أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - أحمد صبحى منصور - تدبر فى قصة موسى والعبد الصالح (4 من 7 )















المزيد.....

تدبر فى قصة موسى والعبد الصالح (4 من 7 )


أحمد صبحى منصور

الحوار المتمدن-العدد: 5032 - 2016 / 1 / 2 - 23:39
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


لا زلنا فى تدبر الآيات الكريمة ( 60 : 82 ) من سورة الكهف . ونتوقف هنا مع :
رابعا : الوحى التوجيهى :
1 ـ ينزل وحى توجيهى للرسول النبى قبل وأثناء وربما بعد ( الرسالة السماوية ).
2 ـ وفى القرآن الكريم شواهد على هذا الوحى التوجيهى للنبى محمد عليه السلام ، فى هجرته الى المدينة والأمر بكف اليد عن القتال الدفاعى و موقعة بدر وموقعة الأحزاب وسورة التحريم والثلاثة الذين خُلّفوا فى سورة التوبة . ولكن الذى أنزل على الرسول هو ( سور ) القرآن ، ولا وجود لسور خارج القرآن ولا إيمان بحديث خارج القرآن ، وبالتالى فالايمان بوجود هذا الوحى التوجيهى محصور بما جاء عنه من إشارات قرآنية . لا إيمان بأى كلام أو حديث خارج نصوص القرآن الكريم بإعتباره الرسالة الخاتمة والنهائية ، وهذه الاشارات عن الوحى التوجيهى لخاتم المرسلين جاء على هامش تفصيلات التاريخ المعاصر للنبى محمد عليه، وهو جزء قليل بالمقارنة بالقصص الماضى عن الأنبياء والأمم السابقة ،وهذا القصص القرآن كله ( الماضى والمعاصر ) ليس سوى جزء من القرآن الرسالة العالمية والأخيرة للبشر ، بما فيها من تشريعات وقيم أخلاقية و إشارات علمية . وبهذا يختلف القرآن الكريم عن الرسالات السماوية السابقة .
2 ـ والرسالات السماوية قبل القرآن الكريم كانت مؤقتة بقومها ورسولها ، لذا كان الوحى التوجيهى منزلته نظرا لظروفه الوقتية المحلية . وأمثلته كثيرة ، منها فى قصة نوح عليه السلام كيفية صُنع السفينة وانه لن يؤمن من قومه أحد إلا من آمن (وَأُوحِيَ إِلَى نُوحٍ أَنَّهُ لَنْ يُؤْمِنَ مِنْ قَوْمِكَ إِلاَّ مَنْ قَدْ آمَنَ فَلا تَبْتَئِسْ بِمَا كَانُوا يَفْعَلُونَ (36) وَاصْنَعْ الْفُلْكَ بِأَعْيُنِنَا وَوَحْيِنَا وَلا تُخَاطِبْنِي فِي الَّذِينَ ظَلَمُوا إِنَّهُمْ مُغْرَقُونَ (37)هود) .ومنها تبشير ابراهيم بابنه اسماعيل ، وتبشير زكريا بابنه يحيى .
