أسر الدين ...» 2/10
-
مع مناقشة صادق إطيمش لكتابي «الله من أسر الدين ...» 1/10
-
ربع قرن من عمري مع الإسلام السياسي 30
-
ربع قرن من عمري مع الإسلام السياسي 29
-
ربع قرن من عمري مع الإسلام السياسي 28
-
ربع قرن من عمري مع الإسلام السياسي 27
-
ربع قرن من عمري مع الإسلام السياسي 26
-
ربع قرن من عمري مع الإسلام السياسي 25
-
ربع قرن من عمري مع الإسلام السياسي 24
-
ربع قرن من عمري مع الإسلام السياسي 23
-
تركيا - روسيا - فرنسا - سوريا - داعش
-
مع مقولة: «الدولة المدنية دولة كافرة»
-
ربع قرن من عمري مع الإسلام السياسي 22
-
ربع قرن من عمري مع الإسلام السياسي 21
-
ربع قرن من عمري مع الإسلام السياسي 20
-
ربع قرن من عمري مع الإسلام السياسي 19
-
ربع قرن من عمري مع الإسلام السياسي 18
-
ربع قرن من عمري مع الإسلام السياسي 17
-
ربع قرن من عمري مع الإسلام السياسي 16
المزيد.....
-
شاهد: لحظة إطلاق سراح الأسيرة الإسرائيلية أربيل يهود وتسليمه
...
-
تسليم الأسيرة الإسرائيلية أربيل يهود للصليب الأحمر في خان يو
...
-
تردد قناة طيور الجنة الجديد على القمر الصناعي النايل سات وال
...
-
مستعمرون يقطعون أشجار زيتون غرب سلفيت
-
تسليم رهينتين في خان يونس.. ونشر فيديو ليهود وموزيس
-
بالفيديو.. تسليم أربيل يهود للصليب الأحمر في خان يونس
-
الصليب الأحمر يتسلم المحتجزين الإسرائيليين أربيل يهود وجادي
...
-
القناة 13 العبرية: وصول الاسيرين يهود وموسيس الى نقطة التسلي
...
-
الكنائس المصرية تصدر بيانا بعد حديث السيسي عن تهجير الفلسطين
...
-
وصول المحتجزين الإسرائيليين أربيل يهود وغادي موزيس إلى خان ي
...
المزيد.....
-
السلطة والاستغلال السياسى للدين
/ سعيد العليمى
-
نشأة الديانات الابراهيمية -قراءة عقلانية
/ د. لبيب سلطان
-
شهداء الحرف والكلمة في الإسلام
/ المستنير الحازمي
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
المزيد.....
|