|
ثقافة الجهل تقود بلد الثقافة
حسن النصّار
الحوار المتمدن-العدد: 1372 - 2005 / 11 / 8 - 02:55
المحور:
الصحافة والاعلام
يقول مصلح الدين السعدي : إنـّـه لحزنني جدّا ً أيها الأعرابي أنّـك لن تبلغ الكعبة لأنّ هذا الطريق الذي تسلكه يؤدي إلى تركستان . الحزن الذي أرغم مصلح الدين السعدي في أن يقول للأعرابي هذه الكلمة هو نفس الحزن والأسى الذي يرغمني الآن في إطلاق كلمتهُ بوجه التلفاز العراقي أقصد الفضائية ( العراقية ) التي احتفلنا لولادتها إيـّما احتفال .... ولكن ( قال يا أسفاه على يوسف وابيضت عيناه من الحزن فهو كظيم ) ق.ك . نعم لقد ألقى المعنيـّـون بالفضائية العراقية في الجبّ المظلم بفعل الجهل والتخبطّ العشوائي ، وإلا ّ كيف نفسـّر تلكم البرامج المخجلة التي تسئ بشكل مباشر الى عراقة عراقنا وعراقيتنا ، بل تسئ الى رموز ثقافتنا على مرّ الزمان ، ماذا نقول الى عملاق الشعر محمد مهدي الجواهري ، بل ماذا نقول للسيـّـاب والبياتي وبلند الحيدري وحسين مردان والملائكة ، نازك ..... وماذا نقول للحاضرين فاضل العزّاوي وفوزي كريم وسعدي يوسف .... ماذا نقول لشعراء جيل الستينيات والسبعينيات والثمانينيات والتسعينيات .... ماذا نقول لجان دمو الذي عاش غريبا في وطنه ومات قريبا في القارة العذراء ، ماذا نقول للشاعر الذي حمل طفولة شعر العراق عبد الأمير جرص ودفنه معه في ثلوج قارة أمريكا الشمالية .... ماذا نقول لعدنان الصائغ الذي تأبـط ّ منفاه واكتفى بنشيده الأوروكي الهائل .... ماذا نقول للماجدي خرعل ولعكازته الشعرية الطويلة التي لوّح بها بوجه رامبو ومجمل الحضارات ، ماذا نقول لزاهر الجيزاني وأبيه في مسائه الشخصي ّ ، ماذا نقول لعبد الزهره زكي وقصيدته الشهيرة الخبز التي ملأت أنوفنا برائحة الشعر ، ماذا نقول لرباح نوري في طريقه الى المقهى وهو يقود شلله النصفيّ ، ماذا نقول لشريعة النوّاب حسن النوّاب الذي لاذ بالشهقات وتبارك وحسنى ، ماذا نقول لسلمان داود محمد وهو الذي أطلق كرة الشعر بالماء ، ماذا نقول لدنيا ميخائيل وهي التي لبست عباءة الشعر وأطلقت صوتها للهواء مع أكياس عظام ......ماذا نقول لعبد الخالق كيطان ولصعاليكه المشردين في سدني وعلى أرصفة العالم ، ماذا نقول لعلي عبد الأمير الذي صدّق أكذوبة العالم وهرول الى هناك وحينما اغتالوا حلمه أمامه سكن المنفى من جديد ، ماذا نقول لأحمد مطر وأديب كمال الدين وأمل الجبوري وباسم المرعبي ولي الشلاه ومحمد مظلوم وحميد العقابي وخالد المعالي وسركون بولص وسعد جاسم وشاكر لعيبي وصلاح نيازي وعبد الحميد الصائح وعدنان الاحمدي وعبد الكريم كاصد وعلي الشلاه وغريب أسكندر وحسن الخرساني ورعد زامل وفاضل الخياط وكاظم جهاد وكمال سبتي ومقداد رحيم ومنعم الفقير وناصر مؤنس ووديع العبيدي وبلقيس حميد حسن وبرهان الشاوي وكزار حنتوش .... ماذا نقول لقافلة الشعر العراقي الذي أبتدأ ولا ولم ولن ينتهي ولن يحصي عددهم أحد مطلقا ، وهنا لا أعني عددهم الكميّ عشوائيا ، إنما أعني عددهم ابداعيا ، ماذا نقول لكل هؤلاء عن الفضائية العراقية التي أساءت بفعل قيادتهم الجاهلة وثقافة الجهل التي يحملونها الى ثقافة أرض الشعر وموطن الشعر ، بل الى رموز الشعر وحاملي شعلة الشعر ، وإلا ّ بماذا نفسـّر البرنامج الهزيل الذي لايمتّ بأية صلة الى ثقافة العراق والمعنون ب ( سحر البيان ) ، أسفا لقد أهانوا رموز العراق وأهل العراق بهذه الطريقة المخجلة من حيث الاعداد والتقديم والادارة ولجنة التحكيم الفاشلة ، أما المسؤول عن التقديم فقد كان وقحا ومسيئا ولا علاقة له بالثقافة لا من قريب ولا بعيد ، ويبدو أن مفهوم العصابات التي سمعنا بها صحيحة ، من حيث كل مجموعة تستولي على مؤسسة معينة ، وهذه المجموعة توزّع وتتقاسم المناصب فيما بينها ، واللأولوية للمقربين من أبناء القبيلة والفخذ ، وهل بإمكان الدكتور حبيب الصدر تفسير هذه الظاهرة لنا ، ولاأعرف كيف انجرّ الدكتور محمد حسين آل ياسين الى هذا البرنامج المهين لثقافتنا وتراثنا ، ألم يكن بالامكان تدقيق النصوص وتنقيحها قبل طرحها وعرضها على الجمهور ، وثمّة برامج أخرى مقززة وتقشعر منها الأبدان لتفاهتها ورخصها ، على سبيل المثال لاالحصر ( رسالة حبّ ) من مصر ولقاءات مع مطربين وراقصين وراقصات فضلا عن مقدمة البرنامج التي طلقت لهجتها العراقية وبدأت تتحدث باللهجة المصرية وتهزّ أردافها على الطريقة المصرية ، لا أعرف الى متى تتحكم بنا الذائقة الفردية ، خرجنا من ثقافة العنف والاضطهاد ووقعنا في ثقافة الجهل والفردنة ، إنني أدعو كلّ المعنيين والمهتمين بثقافة الحرف والكلمة والفارزة ... أعني كل المبدعين الذين ينتمون لأمة العراق الثقافية والشعرية ، بالتصدي الى هذه الظاهرة المشينة ، وإيجاد أرضية حقيقية وحلول معرفية حتى يتسنى للمختصين تولي ادارة هذه المؤسسات الفعّالة التي تعد واجهة العراق للعالم. ولا شكّ أن العراق ليس وطنا شعريا ولا بلدا شعريا ، إنّما العراق أمة شعرية كبرى قائمة بحد ذاتها ، تندرج في طيّاتها وتحت ظلها أمم شعرية ضاربة أعماق روح الأرض ، لذا آمل من كل الجهات والمؤسسات رفع صوتهم بوجه ثقافة الجهل التي تقود بلد الثقافة .
حسن النصّار كاتب وشاعر عراقي مقيم في أمريكا / تكساس
#حسن_النصّار (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
رصدتهما الكاميرا.. مراهقان يسرقان سيارة سيدة ويركلان كلبها ق
...
-
محاولة انقلاب وقتل الرئيس البرازيلي لولا دا سيلفا.. تهم من ا
...
-
ارتفاع قياسي للبيتكوين: ما أسباب دعم ترامب للعملات المشفرة،
...
-
الكربون: انبعاثات حقيقية.. اعتمادات وهمية، تحقيق حول إزالة ا
...
-
قائد القوات الصواريخ الاستراتيجية يؤكد لبوتين قدرة -أوريشنيك
...
-
روسيا تهاجم أوكرانيا بصاروخ جديد و تصعد ضد الغرب
-
بيع لحوم الحمير في ليبيا
-
توقيف المدون المغربي -ولد الشينوية- والتحقيق معه بتهمة السب
...
-
بعد أيام من التصعيد، ماذا سيفعل بوتين؟
-
هجوم بطائرات مسيّرة روسية على سومي: مقتل شخصين وإصابة 12 آخر
...
المزيد.....
-
السوق المريضة: الصحافة في العصر الرقمي
/ كرم نعمة
-
سلاح غير مرخص: دونالد ترامب قوة إعلامية بلا مسؤولية
/ كرم نعمة
-
مجلة سماء الأمير
/ أسماء محمد مصطفى
-
إنتخابات الكنيست 25
/ محمد السهلي
-
المسؤولية الاجتماعية لوسائل الإعلام التقليدية في المجتمع.
/ غادة محمود عبد الحميد
-
داخل الكليبتوقراطية العراقية
/ يونس الخشاب
-
تقنيات وطرق حديثة في سرد القصص الصحفية
/ حسني رفعت حسني
-
فنّ السخريّة السياسيّة في الوطن العربي: الوظيفة التصحيحيّة ل
...
/ عصام بن الشيخ
-
/ زياد بوزيان
-
الإعلام و الوساطة : أدوار و معايير و فخ تمثيل الجماهير
/ مريم الحسن
المزيد.....
|