2 ـ والوحى التوجيهى سمة بارزة فى قصة موسى عليه السلام الذى ( كلّمه الله تكليما ) : (وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسَى تَكْلِيماً (164) النساء ). وبدأ الوحى التوجيهى بمولد موسى طفلا مع وحى الله جل وعلا لأم موسى ، ثم تعليم موسى العلم اللدنى وهو فى قصر فرعون ، حيث عرف وضعه ودقّة موقفه وصعوبة وضعه . وكان الوحى التوجيهى يصاحب موسى من حديث رب العزة معه عند الشجرة المباركة فى طور سيناء بالوادى المقدس طوى الى ظروفه مع قومه فى حركته فى مصر وهم تحت ضغط الفرعون ، ومنه مثلا : حين خاف من ألاعيب السحرة : (فَأَوْجَسَ فِي نَفْسِهِ خِيفَةً مُوسَى (67) قُلْنَا لا تَخَفْ إِنَّكَ أَنْتَ الأَعْلَى (68) وَأَلْقِ مَا فِي يَمِينِكَ تَلْقَفْ مَا صَنَعُوا إِنَّمَا صَنَعُوا كَيْدُ سَاحِرٍ وَلا يُفْلِحُ السَّاحِرُ حَيْثُ أَتَى (69) طه ) وفى صلاتهم خُفية بمصر: ( وَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى وَأَخِيهِ أَنْ تَبَوَّأَا لِقَوْمِكُمَا بِمِصْرَ بُيُوتاً وَاجْعَلُوا بُيُوتَكُمْ قِبْلَةً وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَبَشِّرْ الْمُؤْمِنِينَ (87) يونس ) ، وفى هروبهم من مصر خُفية (وَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى أَنْ أَسْرِ بِعِبَادِي إِنَّكُمْ مُتَّبَعُونَ (52) الشعراء ) و فى إستسقائه لقومه وهم 12 قبيلة : (وَإِذْ اسْتَسْقَى مُوسَى لِقَوْمِهِ فَقُلْنَا اضْرِبْ بِعَصَاكَ الْحَجَرَ فَانفَجَرَتْ مِنْهُ اثْنَتَا عَشْرَةَ عَيْناً ) (60) البقرة ).. وبالوحى نودى موسى لميقات ربه جل وعلا على جبل الطور ، وفيه تلقى الألواح ، الكتاب المُنزّل .وبعده أوحى اليه ربه بما فعله بنو اسرائيل من عبادة العجل إثناء غيابه : (وَمَا أَعْجَلَكَ عَنْ قَوْمِكَ يَا مُوسَى (83) قَالَ هُمْ أُولاءِ عَلَى أَثَرِي وَعَجِلْتُ إِلَيْكَ رَبِّ لِتَرْضَى (84) قَالَ فَإِنَّا قَدْ فَتَنَّا قَوْمَكَ مِنْ بَعْدِكَ وَأَضَلَّهُمْ السَّامِرِيُّ (85) طه ) وتتابع الوحى التوجيهى لموسى بعدها، ومنه حين رفض قومه دخول الأرض المقدسة التى كتبها الله جل وعلا فأوحى رب العزة اليه : ( قَالَ فَإِنَّهَا مُحَرَّمَةٌ عَلَيْهِمْ أَرْبَعِينَ سَنَةً يَتِيهُونَ فِي الأَرْضِ فَلا تَأْسَ عَلَى الْقَوْمِ الْفَاسِقِينَ (26) المائدة ).
ومنه الوحى لموسى أن يقابل هذا الرسول النبى ليتعلم منه موسى الصبر وعدم الانفعال . وبالهذا الوحى تحدد المكان الذى سيقابل فيه موسى ذلك الرسول النبى ، نفهم هذا من هذا الحوار الذى دار بين موسى لفتاه : ( وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِفَتَاهُ لا أَبْرَحُ حَتَّى أَبْلُغَ مَجْمَعَ الْبَحْرَيْنِ أَوْ أَمْضِيَ حُقُباً (60) فَلَمَّا بَلَغَا مَجْمَعَ بَيْنِهِمَا نَسِيَا حُوتَهُمَا فَاتَّخَذَ سَبِيلَهُ فِي الْبَحْرِ سَرَباً (61) فَلَمَّا جَاوَزَا قَالَ لِفَتَاهُ آتِنَا غَدَاءَنَا لَقَدْ لَقِينَا مِنْ سَفَرِنَا هَذَا نَصَباً (62) قَالَ أَرَأَيْتَ إِذْ أَوَيْنَا إِلَى الصَّخْرَةِ فَإِنِّي نَسِيتُ الْحُوتَ وَمَا أَنْسَانِيه إِلاَّ الشَّيْطَانُ أَنْ أَذْكُرَهُ وَاتَّخَذَ سَبِيلَهُ فِي الْبَحْرِ عَجَباً (63) قَالَ ذَلِكَ مَا كُنَّا نَبْغِ فَارْتَدَّا عَلَى آثَارِهِمَا قَصَصاً (64) فَوَجَدَا عَبْداً مِنْ عِبَادِنَا آتَيْنَاهُ رَحْمَةً مِنْ عِنْدِنَا وَعَلَّمْنَاهُ مِنْ لَدُنَّا عِلْماً (65) الكهف ).
خامسا :الايجاز بالحذف :
1 ــ قال جل وعلا (وَإِذَا أَرَدْنَا أَنْ نُهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا فَفَسَقُوا فِيهَا فَحَقَّ عَلَيْهَا الْقَوْلُ فَدَمَّرْنَاهَا تَدْمِيراً (16)الاسراء ). هنا إيجاز بالحذف فى (أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا فَفَسَقُوا فِيهَا ) أى أمرنا مترفيها بالعدل ففسقوا فيها . وقد تعرضنا لهذا فى مقال خاص منشور هنا . الايجاز بالحذف يأتى فى القرآن الكريم كثيرا ، وأنواعه مختلفة حسب نوعية المحذوف ، وله أغراض بلاغية متعددة ، اهمها الاختصار والتركيز على المذكور دون المحذوف . وهو موضوع شرحه يطول .
2 ــ ونعطى أمثلة من هذه القصة ، ونضع اللفظ المحذوف بين قوسين: ( وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِفَتَاهُ لا أَبْرَحُ ( هذا المكان ) حَتَّى أَبْلُغَ مَجْمَعَ الْبَحْرَيْنِ أَوْ أَمْضِيَ ( سائرا ) حُقُباً (60) فَلَمَّا بَلَغَا مَجْمَعَ بَيْنِهِمَا نَسِيَا حُوتَهُمَا فَاتَّخَذَ ( الحوت ) سَبِيلَهُ فِي الْبَحْرِ سَرَباً (61) فَلَمَّا جَاوَزَا قَالَ ( موسى ) لِفَتَاهُ آتِنَا غَدَاءَنَا لَقَدْ لَقِينَا مِنْ سَفَرِنَا هَذَا نَصَباً (62) قَالَ ( الفتى ) أَرَأَيْتَ إِذْ أَوَيْنَا إِلَى الصَّخْرَةِ فَإِنِّي نَسِيتُ الْحُوتَ وَمَا أَنْسَانِيه إِلاَّ الشَّيْطَانُ أَنْ أَذْكُرَهُ وَاتَّخَذَ ( الحوت ) سَبِيلَهُ فِي الْبَحْرِ عَجَباً (63) قَالَ ( موسى ) ذَلِكَ مَا كُنَّا نَبْغِ فَارْتَدَّا عَلَى آثَارِهِمَا قَصَصاً (64) فَوَجَدَا عَبْداً ( نبيا ) مِنْ عِبَادِنَا آتَيْنَاهُ رَحْمَةً مِنْ عِنْدِنَا وَعَلَّمْنَاهُ مِنْ لَدُنَّا عِلْماً (65) قَالَ لَهُ مُوسَى هَلْ أَتَّبِعُكَ عَلَى أَنْ تُعَلِّمَنِي مِمَّا عُلِّمْتَ رُشْداً (66) قَالَ ( عبدنا ) إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِي صَبْراً (67) وَكَيْفَ تَصْبِرُ عَلَى مَا لَمْ تُحِطْ بِهِ خُبْراً (68) قَالَ ( موسى ) سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ صَابِراً وَلا أَعْصِي لَكَ أَمْراً (69) قَالَ ( عبدنا ) فَإِنْ اتَّبَعْتَنِي فَلا تَسْأَلْنِي عَنْ شَيْءٍ حَتَّى أُحْدِثَ لَكَ مِنْهُ ذِكْراً (70) فَانطَلَقَا حَتَّى إِذَا رَكِبَا فِي السَّفِينَةِ خَرَقَهَا قَالَ ( عبدنا ) أَخَرَقْتَهَا لِتُغْرِقَ أَهْلَهَا لَقَدْ جِئْتَ شَيْئاً إِمْراً (71) قَالَ ( عبدنا) أَلَمْ أَقُلْ إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِي صَبْراً (72) قَالَ ( موسى ) لا تُؤَاخِذْنِي بِمَا نَسِيتُ وَلا تُرْهِقْنِي مِنْ أَمْرِي عُسْراً (73) فَانطَلَقَا حَتَّى إِذَا لَقِيَا غُلاماً فَقَتَلَهُ قَالَ ( موسى ) أَقَتَلْتَ نَفْساً زَكِيَّةً بِغَيْرِ نَفْسٍ لَقَدْ جِئْتَ شَيْئاً نُكْراً (74) قَالَ ( عبدنا ) أَلَمْ أَقُلْ لَكَ إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِي صَبْراً (75) قَالَ ( موسى ) إِنْ سَأَلْتُكَ عَنْ شَيْءٍ بَعْدَهَا فَلا تُصَاحِبْنِي قَدْ بَلَغْتَ مِنْ لَدُنِّي عُذْراً (76) فَانطَلَقَا حَتَّى إِذَا أَتَيَا أَهْلَ قَرْيَةٍ اسْتَطْعَمَا أَهْلَهَا فَأَبَوْا أَنْ يُضَيِّفُوهُمَا فَوَجَدَا فِيهَا جِدَاراً يُرِيدُ أَنْ يَنقَضَّ فَأَقَامَهُ ( عبدنا ) قَالَ ( موسى ) لَوْ شِئْتَ لاتَّخَذْتَ عَلَيْهِ أَجْراً (77) قَالَ ( عبدنا ) هَذَا فِرَاقُ بَيْنِي وَبَيْنِكَ سَأُنَبِّئُكَ بِتَأْوِيلِ مَا لَمْ تَسْتَطِعْ عَلَيْهِ صَبْراً (78) أَمَّا السَّفِينَةُ فَكَانَتْ لِمَسَاكِينَ يَعْمَلُونَ فِي الْبَحْرِ فَأَرَدْتُ أَنْ أَعِيبَهَا وَكَانَ وَرَاءَهُمْ مَلِكٌ ( ظالم ) يَأْخُذُ كُلَّ سَفِينَةٍ ( سليمة ) غَصْباً (79) وَأَمَّا الْغُلامُ فَكَانَ أَبَوَاهُ مُؤْمِنَيْنِ فَخَشِينَا ( عندما يكبر ) أَنْ يُرْهِقَهُمَا طُغْيَاناً وَكُفْراً (80) فَأَرَدْنَا أَنْ يُبْدِلَهُمَا رَبُّهُمَا خَيْراً مِنْهُ زَكَاةً وَأَقْرَبَ رُحْماً (81) وَأَمَّا الْجِدَارُ فَكَانَ لِغُلامَيْنِ يَتِيمَيْنِ فِي الْمَدِينَةِ وَكَانَ تَحْتَهُ كَنزٌ لَهُمَا وَكَانَ أَبُوهُمَا صَالِحاً فَأَرَادَ رَبُّكَ أَنْ يَبْلُغَا أَشُدَّهُمَا وَيَسْتَخْرِجَا كَنزَهُمَا رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ وَمَا فَعَلْتُهُ عَنْ أَمْرِي ذَلِكَ تَأْوِيلُ مَا لَمْ تَسْتَطِعْ عَلَيْهِ صَبْراً (82))الكهف )
سادسا : الجملة الاعتراضية
1 ــ الجملة الاعتراضية هى التى يمكن حذفها دون تأثير على السياق ،وهى عكس الايجاز بالحذف . يؤتى بالجملة الاعتراضية لأغراض بلاغية ، وقد تكون لا لزوم لها ومجرد حشو وثرثرة ، فيفسد بها أسلوب الكاتب، لذا فإن الجملة الاعتراضية تعتبر مؤشرا على مدى فصاحة الكاتب ، هل يأتى بها لمجرد الإطناب والتطويل والثرثرة ، ام لهدف التوضيح وبصيغة موجزة جذابة . الجمل الاعتراضية من أوجه الفصاحة القرآنية التى لم تحظ بإهتمام علماء البلاغة القرآنية . ونعطى لها أمثلة قرآنية ـ على أمل أن يتوفر لنا الوقت والجهد لاعداد بحث متكامل عنها .
يقول جل وعلا : (وَإِنْ كُنتُمْ فِي رَيْبٍ مِمَّا نَزَّلْنَا عَلَى عَبْدِنَا فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِنْ مِثْلِهِ وَادْعُوا شُهَدَاءَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنتُمْ صَادِقِينَ (23) فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا وَلَنْ تَفْعَلُوا فَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ (24) البقرة ). السياق فى الآية 24 أن يقال ( فإن لم تفعلوا فاتقوا النار ) . جاءت جملة ( ولن تفعلوا ) إعجازا يؤكد التحدى ويخبر مقدما بعجزهم، مع ما تحمله العبارة من سخرية ضمنية .
ويقول جل وعلا : ( قُلْ لَوْ كَانَ مَعَهُ آلِهَةٌ كَمَا يَقُولُونَ إِذاً لابْتَغَوْا إِلَى ذِي الْعَرْشِ سَبِيلاً (42) الاسراء ). السياق أن يقال ( قل لو كان معه آلهة إذا لابتغوا الى ذى العرش سبيلا ) . جاءت جملة ( كما يقولون ) وهدفها واضح هو عدم الاعتراف بهذه الآلهة .
يقول جل وعلا : (فَلا أُقْسِمُ بِمَوَاقِعِ النُّجُومِ (75) وَإِنَّهُ لَقَسَمٌ لَوْ تَعْلَمُونَ عَظِيمٌ (76) إِنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ (77) فِي كِتَابٍ مَكْنُونٍ (78) لا يَمَسُّهُ إِلاَّ الْمُطَهَّرُونَ (79) تَنزِيلٌ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ (80) الواقعة ) هنا أروع مثل للجملة الاعتراضية ، إذا جاءت جملة إعتراضية كبرى داخلها جملة إعتراضية أخرى ، مع عدم الاخلال بالفصاحة . السياق أن يقال : ( فلا أقسم بمواقع النجوم إنه لقرآن كريم ....). جىء بجملة إعتراضية كبرى هى آية كاملة (وَإِنَّهُ لَقَسَمٌ لَوْ تَعْلَمُونَ عَظِيمٌ (76). وهذه الجملة سياقها العادى أن يقال ( وإنه لقسم عظيم ) وجىء بجملة إعتراضية صغيرة هى ( لو تعلمون ). الجملة الاعتراضية الكبرى فى الآية : (وَإِنَّهُ لَقَسَمٌ لَوْ تَعْلَمُونَ عَظِيمٌ ) تأكيدا لعظمة القسم بمواقع النجوم . والجملة الصغيرة الاعتراضية داخلها ( لو تعلمون ) ذات دلالة عجيبة وهائلة . وبعض ( ما نعلم ) أن القسم هنا ليس بالنجوم ذاتها ولكن بمواقعها . ولقد علمنا مؤخرا أن الذى نراه هو ضوء قادم من مواقع بعض النجوم وليس منها ذاتها ، لأن هذه النجوم إنفجرت وتحطمت وتحولت الى ثقب أسود وأبيض وتلاشى جُرمها المادى ، ونظرا لبُعدها السحيق ــ الذى يبلغ ملايين السنوات الضوئية ــ فإن ضوءها هو الذى لا يزال يأتينا بعد زوالها ، وهو يأتينا ليس من النجم الذى زال وانتهى ولكن موقعه القديم . هنا نتعرف على الروعة فى الآية رقم 76 التى جاءت جملة إعتراضية ، وبالتالى نفهم عظمة القرآن الكريم الذى لم نقدره حق قدره . ونعيد قراءة قول الخالق جل وعلا : (فَلا أُقْسِمُ بِمَوَاقِعِ النُّجُومِ (75) وَإِنَّهُ لَقَسَمٌ لَوْ تَعْلَمُونَ عَظِيمٌ (76) إِنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ (77) فِي كِتَابٍ مَكْنُونٍ (78) لا يَمَسُّهُ إِلاَّ الْمُطَهَّرُونَ (79) تَنزِيلٌ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ (80) الواقعة ) .
2 ــ فى قصة موسى مع العبد الصالح عليهما السلام جاءت كلمة إعتراضية بالغة الدلالة فى قول موسى له : ( قَالَ سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ صَابِراً وَلا أَعْصِي لَكَ أَمْراً (69)). السياق أن يقول ( ستجدنى صابرا ولا أعصى لك أمرا ). ولكن موسى قال جملة إعتراضية هى ( إن شاء الله ) متوكلا على الله . هو لم يعط عهدا قاطعا ، بل علقه على مشيئة الرحمن لأنه ـ موسى ـ يعلم إندفاعه وعدم قدرته على الصبر والتريث ، فتوسل بمشيئة الرحمن ليكون صابرا ولا يعصى لصاحبه أمرا. وفعلا لم يصبر موسى ، يقول جل وعلا : ( فَانطَلَقَا حَتَّى إِذَا رَكِبَا فِي السَّفِينَةِ خَرَقَهَا قَالَ أَخَرَقْتَهَا لِتُغْرِقَ أَهْلَهَا لَقَدْ جِئْتَ شَيْئاً إِمْراً (71) قَالَ أَلَمْ أَقُلْ إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِي صَبْراً (72) قَالَ لا تُؤَاخِذْنِي بِمَا نَسِيتُ وَلا تُرْهِقْنِي مِنْ أَمْرِي عُسْراً (73) فَانطَلَقَا حَتَّى إِذَا لَقِيَا غُلاماً فَقَتَلَهُ قَالَ أَقَتَلْتَ نَفْساً زَكِيَّةً بِغَيْرِ نَفْسٍ لَقَدْ جِئْتَ شَيْئاً نُكْراً (74) قَالَ أَلَمْ أَقُلْ لَكَ إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِي صَبْراً (75)) بعدها إندفع غضب موسى يلوم نفسه : ( قَالَ إِنْ سَأَلْتُكَ عَنْ شَيْءٍ بَعْدَهَا فَلا تُصَاحِبْنِي قَدْ بَلَغْتَ مِنْ لَدُنِّي عُذْراً (76) الكهف )



#أحمد_صبحى_منصور (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أول صلاة جمعة لأهل القرآن فى أمريكا فى أول يناير 2016
- تدبر فى قصة موسى والعبد الصالح (3 من 5 ) تابع تحديد المصطلحا ...
- تدبر فى قصة موسى والعبد الصالح (2 من 4 )
- تدبر فى قصة موسى والعبد الصالح ( 1 من 2 ) : المنهج القصصى
- كتاب : حق المرأة فى رئاسة الدولة الإسلامية : لمحة أصولية تار ...
- ( وَمَا فَعَلْتُهُ عَنْ أَمْرِي ).!!
- القاموس القرآنى : الإلحاد
- القاموس القرآنى : كره
- بين العلمانية والاحتراف الدينى
- القاموس القرآنى : مقت
- إضحك لهذه النكتة : السعودية تقود تحالفا لحرب داعش
- القاموس القرآنى : الاستغفار
- أمين شرطة
- عن الوصية والميراث
- ( ولو كان بهم خصاصة !!)
- الحاكم المستبد هو الاله الأقوى فى أديان المحمديين الأرضية
- حين يحكم اللصوص
- بيان من مجلس إدارة المركز العالمى للقرآن الكريم
- منطق العسكر
- المحكم والمتشابه فى (مَا أَتَاهُمْ مِنْ نَذِيرٍ )


المزيد.....




- دراسة: السلوك المتقلب للمدير يقوض الروح المعنوية لدى موظفيه ...
- في ظل تزايد التوتر المذهبي والديني ..هجوم يودي بحياة 14 شخصا ...
- المقاومة الاسلامية بلبنان تستهدف قاعدة حيفا البحرية وتصيب اه ...
- عشرات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى
- مستعمرون ينشرون صورة تُحاكي إقامة الهيكل على أنقاض المسجد ال ...
- الإعلام العبري: المهم أن نتذكر أن السيسي هو نفس الجنرال الذي ...
- ثبتها فوراً لأطفالك.. تردد قناة طيور الجنة 2024 على نايل سات ...
- الجنائية الدولية تسجن قياديا سابقا في أنصار الدين بمالي
- نزع سلاح حزب الله والتوترات الطائفية في لبنان.. شاهد ما قاله ...
- الدعم الأميركي لكيان الاحتلال في مواجهة المقاومة الإسلامية


المزيد.....

- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - أحمد صبحى منصور - تدبر فى قصة موسى والعبد الصالح (4 من 7 )